رسالة إلى الشهيد شكري بلعيد

رفيق عبد الكريم الخطابي
malakti.ml@gmail.com

2013 / 2 / 11

من يستطيع ان يواجه الظلامي بحقيقته غيرك ياشهيد الكلمة الصادقة
من يستطيع ان يقول للقاتل أنه قاتل ومجرم غير مناضل مبدئي مثلك يا شهيد الموقف
من يستطيع فضح المتأسلم والعميل للامبريالية والصهيونية والرجعيات العربية غير مناضل من طينتك يا شهيد العمال والكادحين
من يستطيع أن يتجرد من كل كلام الصالونات الفارغ والديبلوماسية الكادبة والاحترام الزائف لأعداء شعوبنا غيرك يا بطل
من يستطيع ان يقول للعميل أنه عميل وللقاتل أنه قاتل مجرم وللمتأسلم انه مأجور وعدو للشعوب غيرك، يا من ضحى بدمه وطلق كل الحسابات التكتيكية الانتهازية وكل مصلحة داتية
من غير الشهداء يلهموننا الشجاعة ويرضعوننا الإقدام ويعلموننا الصدق في الموقف والثبات في الموقع والمبدئية في الممارسة، في زمن لعق الأحدية والتحالفات المشبوهة مع القتلة المتأسلمين، غيرك يا شهيد
من رفاقك يا شهيد، يا شكري يا بلعيد ؟ أهم الدين مشوا في جنازتك أو من تقدموا صفوف المعزين أم هم السائرون على دربك في فضح ومواجهة الاجرام الظلامي المتأسلم؟
هل من انتدبهم حزب النهج الديمقراطي الانتهازي بالمغرب لحضور مراسيم العزاء هم رفاق لك؟ وهم من صفق وتحالف وعانق وهادن المتأسلمين القتلة في المغرب وساهم في إجهاض الانتفاضة المجيدة ل20 فبراير الخالدة؟ .
كيف تمتد نفس اليد التي صافحت المجرمين القتلة بالمغرب لكي تعزي ضحايا نفس المجرمين في تونس؟
شكرا لك رفيقنا بلعيد فقد فضحت في حياتك أنظمة الاستغلال وفضحت وواجهت ببطولة القتلة المتأسلمين وفضحت باستشهادك كل هؤلاء ومعهم من تحالف مع القتلة...ولن ننسى
لن ننسى دماء الشهداء
لن ننسى القتلة المتأسلمين
لن ننسى المتآمرين والانتهازيين ممن تحالف مع القتلة المجرمين
شكرا لك يا شهيد...
شكرا لأنك قدمت حياتك ثمنا لقناعاتك وقربانا لتقدم أوطاننا وتحرر شعوبنا..ولأنك جددت بوصلتنا وصنتها من الصدأ والشيخوخة المزمنة التي أصابت بعض شبابنا قبل شيوخنا من سدنة المعبد السياسي الانتهازي...
لقد سبق أن قلنا ان سلاح التصفية الجسدية هو سلاح الضعفاء والمفلسين في الفكر قبل السياسة...قتلوك لأنك ازعجتهم...قتلوك لأنهم لا يقرؤون التاريخ ...قتلوك لأنك صلب المبدأ والقناعة وهم تجار دين لا يعرفون المبادئ ولا القناعات، لأنك تنظر بعين المناضل إلى وضع شعب تواق للحرية وهم لا ينظرون إلا إلى ارصدة وحسابات في البنوك...أنت تتحسس عقلك ومبادئك وهم يتحسسون جيوبهم ...شتان شتان بين الشهيد وفكر الشهيد وسلاحه (القلم والصوت والقناعة) وبين القاتل وسلاح المجرم(كلاشينكوف، كاتم الصوت، عمامة، زبيبة في الجبهة..).


لقد سبق وكتبنا أن مفهوم الشهادة هو الوجه الآخر لممارسة القمع الرجعي الهمجي ضد ذات المناضل، حين تعجز أجهزة القمع الإيديولوجية من إعلام مرئي ومسموع وبرامج تعليمية ورجال دين وأسرة وغيرها من أجهزة الضبط والمسكنات ،عن لجم حركية الصراع الطبقي الدائرة رحاه بين من ينهب الأرض والبحر ويسرق العرق والخيرات وبين "عبيد العصر " منتجي الثروة، لقد أثبت باستشهادك أن مساجدهم عجزت، وان عقاقير منع التفكير المسماة كتب صفراء بتمويل سعودي عجزت، وأن تهديداتهم عجزت عن إخافة المناضلين رفاقك،ومدارسهم ورشاويهم عجزت في تمويه الاستغلال،وعصاباتهم عجزت.. فمادا بقي للمجرمين غير رصاصات القتل الجبانة...هم الخائفون هم المتاجرون هم المجرمون...وصوتك وفكرك وسيرتك ستطاردهم أبدا.. لقد عجزت أجهزة القمع المباشر الأخرى، في محاولة أخيرة للجم وضبط أو الحد من ذلك الصراع كي لا يتطور من مستواه الاقتصادي أو الإيديولوجي إلى المستوى السياسي الذي تصبح فيه سلطة الدولة، كأداة للسيطرة الطبقية بيد الطبقات السائدة، محل صراع مباشر . لهذا تلتجئ الدولة إلى قمع كل حركة احتجاجية قد تهدد استمرارية عملية الاستغلال هاته، عبر الاعتقال أو النفي أو الاغتيال ..ويبقى الهدف من وراء كل هذه الأشكال القمعية هو فصل جسد أو ذات المناضل عن مجال اشتغاله كي لا يساهم بدوره في تأطير وتوجيه نضالات الجماهير الساعية إلى كسر عملية الاستغلال الطبقي، وبالتالي القضاء على شكل الدولة الحامية لمصالح البرجوازية والمنتفعين إلى شكل آخر للدولة ، دولة في خدمة مصالح تلك الجماهير ذاتها. وفي هذا السياق تأتي الشهادة كضريبة من جانب المناضل وكأحد أكبر وأنصع تجليات التضحية من طرف من توحد بقضايا شعبه ومطالبه وساهم باستشهاده في خلق التراكمات النضالية اللازمة لأي عملية تغييرية، وهو من الجهة الأخرى من وجهة نظر القاتل المستغل إيقاف لحياة أحد الأفراد "المناضلين" المزعجين أو الرافضين أو الخارجين عن القانون أو المهددين لاستمراره ووجوده ككيان مستغل..فبالنسبة لهذا الفكر الممارس للقتل ، فإن كل حركة أو فعل احتجاج هما نتيجة لفعل شخص أو مجموعة أشخاص يكفي استئصالها /إبعادها عبر السجن أو المنفى أو الاغتيال حتى يقضي على تلك الحركة أو ذاك الاحتجاج ، لأنه لا يمكن أن يرى أن ذاك الفعل الاحتجاجي أو الصراع هو نتيجة وجوده أصلا ، أي لوجود عملية الاستغلال ، وإلا كانت النتيجة قتل أو القضاء على عملية الاستغلال تلك بدل قتل جسد المناضل .
بهذا المعنى، وكما سبق أن كتبنا، يتحول موت الشهيد شكري بلعيد وعبره كل الشهداء ممن سبقوه، أو ممن ينتظرون الشهادة، من موت مجاني إلى حياة دائمة ، إن الشهيد لا يتوقف عطاؤه بفعل الموت بل يخلد كفكر وكممارسة راقية للتضحية في قلب وضمير شعبه ورفاقه ، وبالتالي فإن استحضار مفهوم الشهادة هو مجال صراع بين من يحاول إفناء المناضل عبر قتل الجسد وإلغاء التجربة أو القضية، وبين من يستحضر الشهيد فكرا وقضية وأسباب استشهاد وجزءا من تضحيات وتاريخ نضال شعب بكامله، شعب يأبى التركيع والإذلال.. وهذا واجب المناضلين الذين أقسموا على السير على درب الشهيد. بهدا المعنى، وبكل معاني الوفاء للشهداء والقسم على السير في خطاهم، وبمعاني العدالة والنيل والقصاص من المجرمين القتلة المتأسلمين، لن ننسى شهداءنا في تونس كما المغرب، في مصر وميدانها الشامخ كما في كل ميادين الصراع الطبقي عبر المعمور المناضلة من أجل مجتمع ينعدم فيه استغلال الانسان للانسان.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن