من المسئول عن وأد الثورة؟

اسلام احمد
hi_eslam@yahoo.com

2013 / 3 / 5

شاهدت رسم كاريكاتير للفنان العبقري عمرو عكاشة عبارة عن رجل يطالع صفحة الوفيات فإذا به يجد خبر وفاة ثورة 25 يناير , في إشارة لعدم تحقيق أهدافها , فهل يعقل أن بعد عامين من قيام الثورة لم تتحقق أهدافها بعد في الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية؟! , بل ربما حدث العكس فمشهد المواطن المسحول وفضائح تعذيب النشطاء في معسكرات الأمن المركزي فضلا عن الفجوة الكبيرة التي تتسع يوما بعد يوم بين الأغنياء والفقراء كلها تؤكد أننا نعود الى الخلف عوض التقدم إلى الأمام! , والسؤال الذي يطرح نفسه من المسئول عن وأد الثورة؟

أزعم أن كل الأطراف قد ارتكبت مجموعة من الأخطاء تسببت فيما وصل إليه الحال بعد الثورة وان كان بدرجات متفاوتة , فقد أخطأ المجلس العسكري حين أدار المرحلة الانتقالية بشكل منفرد رغم عدم خبرته السياسية رافضا فكرة المجلس الرئاسي فارتكب من ثم مجموعة من الأخطاء الكارثية بدأت بتشكيل لجنة تعديل دستور 1971 ثم عرض التعديلات في استفتاء جاءت نتيجته بنعم وصولا لإصدار إعلان دستوري باهت , نص على إجراء الانتخابات أولا قبل وضع الدستور , ولأنه لا يصح وضع العربة أمام الحصان فقد حدث فراغ دستوري كبير إذ ظلت البلاد طيلة سنتين هي مدة المرحلة الانتقالية بدون دستور!

كما أخطأ المجلس الأعلى للقوات المسلحة حين تصور أن بإمكانه اقتسام السلطة مع جماعة الإخوان مستخدما في سعيه إلى ذلك المحكمة الدستورية العليا كأداة فانتهت المعركة بهزيمته وخروجه من المشهد بشكل مهين بعد أن أساء إلى المؤسسة العسكرية المصرية بشكل لم يحدث من قبل

بيد أن الخطأ الأكبر للمجلس العسكري في تقديري تمثل في تعامله مع الثورة باعتبارها حركة إصلاحية لا تغيير جذري في بنية النظام القديم وبالتالي فقد حرص على الحفاظ على النظام السابق قدر الإمكان بدلا من إسقاطه بالكامل

بينما أخطأت جماعة الإخوان المسلمين ومعها بقية فصائل التيار الإسلامي حين تعجلت الوصول إلى السلطة بعد طول معاناة في ظل العصر السابق مستغلة الفراغ السياسي الكبير الذي خلفه مبارك , بينما هي في الحقيقة غير مستعدة ولا مؤهلة لقيادة دولة بحجم مصر , فقد اتضح الآن بما لا يدع مجال للشك أن خيار (الانتخابات أولا) الذي رفعه الإسلاميون إنما كان الهدف منه تعجل الجماعة ومعها بقية تيار الإسلام السياسي لاقتناص السلطة ومن هنا جاء قرار جماعة الإخوان بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية خلافا لتعهدها السابق بعدم المشاركة فيها!

وعندما وصل الرئيس محمد مرسي إلى سدة الحكم انشغل بتمكين جماعة الإخوان من السيطرة على الدولة بدلا من أن يقوم بتحقيق أهداف الثورة كما وعد إبان حملته الرئاسية , فأصدر إعلان دستوري حصن بموجبه مجلس الشورى والجمعية التأسيسية ذوي الأغلبية الاخوانية والمشكوك في شرعيتهما , الأمر الذي تسبب في حالة من الفوضى وعدم الاستقرار لم يحل صدور الدستور دون استمرارها بل ساهم في تفاقم الأزمة!

أما القوى المدنية وشباب الثورة فقد وقعت بدورها في أخطاء كارثية إذ أصرت على إسقاط دستور 1971 المدني والبدء من نقطة الصفر فضلا عن أنها فشلت في توحيد نفسها في حزب واحد تواجه به التيار الإسلامي المتحد , كما فشلت في الاتفاق على مرشح رئاسي واحد تشارك به في الانتخابات الرئاسية بعد أن رفض حمدين صباحي وأبو الفتوح أن يتنازل أحدهما للآخر فكانت النتيجة وصول مرشح الإخوان إلى سدة الحكم!

وبينما نجح الإسلاميون في تحقيق مبتغاهم حتى الآن بامتياز فقد أكتفت القوى المدنية بالرفض والاحتجاج وإثارة الفوضى متصورة أنها بذلك يمكنها إسقاط النظام دون تقديم أي بديل حقيقي برغم أنه أتيحت لها الفرصة لذلك فقد كان بوسع القوى المدنية أن تقوم بتشكيل جمعية تأسيسية موازية من فقهاء القانون والدستور تقوم بصياغة دستور يليق بمصر تواجه به دستور الإخوان ولكنها لم تفعل!

باختصار المسئول عن وأد الثورة هو المجلس العسكري بجانب الإخوان والسلفيين في المقام الأول بالإضافة إلى القوى المدنية وشباب الثورة في المقام الثاني , فهل يتعلم الجميع من أخطائه؟



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن