روتشيلد وفكرة الحرية

صالح برو

2013 / 7 / 26






عندما تكون الجماهير عمياء، وعديمة التفكير، وسريعة الانفعال سرعانما تقع تحت رحمة أيّ تحريض من أي طرف كان، خصوصاً إذا كانت المسألة متعلقة بفكرة الحرية السياسية، فكل ما يقتضيه الوصول إلى السلطان السياسي هو أن يبشر شخص ما أو جماعة تابعين خفية للمؤامرة بالتحرر السياسي بين الجماهير، وحين تعم هذه الفكرة بشكل بديل في البلاد التي يسيطر عليها الطابع الديني، تقبل الجماهير بالتنازلات عن امتيازاتها وحقوقها التي منحتها إياها الأنظمة الشرعية دفاعاً عن هذه الفكرة المجهولة، كما حدث في الماضي بحق الأنظمة الشرعية.

وفي اللحظة التي تسيطر فيها الجماهير على حريتها تنقلب هذه الحرية حالاً إلى فوضى حسب القاعدة الروتشيلدية، والتي بقيت مسيطرة في العالم أكثر من ثلاثة قرون، لذلك تمكنت سلطة الذهب المتخمة في القرون الماضية بالتغلب على سلطة الحكام الأحرار السابقين الذين كانوا يلتزمون بالشرائع والحقوق ،ولا يقبلون بالكذب على الجماهير ، ولا يعاقبون خصومهم إلا إذا ثبتت جرائمهم ، ووضعت بدلاً منهم حكاماً عملاء، ككلاب حراسة، لحماية حدودهم، و روجوا بينهم قاعدة مفادها : " من يريد الوصول إلى دفة الحكم من خلالنا عليه أن يلجأ إلى الدسائس والخداع والتلفيق، لأن الفضائل الاجتماعية كالصدق ،والاستقامة، ليست سوى عيوب كبرى في السياسة ".
وبعد أن أصبح هؤلاء الحكام، وأنظمتهم عبارة عن أحجار شطرنج في أيدي القوى الخفية التي تحكم العالم صار معظم الناس يميلون إلى الشر أكثر من ميلهم إلى الخير نتيجة المناخ النفسي التي صنعته تلك الأنظمة بحق شعوبها، بمعنى أنه كان من غير الممكن تنفيذ تلك المؤامرات، والوصول إلى النتائج المرجوة التي كانت ترغبها القوى الخفية لولا وجود تلك الأنظمة التي تحكم شرق آسيا المبنية على التواطؤ، والإرهاب، والعنف ضدّ الإنسانية وضدّ الدين.

وتبعاً لذلك انطلقت فكرة الحرية السياسية بين الجماهير والتي أسسها أمشيل موسى باروا المعروف بروتشيلد عام 1773 ،عندما عقد مؤتمراً لتأسيس احتكار عالمي، يضم إجماع سلطانهم المالي، وإمكانات كل منهم، وقد بيَّن ذلك الاجتماع الدور الذي سيلعبه أسياد المال في وضع الحلول لكيفية خلق الثورات في العالم بدءاً من الثورة الإنكليزية، ومروراً بالثورة الفرنسية، والإسبانية، علماً أن الحرية السياسية ليست سوى فكرة، فهي ليست أمراً واقعياً، ولا يمكن أن يصبح أمراً واقعياً,كما بيَّنها وأسسها روتشيلد، في حين أن هذه الفكرة روجت في العالم بطريقة مغايرة بين الشعوب من خلال جملة من المفكرين كجان جاك روسوا وآخرين.

والحرية التي جاءت بديلاً عن الدين لم تكن سوى مؤامرة، تم من خلالها تحريف الدين بشرائع غير صحيحة، واجتهادات فقهية من معاهد، وكليات، وجامعات إسلامية غير نظيفة تديرها أيدي خفية من خلال جملة من العلماء الشكلانيين المدعيين باسم الإسلام، إضافة إلى عملائهم الذين نفذوا عمليات تخريبية في أراضيهم برغبة منهم كمفتاح لمكافحة الإرهاب في بلادنا نتيجة وجود قواعدهم في أراضي المسلمين سابقاً، وبدعم منهم ومن عملائهم الحكام الذين انقلبوا عليهم فيما بعد، إلى أن صار الإسلام شبحاً في نظر الكثيرين ليصير الأمر لدرجة أن تخلوا عن الإسلام بل وهاجموه بوسائل عديدة ونادوا بالعلمانية والحرية.
و الحرية التي اجتاحت المنطقة قبل سنوات تحت تسمية عصر الحداثة اقتصرت على انتقاء نساء يعملن في أمكنة اللهو والفجور والدعارة المشروطة ببيع المخدرات، لكي يرتادها الشباب والرجال. حيث أصبحت الحرية المستوردة من قبل هؤلاء ميداناً للفساد، ومتعة مترفة، إضافة إلى ثقافة الرشوة في ميادين العمل، والقفز فوق القانون بحيث أن كل شيء بات يستغل في سبيل الهدف النهائي لدمار الإنسانية، ولا خوف عندهم من تحقق الحرية السياسية مادام أنها ليست سوى فكرة، ولا يمكن أن تصبح أمراً واقعاً.
وبما أن المجتمع ماكان ليجيد التعامل مع الحرية باعتدال، بدأ المتآمرون باستغلال فكرة الحرية السياسية بين الناس كي يثيروا النزاع داخل المجتمع الواحد، والحقيقة أنه لم ينتصر أحد سوى أصحاب رأس المال وعملائهم الأوفياء آنذاك، لأن قاعدة كل حاكم ديكتاتوري هي " لا يستطيع أيّ حاكم التحكم في الجماهير وتسييرها حسب مشيئته إلا إذا كان طاغية " فالطغيان المطلق حسب عقيدة كل طاغية هو السبيل الوحيد لبناء الحضارة السوداء التي يريدونها.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن