الحكومة الإسرائيلية-معطيات وخطوط أساسية

عليان الهندي
alian.alhindi@yahoo.com

2013 / 8 / 5


سبق وان نشر الموضوع في مجلة شئون فلسطينية الصادرة في رام الله عن م.ت.ف. ونظرا لعودة المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي أعيد نشره اليكترونيا كي يتعرف القارئ العربي على الفشل القادم لمسار المفاوضات لأسباب إسرائيلية خالصة.

عليان الهندي
إثر صعوبات واجهتها حكومة بنيامين نتنياهو بإقرار ميزانية عام 2013 وفي إيجاد بديل لقانون طال المتعلق بتجنيد اليهود المتدينين المتزمتين، ونظرا لعدم وجود منافس حقيقي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنبيامين نتنياهو، قرر تبكير موعد الانتخابات التشريعية للكنيست من شهر تشرين أول عام 2013 إلى شهر كانون أول عام 2013. وابتعدت خلال الحملة الانتخابية كل الأحزاب الإسرائيلية تقريبا عن وضع برامج سياسية تتعلق بالحل مع الفلسطينيين، باستثناء حركة ميرتس التي طالب برنامجها بحل دولتين لشعبين وفق حدود عام 1967، وحزب البيت اليهودي الذي طرح حلا نهائيا للفلسطينيين على 39% من أراضي الضفة الغربية، فيما تركزت الدعاية الانتخابية للأحزاب الكبيرة والجديدة مثل حزب العمل و "يش عتيد" على القضايا الاجتماعية والاقتصادية تماشيا مع ما سمي بـ "الربيع الإسرائيلي" الذي اندلع في صيف عام 2011 وظل يتفاعل في المجتمع الإسرائيلي بصور أخرى، دفعت يئير لبيد إلى تبني شعاره المشهور "المساواة في الأعباء" . أما بنيامين نتنياهو فقد توجه إلى الانتخابات من دون أي برناج في المجالات الإجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية معتمدا على تحالف عريض ضم المستوطنين واليمين الوسط الإسرائيلي واليهود الروس. وبلغت ثقة نتنياهو بتحقيقه الفوز بطرحه شعار شخصي حمل عنوان "رئيس حكومة قوي –إسرائيل قوية.
وعلى الرغم من نافس كل الأحزاب على أصوات المتدينين والمستوطنين من خلال تحصين مواقع في قوائمهم لشخصيات من هاتين الفئتين، كان للجمهور الإسرائيلي رأيا أخر في الانتخابات التي جرت في 22-1-2013 حيث أشارت نتائجها إلى رغبته في التغيير. وكانت أهم نتائج الانتخابات الحالية هي:
1. استمرار دعم الجمهور الإسرائيلي لبنيامين نتنياهو مرشح كرئيسة وزراء، لكن وفق جدول أعمال اجتماعي واقتصادي وسياسي جديد ومختلف، يعتمد فيه على الحزبين الرئيسيين "يش عتيد" و "البيت اليهودي.
2. هزيمة ساحقة للنخب العسكرية التي لعبت دورا سياسيا مهما خلال العقود الأربعة الماضية، نجحت فيه بتنصيب أربعة رؤساء وزراء من ذوي الخلفيات العسكرية والأمنية (إسحاق رابين وإسحاق شامير إيهود براك وأريئيل شارون). وربما تساهم هذه الهزيمة في عودة قادة الجيش الإسرائيلي في البحث عن حروب جديدة بهدف استعادة مكانتهم المفقودة، التي بدءوا يحضرون لها من اليوم في المنطقة الشمالية –مع حزب الله.
3. صعود المستوطنين لوسط الساحة السياسية والقرار الإسرائيلي رغم أنهم يشكلون أقل من 10% من مجموع سكان دولة إسرائيل. ويعتبر المستوطنين وانصارهم من أكبر المنتصرين في هذه الانتخابات خاصة ان البيت اليهودي والليكود يضمان أكثر الفئات المتطرفة والمتعاطفة مع المستوطنين. وتعتبر هذه الانتخابات ذروة القوة السياسية للمستوطنين نجحوا بتحقيقها بفضل انضمام المستوطنين كأعضاء في الأحزاب الإسرائيلية الكبيرة مثل الليكود الذي يضم في عضويته أكثر من ثلث (30 ألف) مستوطن.
4. إبعاد أحزاب المتدينين على مختلف أنواعهم عن مراكز القرار بعد أن كانوا شركاء في كل الحكومات منذ تشكيل دولة إسرائيل حتى الانتخابات الحالية. وجاءت الرغبة الجماهيرية الإسرائيلية برؤية هذا الجمهور خارج القرار الإسرائيلي لرفض قيادة الأحزاب الدينية التوصل لحلول وسط في مسألة التجند في الجيش الإسرائيلي، ورفضهم المساواة في الأعباء حيث يتمتع أكثر من 120 ألف طالب متدين بامتيازات لا يحصل عليها أمثالهم في فئات الشعب المختلفة.
5. وفي الشق الفلسطيني أثبت الجمهور الإسرائيلي أنه غير مهتم بايجاد حل للقضية الفلسطينية، ومتبنيا الموقف الإسرائيلي الرسمي الداعي لتجميد أي مسار للمفاوضات إلى حين اتضاح صورة الوضع كاملة في الشرق الأوسط.

يذكر أن 33 حزبا خاضت هذه الانتخابات، فاز منها 12 حزب من بينها حزبان جديدان هما "يش عتيد" برئاسة يئير لبيد وحزب "هتنوعاه" الذي تترأسه تسيفي ليبني و "البيت اليهودي" يعتبر امتداد لأحزاب المتدينين الوطنيين والمستوطنين. وبعد فرز الأصوات تبين أن اليمين في إسرائيل حصل 61 مقعد من مجموع 120 مقعد، فيما حصل اليمين الوسط على 43 مقعد (هتنوعاه ويئير لبيد وكاديما وحزب العمل التي رفضت رئيسته شيلي حيموفيتش تصنيف حزبها ضمن أحزاب اليسار) واليسار الإسرائيلي (ميرتس) على 6 مقاعد، في حين حافظ العرب على قوتهم بحصولهم على عشرة مقاعد .
وضمت الكنيست الحالية 39 عضو كنيست متدين موزعين على كل الأحزاب بما في ذلك حزب العمل، بمعنى أن ثلث الكنيست من المتدينين، وهذا أكبر بكثير من قوتهم الحقيقية. في حين حصلت النساء على 27 مقعد، ودخل الكنيست الجديدة 9 من أبرز الصحفيين في إسرائيل، مشكلين بذلك بديلا عن النخب العسكرية التي تراجعت قوتها في الكنيست الحالية. وبلغت نسبة التصويت 67.8%، أي أن 3,8 مليون مقترع (يهود وعرب). في حين بلغ أصحاب حق الاقتراع 5,6 مليون مقترع. الكنيست الحالية هي الكنيست التاسعة عشرة، والحكومة التي تشكلت على إثرها هي الحكومة الثالثة والثلاثين .

الحكومة الإسرائيلية الثالثة والثلاثون
بعد مفاوضات مضنية من قبل المرشح لرئاسة الحكومة بنيامين نتنياهو، شكلت الحكومة الجديدة معتمدة في تشكيلتها على أربعة أحزاب هي الليكود-بيتنا (31 مقعد) ويش عتيد (19 مقعد) والبيت اليهودي (12 مقعد) وهتنوعاه (6 مقاعد). وتضم الحكومة الحالية 22 وزير خمسة منهم من سكان المستوطنات القائمة في الضفة الغربية، وتسعة وزراء من الوجوه الجديدة، وأربعة وزيرات، وثلاثة وزراء من أصول شرقية، وهي أقل حكومة إسرائيلية تضم وزراء شرقيين منذ عقود، وأربعة وزراء من التيار الديني الوطني، كما تضم الحكومة وزيرين من ذوي الخلفيات العسكرية والأمنية هما موشيه يعلون ويعقوب بيري. ويبلغ متوسط أعمار الوزراء في الحكومة الإسرائيلية الحالية 59 عام، أصغرهم رئيس حزب البيت اليهودي نفتالي بينت (41 عام) وأكبرهم عوزي لاندو (70 عام). وخلال المفاوضات لتشكيل الائتلاف الحاكم نجح نتنياهو بالاحتفاظ بـ 11 وزارة إضافة لمنصب رئيس الوزراء مما يمنحه إمكانية اتخاذ أي قرار في الحكومة معتمد على صوت الرئيس المرجح في حال تعادل الأصوات .
تعبر الحكومة الحالية عن توجهات المستوطنين في الضفة الغربية أكثر من أية حكومة سابقة، وذلك بفضل أمران هما :الأول، سيطرة المستوطنين على حزب الليكود، الذي يمثلون فيه ثلث أعضاء الحزب. وبرزت قوتهم بشكل واضح خلال الانتخابات التمهيدية (البرايمرز)، حيث نجح المستوطنين وبدرجة كبيرة جدا في إخراج كثير من القوى الاجتماعية والسياسة والاقتصادية وممثليهم في الليكود مثل الشرقيين (مصوتين تقليديين لليكود) وكثير من القوى الليبرالية ذات التوجهات اليمينية الوسط وأصحاب المصالح. وعليه، لم يكن غريبا خروج القيادات التقليدية الممثلة للتيارات السياسية المختلفة في الليكود مثل دان مريدور وآفي ديختر وغيرهم من قيادة الليكود، ويحل مكانهم مستوطنين متطرفين مثل موشيه بييغلن وغلعاد أردن من سكان المستوطنات في الضفة الغربية. وربما يفسر انضمام المستوطنين لليكود السبب في خسارة الحزب لقواه وقواعده الانتخابية خلال العقد الماضي لصالح قوى سياسية جديدة بدأت تتشكل مثل "كاديما" التي شكلها أريئيل شارون بعد رفض أعضاء الحزب من المستوطنين مشروع الانفصال أحادي الجانب عن قطاع غزة و "يش عتيد" التي شكلها يئير لبيد و "البيت واليهودي" بقيادة نفتالي بينت (دفع المستوطنين لوسط الساحة السياسية والقرار الإسرائيلي من خلال التحالف مع التيار الصاعد الذي مثله لبيد مشكلا معه ظاهرة جديدة بدلا من التحالف التقليدي مع الليكود) لإدراكهما بحاجة الساحة السياسة في إسرائيل لتيارات جديدة غير الموجودة حاليا التي عبر عنها الليكود المسيطر عليه من قبل المستوطنين وحزب العمل غير المستقر الذي تناوب على قيادته 8 زعماء منذ الانتخابات الإسرائيلية عام 2001 ويحاول التنصل من ماضيه بصفته أحد أحزاب اليسار الصهيوني، وكاديما التي أسست أصلا لهدف معين وهو تنفيذ خطة الفصل أحادي الجانب عن قطاع غزة، والذي عصفت فيه الخلافات على مدار السنوات الأربع الماضية منعته من العمل كحزب ودفعت إلى خسارته في الانتخابات خسارة فادحة (مقعدان من أصل 29 مقعد في الكنيست وأصبح أصغر حزب في الكنيست بعد أن كان أكبر حزب) .

الخطوط العريضة للحكومة
بهدف تشكيل الحكومة الجديدة، وقع الليكود-بيتنا ثلاثة اتفاقيات ائتلافية مع ثلاثة أحزاب هي "يش عتيد" و "البيت اليهودي" و "هتنوعاه. ولم يأخذ الشق الفلسطيني من هذه الاتفاقيات سوى سطرين في الاتفاق مع "يش عتيد" من صفحات عددها 35 صفحة، تضمنا الدعوة لتجديد المفاوضات مع الفلسطينيين وتشكيل طاقم المفاوضات مع الفلسطينيين الذي يضم في عضويته يئير لبيد رئيس الحزب. كما طالبت الاتفاقية بالمحافظة على دولة إسرائيل دولة يهودية وديمقراطية، مع المحافظة على حدود يمكن الدفاع عنها .
وفي المقابل، لم تشر الاتفاقية الموقعة مع "البيت اليهودي" البالغ عدد صفحاتها 21 صفحة إلى أي بند يتعلق بمسيرة السلام مع الفلسطينيين سوى مشاركة رئيس الحزب في طاقم السلام الذي يترأسه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو . وفي نفس الوقت ركزت الاتفاقية الائتلافية بين الطرفين على تعزيز الاستيطان في النقب، وسن قانون لتقييد حرية التنقل بهدف السكن للفلسطينيين في النقب، وعلى أن دولة إسرائيل دولة يهودية وديمقراطية، مع المحافظة على حدود يمكن الدفاع عنها، وأن رئيس الحزب نفتالي بينت عضوا في طاقم المفاوضات مع الفلسطينيين . كما تضمن الاتفاق بندا يتضمن اتفاق الطرفين على سن "قانون الوطنية" الذي رفضه كبار المختصين في القانون الإسرائيلي والدولي، ووجهت له انتقادات دولية مختلفة، دفعت الحكومة الإسرائيلية إلى تأجيل النظر فيه، وينص القانون المذكور (الذي قدمه عضو الكنيست آفي ديختر وتبنا البيت اليهودي النص الأصلي من دون أي تعديلات) على تخصيص الدولة موارد خاصة من أجل تطوير الاستيطان في كل أنحاء الدولة، من دون الالتزام بالبناء لأبناء القوميات الأخرى، والقصود هنا العرب، وحذف اللغة العربية كلغة رسمية ثانية للدولة .
وتضمنت الاتفاقية الثالثة التي وقعت مع حزب هتنوعاه الذي تقوده تسيفي ليبني على تشكيل طاقم لمسيرة السلام برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي بدوره يخول وزيرة العدل تسيفي ليبني بإجراء مفاوضات مع الفلسطينيين بهدف التوصل لحل نهائي معهم ينهي النزاع، وفي حال تم التوصل لاتفاق يعرض على الحكومة والكنيست لإقراره، أو يعرض على الاستفتاء العام. ونص الاتفاق، على عدم عقد ليبني لأي اجتماع مع الفلسطينيين من دون مرافقة مندوب عن رئيس الحكومة، واشترط أن تضطلع ليبني رئيس الحكومة على نتائج المفاوضات مع الفلسطينيين أولا بأول. والأمر الغريب في الاتفاق مع حزب "هتنوعاه" هو البند الذي يطلب من رئيس الحكومة بأن يعطي تعليماته لأجهزة الأمن المعنية بالمفاوضات مع الفلسطينيين توفير كل المعلومات والامكانيات لتسهيل عمل طاقم المفاوضات الإسرائيلي، وتضمن الاتفاق تشكيل طاقم وزراء لمتابعة مسيرة السلام مع الفلسطينيين يضم كلا من رئيس الحكومة رئيسا للطاقم ووزيرة العدل تسيفي ليبني قائم مقام رئيس الطاقم والمخولة بإجراء المفاوضات مع الفلسطينيين ووزير الدفاع موشيه يعلون ووزير المالية يئير لبيد ووزير الصناعة والتجارة نفتالي بينت ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان بعد عودته لتسلم حقيبة الخارجية .
ونتيجة للاتفاقيات الحكومية تم التوصل لوثيقة سميت بالخطوط الأساسية للحكومة وأرفقت بالاتفاقيات الائتلافية، حيث نصت على:
1. للشعب اليهودي الحق غير المشكوك فيه بدولة ذات سيادة في أرض إسرائيل، التي تعتبر وطنه القومي والتاريخي.
2. تتطلع إسرائيل إلى التوصل لاتفاق سلام مع الفلسطينيين بهدف التوصل لتسوية تنهي النزاع. وإذا تم التوصل لمثل هذا الاتفاق يقدم للحكومة والكنيست لإقراره، وإذا كانت هناك ضرورة يعرض على الاستفتاء العام.
3. تعمل إسرائيل بشكل فعال على تعزيز الأمن القومي الإسرائيلي وتوفير الأمن الشخصي لمواطني الدولة، وتعلن أنها ستخوض صراع شديد لا هوادة فيه ضد العنف والارهاب.
4. ستعمل الحكومة على التقدم بمسيرة السلام السياسية، والتقدم باتجاه السلام مع كل جاراتها، مع المحافظة على المصالح الأمنية والتاريخية والقومية لدولة إسرائيل.
5. تبذل الحكومة الجهود للمحافظة على الطابع اليهودي لدولة وإرث إسرائيل. وتحترم الأديان الأخرى في الدولة وفق قيم وثيقة الاستقلال.
6. تعمل الحكومة على تخفيض مستوى الغلاء بكل الوسائل التي تملكها ومن بينها زيادة المنافسة الحرة وإضعاف المركزية الاقتصادية بما في ذلك الأفرع الاقتصادية الثانوية.
7. تعمل الحكومة على منح كل طفل وطفلة في إسرائيل تعليم واسع يؤهله لمواجهة تحديات العالم المتجدد والعيش باحترام .
8. تضع الحكومة التعليم والتعليم العالي على سلم أولوياتها .
9. تبذل الحكومة الجهود من أجل زيادة المساواة في تحمل الأعباء من أجل مساواة كل فئات السكان في الخدمة بالجيش أو بالخدمة المدنية.
10. تعمل الحكومة على تعزيز سلطة القانون والمحافظة على مكانة محكمة العدل العليا.
11. تعمل الحكومة قدر استطاعتها على تخفيض ثمن الشقق.
12. توظف الحكومة جهودا خاصة هدفها توفير ظروف اقتصادية تسمح بالنمو الدائم وتخفيض الغلاء، مع المحافظة على أماكن العمل القائمة.
13. تسعى الحكومة من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية وتقليص الفوارق الاجتماعية والنضال الدائم ضد الفقر وإيجاد أماكن عمل جديدة وتوفر حلولا للسكن.
14. تطوير الريف الجغرافي والاجتماعي، وتعمل على المساواة بين جميع السكان بغض النظر عن أماكن سكناهم أو مكانتهم الاجتماعية.
15. العمل على تغيير اسلوب الحكم من أجل تعزيز السلطة والاستقرار الحكومي.
16. تضع الحكومة مسألة الهجرة إلى إسرائيل على سلم أولوياتها، وتعزز الهجرة إليها من كل أنحاء المعمورة
17. ستعمل الحكومة على تقليص الفوارق الاجتماعية وتحارب الفقر.
18. تعمل الحكومة على الدفاع عن البيئة وتحسين مستوى حياة سكان الدولة.
19. تحسن الحكومة من الخدمات الدينية وتنسيق ذلك مع كل فئات السكان.
20. تعمل الحكومة على زيادة تعريف مواطنيها على مصادر المعرفة والإرث اليهودي .

ومن الواضح أن الخطوط الأساسية للحكومة الحالية لم ترتق لمستوى خطاب جامعة بار إيلان الذي أعلن فيه بنيامين نتنياهو عن موافقته على حل "دولتين لشعبين"، وهو أكثر تطرفا من الخطوط الأساسية للحكومة الإسرائيلية السابقة، حيث أضيف للخطوط الأساسية للحكومة الحالية ثلاثة بنود لم تكن موجودة في السابقة، وهي :المطالبة بحدود يمكن الدفاع عنها لدولة إسرائيل، أي السيطرة على غور الأردن. تقييد حرية سكن الفلسطينيين البدو في النقب. عدم وضع حدود واضحة بين المستوطنين في الضفة الغربية وبقية مواطني الدولة العبرية .

تعامل الوزراء مع الشأن الفلسطيني
نتيجة للاتفاقيات الائتلافية بين الأحزاب الإسرائيلية الأربعة على تشكيل الحكومة الجديدة تقرر تشكيل الطاقم الإسرائيلي للمفاوضات مع الفلسطينيين برئاسة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي بنت حكومته 6867 شقة سكنية، لم يتفوق عليه سوى رئيس الوزراء السابق إسحاق شامير في بداية تسعينيات القرن الماضي . ويعد الطاقم الجديد من أكثر الطواقم الإسرائيلية تطرفا التي أدارت مفاوضات مع الفلسطينيين، ومن الناحية العملية يضم الطاقم الوزراء الذين لا يريدون مفاوضات مع الفلسطينيين. حيث يضم الطاقم رئيس وزراء يرى بالحكم الذاتي أقصى ما يمكن تقديمه للفلسطينيين وهو مرتاح لأسلوب السيطرة الحالي على الفلسطينيين، ويحتاج للمفاوضات من أجل الخروج من العزلة الدولية التي تتهم إسرائيل بتعطيل المسيرة السلمية. أما رئيس حزب "البيت اليهودي" الذي شغل في السابق رئيس مجلس المستوطنات في الضفة الغربية ومديرا لمكتب نتنياهو، فيؤمن بضروة الحل مع الفلسطينيين على أساس منحهم دولة على 39% من أراضي الضفة الغربية، أي على مناطق A و B، وضم ما تبقى من هذه الأراضي لإسرائيل. وفيما يتعلق بوزير الدفاع موشيه يعلون -نائبه داني دانون من الليكود عين مسئولا عن الاستيطان، ودانون من أكثر أعضاء الكنيست تطرفا- فهو صاحب المقولة المشهورة في الانتفاضة الثانية بأنه يجب "كي الوعي الفلسطيني" وأن "من لا يأتي بالقوة يأتي بمزيد من القوة"، ولا يرى بتجميد البناء في المستوطنات الطريق الوحيد للعودة إلى طاولة المفاوضات، ويتهم القيادة الفلسطينية وفي مقدمتهم الرئيس محمود عباس "أبو مازن" بأنهم لا يريدون السلام وهدفهم عزل إسرائيل في العالم، وهم مع بقية الفلسطينيين مجموعة مخادعون . أما وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان فقد دعا في أكثر من مناسبة إلى عزل القيادة وفي مقدمتهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي يفترض أنه سيتفاوض معه للتوصل إلى حل نهائي. أما تسيفي ليبني فهي قادمة لتبحث مع الفلسطينيين عن حل يضمن بأن تكون إسرائيل وطن قومي للشعب اليهودي يحقق لهم أمانيهم. أما وزير المالية الجديد يئير لبيد فلا يبدو أنه منشغل في الهم الفلسطيني كثيرا، ولم يتردد في التنازل عن وزارة الخارجية لصالح وزارة المالية، كما لم يشهد له التاريخ إجتماعه بأيا من القيادات الفلسطينية، وإذا ُقيم لبيد وفق الاتفاق الموقع مع الليكود لتشكيل الحكومة الحالية فإن القضية الفلسطينية بالنسبة له لم تستحق أكثر من سطرين من اتفاق بلغت عدد صفحاته 35.
ولا بد من الإشارة إلى وزير الإسكان أوري أوريئيل الذي يعتبر من أوائل مؤسسي مشاريع الاستيطان في الضفة الغربية وقطاع غزة، ويتوقع منه أن يعمل على شرعنة البؤر الاستيطانية غير الشرعية وفق المفهوم الإسرائيلي والتي يزيد عددها عن أكثر من 110 بؤرة استيطانية جديدة من خلال تطبيق توصيات القاضي أدموند ليفي الذي رأى بالبؤر الاستيطانية حق شرعي وقانوني . وبشكل عام يمكن القول أن الحكومة الحالية تعتبر من أكثر الحكومات الإسرائيلية تطرفا وتشددا خاصة في المجال الفلسطيني.

 -;-
خلاصة
لم تحمل الانتخابات الإسرائيلية، ولا الحكومة التي شكلت على إثرها أي جديد بالنسبة للفلسطينيين. بل على العكس، مكنت الإجراءات الإسرائيلية على الأرض التي فصلت الفلسطينيين عن إسرائيل بواسطة جدران، وعن المستوطنين المنتشرين في الضفة الغربية بواسطة شوارع وأنفاق، والاجراءات التي قامت بها إثر الربيع العربي بهدف تقليل الاحتكاك مع سكان الضفة الغربية خشية اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة، ما يعيد القضية الفلسطينية لواجهة الأحداث، إلى تجاهل الفلسطينيين ومطالبهم، والتعامل معهم وفق سياستان مختلفتان الأولى تتعلق بقطاع غزة وتنص على "هدوء مقابل هدوء"، وأخرى تتعلق بالضفة الغربية وتنص الانتظار أو سياسة "إجلس ولا تعمل شيئا" لحين ما تدعيه إسرائيل اتضاح الصورة الإقليمية الفارضة نفسها ليس فقط على إسرائيل، بل على كل المنطقة. معطية أولوية لما تسميه إسرائيل بالتهديد النووي الإيراني الذي يهددها بالخطر.
وما يجري على الأرض من استمرار بناء المستوطنات وتعزيزها في مختلف أنحاء الضفة، يلغي إلى الأبد حل دولتين لشعبين. ويخلق واقعا جديدا يفرض على القيادة الفلسطينية تبني سياسة ونهجا غير المتبعان حاليا. وفي الوقت الحاضر، وحتى المستقبل القريب، فإن أقصى ما تستطيع إسرائيل تقديمه للفلسطينيين هو مجموعة من بوادر حسن النية تركز فيها على الافراج عن أسرى تم اعتقالهم قبل التوقيع على اتفاقيات أوسلو وضخ أموال الضرائب الفلسطينية التي تجبيها إسرائيل عبر موانئها بطريقة سلسة "وتجميد صامت لبناء المستوطنات" باستثناء البناء في القدس والكتل الاستيطانية الكبيرة التي البالغ عددها سبعة، وربما إخلاء بعض المستوطنات المنعزلة بهدف إحكام السيطرة على الفلسطينين. مقابل التزام الفلسطينيين بعد التوجه لخطوات أحادية الجانب مثل التوجه للأمم المتحدة للحصول على مكانة دولة كاملة العضوية، أو التوجه لمحكمة العدل الدولية، والعودة لطاولة المفاوضات التي لن يجنى منها الفلسطينيين سوى المساعدة في رفع العزلة الدولية المتزايدة لإسرائيل، خاصة في أوروبا والولايات المتحدة.
ونتيجة للسياسات الإسرائيلية على الأرض الرافضة لأي حلول سلمية، مطلوب من الفلسطينيين اليوم :تبني سياسة جديدة تأخذ بعين الاعتبار العامل الديموغرافي الذي يميل بكل تأكيد لصالح الفلسطينيين في كل فلسطين التاريخية. وفي السياق المذكور لن يكون طرح خيار الدولة الواحدة غريبا ولا جديدا على الساحة السياسية الفلسطينية، أو العودة إلى الصراع من نقطة الصفر والمطالبة بإعادة تقسيم فلسطين من جديد اعتمادا على المعطيات الديمغرافية التي تحاول إسرائيل تجاهلها بشدة من خلال التقسيمات التي فرضتها على الفلسطينيين خلال العقود الستة الماضية.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن