الفنان الأمازيغي الريفي بين التهميش والحكرة

محمود بلحاج
s.tifawin@hotmail.com

2013 / 9 / 2

الفنان الأمازيغي الريفي بين التهميش والحكرة

من الملاحظ، والمثير للاستغراب لدى المهتمين والمتتبعين للمهرجانات الثقافية والفنية/ الموسيقي التي تحتضنها بلاد الريف (مهرجان الحسيمة، الناظور وطنجة )، هو انفرادها وتميزها بظاهرتين فريدتين. وهو الأمر الذي يجلنا نطرح أكثر من علامة استفهام حول أهداف هذه المهرجانات من جهة، وحول القيمة الاعتبارية لفناني الريف من جهة ثانية، سواء في نظر اللجان المنظمة لهذه المهرجانات المتميزة بالميوعة والتفاهة، أو من طرف بعض الفرق المشاركة أيضا ، خاصة تلك التي تناضل من أجل أهداف وقضايا نبيلة من جهة ثانية . فما هو الهدف، على سبيل المثال - من إشراك أيدير إلى جانب ميريام فارس ( مهرجان الناظور) أو إشراك أزري وتواتون (= منسيون) إلى جانب الشاب خالد ( مهرجان الحسيمة) ؟ أليست هذه هي الميوعة والتفاهة بعينها ؟

الظاهرة الأولى تتعلق بكيفية تعامل الجهات المنظمة للمهرجانات السالفة الذكر مع فناني الريف، والثانية تتعلق بالتنوع الفني والعرقي الذي يميز تلك المهرجانات . فعلى مستوى الحالة الأولى تقول الفنانة الصاعدة " تيفور " ما يلي " نشعر بالتهميش في مهرجانان الريف "، ونحن لا نجد أدق تعبير مما قالته " تيفور " لتعبير عن مشاعر الفنانين الريفيين المشاركين في المهرجانات التي تحتضنها الريف، ومن ناحية أخرى حول كيفية تعامل اللجان المنظمة لتلك المهرجانات مع فناني الريف. فبالإضافة إلى التهميش المادي/ المالي الذي يعاني منه – إجمالا - فناني الريف حيث يتقاضون مبالغ هزيلة جدا مقارنة مع ما يتقاضوا باقي المشاركين الأجانب أو القادمون من جهات خارج الريف ، فعلى سبيل المثال، حصلت مجموعة التواتون( المنسيون) على هامش مشاركتها الأخيرة في مهرجان الحسيمة على مبلغ3 ملايين فقط بينما حصل/ تقاضى الشاب خالد على مبلغ 50 مليون( بالإضافة إلى تكاليف التنقل والإقامة والأكل..) !!. فهل هذا معقول في نظر الساهرين على تنظيم المهرجان ؟ طبعا، نحن لا ندري ما هي المقاييس والشروط التي يتم اعتمادها في تحديد ثمن المشاركة وشروطها، لكن في جميع الأحوال لا يمكن مقارنة مبلغ3 ملايين مع 50 مليون، ولا مجال للمقارنة أيضا بين تاريخ مجموعة تواتون مع التاريخ الغنائي للشاب خالد، حيث تعتبر؛ أي مجموعة تواتون، واحدة من أقدم وأشهر المجموعات الغنائية على مستوى الريف ، و على مستوى محافظة الحسيمة تحديدا، حيث قدمت الكثير والكثير للأغنية الأمازيغية الملتزمة من جهة ، ولقضايا الريف من جهة ثانية. وكذلك بالنسبة لتاريخ الفنان " الملتزم" خالد أزري الذي يعتبر رائدا من رواد الأغنية الأمازيغية الريفية الملتزمة بشكل خاص، والأمازيغية بشكل عام.

فبالإفاضة إلى التمييز المادي/ المالي الذي يعاني منه فناني الريف بشكل عام؛ وهو التمييز الذي يعبر ، في العمق، عن النظرة الاحتقارية للجان الساهرة على تنظيم المهرجانات المشار إليها سابقا ( وهم بالمناسبة أبناء الريف ) للفن الريفي أولا، و للفنان الريفي ثانيا. هذا، بالرغم من الدور التاريخي للفنان الأمازيغي الريفي في الحفاظ على اللغة والثقافة الأمازيغيتين من جهة، وتدوين تاريخ وأحداث المنطقة( = الريف)، سواء في زمن الحرب أ و السلم . علاوة هذا، يعاني الفنان الريفي أيضا من التهميش والإقصاء المعنوي والرمز ( الترحيب والاهتمام الإعلامي .. ) .

أما فيما يخص الحالة الثانية فأننا نلاحظ غياب فناني الريف في المهرجانات الوطنية والدولية، فعلى سبيل المثال، نلاحظ حضور فنانون من الجزائر و مختلف المدن والمناطق المغربية ( الأطلس، سوس..) وبشكل مستمر في مهرجانات الريف، ولا نلاحظ نفس الشيء بالنسبة لفناني الريف في المهرجانات التي تنعقد في الجزائر مثلا، أو حتى في المهرجانات التي تنعقد في سوس والأطلس، فأين يكمن الخلل؟ والى متى سنستمر في تحقير ثقافتنا الأمازيغية الريفية وفناني الريف؟ وأمام هذه الوضعية يحق لنا أن نتساءل: ماذا يستفيد الريف والفنان الريفي من المهرجانات الموسمية/ السنوية التي تنعقد بالريف؟ وما هي الإضافات التي قد تضيفها هذه المهرجانات، و في شكلها الراهن، إلى الثقافية الأمازيغية الريفية ؟

بناءا على ما سبق ندعوا جميع فناني الريف، وخاصة الملتزمين بقضايا الريف والأمازيغية إلى مقاطعة المهرجانات، السالفة الذكر، حفاظا على ارثهم الغنائي، وبالتالي عدم المشاركة/ المساهمة في تمييع المشهد الثقافي بالريف، أو على الأقل فرض شروط تحترم كرامتهم ، وبالتالي الرفع من قيمة الفنان الريفي الذي يعاني الحصار والتهميش على كافة المستويات .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن