حلم فوضوي

صالح برو

2013 / 10 / 21

في الخامس والعشرين من الصدفة الجارية بتاريخ الأساطير الطائرة حسب توقيت الأحلام الواقعية الكبرى في أحد السجون السقراطية،زار حاكم مملكة بعقب الواقعة بين صخور فسخ قشمد سجناء القرن الواحد والعشري الذين أضاؤوا عتمة الأرض بعد مضي سنين من الجوع،وهم مكبلين بالأغلال التي صنعت قبل أن يلد التاريخ نفسه.حيث لم يسمعوا طيلة اعتقالهم أصواتاً سوى أصوات بعضهم البعض، ولم يستهلكوا أذانهم ولا أياديهم لمصافحة الغير طيلة وجودهم خلف الزنازين، لعدم وجود متطلبات الحياة ودواعيها، حتى نسوا أسمائهم في دائرة الظلام، وأسماء من يمت لهم بصلة من القرابة،والأهل خارج الظلام أيضاً لأنهم خرجوا عن طور الذاكرة كلياً فصاروا يتعاملون مع بعضهم البعض،وكأنهم عوائل وقبائل انطلقوا من حضارة الضباب.
اقترب الحاكم من حدودهم المأهولة بالغياب بخطوات مرتبكة تصطك بعضها ببعض إلى أن وقف ومن معه حائرين على ضفة العدم، ثم سمع صدى صوته الذي عاد إليه لعدم قدرة الجدران على هضم وابتلاع كلماته التي قالها: إن البلاد تمر الآن في ظروف عصيبة، وأصبحت ساحة المراهنات، والعدو صار على وشك الدخول إلى المملكة،وحتى الشمس باتت تقدم لهم كل المعونات لينهشوا من ثروات هذه المملكة التي لم تبخل يوماً على أحد في سبيل فكاكنا عن بعض،فها قد جئتكم بنفسي لتعفوا عما فات، وسامحوني على ما فعلت، ربما لأني كنت مشغولاً بما يعانيه عصرنا الحالي،فكل ما كنت أسعى إليه يصب لمصلحة البلاد ، و واجبكم أن تكونوا مخلصين وأوفياء بالدفاع عني وعن المملكة.
ولكن لسوء حظه كانوا عبارة عن رفات متبقية من هياكل عظمية إلى أن تدخلت الذاكرة لمواجهة هذا الموقف، حيث كانت تستعد له منذ زمن بعيد،فقالت له : الذخيرة في مكان والبنادق في مكان،الخوذة في مكان والبزة العسكرية في مكان آخر،و أنا في مكان و عدوك في مكان آخر .أذهب وأصلح نفسك فلم أسمع طيلة حياتي بكلمة عدو إلا منك،ولا يمكن لأي امرءٍ أن يكون له أعداء إلا إذ عاد نفسه هو،وليست للذاكرة مصلحة في ذلك،وما يعرف عن حلمي أني أحترم الحياة وأقدس الإنسان وأحب العالم بشوق.



شتاء 2008



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن