يا صديقي الطيب...

غسان صابور
ghassansabour33@hotmail.com

2014 / 4 / 28

يا صديقي الطيب...
صرخة إضافية لمن تبقى من العاقلين بهذا البلد.. ولمن يحبونه ويحبون شعبه بصدق وإخلاص......
رد على مقال الصديق نضال نعيسة المنشور هذا اليوم بالحوار المتمدن تحت عنون (نهفات سورية)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=412443
اعدتني إلى أيام شبابي, أكثر من خمسين سنة إلى الوراء, عندما كنت ما أزال عاطلا عن العمل.. باحثا عن لقمة العيش ما بين اللاذقية ودمشق.. لأنني "خريج سجون" وما من رب عمل أو دائرة رسمية تجرأ على استخدامي... رغم إتقاني عدة لغات وبعض الكفاءات المطلوبة.. ولكن شهادة خريج سجن الــمــزة.. كانت دوما عرقلة حتى أبسط محاولات العيش اليومية...
وعن هذا المجال أؤكد للقارئات والقراء الأكارم, بأنني لم أسرق ولم أنهب.. ولم أخن وطني.. بالعكس.. لأنني كنت ملتزما ــ حتى العظم ــ آنذاك بحزب قومي.. كــان آنذاك أشرف وأنظف وأفضل قدوة لشباب الوطن.. وهذا الحزب أتهم بالخمسينات من القرن الماضي.. ودبرت ضده مؤامرات مخابراتية محلية وأجنبية.. نظرا لمبادئه وتنظيمه الرائع.. وما يمكن أن يشكل من اعتراضات وحرب ضد أعداء البلد في الداخل والخارج.. وخاصة عداؤه وحذره وتحذيراته ضد الصهيونية العالمية... مما اضطرني فيما بعد لمغادرة البلد نهائيا.. طلبا للأوكسيجين.......
كلماتك الواقعية يا نضال.. حقيقة حقيقية.. تصور كوادر المهيمنين على أقدار البشر بهذا البلد من ستين سنة حتى هذا الساعة... كأنما جمد الزمن وتعطلت الساعة..نفس الأساليب.. نغس العنجهيات والمنفخات.. والمنتفخين.. ولكل توقيع رسمي ثمن... لم يتغير أي شيء.. ولم تتغير المفاهيم... رغم الأحداث والنكبات التي أصابت هذا البلد الحزين.. والتي كانت يجب أن توقظ ضمير أغبى الحشاشين... ولكن حشيش الأدمغة والأساليب والطرق وضيق الأفكار المحدودة والعربشة بالمناصب.. وأبن فلان وعلتان.. ما زالت مصيبة المصائب بهذا البلد.. والذي لا يتغير ولن يتغير.. طالما كوادره وما يسمى فضلات الأنتليجنسيا.. أو الحلقات العائلية والمصلحية والرأسمالية التي تديره..تتزاوج من بعضها وتحبل وتولد نفس المساطر.. دون تغيير.. وتتوالد نفس الجينات.. وتعطينا دوما نفس الإدارات.. ونفس الوزارات.. ونفس الطبول والمطبلين... رغم الأزمات والتفجيرات والقتل والتقتيل.. ما زالت نفس الأناشيد والتعييشات والتطبيلات... وكل شيء تــمــام يا خالتي أم الــطــوشـــة!!!...
عندما قرأت كلماتك تذكرت الماضي.. وعشت الحاضر.. ولم أعرف إن كنت أبكي أو أضحك... كأنما كل المآسي المعيشية التي تغلف هذا البلد وشعبه.. قصة تحدث في زمبابوي.. أو في جزيرة الواق الواق.. وكأنما هذا المسؤول الذي تحدثنا عنه ما زال يعيش في مكتبه المحصن.. يفصله عشرات الحجاب والسكرتارية الخصوصيين.. كأننا في الخمسينات أو الستينات من القرن الماضي.. ولا توجد في البلد مدن وقرى مهدمة.. ومئات آلاف القتلى وملايين المشردين والمنكوبين... وهو ما زال متمترسا بمكتبه الأمبراطوري.. مستقبلا الحسناوات الدمشقيات التي جئن إليه.. لــفــك أزمات البلد وحصاره المعيشي!!!...
يا صديقي.. من غربتي.. ومن سنوات بعيدة.. أصرخ كما تصرخ.. وأكتب كما تكتب.. مدافعا عن هذا البلد وشعبه.. آملا لـه اليقظة والتطور.. والخلاص من هؤلاء الديناصورات التاريخية الذين نهشوا وأكلوا وبلعوا وانتفخوا من قوت هذا الشعب ومن دمـه... وما زالوا متعربشين بوظائفهم ولامسؤولياتهم التي حولوها إلى شـركات خاصة عائلية غير مساهمة.. إنهم السرطان الذي لا يداوى ولا شفاء منه بهذا البلد... ولم تجدوا لـه أي دواء.. كأنما اعتدتم عليه.. وأصبح جزءا من الجينات (الغلط) لهذا البلد.. والذي أذكر للمرة الألف أو أكثر.. أنه خلق أولى الأبجديات وأولى الحضارات في العالم.. ومن هذه الشخصيات المتوارثة ــ اليوم ــ تخلصتم من كل وعي وحضارة وأمل نور وفهم.. أو أي إصــلاح حقيقي... وكل الباقي.. خطابات خشبية خـنـفـشـاريـة فارغة...
لأنه لا خلاص لهذا البلد.. طالما كوادره وأبناء ديناصوراته العائلية تتزاوج من بعضها.. عائليا... تعيد نفس الأسس والعادات والشرائع والأساليب العرجاء وبعض التعديات (الشخصية) تتردد من بعض الأبناء الأغرار في بعض المناطق كمنطقة الحصن ومرمريتا.. حسبما تسربت الأخبار في الأسبوع الماضي عن تصرف أحد أبناء العائلات القريبة من السلطة.. والمسجل (كطالب) بإحدى الجامعات الخاصة هناك.. عن تصرف غبي مؤذ بهذه الظروف.. خلق بلبلة واسعة وأذى وموتى وجرحى وأضرارا.. يمكن أن يبعد العديد من سكان المنطقة الموالين للسلطة.. من التصويت المناسب بالانتخابات الهامة القادمة.. غباءات مدروسة .. مقصودة أو غير مقصودة.. تتردد وتتردد... وكل المآسي التي هيمنت على البلد.. لم تتعلموا منها أي شيء... ولم يتغير أي شــيء... حتى هذه الساعة... لأن نفس الأخطاء.. ونفس الأمراض... تتردد على الأرض كل يوم... كأنما ما من شيء تــغــيــر......
يا صديقي.. يا نضال الطيب.. أتمنى لك ديمومة الشجاعة والأمل...وكم أنت وأنا بحاجة لها.. بهذه الأيام المريرة المعتمة...
بـــالانـــتـــظـــار...
للقارئات والقراء الأحبة كل مودتي وصداقتي ومحبتي وولائي واحترامي.. وأصدق تحية طيبة مهذبة.
غـسـان صــابــور ـــ لـيـون فــرنــســا



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن