الصراع وقبول الآخر..مبادرة السيد عمار الحكيم

اسعد الامارة
elemara_32@hotmail.com

2014 / 1 / 18

لوطنية كما يعلم الجميع وقارئنا الكريم لا يمكن أن تحتكر لاننا نعرف أن الوطن وطن الجميع، ومن حق الجميع المساهمة في بناءه أو إيقاف بناءه، ولا نقول تدميره!! لانه شريك في السراء والضراء، ويتفق الجميع في هذا الوطن لأن له شهداء من هذا القتال، ويكفي الأطراف المتقاتلة شرفاً الشهداء من أبنائها ومن بُنات هذا الوطن في السلم أو في الحرب والقتال على السواء وهم من أجل العراق.. إذن العراق الخاسر الأكبر في هذا القتال..جيشاً أو شعباً أو دولة أو تنمية أو بناء، وتعود مرة أخرى متوالية الحرب كلما إزداد القتال وازدادت التفجيرات، كلما ازدادت الأرامل وازداد الأيتام وكثرت الثكالى من الامهات والأباء.
إن الإتجاه الغالب اليوم في العراق أن اهزم عدوي، هذا العدو هو الآخر الذي رفضته كفكر وتحول إلى سلوك آمن بالعنف ومن ثم القتال!! من هو؟
سميته الارهاب؟ سميته المقاومة؟ سميته المختلف معي بالرأي والإتجاه؟ سميته المختلف معي في المذهب؟ وهو المتفق معي بالدين!! لم يكن المقاتل نصراني أو يهودي أو اسرائيلي!!أجنبي ذو بشرة بيضاء أو شقراء، أو عيون خضراء أو زرقاء، أنهم العراقيين والعرب، ومن جَيَشهم "التجييش" اخوة لنا في القومية والدين..شكراً للغرب لأنهم استطاعوا أن يجعلوانا نقاتل بعضنا البعض.. وما فعلناه بإنفسنا لم ولن تستطع إسرائيل أن تفعله بنا ولو لعدة عقود.
أن قبول الآخر هو قبول الصراع واستمراره بوسيلة وطريقة مختلفة, ليست طريقة تَقاتل الجيوش ومحاولة فناء الآخر، لا يمكن أن تنهي الحرب والقتال .. الآخر، وإلا لفنيت أمم وأقوام وملل ونحل، عاشت وكانت أضعف في تركيبها وتكوينها العددي، ولكن بنائها العقائدي أقوى وأصلب فأنتصرت بقوة مطاولتها وصمودها، ويقول علماء النفس الإنسان أو القوى أو الجماعات أو الطوائف أو الأحزاب : هم في صراع قبل وفاق، وصراع بعد وفاق، لذا لا ينتهي الصراع بإنتهاء الآخر أو حتى بقبوله"الصراع"، لانها الحتمية الأزلية حتمية وجود الإنسان في تجدد واستمرار هذا التجديد هو كينونته وماهيته في الوجود، في السلم والحرب، في البناء ونقيضه.
لقد فطن السيد عمار الحكيم أن العراق بحاجة لمبادرة تخفض التوتر القائم الآن بين عراقيين يتصارعون!! الجميع "الدولة والمختلفون معها" يرغب، والرغبة حاجة في جوهرها، إفناء الآخر وليس إستبقاءه، وهذا لا يمكن أن يكون إطلاقاً. لذلك فالصواب هو أن ينطلق الجميع من مبادرة السيد عمار الحكيم وليسمى "أخصب حوار عرفته الإنسانيات" بين من يجعلون القتال نقطة الإنطلاق وبين من يجعلون من العقل ونشاطه وحريته التي لا مفر منها هو نقطة البدء.. ولا خلاص من سبيل لحل الصراع وقبوله إلا بما يؤًمن للجميع رغباتهم "حاجاتهم" السياسية أو غيرها.
وما يعنيه السيد الحكيم في مبادرته أصبح الأن واضحاً كل الوضوح في حقيقته الإنسانية فهو رجع للحكم على ما يجري والحكم فعل من أفعال العقل يتجسد في قول، في نطق ينطلق به اللسان وفكر يعبر عن حلول قائمة على بنية إنسانية.
لسنا بأزاء كيانات تتكاثر على وفق الأهواء، أو مجموعات تتوالد، أهواء القادة أو الساسة واشباههم، نحن بأزاء شعب على هاوية التقسيم التعسفي، ووطن بدأ يوهن ويضعف، هذا التقسيم الذي لا يقوم على البناء بل على التدمير والإفناء.
ركز السيد الحكيم على أن العدوان والعنف والقتال في نهاية المطاف هو الوجه الفاشل للمشروع الإنساني..مشروع بناء الوطن، وطن للجميع، وطن للمواطن يشترك فيه الجميع وينشا صراع جديد من أجل البناء، لا يتوقف هذا الصراع، أطرافه العراقيين، بل وأطرافه البشرية، لان الصراع هو الذي يقود للنمو والتطور، وطرفه الآخر النقيض منه التدمير والفناء وهو الذي يرغب البعض في سعيهم لتحقيقه.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن