الربيع العربي ينتج نظام شرق أوسطي ثلاثي المحاور

سليم محمد الزعنون
ssmmzz.71@gmail.com

2013 / 9 / 20

الربيع العربي ينتج
نظام شرق أوسطي ثلاثي المحاور
د. سليم محمد الزعنون
بينما انتجت الحرب العالمية الأولى نظام شرق أوسطي جديد قائم على توزيع الجغرافية السياسية للدولة العثمانية على الانتداب البريطاني/ الفرنسي؛ ومن ثم رسم حدود الدولة القطرية وفقاً لاتفاقية "سايكس بيكو"، فإن "ثورات الربيع العربي" فرضت عدداً من التغيرات الجذرية أبرزها إعادة هيكلة النظام الشرق أوسطي؛ وتغير موازين القوى في المنطقة، ويؤشر الواقع العملي إلى أن الشرق الأوسط أضحى قائماً على ثلاث محاور رئيسية: الأول السعودية والانظمة الملكية، الثاني إيران والشيعة، الثالث تركيا والإخوان المسلمين.
بدت هذه المحاور أكثر وضوحاً في تباين مواقفها وسلوكها السياسي تجاه ثلاث قضايا رئيسية في الشرق الأوسط تتمثل في: الأزمة السورية؛ وثورة 30 يونيو المصرية؛ والصراعات الطائفية في منطقة شمال الهلال الخصيب( سوريا ولبنان والعراق)؛ وأصبحت سوريا ومصر وشمال الهلال الخصيب ميادين للمنافسة الإقليمية بين المحاور؛ في إطار سعي كل منها لتنصيب حلفائه في السلطة؛ ما أدى لارتفاع حدة التوترات.
وفاً لهذه الرؤية يرى "حزب العدالة والتنمية" في تركيا أنه يمثل النموذج الملهم والمتقدم لـ جماعة الإخوان المسلمين؛ ويسعى لتشكيل منطقة تحكمها أحزاب تابعة للجماعة؛ ولتحقيق هذه الرؤية قام بتأييد وإشراك الأحزاب الإقليمية التابعة للإخوان؛ ودفعها باتجاه الوصول لسدة الحكم من خلال انتخابات ديمقراطية؛ نظراً لذلك دعم الإخوان المسلمين في مصر؛ ومناطق شمال الهلال الخصيب (سوريا والعراق).
على الجانب الأخر يعمل محور إيران على دعم المد الشيعي في ذات المنطقة؛ وانتج التحرك السياسي للطرفين فتور في العلاقات بين أنقرة من ناحية وإيران وحلفائها(دمشق وبغداد) من ناحية أخر؛ وفي ذات السياق دعم محور السعودية والأنظمة الملكية تدخل الجيش المصري للاطاحة بحكم الإخوان المسلمين في مصر؛ وعملوا على دعم الحكومة المؤقته سياسياً واقتصادياً ومعنوياً؛ بما انعكس على العلاقة بين أنقرة والقاهرة.
واستغلت إيران الأزمة السورية لتأجيج الحقد الطائفي؛ فصورت الثورة المناهضة للنظام السوري على أنها ثورة ضد الشيعة العلويين؛ وعمدت إلى تعبئة الشيعة لدعم نظام الأسد؛ وقدمت طهران الدعم والمساندة للنظام السوري؛ مستندين إلى أن سقوطه سيعنى بالتبعية مزيد من عزلة النظام الإيرانى وفقدانه لقدرته على التفاوض فى مسائل أكثر أهمية وحيوية للأمن القومى الإيرانى تتعلق مثلاً بالملف النووى ، والتوازن فى الخليج، ودور إيران فى كل من العراق وأفغانستان وباكستان؛ كما تدعم إيران أيضاً (الحوثيين) الأقلية الشيعية في اليمن، الذين يعارضون الحكومة المركزية.
في المقابل بدأ محور السعودية والانظمة الملكية العمل على تحديد أسلوب تطور الأحداث في المنطقة؛ فقاد حراك في الجامعة العربية للتأثير على مجريات الأمور في سوريا، كما ظهر ككتلة عسكرية، من أجل إنهاء الاحتجاجات الشيعية التي اندلعت في البحرين بداية العام الماضي، في ذات السياق تعمل أنقرة على تقديم الدعم المادي والسياسي للمعارضة السورية؛ وتؤيد قيام الولايات المتحدة بإجراء عسكري ضد النظام السوري "الشيعي" .
وفقاً للرؤية السابقة فإن الشرق الأوسط ثلاثي المحاور يتضمن تحالفات تكتيكية وتنافس بين تركيا وإيران والسعودية؛ من أجل وضع أسس نظام شرق أوسطي جديد؛ ويظهر التنافس بين السعودية وتركيا في النموذج المصري؛ فبينما تدعم تركيا جماعة الإخوان المسلمين؛ تساند السعودية الحكومة المؤقته، ويتضح التحالف بينهما في الأزمة السورية فكلاهما يدعم المعارضة ضد النظام السوري؛ وتتسق رؤيتهما تجاه إيران، بيد أن المنافسة بين إيران وتركيا أصبحت أكثر وضوحاً في منطقة شمال الهلال الخصيب؛ فبينما تدعم تركيا الأحزاب المرتبطة بجماعة الاخوان المسلمين تسعى إيران لمساندة الوجود الشيعي هناك؛ وتعزز التنافس السعودي الإيراني في منطقة الخليج بحكم دعم إيران للمد الشيعي الهادف لتغير الوضع السياسي؛ بينما تسعى السعودية جاهدة للحفاظ على الوضع القائم من خلال دعم النظم القائمة.
دكتور العلاقات الدولية جامعة الأزهر



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن