انتصار ثورى كبير ومهام قادمة

الحزب الاشتراكي المصري

2013 / 7 / 5

هنيئا لشعبنا انتصاره الباهر فى الإطاحة بحكم الإخوان الرجعى الاستبدادى العنصرى. لقد أثبت شعبنا أنه صاحب ثورة عظيمة مستمرة طوال ثلاثين شهرا تتطور وتكتسب مزيدا من الوعى والشجاعة والتنظيم والقدرة على تحديد الأهداف الرئيسية فى كل مرحلة، فخرج بعشرات الملايين وأطاح بسلطة الإخوان فى سابقة تاريخية ستظل علامة تدرس فى تاريخ نضال الشعوب.
لقد أثبتت تلك المرحلة من الثورة صحة تقديرنا من ثلاث زوايا:
أولا: صحة المراهنة على شعبنا وعلى استمرار ثورته، فالثورة فعل شعبى واسع واستعداد للتضحية من أجل أهدافه، وهو ما ظل مستمرا حتى لو انخفضت وتيرة التظاهر أحيانا.
ثانيا: صحة تقديرنا فى أهمية المحافظة على أوسع جبهة مدنية ضد الإخوان فى نفس الوقت المحافظة على جبهة للقوى الاشتراكية تمثل قلب الجبهة الأوسع ودافعها لعدم التخاذل.
ثالثا: صحة تقديرنا الذى أعلناه فى أعقاب الإعلان الدستورى من أن فشل الإخوان فى تجميع الحد الأدنى من قطاعات الطبقة السائدة إلى جانبه، واصطدامه بها من أجل مخططه فى الأخونة، وعدائه مع قطاعاتها الأساسية فخسرها جميعا، بدءا من القضاء والإعلام الرسمى والمستقل، وانتهاء ببيروقراطية الوزارات، مرورا بالجيش والداخلية. وبخسارة تلك القطاعات اكتسب الإخوان عداء كل جماهير الثورة وقطاعات طبقته، وبهذا خسروا استراتيجيا معركة احتفاظهم بالسلطة وأصبحت مسألة القضاء على هذا النظام محسومة.
وقلنا عندما اتضحت نذر المواجهة الأخيرة أنه ليس أمام الإخوان سوى خيارين: إما التراجع أمام القوى المعادية الساحقة والقبول بخسارة سلطة رئاسة الجمهورية فى مقابل احتفاظهم باستمرارية الحزب والجماعة (وهو حبل الإنقاذ الذى وعدهم به أنصار النظام القديم فى حال تخليهم الطوعى عن السلطة)، وإما خيار شمشون بالمواجهة مع تلك القوى جميعها واللجوء للعنف بما سيستتبعه بالضرورة من أن يعقب هزيمتهم حل الجماعة والميليشيات وتجريم الأحزاب التى ارتبطت بتلك الأساليب الفاشية المعادية للديمقراطية. والواقع أن سلوك الإخوان الفعلى قد أثبت ترددهم وضعف ذكائهم فى إدراك المأزق الاستراتيجى الذى أوقعوا أنفسهم فيه، فجمعوا عناصر من كلا التكتيكين المواجهة والتنازلات. فلم يلجأوا إلى معركة فاصلة مبكرة بكل أسلحتهم، وبالقطع لم يستسلموا مباشرة، ولكن اجتازوا عددا من الاشتباكات والقتال كلف شعبنا نحو 50 شهيدا ومئات كثيرة من الجرحى خلال الأيام الأخيرة. لقد دق هذا المسمار الأخير فى نعشهم وأثبت أهمية عدم ترك مساحة لهم على ساحة الديمقراطية.
ولقد راهنت أمريكا على الإخوان الذين منحوها التنازلات حتى التى رفضها مبارك بالموافقة على مشروع التوطين فى سيناء، كما وافقوا على مراحل الخصخصة الكبرى بالصكوك ومشروع منطقة قناة السويس مما دفع الأمريكيين للتباكى عليهم والتهديد بقطع المعونة، وليتهم يفعلون.
وما يهمنا هنا هو المستقبل. رغم بقايا متوقعة لمقاومة جيوب من التيارات الإسلامية بالذات التيارات الجهادية المقاتلة فى سيناء ومطروح والصعيد، واستهداف بعض الأهداف الضعيفة غير المحمية كما اتضح من هجومهم على كنائس وعلى أقسام نائية صغيرة، إلا أن مستوى الهزيمة الساحق يجعل همنا الرئيسى منصبا على اللحظة التاريخية القادمة الحاسمة فى صنع مستقبل الثورة.
أهم ما فى المستقبل أنه لا مجال للتسويف وتأجيل الإجراءات الثورية إلى ما بعد انتخابات مجلس الشعب والرئاسة، فالثورات تعرف بإجراءاتها التنفيذية الفورية لرد حقوق الطبقات التى كافحت من أجل حقوقها. والإجراءات الفورية التى يجب أن تشرعها الحكومة الانتقالية فورا هى إقرار حق الشعب فى العدالة الاجتماعية من خلال إقرار حق أدنى وأقصى للأجور، وإقرار الضرائب التصاعدية، وإقرار موازنة عادلة للخدمات الأساسية فى الصحة والتعليم. كما يجب فورا إقرار حق الشعب فى الحرية من خلال الإقرار بمبدأ حرية الاجتماع والتظاهر السلمى والإضراب، وكذلك بحق إنشاء الأحزاب بمجرد الإخطار بشرط التزامها بالبعد عن السرية وعن تشكيل ميليشيات عسكرية وشبه عسكرية والالتزام بالشفافية وإعلان مصادر التمويل وأوجه الإنفاق ورفض قيام أحزاب على أساس دينى تحرض ضد طوائف الوطن. وبالمثل إقرار قانون الحريات النقابية وحرية تشكيل الجمعيات الأهلية فى ظل نفس الشروط دون وصاية إدارية مع حقها فى وضع لوائحها وحرية النشاط فى حدود القانون المدنى السارى الذى يوفر الضمانات الكافية.
أما بخصوص إجراءات المرحلة الانتقالية فأهم ما فيها هو أسس الدستور. وتنتشر الدعوة لدستور يقوم بصياغته بعض فقهاء القانون الدستورى مع بعض الشخصيات العامة، وهو مفهوم مقلوب، فالأصل أن الشعب يضع دستوره الذى يعبر عن اختياراته لنظام الحكم، ثم يقوم الفقهاء الدستوريون بصياغة تلك الاختيارات. وما يهمنا هو أن نسعى لكى ننشر على أوسع نطاق أهمية وضع دستور يتضمن دولة ديمقراطية برلمانية يعد منصب رئيس الجمهورية فيها منصبا شرفيا، ويملك رئيس الوزراء معظم السلطات التنفيذية. كما يجب أن تتكون السلطة التشريعية من مجلس واحد مع رفض وجود مجلس شورى. إن مجلس الشورى يوجد فى حالة الاتحادات الفيدرالية لضمان عدالة تمثيل الولايات الصغرى، ويوجد فى الأنظمة ذات التمايز الطبقى الصارخ مثل مصر قبل الثورة لكى يضع غرفة عليا للبرلمان (مجلس الشيوخ) يضع الأكثر غنى، بينما مصر دولة مركزية موحدة وليست دولة فيدرالية، ولا مجال لتمييز الأكثر غنى فى مجلس أعلى للبرلمان. ويجب أيضا أن ينص الدستور بشكل واضح على ضمان الحقوق الاجتماعية للمواطنين فى التعليم المجانى والعلاج بتغطية الشعب كله بتأمين صحى اجتماعى، مع ضمان القوانين لكافة الضمانات الاجتماعية مثل حق العمل والتأمين ضد البطالة والشيخوخة والعجز والمرض.
إن الفرح بالانتصار يجب ألا تشغلنا عن مهامنا الكبيرة القادمة، وعاش شعبنا حرا مستقلا.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن