العلاقات الدولية وأزمة أوكرانيا السياسية

لطفي حاتم
LutfiHatem@hotmail.com

2014 / 5 / 5


شهدت العلاقات بين روسيا الاتحادية والغرب خلافات سياسية تصاعدت حدتها على خلفية النزاع الدولي حول المستقبل السياسي لدولة أوكرانيا وموقعها في العلاقات الدولية وبهذا المعنى فان نتائج النزاع الوطني الأوكراني ستحدد طبيعة العلاقات بين الغرب الأطلسي وبين الشرق بمعناه الروسي وحلفاءه . وبهذا المسار تثار كثرة من الأسئلة ما هي الأسباب الحقيقية وراء الأزمة الوطنية الأوكرانية التي سرعان ما تحولت الى أزمة دولية ؟ وما هي أهداف القوى الدولية المنخرطة في هذا النزاع ؟ وأخيرا ما هي النتائج المترتبة على هذا الصراع الذي اتشح بعقوبات اقتصادية ومناورات دبلوماسية ؟

لغرض الاحاطة بهذه الأسئلة وغيرها لابد لنا من العودة الى جذور الأزمة وعلاقاتها بتطور العلاقات الدولية .

ــــ روسيا الاتحادية والمنافسة الرأسمالية

ــ أدى تفكك الاتحاد السوفيتي الى ظهور دول قومية مستقلة متزامنا مع تحولات جذرية في بناء انظمتها السياسية الأمر الذي شجع الدول الغربية ممثلة بالاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الى استثمار تلك التغيرات حيث ضمت أوربا الى اتحادها اغلب الدول ( الاشتراكية ) بينما سارعت الولايات المتحدة الى وضع الدول الجديدة الناهضة تحت الحماية الأطلسية في محاولة لمحاصرة روسيا الاتحادية ومنعها من التطور وبناء علاقات جديدة تعتمد على المصالح المشتركة مع محيطها السوفيتي السابق .
ــ بسبب الفوضى السياسية التي سادت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وتفكك الاقتصاد الاشتراكي ونهب قطاعاته الأساسية من قبل المافيا الروسية والدولية استمرت محاولات تحجيم روسيا الاتحادية وإضعاف دورها في العلاقات الدولية ورغم ذلك حاولت روسيا النهوض مرة أخرى ساعية لبناء علاقات جديدة مع اوربا والولايات المتحدة استنادا الى لغة المصالح الرأسمالية المشتركة وبهذا المسعى نجحت روسيا في جذب الكثير من الاستثمارات الأجنبية وأقامت شبكة من العلاقات الدولية تعتمد الشراكة الاقتصادية المتكافئة مترابطة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية .
ــ ترابطات روسيا الاتحادية مع الغرب ارتكزت على شكلين متداخلين من القطاعات الاقتصادية المتحكمة في الاقتصاد الوطني الروسي أولهم قطاع ملكية الدولة الرأسمالي متمثلا بفروع الصناعة الحربية وشركات الإنتاج الوطنية المرتكزة في تطورها على قطاع الطاقة النفطية وثانيهم القطاع الراسمالي الخاص المتشابك وقطاع الدولة الراسمالي السائد في الكثير من الشركات الوطنية المتشابكة مع الشركات الدولية .
ـــ ان تحكم قطاعي الدولة والرأسمال الخاص في الاقتصاد الوطني الروسي تزامن وظهور طبقة رأسمالية جديدة تتحكم في طموحاتها الاقتصادية النزعتان الوطنية والقومية وبهذا المسار نشير الى ان الوطنية الروسية تعتمد في بناء نظريتها الأيديولوجية على ثلاث ركائز أساسية ( أ ) تمجيد التاريخ الروسي وإعلاء شأنه في العلاقات الدولية . ( ب ) التركيز على الثقافة الوطنية الروسية بروافدها القومية المتعددة المرتكزة على العهدين الامبراطوري والسوفيتي . ( ج ) ترابط التاريخ والثقافة الوطنية مع الكنيسة الأرثوذوكسية وتطوير مركزها العالمي في الديانة المسيحية الشرقية .
ــ ان الركائز ( الأيديولوجية ) لفكر البرجوازية الروسية يتداخل وأنشطة سياسية هادفة الى تحقيق مكاسب دولية في عالم المنافسة الرأسمالية .
ـــ وطنية البرجوازية المسندة من قبل الدولة الروسية تصدم بطبيعة الطور الرأسمالي المعولم الذي افرز برجوازية أممية تتخطى الحدود الوطنية وتسعى الى بناء وحدة طبقتها الافتراضية على اساس مادي تمثله الشركات الاحتكارية وتشابكاتها الدولية . وبهذا المسار واستنادا الى ميل العالم نحو بناء التكتلات الدولية فقد اندفعت روسيا الاتحادية نحو المشاركة في كثرة من التكتلات الاقتصادية والمنظمات الدولية فضلا عن مساهمتها في بناء دول البريكس ورابطة الدول المستقلة ومنظمة شنغهاي .
ــ خلاصة القول ان الطموح الروسي يتحدد بإعادة بناء الفضاء السوفيتي السابق عبر تشكيل تكتل اقتصادي أورأسيوي تشد وحدته عوامل تاريخية مشتركة وأخرى اقتصادية فضلا عن انتشار اللغة الروسية في دول التكتل.

العلاقات الأوربية ـ الروسية

أ: العلاقات السياسية

ــ تتطور العلاقات السياسية التاريخية بين اوربا وروسيا الاتحادية تبعا لتطور المصالح الاقتصادية الثنائية وقوة روسيا في التحالفات العسكرية وبالسياق التاريخي نشير الى أن الإمبراطورية الروسية تمكنت من إعادة التوازن الدولي الى العلاقات الأوربية بعد دحرها لطموحات نابليون الهادفة الى تفكك النظم الإقطاعية واستبدالها بنظم سياسية رأسمالية وذلك بعد ان استطاعت القيصرية تحطيم جيوش نابليون الغازية للأراضي الروسية . وقد أحدث انسحاب روسيا السوفيتية من الحرب العالمية الأولى بعد صلح بريست مع ألمانيا اختلالا في التوازنات العسكرية بين القوى المتصارعة ، وبذات المنحى أنقذ الاتحاد السوفيتي اوربا والعالم من خطر الفاشية الألمانية والفاشية اليابانية.
ــ تلخيصا يمكن القول ان روسيا لعبت أدواراً أساسية في حسم النزاعات الأوربية والدولية لصالح استقرار العلاقات الدولية الامر الذي انعكس على تثبيت السلم الامن الدوليين خاصة بعد بناء القوة العسكرية السوفيتية المستندة الى سياسية الردع النووي الذي أقام نوعا من التوازن الاستراتيجي في العلاقات بين الغرب والشرق.

ــ العلاقات السياسية بين الاتحاد الأوربي وبين روسيا الاتحادية تميزت بعدم الثبات فضلا عن تأثرها بتغيرات السياسية الدولية ، لهذا فان رصد تلك العلاقات يتمتع بطابع منهجي يستند الى الإرث التاريخي والدبلوماسي لتلك العلاقات التي يمكننا يمكن وضعها في ثلاث أشكال: ـ

أ: ـ أشكال وثيقة من التعاون السياسي تمثله ألمانيا وايطاليا وأسبانيا فضلا عن اليونان وقبرص هذا إذا استثنينا بعض دول المحيط الاشتراكي السابق وهنا نلاحظ ان تلك الدول تعمل على معارضة توتير العلاقات السياسية مع روسيا والإبقاء على طريق الحوار الدبلوماسي والحد من فرض عقوبات اقتصادية تضر بمصالحها الاستراتيجية مع روسيا .
ب : ـ دول متشددة في الاتحاد الأوروبي متمثلة بإنكلترا وفرنسا والسويد ناهيك عن دول البلطيق ورغم غياب وحدة المواقف بين هذه الدول لأسباب خاصة بكل دولة إلا ان دول البلطيق تخشى طموحات الرأسمالية القومية الروسية الهادفة الى استغلال المشاعر القومية للأقليات الروسية القاطنة في هذه البلدان ، وبهذا السياق تتصدر السويد لهجة التنديد بروسيا و الدفاع عن هذه الدول لأسباب اقتصادية و تاريخية فضلا عن إنها تشكل محيطا استراتيجيا للدولة السويدية .
ج : ــ أشكال مترددة من التعاون السياسي الاقتصادي تنتهجه بعض الدول الاشتراكية السابقة مثل جيكيا وسلوفكايا ومقدونيا والمجر وبلغاريا سببه سيادة نظم سياسية رأسمالية خاضعة لضغوطات أمريكية رغم إنها ــ الدول ــ تدعوا الى بناء علاقات متوازنة مع الاتحاد الروسي وعدم تكريس القطيعة الاقتصادية والسياسية .

ب : ـ العلاقات الاقتصادية

ــ تعززت العلاقات الاقتصادية الأوربية الروسية أبان الحقبة السوفيتية خاصة في مجالي الغاز والنفط وقد أثار هذا التعاون خشية الولايات المتحدة لأسباب استراتيجية محذرة أوربا من مغبة الاستمرار بهذا التعاون الاستراتيجي رغم ذلك لم تعر ألمانيا اهتماما لهذا التحذير بل جهدت الى بناء وتعزيز علاقاتها مع روسيا الرأسمالية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي . (1 )
ــ تطورت علاقات الإتحاد الأوربي مع روسيا الاتحادية في مجالات كثيرة أهمها مصادر الطاقة من النفط والغاز الطبيعي، حيث تستورد دول الاتحاد الأوربي من روسيا الاتحادية 63% من الغاز المستورد، و31 % من النفط، و30 % من الفحم فضلا عن ذلك يعد الاتحاد الأوروبي شريكا تجاريا كبيرا لروسيا ، حيث تبلغ حصته في التجارة الخارجية الروسية نحو 50 %. وتشكل موارد الطاقة الشبكة الرئيسية للعلاقات الاقتصادية بين الطرفين فضلا عن صناعات استراتيجية أخرى .
ــ وفي السياق ذاته تصدر روسيا إلى بلدان الاتحاد الأوروبي حوالي 80 % من إجمالي صادراتها النفطية، و70 % من إجمالي صادراتها من الغاز، و50 % من إجمالي صادراتها من الفحم. واستنادا الى تلك الأرقام فان روسيا تحتل المركز الثالث بعد الولايات المتحدة والصين في التجارة الخارجية للاتحاد الأوروبي .
ــ بدورها تصدر بلدان الاتحاد الأوروبي إلى روسيا الاتحادية منتجات البتر وكيمائيات 18 % والمواد الغذائية 10 % والسلع الاستثمارية والتكنولوجية من معدات وآلات 45 % ناهيك عن الاستثمارات الأجنبية في الاقتصاد الروسي ، التي تشكل الاستثمارات الأوربية منها ما يعادل 70 % . ( 2 )

ــ اعتمادا الى تلك الأرقام نرى ان هناك تشابكا بين الاقتصاد الروسي والاقتصادات الأوربية وتعد روسيا شريكا اقتصاديا مربحا نظرا لسوقها الواعدة والتسهيلات المقدمة لحماية الاستثمارات الأجنبية وهذا الواقع دفع الكثير من الشركات التصريح بعدم الالتزام بالعقوبات ان فرضت على روسيا فقد أشارت النيويورك تايمس في عددها الصادر يوم 28 / نيسان الى أن حجم التبادل التجاري بين الاتحاد الأوروبي وروسيا في عام 2012 بلغ حوالي 370 مليار دولار، في حين بلغ بين الولايات المتحدة وروسيا خلال نفس الفترة حوالي 26 مليار دولار. ( 3 )


الولايات المتحدة الأمريكية وأزمة أوكرانيا السياسية

ــ عام 1999 وفي عهد الرئيس كلنتون اتخذ حلف الأطلسي قرارا بتوسع عضويته شرقا الامر الذي أشر الى ان هناك توجها أمريكيا لمحاصرة روسيا الاتحادية ومنعها من إشغال دورا أساسيا في السياسية الدولية ولهذا دأبت الولايات المتحدة ومن خلال الحلف الوقوف علنا الى جانب المحيط الاشتراكي السابق للدولة السوفيتية حيث تجلى ذلك في منعطفات سياسية هامة أهمها الأزمة الجيورجية ، ورغم انتصار روسيا في هذه المواجهة إلا ان سياسة الولايات المتحدة تعددت أشكالها لغرض محاصرة روسيا بعد ظهورها كدولة رأسمالية ذات طموحات توسعية راغبة في التمدد بسوق محيطها الاشتراكي السابق فضلا عن استعادت مواقعها في الشرق الأوسط .

ـــ تتمتع أوكرانيا بأهمية تاريخية لدولة روسيا الاتحادية كونها من المناطق المهمة التي أنتجت الإمبراطورية الروسية لذلك فان حدود أوكرانيا الدولية الحالية هي حدود (مصطنعة ) بسبب تداخلها مع الحدود الروسية جغرافيا وتاريخيا من جهة وتحديدها من قبل الاتحاد السوفيتي من جهة ثانية لهذا عمدت الولايات المتحدة على التقرب من حدود روسيا عبر البوابة الاوكرانية استنادا الى الاستراتيجية الأمريكية الهادفة الى : ـ
ــ إدامة الانقسام الأوربي ومنع تطور العلاقات الاقتصادية بين اوربا وروسيا الاتحادية .
ــ عزل روسيا الاتحادية ومنع إعادة بناء علاقات سياسية اقتصادية قوية مع دول محيطها الاشتراكي السابق .
ــ عرقلة نشوء دولة روسية رأسمالية تشكل احد الأقطاب الدولية الناهضة في العلاقات الدولية .

ان الأهداف الاستراتيجية المشار اليها ترافقت ودبلوماسية أمريكية أوربية تعارضت والقوانين الدولية ناهيك عن شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان التي شكلت مساند (إنسانية) للتدخل الغربي في الشؤون الداخلية للدول الأخرى .

ــ لتقدير شرعية الرؤية المشار اليها نحاول رصد التحركات الدبلوماسية للدول الغربية خلال الأزمة الأوكرانية عبر المؤشرات الآتية : ـ
ــ سعت الدبلوماسية الغربية الى استثمار الأخطاء الإدارية والدستورية للرئيس يانوكوفتش المتعلقة بسياسته الدولية وخاصة علاقته مع روسيا الاتحادية فضلا عن إجراءاته لإلغاء حق التضاهر ( الغير مرخص ) الامر الذي صعد المواجهة بين الرئاسة والمحتجين خاصة في المناطق الغربية الموالية لانضمام أوكرانيا الى الاتحاد الأوربي
ــ دفع اليمين القومي المتطرف المتشبع بأيديولوجية عنصرية وارث تاريخي معادي لروسيا الى استثمار الاحتجاجات الشعبية وتشجيعه على تحويل الاحتجاجات السلمية الى أعمال عنفية مساندة من قبل الولايات المتحدة بشكل سافر . ( 4 )
ــ مساهمة الاستخبارات الأمريكية وقوى مرتزقة أخرى في أعمال العنف الدموي رغم التنازلات الكثيرة لرئاسة الدولة بهدف معالجة الأزمة السياسية سلميا .
ــ مساندة الدبلوماسية الغربية للعناصر الانقلابية وتخليها عن مبدأ الشرعية الديمقراطية الذي أصبح مناهضا لسياستها الدولية . ( 5 )
ــ إزاء وضوح الأهداف الاستراتيجية الغربية المناهضة لروسيا والتدخل المباشر في الشؤون الداخلية لأوكرانيا أقدمت روسيا الاتحادية على ضم القرم استنادا الى القانون الدولي وحق تقرير المصير وذلك لضمان تواجدها الاستراتيجي في البحر الأسود. ( 6 )
ــ سعت روسيا الى حل الأزمة الاوكرانية عبر الحوار الدبلوماسي والمصالحة الوطنية وذلك من خلال تبنيها مشروعا للإصلاح الدستوري يتمثل بنقطتين أساسيتين الأولى إعادة بناء شكل الدول الأوكرانية على اساس فدرالي والثاني هو إعلان أوكرانيا دولة محايدة .
ــ ان مشروع الإصلاح الدستوري الروسي قابله مشروع أوكراني مساند من الولايات المتحدة وبعض دول الغربية يسعى الى بناء دولة موحدة منافية لحقوق الأقلية الروسية مع ضمان حرية انضمامها لحلف الناتو .
ـــ ان المشروعان المتضادان سرعان ما تجسدا على ارض الممارسة الواقعية اذ أعلنت بعض الأقاليم الشرقية والجنوبية جمهوريات شعبية بينما وقفت الحكومة الموقنة والغرب ضد التوجهات ( الانفصالية ) الامر الذي ادخل العلاقات الروسية الغربية في طريق المخاطر السياسية ــ الاقتصادية .

أفاق تطور النزاع الروسي الغربي : ـ

بداية نشير الى ان سياسة الدول الغربية إزاء الأزمة الاوكرانية تتسم بتعدد المواقف ورغم ذلك يشترك الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية بهدف اساسي يتجسد في منع روسيا من التمدد في اطارها السوفيتي السابق وعرقلة تحولها الى قوة سياسية دولية جديدة تشكل معادلا للاتحاد الأوربي ونداً للولايات المتحدة الأمريكية . ( 7 )
ــ واستنادا الى ذلك فان العلاقات الاقتصادية بين الاتحاد الأوربي وروسيا الاتحادية تلعب دورا محوريا في الأزمة الأوكرانية لمرور إمدادات الطاقة الروسية الى اوربا عبر الأراضي ألاوكرانية وهذا الواقع الجغرافي يشترط إيراد بعض الملاحظات العامة: ـ

الملاحظة الأولى : ــ خشية الإدارة الأمريكية من ان تكون روسيا موردا أساسيا للطاقة الى الاتحاد الأوربي وما يعنيه ذلك من بناء شراكة اقتصادية روسية أوربية قد تتطور الى إضعاف مشاركة الولايات المتحدة في شؤون السياسية الدولية خاصة في الشرق الأوسط وهذه الخشية تفسر بروز منعطفين في الاستراتيجية الأمريكية أولهم إغراق اوربا بوعود مدها بالغاز الصخري الامريكي لغرض إدامة الشراكة الاقتصادية الأمريكية الأوربية ، وثانيهم التوجه الى جنوب شرق أسيا في محاولة لمنع التمدد الصيني هناك.

الملاحظة الثانية : ـ تشابك العلاقات الاقتصادية الروسية الأوربية والسوق الروسي الواعد ناهيك عن الأزمة الاقتصادية العالمية جعلت من الصعب على اوربا الانجرار الى عقوبات اقتصادية كبيرة تضر باقتصاد شراكاتها الوطنية خاصة إذا علمنا ان ألمانيا لديها الكثير من الشركات العاملة على الأراضي الروسية .

ـــ استنادا الى تلك الملاحظات فان أفاق حل الأزمة الأوكرانية إذا استبعدنا العقوبات الاقتصادية أمام خيارات عدة أبرزها : ـ
ــ الحوار التفاوضي بين الأطراف الوطنية المتنازعة والهادف الى إصلاحات دستورية تفضي الى ايجاد شكل من أشكال الاتحاد بين الأقاليم الغربية الشرقية والجنوبية بما يتلائم ومصالح المواطنين من مختلف القوميات وهذا الحل تتشارك به روسيا الاتحادية مع دول محورية من الاتحاد الأوربي .
ـــ تسوية دولية عبر قنوات دبلوماسية سرية تفضي الى موازنة وطنية دولية تتمثل بضم أوكرانيا الى الاتحاد الأوربي بعد إعلان حيادها الدولي وعدم انضمامها الى التحالف الأطلسي .
ــ طريق القوة العسكرية الذي تشجعه الإدارة الأمريكية وما ينتج عن ذلك من محاولة جر روسيا الى النزاع الوطني رغم دعواتها الى مخرج سلمي للازمة السياسية وما يحمله ذلك من مواجهة بالوكالة بين الولايات المتحدة الأمريكية ( 8 )

ان الاحتمالات المشار اليها تترافق واستنتاج مفاده ان دبلوماسية الولايات المتحدة ألأمريكية عمدت الى استخدام معايير مزدوجة عند تدخلها في شؤون الدول الوطنية بشعارات ـ التدخل الإنساني ، حقوق الأقليات القومية ، الديمقراطية وحقوق الإنسان الامر يشترط بناء علاقات دولية على قاعدة موازنة المصالح الوطنية / الدولية استنادا الى مشاركة أطراف دولية متعددة في رسم السياسة الدولية .



الهوامش

1 : ــ تطورت العلاقات الاقتصادية السوفيتية الألمانية منذ السبعينات خاصة في مجال الطاقة وقد تعززت تلك العلاقات بعد انهيار جدار برلين وظهور الدولة الألمانية الموحدة .
2 :ــ انظر صحيفة الراية الالكترونية عدد 185 28 نيسان 2014
3 : ـ دعت عدة شركات ألمانية كبيرة المستشارة الألمانية إلى معارضة فرض عقوبات جديدة على روسيا من قبل واشنطن.وكتبت صحيفة "وول ستريت جورنال" في موقعها الإلكتروني يوم الجمعة 2 مايو/أيار أن ممثلي شركات "باسف" ("BASF SE") و"سيمنس" ("Siemens AG") و"فولكس فاغن" ("Volkswagen AG") و"أديداس" ("Adidas AG") و"دويتشي بنك" ("Deutsche Bank AG") عبرت عن معارضتها لتوسيع العقوبات المفروضة على روسيا.
ــ انظر الصفحة الالكترونية لروسيا اليوم ليومي 28 حزيران و2 أيار 2014

4: ـ لأول مرة تنظم شخصيات أوربية وأمريكية رسمية ـــ اشتون ، شكاسفيلي ، أعضاء من مجلس الشيوخ الامريكي ــ فضلا عن تدخل المخابرات الأمريكية الى دعم الاحتجاجات ضد رئاسة شرعية لدولة ذات سيادة .
5 : ـ تخلت الدبلوماسية الغربية ممثلة بوزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وبولونيا عن اتفاق 21 شباط الهادف الى حل الأزمة الوطنية سياسيا عبر جملة من الخطوات السياسية وتتويجها بانتخابات رئاسية مبكرة عبر إعلانها لدعم القوى الانقلابية .
6: ـ سارعت الدول الغربية الى فرض عقوبات اقتصادية على بعض البنوك والشركات فضلا عن شخصيات سياسية فاعلة في النظام السياسي الروسي .
7 : ـ تبلور النهوض الروسي بعد النزاع مع جورجيا من جهة وموقفها الرافض للتدخل العسكري الخارجي في الأزمة السورية من جهة ثانية حيث انفردت روسيا مع الولايات المتحدة الأمريكية بإدارة ملف الأزمة السورية جارة وراءها الاتحاد الأوربي ودوله المحورية فرنسا بريطانيا ألمانيا .
8 : ـ دراسة لدبلوماسية روسيا الاتحادية نجدها تتميز بالمبادرة السياسية والمرونة في طرح الحلول الواقعية المستندة الى القانون الدولي والمباغته المقرونة بالجهد ألاستخباراتي المتميز .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن