ثوار أمريكا !!

علي فهد ياسين
nasiriyeh@hotmail.de

2014 / 5 / 9

ثــــــــــــــــــــــــــوار أمريكا ..!!
في أحدث خطوة لتعقيد الوضع ( المعقد أصلاً ) في سوريا , قررت الادارة الأمريكية منح بعثة (الأتلاف الوطني ) الذي يتزعمه أحمد الجربا الصفة الدبلوماسية , في سابقة خطيرة تتعارض مع اصول القانون الدولي , وتضع حلفائها في حرجِ كبير ودقيق بين المجارات والتأني , لأنه يغلق الطرق للتسوية السياسية التي أقرت بها جميع أطراف الصراع , بعد تعذر الحسم الميداني وحجم الخراب وتفاقم مشكلة اللاجئين الذي تجاوزت أعدادهم الملايين .
هذه ( الهبه ) السياسية التي منحتها الأدارة الأمريكية لجماعة الجربا في هذا التوقيت بالذات , تمثل تلوين جديد للموقف الامريكي يبدو في مرتكزه الاقوى , رداً انفعالياً على قوة الأداء الروسي في أحداث أوكرانيا , بعدما ( فرش ) الأمريكيون حلبةَ صراع مفاجئ لـ ( تجييك ) القوة , تعملق فيها الرئيس الروسي ( بوتين ) مسنداً بالاذرع الدبلوماسية والمخابراتية لفريقه المحنك , ليطيح بغريمه وجوقته , بضربةِ سياسية أعادت جزيرة القرم الستراتيجية الى أصلها وأسقطت مخطط ( غلق المنافذ ) عن الاسطول الروسي باتجاه البحر المتوسط , مع تعديل لكفة الميزان الاقتصادي لصالح الاقتصاد الروسي في واقعة أداء مخابراتي مميز, أزاح شركات غربية عملاقة كانت تسيطر على مواقع متقدمة في جداول بورصة موسكو, بعد اشارات مخطط لها باحكام , كانت بثت الرعب في اوساط تلك الشركات , عن حتمية نشوب حرب تأكل أرصدتها , فكان الحصاد سياسي وأقتصادي بامتياز .
لاشك في أن ( قطار ) السياسة الأمريكية للأدارات المتعاقبة بعد الحرب العالمية الثانية , كان يسير على سكةِ خادمة لمصالح أمريكا دون مصالح الشعوب , تأسيساً على دورها الفاعل في مواجهة النازية , وكأن ذاك الجهد كان وحيداً , وهي مفارقة لاتستقيم اصولها ومخرجاتها مع الواقع الذي يعرض لوحة مكتضة بتضحيات الشعوب التي كانت ضحية للنازية في صفحات جبروتها , وكانت الأساس في مواجهتها والانتصارعليها وحماية البشرية من شرورها , الشعوب التي دفعت ضرائب قاسية من دماء ابنائها ومن ثرواتها وبناها التحتية وأقتصادها العام , ومنها الشعب السوفيتي الذي هزمت قوات جيشه الأحمر, القوات النازية ولاحقتها الى برلين لتسقط النازية في مثل هذا اليوم ( التاسع ) من أيار عام 1945 .
لقد درجت الادارات الامريكية على ( تدجين ) جماعات مختارة وفق مواصفات معتمدة من دوائرها المخابراتية , تعتقدها الأفضل من بين المتوافقين مع مخططاتها , وهذا ماحصل في افغانستان لمواجهة الروس , حين اعتمدت الجماعات الاسلامية بمساعدة السعودية وقطر لتوفير القيادات والمال وتسهيل المرور عبر مطاراتها , قبل أن ينقلب السحر على الساحر وتُشكل ال ( الدمى ) المختارة قياداتها لتبرز القاعدة تكويناً لاتزال ملفاته السرية في معضمها قيد الكتمان .
لقد اجتهدت أمريكا في افغانستان في خبز (عجينة ثوار ) على طريقة حلفائها من الحكام العرب , قبل أن تعود الى منهج أدارتها وتتخلى عنهم , ليكون ذلك بدايةً لفصلِ من سجل الأخطاء الأمريكية الفادحة التي يعاني منها العالم بأسره في هذا القرن , حين ترافق مع تفكيك المعادل السياسي للهيمنه الأمريكية المتمثل في منظومة المعسكر الاشتراكي , الذي سعت أمريكا حثيثاً مع الحليف الغربي , وبشتى الوسائل لتغيير أنظمته , فكانت ردود الأفعال تمثل صوراً وممارسات لاتختلف في أساليبها ومناهجها عن النازية المقبورة قبل ستة عقود .
الآن تعيد الأدارة الأمريكية دورة أخطائها من جديد , تطلق العنان لقطعانها في أكثر من مكان , لتخلط أوراق السياسة بأجندات مصالح كارتلاتها الأقتصادية دون أكتراث للحرائق ولالنتائجها المدمرة لاستقرار البلدان وحياة مواطنيها , فمن افغانستان الى العراق الى اليمن والى ليبيا والى ساحة الدمار السورية التي تصر أمريكا على بقائها مشتعلة , تكون سياسة الأدارة الأمريكية مساهمة في قتل الشعوب , وليس من أجل الحياة الكريمة لها .
لقد عرفت البشرية أي نوعِ من الموالين تختار أمريكا , وقد خبرت الشعوب أي جنسِ من المناصرين تحتاج أمريكا , وقد سجلت الذاكرة الانسانية أي صنف من الحكام هم الموالون لأمريكا , وقد خبرت الانسانية أي خرابِ أتاها ويأتيها من أمريكا , وعلى الجانب الآخر لازال التأريخ يسجلُ فصولاً من البهاء والرفعة والخلود لزعماء حركات التحرير والمقاومة التي وقفت ولازالت تقف بوجه أمريكا , وأي خلود فاز به ويفوز من قاوم و لازال يقاوم ( ثـــــــــــوار أمريكا ) ومرتزقة جيوشها , من فيتنام الى كل بقاع الأرض التي دنسها البسطال الأمريكي , والتي يفكر في تدنيسها مستقبلاً .
علي فهد ياسين





https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن