البطاله فى النظام الاقتصادى الاسلامى-الجزء الثانى

اميره صبح
ward-jouri@hotmail.com

2013 / 8 / 26

البطالة فى المنهج الاقتصادى الاسلامى
الجزء الثانى
عالج الإسلام ظاهرة البطالة عن طريق تعاون الأفراد مع ولي الأمر ، حيث يسعى ولي الأمر جهده في تدريب وتعليم العامل وتوفير فرص العمل المناسبة ، ومن ناحية أخرى حث ولي الأمر الناس على العمل ومنع التسول.
وضع الإسلام مجموعة من القواعد والتنظيمات لمعالجة ظاهرة البطالة ، ومن أجل الحث على العمل والبعد عن المسألة وفي هذا رد على الذين يتهمون الشريعة الإسلامية بأنها تحبذ جانب الفقر على الغنى.
عالج الإسلام ظاهرة البطالة من جانبين :-
1- جانب وقائي ، أي قبل وقوع ظاهرة البطالة وانتشار آثارها وأضرارها ، بالحث على العمل وذم المسألة.
2- جانب علاجي ، أي بعد وقوع بعض أفرد المجتمع في آتون البطالة ومستنقع التعطل ، ومواجهة ذلك ، بالإضافة إلى موقف المنهج الإسلامي من بعض أنواع البطالة وعلاجه لها ، فهناك أيضاً طرق وأساليب ووسائل أخرى جاء بها الإسلام لمعالجة البطالة ، من ذلك : جانب وقائى:-
أولاً : تشغيل العاطلين وإرشادهم إلى العمل :
على الرغم من فرض الإسلام العمل والترغيب فيه بأساليب مختلفة وتوسيع مجالاته ، فقد يتكاسل المرء عن العمل أو يحتج بعدم حصوله على فرص العمل ، فيلجأ إلى الاستقراض على الربا للإنفاق على حاجاته.
لذا ، لم يغفل الإسلام عن معالجة هذا الوضع ، فجعل من واجبات الدولة الإسلامية تشغيل العاطلين وتوفير فرص العمل لهم.
فقد ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يأمر العاطلين بالعمل ، روى الإمام البزار عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رجلين أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألاه ، فقال : " اذهبا إلى هذه الشعوب فاحتطبا فبيعاه .. ثم جاءا فباعا ، فأصابا طعاماً ، ثم ذهبا فاحتطبا أيضاً ، فجاءا ، فلم يزالا حتى ابتاعا ثوبين ، ثم ابتاعا حمارين ، فقالا : قد بارك الله لنا في أمر الرسول صلى الله عليه وسلم.
ونجد في هذا الحديث النبوي الشريف :
أولاً : أمر النبي صلى الله عليه وسلم للعاطلين بالعمل .
ثانياً : إرشادهما إلى عمل محدد .
ومما لا يخفى أن التوجيه إلى عمل محدد له تأثير كبير في تشغيل العاطل ، لأنه قد يرى أنه لا يصلح للعمل ، أو لا يوجد عمل ملائم له ، فيظل عاطلاً لكنه حينما يوجه إلى عمل محدد ملائم له ، سرعان ما يشتغل ، وهذا ما ظهر لمن أرشدهما عليه الصلاة والسلام إلى عمل محدد.
فمن هنا ، فإن من واجبات الدولة الإسلامية :
أ‌- القيام بتأهيل العاطلين تأهيلاً نفسياً ومادياً للعمل : وبما أن مجالات العمل قد توسعت في عصرنا وتوسعت طرقها ، نرى أن على الدولة أن تفتح معاهد ومؤسسات تدريبية لتعليم العاطلين وتدريبهم على مهن مختلفة وتدبر لهم آلات العمل بعد تخرجهم من المؤسسات التدريبية كي يقوموا بالعمل لكسب العيش على الوجه المطلوب.
ب‌- أمر العاطلين بالعمل ، وقد كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يزجر العاطلين ويأمرهم بالعمل ، فقد ذكر الحافظ ابن الجوزي عن خوات التميمي قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (يا معشر الفقراء ، ارفعوا رؤوسكم ، فقد وضح الطريق ، فاستبقوا الخيرات ولا تكونوا عيالاً على المسلمين).
جـ - توجيه كل عاطل إلى عمل يتلاءم مع قدراته ومواهبه ، لأنها تختلف في شخص عن شخص آخر ، وقد يكون الشخص أنسب الناس لعمل ، ويكن غير لائق لعمل آخر.
د – متابعة العاطلين بعد توجيههم إلى عمل محدد كي تتعرف على مصير ما دبرت لهم ، فمن تلاءم مع عمله تشجعه على المزيد من العمل ، ومن تكاسل تنشطه ، ومن لم يتلاءم معه العمل تبحث له عن عمل آخر.
ولا تقتصر مسئولية الدولة الإسلامية على ما ذكرنا ، بل ذكر بعض العلماء بأن لها حق التعزيز إذا تعطل الشخص وتعرض للمسألة مع قدرته على التكسب .. كما أن على الدولة والمجتمع القيام برعاية المتعطلين بعدم وجود عمل.
جاء في الموسوعة الفقهية : (صرح الفقهاء بأن على الدولة القيام بشئون فقراء المسلمين من العجزة واللقطاء والمساجين الفقراء ، الذين ليس لهم ما ينفق عليهم منه ، ولا أقارب تلزمهم نفقتهم ، فيتحمل بيت المال نفقاتهم وكسوتهم ، وما يصلحهم من دواء وأجرة علاج وتجهيز ميت ونحوها).
ومن ذلك كله ، يتضح أن تشغيل العاطلين وإرشادهم إلى العمل من وسائل معالجة البطالة في الإسلام.
ثانياً : النهي عن المسألة والكدية والتسول :
كما حث الإسلام على العمل لكسب الرزق ، فقد ذم المسألة وذم استجداء صدقات الناس وأعطياتهم إلا عند الحاجة الماسة ، ودفع المسلمين أن يصونوا نفوسهم عن ذلك ، ويسموا عن المذلة ويحفظوا لها كرامتها.
الكدية : الكدية في اللغة – بضم فسكون – سؤال الناس واستعطاؤهم.
المسألة : سؤال الناس شيئاً من أموالهم على سبيل الصدقة والإحسان في غير موجب شرعي مع القدرة على الاكتساب.
التسول : طلب الصدقة من الأفراد في الطريق العامة .
يتضح مما سبق / أن الكدية والمسألة والتسول كلها ذات معنى واحد تنصب على استجداء الناس وتكففهم الحسنة والصدقة.
والمتتبع للفظ سأل وما اشتق منه في الحديث النبوي يجد أنه ورد قرابة 450 مرة.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله عليه الصلاة والسلام : " ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ، وليس في وجهه مزعة لحم" .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من سأل الناس أموالهم تكثراً فإنما يسأل جمل فليستقل أو ليستكثر".
وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن المسألة كد يكد بها الرجل وجهه إلا أن يسأل الرجل سلطاناً أو في أمر لابد منه" .
وعن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لأن يأخذ أحدكم حبله ، ثم يأتي الجبل فيأتي بحزمة من حطب على ظهره ، فيبيعها ، فيكف الله بها وجهه ، خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه " .
هذا قليل من كثير ، والسنة النبوية مليئة بالأحاديث.
وقد وردت أثار عن سلفنا الصالح في ذم المسألة ، ومنها : قال أيوب : كسب فيه شئ أحب إلي من سؤال الناس.
وقال أكثم بن صيفي : كل سؤال وإن قل أكثر من كل نوال وإن جل.
وكان سعيد بن المسيب يقول : من لزم المسجد وترك الحرفة وقبل ما يأتيه فقد ألحف في السؤال.
ويقول أحمد بن حنبل – رحمه الله - : (ما أحسن الاستغناء عن الناس) .
ولابن عمر رضي الله عنهما هنا القول " (إني لأكره أرى أحدكم سبهللا لا في عمل دنيا ولا في عمل آخرة).
وقد ورد عن حكيم بن قيس عن عاصم عن أبيه أنه أوصى بنيه فقال : عليكم بالمال واصطناعه فإنه منبهة للكريم ويستغنى به عن اللئيم ، وإياكم والمسألة فإنها آخر كسب الرجل.
يقول الأستاذ فهد العصيمي : (من وسائل القضاء على البطالة في الإسلام ، بحيث يتجه الناس إلى الكسب والعمل المفيد ، أنه حرم المسألة إلا للضرورة القصوى) .
العلاج العملي للتسول : يتمثل العلاج العملي في أمرين :
الأول : تهيئة العمل المناسب لكل عاطل قادر على العمل ، وهذا هو واجب الدولة الإسلامية نحو أبنائها.
الثاني : ضمان المعيشة الملائمة لكل عاجز عن اكتساب ما يكفيه .
يقول الشيخ محمد شفيع تحت عنوان : " سد أبواب التسول والاستجداء " (لم يغفل الإسلام أن أفراد المجتمع الفقراء إذا تعودوا نيل حقوقهم في أموال الأغنياء فربما يتكلون على ذلك وتشل جميع قواهم العملية ، حتى يشكلوا طبقة الشحاذين والمستجدين والمتسولين التي تكون كلاً على الأمة كلها ، ونظراً إلى إمكان تنمي هذا الخطر ، وضعت الشريعة الإسلامية تشريعاً خاصاً بهذا الموضوع وصرحت بأنه :
أ‌- لا يحق لأي إنسان صحيح البنية والقوة أن يمد يد السؤال إلا في أحوال خاصة ، وقد وصف القرآن الفقراء بأنهم (لا يسألون الناس إلحافاً) "البقرة : 273" .
ب‌- يحرم السؤال على من عنده كفاف يوم .
جـ - يعتبر السؤال ذلة ، كما صرحت به السنة .
د- يحرم أخذ الصدقة على من يملك مقدار النصاب من المال ، ولو بدون سؤال.
هـ - يحث الفقراء والمساكين على أن يعتبروا العزة في الجهد والعمل ويفروا من الصدقات.
و- يأمر أرباب الثراء والغنى بإيصال الصدقات إلى مستحقيها من الفقراء والمساكين ، إذ لا يكفي إخراج المال فقط ، إن لم يصل إلى من يستحقونه .
ز- يضع حداً على التسول والاستجداء عن طريق رجال الاحتساب . (لقد نجح الإسلام في إقامة نظام لتوزيع الثروة على هذه الأحكام بما جعل المجتمع الإسلامي الأول غنياً مترفاً لم يوجد فيه من يقبل الصدقات .. )
ومن هنا يتبين أن نهي الإسلام عن المسألة والكدية والتسول من وسائل معالجة الإسلام للبطالة.
ثالثاً : نماذج تطبيقية لموقف الإسلام من البطالة :
أ‌- حديث نبوي :
روى الإمام أبو داود عن أنس بن مالك رضي الله عنه " أن رجلاً من الانصار أتى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله ، فقال : أما في بيتك شئ ؟ قال : بلى . حلس نلبس بعضه ونبسط بعضه ، وقعب نشرب فيه الماء . قال : ائتني بهما ، فأتاه بهما ، فأخذهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وقال : من يشتري هذين ؟ قال رجل : أنا آخذهما بدرهم . قال من يزيد على درهم ؟ مرتين أو ثلاثاًَ . قال رجل : أنا آخذهما بدرهمين . فأعطاهما إياه ، وأخذ الدرهمين ، فأعطاهما الأنصاري ، وقال : اشتر بأحدهما طعماً فانبذه إلى أهلك ، واشتر بالآخر قدوماً فأتني به ، فشد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عوداً بيده ، ثم قال : اذهب فاحتطب ، وبع ولا أرينك خمسة عشر يوماً ، فذهب الرجل يحتطب ويبيع ، فجاء ، وقد أصاب عشرة دراهم ، فاشترى ببعضها ثوباً وببعضها طعاماً . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "هذا خير لك من أن تجئ المسالة نكتة في وجهك يوم القيامة إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة ، لذي فقر مدقع ، أو لذي غرم مفظع ، أو لذي دم موجع" .
ونجد في الحديث الشريف إلى جانب أمر النبي صلى الله عليه وسلم للعاطل بالعمل ، وتوجيهه إلى عمل محدد ما يلي :-
الأول : أن العاطلين كانوا يرون لهم حقوقاً على الدولة فيذهبون إلى ولي الأمر باسم هذه الحقوق ، ليدبرهم أمرهم بما يراه .. وكانوا يذهبون بملء الكرامة والعزة ، لأن صاحب الحق لا يكون ذليلاً ..
الثاني : أن الدولة تقر العاطلين على هذه الحقوق ، وتعترف لهم بها ، ولا تنكرها عليهم ، بدليل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، استمع إلى شكاية الرجل ولم يزجره .. وأقره على حضوره إليه ولم يطرده فلعل الذين يضيقون بالعمال ، ويزجرونهم يتعظون بهذا الهدى النبوي ويعملون به.
الثالث : أن الدولة لا تكتفي فقط بالاعتراف بحقوق العاطلين ، بل تدبر لهم العمل فوراً ، ولا تتركهم إلى التسويف والمماطلة ، فقد رأينا الرسول عليه الصلاة والسلام لم يأمر الرجل بالانصراف إلا بعد أن دبر له العمل والمكان الذي يعمل فيه . وهذا أقصى ما تطمح إليه أنظار العمال في العالم .
الرابع : اطمئنان الدولة على يسر العامل ورخائه ، فقد رأينا الرسول عليه الصلاة والسلام لم يكتف بإيجاد العمل للعاطل ، بل طلب أن يعرف ما صارت إليه حالته ليطمئن عليه.
الخامس : ولي الامر عليه أن يزود العامل بآلة العمل ، لأن رسول الله صلى الله عليه والسلام جهز الرجل بآلة العمل ، إذا أحضر القدوم ، ووضع لها اليد ، ودفعها إليه .
السادس : تأهيل النبي صلى الله عليه وسلم العاطل تأهيلاً نفسياً ومادياً للعمل ، أما تأهيله نفسياً فحيث أمره صلى الله عليه وسلم بتزويد الأهل بالطعام كي يفرغ من التفكير في شأنهم لبعض الوقت وينقطع إلى العمل ، وأما تأهيله مادياً فكان بتزويده بآلة العمل الصالحة للإنتاج بعدما شد عوداً في القدوم بيده الكريمة.
السابع : اهتمامه صلى الله عليه وسلم بالتعرف على نتيجة تدبيره له حيث قال عليه أفضل الصلاة والسلام " اذهب فاحتطب وبع ، ولا أرينك خمسة عشر يوماً" فكأنه صلى الله عليه وسلم أعطاه فرصة خمسة عشر يوماً للعمل بموجب تدبيره فإن استفاد من هذا التدبير فنعم ، وإلا ينظر له حلاً آخر .
يقول الأستاذ إبراهيم النعمة : (وهذا الحديث لم يكن مختصاً بالاحتطاب فقط ، بل يشمل الأعمال المباحة التي يستطيع العامل القيام بها كلها .. ) .
وثيقة تاريخية اقتصادية :-
وقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه يودع أحد نوابه على بعض أقاليم الدولة فقال له : (ماذا تفعل إذا جاءك سارق ؟ قال : أقطع يده . قال عمر رضي الله عنه : وإذن ، فإن جاءني منهم جائع أو عاطل ، فسوف يقطع عمر يدك. إن الله استخلفنا على عباده لنسد جوعتهم ، ونستر عورتهم ، ونوفر لهم حرفتهم. فإذا أعطيناهم هذه النعم تقاضيناهم شكرها. يا هذا إن الله خلق الأيدي لتعمل ، فإذا لم تجد في الطاعة عملا التمست في المعصية أعمالاً ، فاشغلها بالطاعة قبل أن تشغلك بالمعصية) .
وبتحليل هذه الوثيقة نستخلص بعض النقاط ، منها :
الأول : اهتمام الدولة بتحقيق التقدم الاقتصادي ، بحيث لا يظل هناك جائع أو عاطل.
الثاني : اهتمام الدولة بتحقيق التنمية ، فإن وظيفة الدولة : " إن الله قد استخلفنا على عباده لنسد جوعتهم (الامن الغذائي) ، ونستر عورتهم (الأمن النفسي والبدني) ونوفر لهم حرفتهم (الأمن الاقتصادي) " .
الثالث : أحقية كل فرد في العمل وفي إشباع احتياجاته الاساسية ، وفي سبيلها يذهب للحاكم : "فإن جاءني منهم جائع أو عاطل" .
الرابع : وعي الدولة لمشاكل البطالة (إن الله قد خلق الأيدي لتعمل .. ) .
رابعاً : شبهة والرد عليها :
الشبهة : يظن بعض الناس أن الزكاة صدقة تعطى لكل سائل وتوزع على كل متسول . ويظن أنها تعين على كثرة السائلين والمتسولين الشحاذين !! .. ومن ثم أنها قد تشجع على البطالة !!
الحقيقة : أن الزكاة لو فهمت كما شرعها الإسلام ، وجمعت من حيث أمر الإسلام ، ووزعت حيث فرض الإسلام أن توزع ، لكانت أنجح وسيلة في قطع دابر التسول والمتسولين .. عن عبد الله بن عدي الخيار رضي الله عنه أن رجلين أخبراه أنهما أتيا النبي عليه الصلاة والسلام يسألانه عن الصدقة ، فقلب فيهما البصر ، ورآهما جلدين ، فقال : " إن شئتما أعطيتكما ولاحظ فيهما لغني ولا لقوي مكتسب" .
الرد : أن ذلك الظن خاطئ لأسباب ، منها :
الاول : موقف الإسلام من العمل ، العمل فرض على القادر عليه وحق له في نفس الوقت .. قال تعالى : (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور ) "الملك : 15" .
الثاني : أن الزكاة لا تعطى إلا للعاجزين عن الكسب ، فلا تعطى للقوي القادر على العمل .. ال عليه الصلاة والسلام : " لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي " . وقال أيضاً : " لا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب" .
الثالث : أن الإسلام يوجب العمل على القادر عليه ، ويجعله فرض عين ، ثم هو يمجده ويحث عليه.
الرابع : مصارف الزكاة تشجع على العمل ولا تشجع على البطالة :
أ‌- سهم العاملين عليها : لم يجعل الإسلام جمع الزكاة سخرة بدون أجر ، رغم ما في ذلك من فضل ، بل قرر الإسلام صراحة ألا يؤدي أي إنسان عملاً إلا ويحصل على أجرة ، وسهم العاملين عليها أول دعوة إلى إطلاق الحوافز المادية ، فكلما اجتهد العامل في جمع الزكاة وأحسن الاداء ، زاد الدخل من الزكاة وارتفع سهم العاملين عليها ليفي بأجورهم كاملة منها .
ب‌- سهم في الرقاب : وإن الإنفاق في الرقاب من شأنه أن يحرر قوة عاملة لا بأس بها لتسهم في الأعمال الاقتصادية المختلفة بما يعود عليهم وعلى المجتمع بأسره بمزيد من الإنتاج الذي من شأنه أن يزيد فرص الاستثمار.
جـ - سهم الغارمين : إن من حسنات هذا السهم ، بالإضافة إلى تعويض المدينين عما يلحق بهم من خسائر ، هو إيجاد نوع من الاطمئنان لدى المتعاملين (الدائن و المدين) ، ويدعم هذا الائتمان والاستقرار الاقتصادي ، ومن ثم يعمل على تشجيع أصحاب المهارات على الدخول في الاستثمارات الحلال والبذل في المصالح العامة.
د – من المعلوم اقتصادياً أن عملية إعادة توزيع الدخل من شأنها أن تقلل من حدة التفاوت في الدخول وهذا أمر له تأثيره الكبير في علاج البطالة .
هـ - الزكاة تقوم بعملية نقل وحدات من دخول الأغنياء والفقراء ، ومن المعلوم أن الأغنياء يقل عندهم الميل الحدي للاستهلاك ، ويزيد عندهم الميل الحدي للادخار ، وأما الفقراء فعلى العكس ، يزيد عندهم الميل الحدي للاستهلاك ، وينقص الميل الحدي للادخار ، ويترتب على هذا أن حصيلة الزكاة سوف توجه إلى طائفة من المجتمع يزيد عندها الميل الحدي للاستهلاك ، وهذا يؤدي بدوره إلى زيادة الطلب الفعال ، مما يترتب عليه الزيادة في طلب سلع الاستهلاك فتروج الصناعات الاستهلاكية ، ويؤدي ذلك إلى رواج الاستهلاك فتروج الصناعات الاستهلاكية ، ويؤدي ذلك غلى رواج السلع الإنتاجية المستخدمة في صناعة السلع الاستهلاكية ، فيزيد الإنتاج ، ومن ثم تزيد فرص العمل الجديدة تبعاً لذلك .
هذه بعض آثار الزكاة ودورها في التشجيع على العمل ، ومن ثم القضاء على البطالة.
جانب علاجي :-
ينبغي على الدولة أن تكثف الجهود للقضاء على غول البطالة ، فتستعين بأهل الخبرة والاختصاص لمعالجة هذه المشكلة والتحول من الركود إلى الانتعاش ، وأن الترياق لهذه المشكلة ينحصر في عدة أمور أهمها :-
1- الاهتمام بتوجيه أموال الصدقات والهبات في توفير فرص عمل واكتساب المهارات اللازمة لسوق العمل .
2- التوسع في سياسات التدريب وإعادة التدريب للمتعطلين لمساعدتهم في تنمية مهاراتهم وقدراتهم.
3- تشجيع التقاعد المبكر حتى يتمكن توفير فرص عمل جديدة بدلاً من هؤلاء الذين أحيلوا إلى المعاش .
4- تشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومشروعات القطاع غير الرسمي وإزالة كل ما يعترضها من عقبات.
5- التركيز على المشروعات والفنون الإنتاجية ذات الكثافة العمالية نسبياً
6- اهتمام الحكومات بإقامة خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتوفير فرص العمل الحقيقية أمام كل قادر وراغب فيه .
7- ترشيد عملية استخدام العمالة الأجنبية وذلك من خلال حصرها في مهن محددة .
8- تفعيل بعض الدول العربية لبرنامج يحث المواطن نفسه على القبول بالعمل البسيط فصرنا نسمع عن السعودة والبحرنة والتكويت
9- العمل على تطبيق نظام الحد الأدنى للأجور وذلك لدفع مؤسسات القطاع الخاص لتوظيف القوى العاملة الوطنية .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن