ثورة على بيروقراطية الأحزاب اليسارية

أنس القاضي
anas.alqadhi1@gmail.com

2013 / 8 / 18

ثورة على بيروقراطية الأحزاب اليسارية
لن يُصبح الوعي سلاحاً إلا إذا أصبح في يد الجماهير، الجماهير التي تُدرك أنه ليس بمقدور أحد وليس من مصلحة أحد تحريرها إلا هي ،الجماهير التي تثور بنظريه ثوريه لهدف واضح ، الجماهير التي يُفترض أن تكون الأحزاب اليسارية نبضاً يُعبر عن مصالحها الطبقية .
وتكمن مصلحة الجماهير الكادحة اليوم في الثورة على قيادات الأحزاب اليسارية وإن لجئت إلى استخدام العُنف والكفاح المُسلح، فقد أصبحت هذه -الأحزاب- العائق الأول أمام توحيد صفوفها للنضال من أجل تقدمها الاجتماعي ،يجب أن يثور كل رفيق وكل عامل على الحزب الذي يسئ إليهم ويخذلهم ويحتكر عرقهم ،على بيوقراطية أحزاب تُسمي نفسها شيوعية واشتراكية وتُشارك في حكومات لأنظمة رجعية وأنظمة استبدادية و رأس مالية تمتهن أدنى حقوق للعمال وتقمع العمل النقابي .
كيف لأحزاب يساريه أن تتأقلم مع هذا الوضع دون أن تثور .ودون أن توعي الطبقات العاملة و الكادحين بطبيعة هذه الأنظمة التي تستغلهم ،وبوحشية هذا الاقتصاد الذي يحولهم من بشر إلى آلات أو سلع يحتاجها عند الحاجة ويرمي بها متى يشاء في دهاليز البطالة والجوع. هل تنتظر هذه الأحزاب أن يأدلج العمال والفلاحين وغيرهم من الكادحين أنفسهم بنفسهم ويأتون للالتحاق بهذه الأحزاب وهل يحتاج هؤلاء الكادحين أحزاب تقف إلى جانبهم من على الأرض إلى قبة البرلمان أم عن استمارات وبطائق حزبية .
منذ سقوط الإتحاد السوفيتي وقبله وأحزابنا اليسارية العربية ترى كيف تُضرب في كل قُطر كيف تُهدم تجارب وكيف يُصفى نُخب رفاقهم ، ويكتفوا بالبيانات والعزاء وعبارة "لن يمروا" ،إن اكتفاء الأحزاب اليسارية في تأمل تقلبات الأوضاع الاقتصادية والسياسية في المُجتمع بالتنظير الذي لا يعدوا أكثر من استحضار المنهج الماركسي للانتصار على تناقضات الواقع في مجالسهم ومقاهيهم دون تجسيده كفعل يُتبنى على الأرض بل والاختلاف فيما بينهم في تفسير الأحداث واندلاع ثورات التنظير إنما هوَ عبث وخيانة بطريقة أو بأُخرى لجماهير الشعب التي تتطلع إلى الإشتراكية إلى رغيف الخبز المؤَمَن بكنف دولة المواطنة والقانون ، جماهير الشعب التي تدرك أن مصلحتها في النضال مع اليسار وجماهير الشعب التي تجهل ذالك والمُضللة عادةً بالخطاب الديني ، إنها مُشكله ومشكله كبيره إن يتحول صراعنا من طبقي إلى سياسي إذا كانت ترى الأحزاب اليسارية أن جموع الكادحين المنظمين إلى أحزاب يمينية أعداء لها أو ليس لهم حقوق عليها فعلى هذه الأحزاب أن تعلن نفسها أحزاب سياسيه عاديه ولا تتدخل بشأن اليسار وقضايا اليسار وبالثورة الإشتراكية.
إن انتفاضات الشعوب العربية بما سُمي" بثورات الربيع العربي" كانت لمطالب يساريه في الحرية والديمقراطية والعيش الكريم، إن هذه المطالب التي حملها اليسار في أدبياته وهويته وبرامجه لا يمكن لغيره أن يُلبيها ، فلا يُمكن لحزب ديني ولا حزب لبرالي يعبر عن مصالح البرجوازية أن يكون حاملاً ومناضلاً من أجل جماهير الشعب المسحوقة ،وإن تحول هذا الربيع من انتفاضات شعبيه إلى لأجل العدالة الأجتماعية إلى مُجرد تغير الحكومات بل وإلى مؤامرات إمبريالية كما يحدث في الحرب بالوكالة على سوريا إنما هو ضربه لليسار الذي أثبت أن أحزابه هشة وهامشية ومجرد أسماء وإعلام وشعارات تقدميه وبعض مفكرين ماركسيين وليست مؤسسات حزبيه ومنضمات شعبيه تستطيع أن تقود هذه الانتفاضات الشعبية لتحقيق مصالح هذه الشعوب،هذه الشعوب التي بقدر ما استيقظت من سبات وبقدر ما وعت أن مصلحتها في الاتجاه إلى اليسار، ولكن لم تجد أي تجاوب من هذه الأحزاب اليسارية ، تماماً" كالحزب الاشتراكي اليمني" الذي تتطلع إليه جماهير الشعب اليمنية كونه صاحب تجربة منذ تحرير جنوب اليمن بثوره وطنية 14أكتوبر "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية" وقيادتها باقتصاد اشتراكي نهض بها إقتصاديا وثقافياً حتى إعلان الوحدة اليمنية عام 90م وكانت تجربه رائده على مستوى اليسار العربي وكونه اليوم الحزب الوحيد القادر على استيعاب هذه القوى المدنية التي تشكلت بفعل انتفاضة (11فبراير) وحاملا لقضايا الطبقات الكادحة، ولكنه لا يلتفت إليهم بل ومرتبط بتحالفات في ضل "اللقاء المشترك" مع أحزاب يمينية متطرفة كالتجمع اليمني للإصلاح "إخوان اليمن " الذين كفروه ودمروا دولته وتجربته في حرب94م على (الجنوب الإشتراكي سابقاً) وصفوا كوادره وقياداته أخرهم الأمين العام جار الله عمر عام 2002م ، وماذا فعلوا غير إضافة صورة أمينهم العام القتيل إلى رأس جريدة الثوري وكتبوا تحته "روزنامة الشُهداء لن يمروا" إن الحزب الاشتراكي اليمني بقدر ما يعي الشارع اليمني أنه صاحب مشروع وطني إلا أن الشارع يلعنه كما يلعن بقية الأحزاب السياسية في ضل هذه الحكومة حكومة الوفاق التي أعربت عن فشلها وهوَ مُشارك فيها وإن كان وزرائه يعملون بوطنية وشرف ونزاهة .
إن الحزب الإشتراكي اليمني ما هوَ إلا صوره تقريبية عن حال اليسار العربي الذي يتجاهل تماماً ما الذي يُريده الشارع اليوم منهم ويتجاهل توجه الشارع نحوهم ..إن الأحزاب اليسارية تفقد هذه الفرصة التي أتت بظروف موضوعية منها ازدياد عدد الفُقراء والعاطلين على العمل وارتفاع الأسعار المرافق للهزات العنيفة التي تتعرض لها الرأس مالية ،وبفعل الأنظمة الاستبدادية التي حكمت قبل الربيع العربي،وبفعل فشل الحكومات التي صعدت بعد الربيع العربي وهي فرصة لن تتكرر إن لم يستغلوها .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن