ثورة مصر يناير2011 / يوليو 2013 الدروس المستفادة

رامي معين محسن
ramemohsen1@gmail.com

2013 / 11 / 10

شاهدنا بل وعايشنا جميعا الأحداث التي قام بها الشعب المصري وما أطلق عليه "ثورتين" شعبيتين خلال عامين ونيف من الزمن، الأولي كانت بتاريخ 25 يناير 2011، وما صاحبها من إسقاط رأس النظام الحاكم بقيادة المخلوع مبارك والذي استمر حكمه لما يزيد عن الثلاثين عاماً، خلالهما اكتوى الشعب المصري بمكوناته بنيران الظلم، العبودية والديكتاتورية، والثانية بتاريخ 3 يوليو 2013 والتي بدأت كذلك بنزول المواطنين إلى تجمعات وميادين مصر الكبرى رفضاً لسياسة الإخوان الذين تسلموا مقاليد السلطة في أول انتخابات للبلاد بعد أحداث يناير، وما وصفوه آنذاك برفض "شيخنة" الدولة وحكم المرشد وسياسة التخوين والتكميم وما صاحبها من فشل ذريع لبرنامج "الإسلاميين" حد وصف الشارع، الذي اعتبر أن الإخوانيين هم سبب استمرار أزمات مصر خصوصاً ما بعد "ثورة يناير" بدءاً بانقطاع الكهرباء، الغاز، تفاقم الفقر، ضعف الحالة السياسية والاقتصادية للبلاد .
تجدر الإشارة إلى أن الجيش المصري وفي رواياته الرسمية المتعددة صرح بأنه وكاستجابة لإرادة الشعب الصادرة من الميادين قد أصدر بلاغاً أعلن بمقتضاه إنهاء حكم الرئيس المخلوع مرسي وتعليق العمل بالدستور وتكليف آخر برئاسة مؤقتة للبلاد لحين إجراء الانتخابات واستقرار البلاد فيما عرف بخارطة الطريق، الأمر الذي اعتبره الإخوان انقلاب على الشرعية المستمدة من الصندوق، والذين بدورهم دعوا حينها لمليونيات إخوانية وما زالوا لإعادة الأمور لما كانت عليه قبل الانقلاب كما يقولون، وفي هذا المقام لا بد لنا وأن نسجل الملاحظات التالية في سياق إبراز الدروس والعبر المستفادة:
1. الدرس الأول: أنه لا علاقة البتة بين الدين "التدين" والدولة، فوفق الدراسات والإحصاءات نجد أن الشعب المصري من أكثر شعوب العالم تديناً فطرياً بسيطاً، وعليه فإن المواطن المصري لا يحتاج إلى من يرشده ويضخ في شرايينه الإيمان المخالف للفطرة، وعلى مدار عام كامل من ضخ التدين المشوه رفضها الشعب كرد فعل طبيعي، وهذه رسالة موجهة إلى كل الجماعات المشابهة مفادها لا يمكنكم خداع الناس ولا إقناعهم بالأوهام، فالذي يقنع الشعوب اليوم على اختلاف مشاربها هو السلوك والممارسة، وليس نظام الآيات المفسرة حسب المقاس والمزاج الملالي مع شوية البخور الإضافي والتي باتت مكشوفة ونتنة الرائحة في ظل تزايد تحديات الشعوب فقر، جوع، تهميش، مصادرة، إقصاء، استلاب،... الخ، إذن الشعوب بحاجة ماسة دائماً لمن يوفر لها الخبز، العلاج، العدالة، العمل، الحرية، وهكذا .

2. الدرس الثاني: أن فكرة الديمقراطية غير قابلة للاختزال والتجزئة ولا يستطيع أحد بالعالم اختزالها في صورة صندوق الانتخابات، إنما هي اختبار يومي وليس غرضه مبايعة فئة أو جماعة ما حتى تتنصب وتتقلد مراسم الكرسي وتمارس بعدها احتكاراً للسلطة حتى نمسي أمام "التعسف في استعمال السلطة والديمقراطية"، بمعنى آخر أن الشعب حينما يمنح ثقته لفئة ما إنما هو يهدف بذلك أن تنفتح هذه الفئة على الشعب بكل مكوناته وقطاعاته، وأن يشرك المجتمع على طريقة تقديم الحلول لكل المشكلات، لا لكي يستبعد ويستعبد في آن ويصبح يحوم في دوامة البحث عن توفير الحد الأدنى لمقومات العيش، وفي اعتقادي ما حدث في مصر شهادة لا ترد ولا تصد مفادها باختصار أنه يستحيل اختزال الديمقراطية في شكل واحد وحيد .

3. الدرس الثالث: الشعب أكبر وأقوى من أي صفة يمكن أن تلتصق به، وهو أعظم من كل محاولات تغييبه ومصادرة دوره، ما يعني أن سياسة الاستعباد والتنكر لن تفلح مهما طال أمدها، وأن الناس إن قالوا ثورة فهم أهلها، وإن نادوا بالتغيير كانوا شرارته دونما سابق إنذار، وبالتحليل نجد أن ما حدث في مصر 25 يناير2011 / 3 يوليو2013 إنما هو تلاقي إرادة تيارات التغيير مع كل مكونات المجتمع المصري الحية "الشباب، المرأة، العمال، المثقفين، الأحزاب، الأزهر والكنيسة" الأمر الذي يمكن تعميمه على كل من أنظمة وشعوب المنطقة التي تمر بنفس التحديات والظروف، وعلى الجميع شعوباً وبالأخص الحكومات الاستفادة من تلك الدروس حتى لا تنهز عروشهم ويكون مستقرها السجن وبئس اليوم .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن