نظرية المعرفة عند النبي محمد

عبد الامير جاووش
gcbkc2000@yahoo.com

2013 / 11 / 9

مشكلة البحث :
الحقيقة إن الأغلب الأعم من الناس لايقرون مبدأ (( ان الكتاب المبين فيه تبيان كل شيء , بمعنى عام مطلق , بل قيدوه بالأحكام والحدود والآداب العامة . وظلت المؤلفات التي تعالج علم الكلام , في المحيط الضيق الذي وضع إطاره الفلاسفة الإسلاميون , ومستندا الى من ترجموا عن اليونانية وبشروا بتعاليم اخرى , فأقحمت تلك الفلسفات الغريبة في تفسير وتأويل أقدس النصوص الالهية : الكتاب والسنة , وسقط الناس في شراك فيلون وبولس .
والبحث هذا لم يكتب لكي يكون دراسة نقدية لتلك المقولات والآراء , والتي انحدر مروجوها في الاسفاف , حتى زعموا ان محمدا بن عبد الله (ص) هو رجل أميّ , وان معاجزه عن ملكات نفسية وقدرات خارقية او باراسايكولوجية بالمصلح الحديث و .. و .. !!؟ وفي ذلك كله , عدا الاخطاء والغلط والابتعاد عن اللياقات , فأنهم قد اجادوا في التعبير عن المكبوت اللاواعي من مشاعر بالدونية وغلّ التحاسد , ومن ثم سقطوا في صناعة القيل والقال ومستنقع الاهمال , لما ارادوا ان يتخطوا بحر الازل .
ورغم ان القلم يستشعر بالخوف والحذر وم رعاع الجهالة وسياسة الضلالة , كان لابد من بذل الجهد لتلافي الخطأ الجسيم , باللجوء الى بحث الرواية التي يقبلها الذوق السليم , وتضع القاريء في جو عليل غير مشدود , وهناك يجد ان للفلسفة الاسلامية – الحكمة – جذورا واطارات قائمة في احاديث موفورة القيمة والعدد , ومن اغرب الاشياء علم الاولياء .

اهمية البحث

يتمركز هذا البحث على رواية حديث واحد ويدور حول (( نظرية المعرفة )) مستجدة لأول مرة , وكل نص في الحديث نظرية في العلم أو مبدأ من الحكمة . فيحاول الكاتب ان يكشف عن ابستمولوجيا اسلامية في الفكر المحمدي , من ثم ستكون اساسا ودليلا متضمنا في منهجية مستقلة , فما من منظومة فلسفية مهمة الا وتنطوي على نظرية للمعرفة تمثل ابعادها موضوعا جوهريا في ذلك المشروع الفلسفي .
ان الاقتصار على نص واحد , قد لايكون كافيا تماما للبعض من المتحذلقين بالفلسفة والزندقة , ولكن الغرض كان ان يحفز المتلقي الواعي ليعالج الروايات المتممة , ويتمثل الافكار انطلاقا من ينابيعها الاولى , ولا يركن الى الذين ظلموا (( النبيين والحكمة والناس وانفسهم )) وافسدوا وقالوا انهم يصلحون , وعند فساد الفلسفة يظهر من يؤسس الى فلسفة الفساد , ولا اعتقد ان في النصوص صعوبات , سوى ما يتعلق منها بالمفردات التقنية – المسميات والتعاريف – فاغلب معاني الكلمات , صار عند الناس محمولا على اللغة الدارجة في عصرها , والبعض منها ا يزال مترجرجا غير مستقر , يختلفون بمعانيه وحوله اسباب مذهبية , وخلفه آراء مستعارة تكون تافهة احيانا ولكن لا ضير على البيان العلمي للشريعة المقدسة , ما جرى مبدأ الفعل الاصلح وما دامت سيرورة عدم التناقض , وما قات صورة التآلف والاكتمال تنقح نفسها بنفسها , وبعد فأن رأس الحكمة ( طرف البداية وطرف النهاية ) مخافة الله . ويجب والحال هذه التخلي عن عادات ذهنية خاصة , كي نتخطى تشكيل سوابق فكرية وعقد منهجية لا ضرورة لها , بل قد تعيقنا وتجعل تمثلنا للحلول الافضل اقل شفافية , وغالبا فأن الفكار الجامدة والاسلوب التقليدي , تتداخل وتؤثر سلبا على القناعة والتسليم لمعطيات البحث الابتكاري .


المصطلحات :
1- النظرية :
النظرية لفظ مرادف للنسق وهي تقابل المعرفة الساذجة , لذلك تظل تقريبا خاضعة للمراجعة طالما ان النسق يراد له ان يكون شاملا نهائيا , وتعرف بأنها مفهوم يدل على بناء فكري من جملة التصورات المؤلفة عقليا بحيث تربط بين اكبر عدد من الظواهر المنظورة , وتردها الى اقل عدد من المبادئ , ثم تستنبط منه احكاا وقواعد تفسر وتنبأ عن السببية العلمية . فيكون العلم المختص مجموعة نظريات متصفة بالوحدة والتعميم .
2- العلم :
بالمصطلح هو ادراك الكلي بينما المعرفة هي ادراك الجزئي او ادراك الشيء ما هو عليه , وهي مسبوقة بجهل . ونظرية المعرفة هي البحث عن المشكلات الفلسفية الناشئة عن العلاقة بين الذات المدركة والموضوع المدرك من حيث طبيعة المعرفة واصلها وقيمتها ووسائلها وحدودها ,
ويكون علم المعرفة ( ابستمولوجيا ) مهتما بدراسة بنية العمليات العقلية الذكية وانشطة التفكير والمعالجة المطلوبة في الادراك والتذكر وحل المشكلات , وآليات اجراء هذه العمليات وتنفيذها .


الفصل الاول
في كتاب تحف العقول للحراني , ان شمعون سأل النبي محمد (ص) فقال : اخبرني عن العقل , ما هو ؟ وكيف هو ؟ , وما يتشعب منه وما لايتشعب , وصف لي طوائفه كلها ؟
فقال رسول الله (ص) : ان العقل عقال من الجهل , والنفس مثل اخبث الدواب , فأن لم ُتعقل حارت , فالعقل عقال من الجهل ... فتشعب من العقل الحلم , ومن الحلم العلم , ومن العلم الرشد , ومن الرشد العفاف , ومن العفاف الصيانة , ومن الصيانة الحياء , ومن الحياء الرزانة , ومن الرزانة المداومة على الخير , ومن مداومة الخير كراهية الشر , ومن كراهية الشر طاعة الناصح . فهذهعشرة اصناف من انواع الخير , ولكل واحد من هذه العشرة اصناف , عشرة انواع .

فأما الحلم :
فمنه ركوب الجميل , وصحبة الابرار , ورفع من الضعة , ورفع من الخساسة , وتشهي الخير , وتقرب صاحبه من معالي الدرجات , والعفو , والمهل , والمعروف , والصمت . فهذا ما يتشعب للعاقل بحلمه .
واما العلم :
فيتشعب منه الغنى وان كان فقيرا , والجود وان كان بخيلا , والمهابة وان كان هينا , والسلامة وان كان سقيما , والقرب وان كان قصيا , والحياء وان كان صلفا , والرفعة وان كان وضيعا , والشرف وان كان رذلا , والحكمة , والحظوة . فهذا ما يتشعب للعاقل بعلمه , فطوبى لمن عقل وعلم .

واما الرشد :
فيتشعب منه السداد , والهدى , والبر , والتقوى , والمنالة , والقصد , والاقتصاد , والصواب , والكرم , والمعرفة بدين الله . فهذا ما اصاب العاقل بالرشد , فطوبى لمن اقام به على منهاج الطريق .

واما العفاف :
فيتشعب منه الرضا , والاستكانة , والحظ , والراحة , والتفقد , والخشوع , والتذكر , والتفكر , والجود , والسخاء . فهذا ما يتشعب للعاقل بعفافه : رضى بالله وبقسمه . ( في بعض النسخ ( التفضل ) مكان الفقد ) .

واما الصيانة :
فيتشعب منها الصلاح , والتواضع , والورع , والانابه , والفهم , والادب , والاحسان , والتحبب , والخير , واجتناء البشر . فهذا ما اصاب العاقل بالصيانة , فطوبى لمن اكرمه مولاه بالصيانة . ( وفي نسخة اخرى ( اجتناب ) مكان ( اجتناء) ) .

واما الحياء :
فيتشعب منه اللين , والرأفة , والمراقبة لله في السر , والعلانية , والسلامة , واجتناب الشر , والبشاشة , والسماحة , والظفر , وحسن الثناء على المرء في الناس . فهذا ما اصاب العاقل بالحياء , فطوبى لمن قبل نصيحة الله وخاف فضيحته .

واما الرزانة :
فيتشعب منها اللطف , والحزم , واداء الامانة , وترك الخيانة , وصدق اللسان , وتحصين الفرج , واستصلاح المال , والاستعداد للعدو , والنهي عن المنكر , وترك السفه . فهذا ما اصاب العاقل بالرزانة , فطوبى لمن توقر , ولم تكن له خفة , ولاجاهلية , وعفا , وصفح .

واما المداومة على الخير :
فيتشعب منها ترك الفواحش , والبعد من الطيش , والتحرج , واليقين , وحب النجاة , وطاعة الرحمن , وتعظيم البرهان , واجتناب الشيطان , والاجابة للعدل , وقول الحق . فهذا ما اصاب العاقل بمداومة الخير , فطوبى لمن ذكر امامه , وذكر قيامه , واعتبر بالفناء . ( وفي بعض النسخ (ذكر ما امامه ) مكان ( ذكر امامه ) ) .

واما كراهية الشر :
فيتشعب منها الوقار , والصبر , والنصر , والاستقامة على المنهاج , والمداومة على الرشاد , والايمان بالله , والتوفر , والاخلاص , وترك ما لا يعنيه , والمحافظة على ما ينفعه . فهذا ما اصاب العاقل بالكراهية للشر , فطوبى لمن اقام بحق الله , وتمسك بعرى سبيل الله .

واما طاعة الناصح :
فيتشعب منها الزيادة في العقل , وكمال اللب , ومحمدة العواقب , والنجاة ن اللوم , والقبول , والمودة , الانشراح , والانصاف , والتقدم في الامور , والقوة على طاعة الله . فطوبى لمن سلم من مصارع الهوى . فهذه الخصال كلها تتشعب من العقل .


........
على العاقل طلب العلم والادب الذي لا قوام له الا به , وبحسن السياسة يكون الادب الصالح . فأن العقل حباء من الله , والادب كلفة , آداب العلماء زيادة في العقل , وكل اناء يضيق بما فيه الا العقل فانه يتسع ويتقوى بالتدريب .
والعقل حفظ التجارب وهو مع العلم , وبه استخراج غور الحكمة , وبالحكمة استخرج غور العقل . والاكثر ذكاءا هو الاقدر على استكمال التجربة العقلية وتحصيل المعرفة التي تؤدي الى ابتكار الحلول الاقرب الى الواقع , مع الارادة والقدرة على التطبيق وبأقل ضرر .
والذكاء يتناسب طرديا مع الدين , والحياء , والمروءة , ودوافع النماء , والنظام والتنظيم , والتزام الارادة , والانتباه والتركيز , والاستتمام , وتقليص التناقض في شبكة المعلومات , وشدة التغذية الراجعة .

.........

خلال التفاعل مع البيئة يكتسب الفرد انماطا جديدة من المفاهيم يدمجها في تنظيمه المعرفي , فتسقط او تعدل الانماط القديمة . وبذلك فان النمو المعرفي يشكل تغييرا نوعيا في طبيعة التفكير وحجم شبكة المعلومات , فتحدث تغيرات في الانشطة العقلية مثل الانتباه , والادراك ومرونة التفكير وسرعة التعلم . ويمكن اعتبار العقل بأنه قاعدة من المعرفة ( المعلومات ) يتم تطويرها بأمكانيات موروثة ومهارات مكتسبة من التفكير , وتستخدم في اتخاذ القرارات والمواقف وتوجيه السلوك وايجاد الحلول والسعي للأبتكار .
ولكل فرد دورة عصبية خاصة به في مواقف التعلم وبناء المفاهيم , ولكن النوع الانساني بصورة عامة يتشابه في تركيبته العقلية والبايولوجية . وان قواعد التعلم ذي المعنى تتسق مع العمليات الفسيولوجية في الدماغ , بما يتمتع به من مرونه , والتي هي قدرة على تغيير تركيبته بشكل ثابت منظم من خلال الخبرات الواردة عليه من الخارج .
وتسير عملية التعلم وفق طريقة نظامية تتابعة متسلسلة , وبترابطات منظمة حلقية , وتستغرق فترات زمنية معينة , كالتالي :
1- الحلم : بمعنى الصبر والاناة والصفح , ضد الطيش وقد يقابل به الجهل والسفه . وهو التعويد على الاستجابة لمثير معين واهمال ما عداه من المؤثرات . وفي هذه العملية تنظم المدركات الحسية تنظيما خاصا , يعتمد على نشاط الجهاز العصبي الحسي , والانتباه والتركيز على هدف معين , والقدرة على التمييز والفصل في الاحساسات الواردة وتثبيط او عزل بعضها , ثم تجميع الصورة الحسية ومقارنتها بالصورة الموجودة في الذاكرة الحسية , وتكوين تصور اولي عن الموضوع .
أ‌- ركوب الجميل :
ركب بمعنى طاوع وتبع وانقاد , والجميل هو الاحسان والمعروف والمجتمِع من جَمَل اي جَمع .
وهو حمل النفس على الاستعداد والتهيئة , وجمع القوة لملاقاة الهدف , فتزيد درجة الانتباه , ويتم تكوين روابط عصبية من اجل تحضير اطار عمل ذهني يتناسب مع نوع التعلم ( الاستعداد والتهيئة ) .

ب‌- صحبة الابرار :
صحبة بمعنى الملازمة والملاينة والانقياد بعد صعوبة , والابرار جمع بَرّ , من البِرّ بمعنى الصلاح والصدق والطاعة . وهي اتجاهات ايجابية نحو الهدف , وتكون من خلال تنشيط الدماغ اذ يتغير اطار النشاط العصبي وتتوسع قاعدة التحسس وتنبسط الروابط العصبية لأستقبال اكبر قدر من المنعكسات الحسية ( تشخيص الهدف )

ج- رفع من الضعة :
رفع ضد وضع بمعنى قدّمه وقرّبه . والضعة بمعنى السقوط والذلة . بناء شبكات عصبية تلائم مستويات الهدف ,واعداد لوحات لازمة لذلك (اطار الهدف ) .

د- رفع من الخساسة :
الخاسيء بمعنى المبعد القميء . ارتباط الحواس بمثيرات الهدف , فيصبح المتعلم محكوما عصبيا بهدفه وتسترخي العضلات اللارادية في وضع السكون والتوجس ( الارتباط بالهدف ) ..

هـ - تشهي الخير :
تشتهي بمعنى اقتراح شهوة بعد شهوة , والشهوة هي الحب والرغبة في الشيء . والخير هو في معنى افعل اي الافضل والاصلح . التحسس لمثيرات الهدف , مرة بالبصر واخرى بالسمع ثم الشم ثم اللمس او التذوق , ورسم احساس مفرد للمؤثرات الصادرة عن الهدف ( التحسس).

و- تقرب صاحبه من معالي الدرجات :
توافق المثيرات الحسية من خلال ايجاد روابط عصبية حسية تضع المدرك في صورة ذهنية منسجمة ( التوافق الحسي ) .

ز- العفو:
من ابنية المبالغة بمعنى الطمس والمحو . محو صورة الاحساس الثانوي والتكراري من الذاكرة الآنية وتنقية الصورة الذهنية ( التصور الساذج او صورة الشكل ) .

ح – المَهَل :
في الخير ولا يقال في الشر ويراد به التقدم في الامر واحيانا التؤدة والتباطؤ , اي الاعتدال والاسراع في طريق الصواب . تقوية ترابطات ذهنية , ووضع اركان صورة الشكل في تناسب معين وتنظيم خاص ( التصور ) .

ط- المعروف :
ضد المنكر او المخبور المعلوم او الوجه . بناء روابط عصبية مع الذاكرة الحسية واستدعاء الصور المشابهة والقريبة بالتطابق مع التصور , اي التفاعل والتفعيل وجعل الذاكرة نشطة واستحضار الخبرات الحسية السابقة ( الذاكرة الحسية ) .

ي – الصمت :
بمعنى الاغلاق المبهم الذي لا فرجة فيه , وفيه معنى العزيمة والثبات , ولهذا احيانا يراد به السكوت . تجري عملية استتمام وملء الفراغات وتكميل الشكل حتى الوصول الى تصور نهائي عن الموضوع يؤدي الى توازن عصبي وحالة من الراحة وتراجع في نشاط الاعصاب الحسية ( الاستتمام ) .
2- العلم :
3- .
4- .
5- .
6- .
7- .
8- .
9- .
10-

تتمة البحث متروكة لمن يريد ان يتمه ........



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن