كيف تصبح شخصية مرموقة في فلسطين؟

توفيق أبو شومر

2013 / 6 / 7

قال لي أحدُ المثقفين الساخرين:
لماذا لا يرشحني أحدٌ لمنصبٍ رفيع، ولماذا لا أكون وزيرا أو رئيس حكومة، أحقق فيه حلمي قبل أن أموت؟!!
قلت:
سأضعُ يا صديقي مشروع دليلٍ يوضِّح لك الطريق، لكي تصبح رجلا مرموقا يُشار إليك بالبنان، ويطرق بابك عشراتُ الضيفان:
احتفظ بهالة الأبهة العظمة، ولا يعني الاحتفاظ بهذه الهالة، هي أن تظهر دوما بلباس رسمي بحلة وكرفته فقط، بل يشمل أيضا اللباس التقليدي برموزه وعباءاته، ويجب الحذر من الخروج بلباس العوام، حتى يرى الآخرون أنك مختلفٌ عنهم!!
ولكي تحتفظ بهالة العظمة والرفعة تجنب الغوغاء وارتياد الأسواق الشعبية، أي لا تختلط بعامة الناس، وقلل ظهورك في وسطهم حتى لا تُمتهن، وتصبح رجلا عاديا، فتفقد هالتك وعظمتك، وتخيَّر المجالس التي ترتادها، والندوات التي تظهر فيها، واشترط أن يكون محاوروك أعلى منك رتبةً ودرجةً وظيفية، وأقلَ منك معرفة وثقافة، حتى تهزمهم في المحاورة والنقاش، وتجنب من يتفوقون عليك في الحوار والمعرفة والثقافة!!
احذر أن تكون سياسيا محايدا، تسعى للتوفيق أو لتعزيز الثقافة والوعي ونشر المعرفة والعلوم، فإن جهودك هذه ستنزع عنك الهالة المطلوبة لكي تصبح مسؤولا كبيرا أو سياسيا مرموقا أو وزيرا أو رئيس وزراء أو رئيسا، فالحياد والموضوعية لا تحقق لك حلمك أبدا، وهي أيضا ستضر بك وتجعلك تعيش في ضائقة!! لا بد كذلك أن تنحاز إلى أكبر الطرفين المتنازعين، وتظهر تعصبك لأحدهما، بحيث يفوق تعصُّبُك لهذا الحزب أو الفصل عصبية مؤسس الحزب نفسه، فالحيادية والموضوعية ستبقيك فقيرا معدما محاصرا إلى أبد الآبدين!!
ويجب عليك دائما أن تواظب على مدح رئيس الحزب أو الفصيل في كل مجالسك، ولعل أهم من ذلك هو التصدي لمنتقدي رئيس الحزب الذي تنوي أن يكون رافعتك نحو المنصب والمنزلة العليا، ويكون التصدي للناقدين بالصوت العالي، وهو أضعف الإيمان، ولإثبات حبك وولائك للحزب ورئيسه فإن استخدام الكلمات والأصوات لا تكفي، فلا تتورع إذن عن استخدام الصفعات واللكمات، إن لم تُجدِ الشتائم والتسفيهات!!
ويمكنك اختصار الطريق باستخدام وسيلة أخرى أكثر نجاعة، وبخاصة عندما يصبح الخلاف بين الحزبين شقاقا ونزاعا لا يُرجى زوالُهُ في المستقبل القريب، وهو أن تشرع في تأليف أهازيج وأغان ومقطوعات هجائية في الحزب المنافس بلغة جرير والفرزدق، لتستدرج الحزب المنافس لاضطهادك، بأن يسجنوك ويعتقلوك ، وسيكون السجنُ والاعتقالُ والتعذيب هو الثمن السريع الفعَّال المُجرَّب الموصِّل إلى الرفعة والمنزلة العليا والمنصب الكبير الذي تنشده بخاصة في وطننا فلسطين، فلم يعد السجن عند جيش الاحتلال هو النضال!!
ولعلَّ الطريقَ سيكون قريبا جدا أمامك إذا واظبتُ على إرسالِ (رسائل خاصة) أسبوعية أو شهرية إلى رئيس حزبك تنصحه في بدايتها،وفي نهايتها تقدم له المعلومات عن الأوضاع وعن سيرة الرجال المحيطين بك، ولا تنسَ أن تبدأ رسائلك، أو (تقاريرك) بعبارات التعظيم، مثل فخامة ومعالي وجلالة وعطوفة ونيافة..... وأهم شيء يجب ألا تنسى أن تذيل الرسالة بشعار الحزب الأبدي وباسمك الخالد!!
ولأجل ذلك يوصى في هذه المرحلة تجنُّب كل الأصدقاء المعتدلين أو المفكرين العقليين، ولا يكفي تجنُّبهم، بل ينبغي تسفيههم وتشويههم أيضا، لأن كثير من الأحزاب الفلسطينية العربية تقيس الرجل بأصدقائه وبالمقربين منه، وربما تحكم عليه بجريرتهم، وفق قول الشاعر العربي الجاهلي طرفة بن العبد:
عن المرء لا تسل، وسل عن قرينه.... فكلُّ قرينِ بالمُقارن يقتدي!!
ويجب عليك أيضا أن تكون مستعدا وجاهزا للانتقال من حزبيتك الصارمة والتزامك بحزبك وفصيلك، إلى الحزب الآخر المنافس، عندما تدور الدوائر على حزبك، فيضعف ويندثر، ولأجل ذلك واظب على اتخاذ أصدقاء من الحزب المنافس الآخر، أي من قادة الحزب الذي اضطهدك وسجنك وعذَبك، وحاول أن تظهر لهم في جلساتك الخاصة، أنك معجبٌ بالحزب المنافس، وأنك مستعدٌ أولا للقيام بدور الوسيط بين الحزبين، وأن تُبرز لهم ثانيا في جلساتك السرية، أنك من أكبر منتقدي رجالات حزبك، الذي منحك الرفعة والمنزلة، وأن تُسفِّه آراء رئيسك الذي اختارك لتحظى بالرفعة والمنزلة، لأن أصدقاءك من الحزب المنافس سيقدمون لك التسهيلات وسيخدمونك، فربما حصلتَ مرة أخرى على منصبٍ سامٍ في الحزب الآخر!
فهل تستطيع؟!!



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن