شروط القراءة التاريخية

عباس علي العلي
fail959@hotmail.com

2013 / 11 / 10

شرط التأريخية الأول ان تعي التأريخ وتفهمه على أنه ليس سجلا فقط للفعل البشري وسرد لقصة الوجود , هذا تبسيط غير علمي للتأريخية وتجهي حقيقي لمعناها ,الفهم التأريخي هو استنباط قوانين المستقبل من خلال حركة الماضي والحاضر حتى يكون بإمكاننا التنبؤ والقياس للفعل القادم وتوقع الحركة التالية منه ,بذلك يساهم التأريخ في تعزيز فرصة تحقق الكمالات البشرية ,ما قيمة التأريخ إن كان يخبرني عن بطولة فلان وشرح تفاصيل واقعة فلان دون أن يبين لي القيمة المرجوة من هذه الحكاية أو تلك ,حتى في النصوص القرآنية التي تناولت بأسوب تأريخي قصص الأقوام والبشرية التي سبقت كان وراءها هدف ليس لسرد القصة واستظهار واستحضار واقعها ,بل ساهمت في بلورة فهم لبعض المعاني والدلالات التي يراد من وراء سوقها أن تؤسس لشيء جديد خارج سياق الزمن الماضي.
لا بد أن نفرق بين تأريخية الفكر الديني ونقد هذا التاريخ لنخرج من بين طياته وملفاته حقائق إصلاح للواقع وللوجود ,وبين أن نفهم الدين كواقعة تأريخية سجلها السرد التأريخي خارج أطارها الروحي والفكري أي جردها من الروح والجوهر ولا بد ان نمارس عليها لنقد وهي ميته وهي خالية من جوهرها كما يدرس الطب كتأريخ خارج الواقع الإنساني ذاته , هل يمكن أن نفهم كيف تطور لطب دون ان نفهم الوقائع التي ساعدت على هذا التطور وأن نفهم كميت التضحيات التي قدمتها البشرية بالأرواح والأنفس قبل أن نصل هذا لتطور, أنها مفارقة أن نجرد الفكرة من جوهرها ومن روحها المحركة ,الدين فكر ذو جوهر وروح يتحرك بالوجود وينتج أثره وتصورته وأحكامه من خلال الروح والجوهر وهما الإيمان الفطري بصورية وشكلية وكونية علاقة الارض والسماء ورسم أفاقها ليتحول ذلك إلى ما يشبه الحاجة المستجدة على الدوام.
للناقد التأريخي حتى يكون منصفا ومتجردا في عمله أن يرى بنفس لعين والمنهج لكل ما يمر به ويطبق ما يعتقد ويؤمن به حتى على فكرته النقدية ذاتها ولا يستثني نفسه منها لأنه بهذا سيكون لا علميا ومنحاز وجاهل جهلا مركبا لا تشفع له تأريخيته المزعومة إن لم يؤمن بها سلفا, فلو طبقنا مثلا نظريته القائلة بسلفية لأحكام القرآنية ومدى تأثر فكر القرآن الكريم بها كما يقول((فلو نظرنا إلى المجتمع العربي آنذاك لأدركنا أنّ هذه الأحكام كانت سائدة ومتداولة لدى العرب في ذلك الوقت أو كانت شبيهة لها كثيرا)) لو طبقنا نفس المبدأ على دراسته النقدية للدين المحمدي أو ما يسميها المقاربة التأريخية لفهم الدين على ما يقول ,سيكون من السهل علينا أن نقول _ لو نظرنا إلى المجتمع الفارسي قديما وحديثا لأدركنا أن دعوة سروش سائدة ومتفشية فيه بدليل أن كل الأصوات الشعوبية والحركات المناهضة للفكر الديني المحمدي والتزندق والإلحادية تخرج من المجتمع الفارسي وهذه حقيقة تأريخية لا يمكن إنكارها وبالتالي فصوت سروش واحد من هذه الأصوات أو أنها شبيه لها كثيرا_ هنا لا يمكن ان ينكر سروش القاعدة التي بنى عليها فكرته وإلا عد رجل عبثي لا فكرة علمية يمتلكها ويدافع عنها.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن