الهولوكوست والفلسطينيون ..

قاسم حسن محاجنة
kassem-enosh@hotmail.com

2014 / 4 / 28

الهولوكوست والفلسطينيون ..
عند الساعة العاشرة من صباح هذا اليوم (الاثنين 28-4 ) ، أنطلقت ألصفارات في كل قرى ومدن إسرائيل ، مُعلنة ألحداد لدقيقتين ، تخليدا لذكرى ضحايا النازية من اليهود ، والذين لم يكن لهم ذنب ، سوى يهوديتهم .
وصادف يوم أمس ، عشية هذه الذكرى ، وفيه تُقيم الحكومة الإسرائيلية طقوسا لذكرى ضحايا المحرقة ، يُشارك فيها رئيس الدولة ، رئيس الحكومة وشخصيات عامة ، مدنية وعسكرية ، إضافة إلى مُمثلي الناجين من المحرقة ، والذين ما زال بإمكانهم التنقل والكلام ، بعد ما مرّوا به أثناء الحُكم النازي لاوروبا . ومع ذلك ، فهناك الألاف من الناجين ولهول ما تعرضوا له ، فقدوا إتصالهم بالواقع ، بل أجرؤ على القول ، بأنهم أُصيبوا بلوثة في عقولهم ...فالذي حدث لهم لا يُصدقه عقل إنسان .
ويُكرسُ الإعلام الإسرائيلي ، ألمقروء والمسموع ، وقته في هذا اليوم ، بإيراد قصص من حياة الناجين .
وقد أجرت صحيفة "يسرائيل هيوم " بالأمس مقابلة مع أكبر مُعّمر من بين الناجين ، وبعد أن سرد قصة نجاته ، سأله الصحفي عن أُمنياته لقادم الأيام ، فأجاب : السلام بيننا (أي دولة إسرائيل ) وبين الفلسطينيين ، لأن السلام هو ما يضمن مُستقبلنا .
ودولة إسرائيل ، وفي كل عام ، "تتعهد " من خلال الحكومة بتحسين أوضاع الناجين ، لكن الإحصاءات تُشير إلى أن 50% من الناجين ، يتنازلون ،إما عن الطعام أو الدواء ، لأنهم فقراء إلى الحد الذي لا يستطيعون فيه ، توفير الغذاء والدواء معا ، لأنفسهم ...!! ما العمل ؟؟ إنها الرأسمالية ..!!
ومن جانب أخر ، فقد فَعَلَ حسنا ، الرئيس عباس حينما صرح بأن الهولوكوست هو أسوأ حدث في التاريخ ، وأنا أقول بأن ما فعلته النازية لليهود في المقام الأول ولباقي المُستضعفين (كالغجر ، المُعاقين ، المرضى النفسيين وغيرهم ) ، هو "تجسيد " للشر الخالص والصافي ، لقد تجلى الشر في أقصى مراحله ، من خلال النازية ..!! إبادة مبرمجة وببرود "فكري وشعوري" لملايين اليهود (أطفالا ،نساء ، رجالا وعجزة ) ، وملايين أُخرى لا لذنب ، سوى أنهم وُجدوا هناك .
وقد أُتهم عباس ، حتى من مسؤولين إسرائيليين ، بأنه يقول هذا الكلام للتسويق الخارجي ، وأتهمه بعض العرب كذلك ، بما يُشبه ذلك ..
ومن جانب أخر ، صرح كيري ، وزير الخارجية الأمريكي بأن :" دولة واحدة وموحدة ( دولة إسرائيل ،بدلا عن حل الدولتين لشعبين – ق.م)ستتحول في النهاية الى دولة أبارتهايد ، فيها مواطنون من الدرجة الثانية – أو دولة ستقضي على قدرة إسرائيل بأن تكون دولة يهودية " .
يأتي هذا التصريح من كيري في يوم تخليد ذكرى ضحايا الهولوكوست ، ليحمل معنى أعمق ، رغم أن كيري ، قد يكون لم يقصد هذا المعنى ، وهي أن تجاهل طموح شعب أخر ، لا بد وأن يؤدي في النهاية إلى العنصرية . ويعرف الجميع إلى ماذا ،يمكن أن يؤدي الفكر العُنصري .
نعم ، هناك صراع عُمره مائة عام،بين شعبين ، صراع على قطعة أرض واحدة ، وكل واحد يدعي بأنها له ، وبملكيته الحصرية ، وكل يورد نصوصا مقدسة وروايات تاريخية . لكن لا النصوص ولا التاريخ تُساهم في حل هذا الصراع .
ويعتمد الطرفان كذلك على "حساب الدم " ، من سفَحَ من دم الأخر ،أكثر ؟؟ من هو "الأشرس " ؟
إذا كان هناك من درس عملي وواقعي من الهولوكوست ، فهو درس بليغ وحاسم يقول ، التعصب القومي يدغدغ المشاعر ، ولكنه يقتل "روح "الإنسان .
وهذا الصباح أيضا ، قُلتُ ، لإبنتي الجامعية ، بأننا كفلسطينيين تعرضنا لكارثة ،وهذا لا يعني بأن نُنكر الهولوكوست ، والذي لا يستوعبه عقل إنسان . هكذا أُعلم أبنائي ومن يستمع إلى ما أقول !!
نعم ، هُناك نفر من بين الفلسطينيين ، يقللون من هول الكارثة ، لكن أغلب أبناء الشعب الفلسطيني يتعاطفون مع اليهود في يوم الذكرى هذا ، ذكرى ضحايا الهولوكوست ، وللتذكير فقط فإن أفضل خطاب تم إلقاؤه من على منصة الكنيست (ألبرلمان الإسرائيلي ) في ذكرى الهولوكوست ، كان خطابا ألقاه عضو الكنيست ألعربي أحمد طيبي ، وبشهادة الجميع من الحضور ورجال الإعلام .
لكن ، ألم يَحِن الوقت للإعتراف بالنكبة الفلسطينية ؟؟ والإنسحاب إلى حدود الرابع من حزيران 67 ، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ، تُقيم علاقات حُسن جوار مع إسرائيل ؟؟
أم أن اليمين الإسرائيلي سيستمر بسياسة التنكر للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ؟؟
.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن