الإنسان ليس كائن بل مفهوم

حمودة إسماعيلي
bboyhamoud@hotmail.com

2014 / 4 / 3

حتى ويكيبيديا باعتبارها الموسوعة الالكترو-شعبية الأكثر اعتمادا عليها من طرف الناس، تُعرِّف الإنسان (بتعبير غير متماسك) بأنه "كائن حي يمشي على قدمين وهو من الثدييات الرئيسة وينتمي (هذا) الإنسان العاقل لجنس البشر وهو العاقل الوحيد" ـ رغم أن برتراند راسل يجد حسب تعبيره : "قيل أن الإنسان حيوان عاقل، وأنا أبحث طيلة حياتي عن أدلة يمكنها تأكيد ذلك" ! . المهم، وأنه حسب نفس الموسوعة "يمتلك (هذا) الإنسان خلافا لبقية الحيوانات على الأرض دماغ عالي التطور، قادر على التفكير المجرد واستخدام اللغة والنطق والتفكير الداخلي الذاتي وإعطاء حلول للمشاكل التي يواجهها الإنسان" .. إعطاء حلول للمشاكل التي يواجهها ! إعطاء حلول للمشاكل التي يواجهها ! على من يتحدثون هؤلاء الأغبياء ؟! ـ إعطاء حلول للمشاكل التي يواجهها ! بل لو أن هناك تعريف مناسب للإنسان فهو "الكائن الذي يسعى لخلق المشاكل دون قدرة على حلها !" فتاريخه ليس أكثر ما تاريخ حروب ومشاكل : وتاريخه شاهد عليه.

الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يستطيع توظيف قدرات عقلية ويفكر، وبذلك هو إنسان ـ لأن من لا يفكرون أو من يمتلكون عقلا دون استخدامه (من نفس الجنس) نشبههم أو نسميهم حيوانات : لأنهم يتصرفون كالحيوانات وليس كالإنسان الذي يستخدم عقله. فهل هذا يعني أن الإنسان يتحول لحيوان إذا لم يوظف قدراته العقلية ؟ أم أنه حيوان لكنه يصبح إنسان إذا وظف قدراته العقلية ؟ المهم هو أن الأنسنة تشترط استخدام القدرات العقلية ـ ما يعني أن الإنسان مفهوم وليس كائن : لأن الوظيفة العقلية تصلح لخلق المفاهيم والتعاطي مع هذه المفاهيم، وبالتالي فالمفهوم هو ما يحوّل الحيوان من حيوان لإنسان : وإلا فإنه إذا تم سحب المفهوم فإن الحيوان يعود لحالته الأصلية لننعته بحيوان لأنه لا يمتلك المفهوم الذي يتطلب القدرات العقلية لأنها مرتبطة بإنتاجه والتعامل معه (أي مع المفهوم). لكن إذا امتلك الحيوان مفهوم بقدرته على إنتاجه وتوظيفه وتشكيله فإنه يصبح إنسان ـ إذن ب"مفهوم" تصبح إنسان وب"دون مفهوم" أنت حيوان : لأنه دليل على عدم استخدام عقلك.

وإذا كان ما يجعل من الحيوان إنسان هو المفهوم (الدال على العقل) : بالتالي فإن الإنسان بحد ذاته مفهوم وليس كائن أي ليس حيوان.

الإنسان مفهوم وليس كائن : أي أنه كائن لا وجود له (غير موجود) إنما يتم إنتاجه أو بتعبير أدق صُنعه .. نحن حيوانات تصنع الإنسان : فنصبح بشراً.

الإنسان : فكرة نضيفها للحيوان كملكية. مامعناه أن الإنسان : فكرة ـ وليس حيوان. فالحيوان حيوان : لكن الحيوان بفكرة يصبح إنسان.

تقول الكاتبة التونسية رجاء بن سلامة : "لماذا نفترض أن الإنسان أفضل من الكلب والحمار والكبش ؟ لم أعد أقبل هذه المركزية البشرية وهذا الادعاء" ـ وأصابت القرطاجية صاحبة الشعر القصير : لماذا نفترض أنه أفضل ؟ إذا لم يكن حسب تعريف ويكيبيديا "قادراً على إعطاء حلول للمشاكل التي يواجهها" ؟ وهي بغالبيتها من صنعه ! كما أنه يضع بالوراثة نفسه فيها.

أمّا من منطلق شخصي فالحيوان أكان حمارا أو كلبا هو أفضل من الإنسان الغير إنساني ! فعلى الأقل لا يزعجك الحيوان بالثرثرة، ولا يؤذيك لأنه يشعر بالفراغ، ولغبائه عُذر ـ فحيوان صديق أفضل من صديق حيوان.

يكون الحيوان عاديا، لكن يتحوّل لحيوان خطير عندما يصبح صديقا لإنسان حيوان : مثلما يحدث مع الكلاب.

وكملاحظة بالنسبة للمعلّقين الأفاضل الذين يسعون للهروب من حيوانيتهم بادّعاء أن من ينعتون الإنسان بالحيوان إنما تعود لرؤية الشخص لنفسه على أنه حيوان وهي ما تجعله حيوان أو يطلق على نفسه حيوان الأمر الذي لا ينطبق عليهم ـ أقول : فلتحتفظوا بشروحاتكم عندكم أيها الملائكة ! بل مالذي تفعلونه على سطح الأرض ؟ لما لا تطيروا لأماكن تليق بكم ؟ أم أن الأجنحة أعضاء حيوانية ! وأنتم لستم بحيوانات .. ولستم أيضا بملائكة لأن لها أجنحة الحيوانات ! . بل كما يقول ستيفن هوكينغ (الأكثر مهارة في استخدام قدراته العقلية على سطح الأرض) "جراثيم كوكبية" لها قدرة على البقاء والانتشار والتوسع .. والثرثرة ! .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن