عصارة العشق - قصة قصيرة جداً

يحيى نوح مجذاب
pragphyl_arist@yahoo.com

2014 / 4 / 4

عصارة العشق

إنه يمتلك قدرة عجيبة على الحدس، فعندما رنَّ جرس الهاتف أيقن أن الصوت الذي سيمخر عباب الأثير لن يكون سوى صوتها هي! برخامته .. وغنته.. ودلاله الأنثوي. كانت تسأل عن صاحبتها لتداري خجلها وتطفلها على خلوته وهو يتنعم بشمس الظهيرة الشتوي وهي تخترق زجاج النوافذ لتُسقط حرارتها على جسده الواهن. كانت كفّه اليسرى تلصق سماعة الهاتف على شحمة أذنه وصوته المتهدج ينبعث بسكينة ليخترق الأسلاك ويجيبها عن تساؤلاتها الغريبة. كانت تتوق للقائه ولا تعرف كيف السبيل إلى ذلك؟ فاختراق الجموع، وكسر الحواجز، ونسف الأعراف البائدة ليست أموراً سهلة المنال، لكن شوقها الذي صحى أخيراً على حين غرة لم يحسب بدقة حسابات الأفلاك، فكم دارت الأرض؟! وكم سقطت نيازك؟! وكم طلَّ القمر؟! فخط الزمن لا يعرف السكون ولا الثبات.. إنها تريد أن تقترب منه أكثر.. وشوقه إليها ما زالت تغذيه القطرات الأخيرة من زيت السراج القديم.. إنه يتساءل ماذا يمكن أن يقدمه لها؟ وماذا بوسعها أن تمنحه له؟ وهل يمتلكان عصارة العشق السافر بعد غيبة طويلة قضياها مع المجهول. ففي الزمن الماضي عندما كانت زرقة السماء تتناغم مع خفقات جناحيه وهما يطويان جسدها الغض في ذلك اليوم المديد، كانت تحاول الإنزلاق إلى عمق الماء كسمكة تبحث عن حريتها الموهومة وسط فكوك المفترسين، فغابت عنه دهوراً.. وبقي الخيط الرفيع اللامرئي يجذبهما بين حين وحين، فهل يفلحان أخيراً في إعادة الجذوة من جديد؟!.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن