دور التقنية في صناعة الصورة المسرحية

هاني أبو الحسن سلام
hany_aboul_hassan@yahoo.com

2013 / 1 / 27


دور التقنية
في صنع جماليات الصورة المسرحية

د. هاني أبو الحسن

لأن التقنية وليدة الخبرة التراكمية المتخصصة عبر ممارسات مرحلية تمتد بامتداد عمر الفنان وقدراته الذاتية المشتبكة في حوارية فكرية وفنية
اشتباكا موضوعيا قابلا للتأثر والتأثير مع محيطه الفني المعاصر الذي تمتد جذوره في تربة هويته الثقافية دون أن تنغلق أمام مستجدات العطاء المعرفي والإبداعي المتوالدة يوما بعد يوم. وهي عملية بناء معرفي وفني للخبرة ارتكازا على توافر عدد من العناصر التي تشكل مادة بناء الخبرة ؛ ومنها :
• توفر الصدق الفني
• الشعور بجدة عمله وأصالته
• موقفه من الإبداع المسرحي بعام

• ما يتطلبه النص الذي بين يديه

• كفاءته في التعبير عن رؤيته وموقفه من موضوع النص

• قدرته على إقناع معاونيه من المصممين المبدعين في تبني رؤيته.

• موقفه والتزاماته أمام مجتمعه

• توفير إدارة الإنتاج لمتطلبات العرض تبعا لرؤيته الإخراجية

• قدرة العرض على أن يتنفس بأحاسيس متفرجيه.
تقنيات صناعة الصورة المسرحية

لا شك أن المخرج المسرحي منوط باكتشاف معنى النص وتجسيده عن طريق الوصول لمعادل فني لموضوع النص المسرحي ؛ معادل قائم على براعة توظيف المخرج لطاقات التمثيل المجسد للأدوار المسرحية في تحاورها مع توظيفه الدرامي والجمالي لعناصر العرض ؛ من أجل تفعيلهما معا لتجسيد المعادل الموضوعي للنص المسرحي من منظور رؤيته الإخراجية

وسواء اكتشف المخرج معنى النص عن طريق ترجمة دلالاته الجزئية أو عن طريق تفسيره لتلك الدلالات وصولا إلى تحليل المعنى أو الدلالة العامة أو وصولا إلى تفكيك ذلك المعنى ونقض نسقه الدرامي ، فإن علامات البناء الدرامي للنص هي وسيلته الفاعلة في تجسيد ذلك ؛ باعتبارها أدوات الاتصال اللغوي، الظاهر منها والمستتر ؛ الكلامي منها وغير الكلامي
على ما تقدم ؛ فإن تفعيل حرفية الإبداع في صناعة عرض مسرحي منوطة بقدرة المخرج على تحفيز ملكات المبدعين المشاركين معه في صناعة العرض المسرحي وحضهم على تفعيل طاقات كل منهم الحرفية ؛ وقدرته على نظم إبداعاتهم المتخصصة في منظومة إيقاعية عامة تؤثر جماليا فتمتع وتؤثر دراميا فتقنع . ومن تقنيات فن الإخراج في اتجاه الإقناع المؤثر عن طريق الإمتاع

مثال للارتباك الإبداعي في فن المخرج:
في إخراج المخرج جلال الشرقاوي لمسرحية الزلزال .. حيث أخرجها بأسلوب طبيعي ولما وقع الزلزال والبيت حيطانه تهدمت كان فيه نجفة في سقف الحجرة لم تهتز وهذا غير منطقي لأن الزلزال تأثيره يكون في البداية في السقف فلما النجفة لم تهتز وفيه زلزال يصبح هناك ارتباك في أسلوب المخرج.
والارتباك في فن الممثل يتمثل في خروج ممثل على نص الحوار مع عدم قدرة زميله أو زميلته الممثلة في المشهد نفسه على مجاراته والتقاط خيط الموضوع الذي خرج به على النص والتواصل معه مما يربكها ويربك تدفق الأداء الممتع والمقنع
نص المونولوج
أولا : مرحلة تقطيع الأدائي لنص الحوار

" ليدي ماكبث: لقينني يوم النجاح// وقد علمت وفق أتمّ الاستفسار/أن لديهن ما يربو على معرفة البشر// وعندما تحرّقت لسؤالهن المزيد/ حوّلن أنفسهن إلى هواء// تلاشين // تلاشين فيه// وفيما أنا واقف مشدوها بتعجبي/ جاء رسل من الملك// حيّوني بـ " يا أمير كودور " // وهو اللقب الذي حييّنني به من قبل ذلك أخوات القدر/ وأحلنني على الزمن الآتي/ بـ " سلاما / يا من ستكون ملكا //
هذا ما استنسبت إعلامك به/ يا أعز رفيقة لي في العظمة/ لئلا يضيع نصيبك من الفرح/ إن أنت بقيت تجهلين العظمة/ التي أنت موعودة بها // ضمّيه إلى قلبك ووداعا //
مشهد ليدي ماكبث بإخراج طبيعي وفق ستانسلافسكي
1. في غرفة نومها تلقي فقرة من الخطاب وهي جاكتته الحربية وهي تتراقص بها أمام المرآة مرة .. وتتقلب على السرير وبيدها الخطاب لتقرأ فقرة منه ثم تقف أمام المرآة وبيدها برواز صورته وتتراقص بها وهكذا لا شيء غير ذلك من حيث الحركة .. وقد تتغني بمقطع يا أعز رفيقة لي في العظمة وهي تدور بصورته وهي تحتضنها وتردد في العظمة وتحتضن صورته وتنام بها وهي على صدرها نائمة على ظهرها وتغني باإلقاء موقع ضميه إلى قلبك .. إلى قلبك ثم تقف باعتزاز أمام المرآة حيوني ياأمير كودر. وحتى يصبح الأداء طبيعيا فيكون من الطبيعي أن يدور الكلام المقروء في ذهن الممثلة ( ليدي ماكبث) وهو ما يلزم بأن يكون أداء المونولوج مسجلا باعتبارها تقرأ لنفسها خطابا خاصا وصلها من زوجها ؛ لأن من يقرأ لنفسه ليس في حاجة إلى القراءة بصوتها – ومن ناحية ثانية – هناك ضرورة فنية تخص المتلقي ؛ وهي ضرورة أن يصلها ما قرأته الليدي ماكبث ؛ وهنا تأتي ضرورة تسجيل مونولوجها وإذاعته متزامنا مع تعبيرها الحركي الذي رسمه المخرج للموقف.

وهنا نكون أمام ضرورة تقنية أداء تمثيلي هو بمثابة المؤثر الإذاعي : فمع أن مناهج فن التمثيل وأساليب كل منها معلومة ولكل منها مرجعية نظرية قد تكون نفسية تجسيدية وقد تكون إطارية تشخيصية تركز على الصفات الخارجية في الأداء التمثيلي ، ومع أن للتمثيل التراجيدي تقنياته التي تتفاوت تبعا لمهارات ممثل عن ممثل آخر يقوم بتمثيل الشخصية نفسها ، وعلى الرغم من اختلاف مهارات التمثيل الكوميدي عن مهارات التمثيل التراجيدي ؛ إلا أن هناك اختلاف في تقنية الأداء التمثيلي على الشاشة عنها على خشبة المسرح ؛ لآن الممثل المسرحي يعيش حالة حضور مع جمهور حاضر في مواجهة مباشرة مما يفرض على الممثل الاعتماد على تعبيره الصوتي /الحركي عن الشخصية التي يقوم بها ؛ بينما يعتمد التمثيل على الشاشة على الكاميرا وجهاز العرض وسيطا بين الممثل والجمهور؛ وهو ما يفرض عليه مراعاة حساسية الميكرفون الذي يكبر صوت الممثل أضعاف نبره الصوتي الطبيعي ؛ فضلا على المبالغة التي يتطلبها الأداء على المسرح ولاتطلبها الأداء التمثيلي في فنون الشاشة. "

وفي حالة تجسيد رؤية إخراج هذا المشهد وفق أسلوب إخراجه رومنتيكيا؛ تكون ضرورة توظيف مقاطع مصورة لماكبث في المعارك الحربية متزامنة مع مقاطع من صوته الذي تتخيله ليدي ماكبث وهي تقرأ خطابه لها وهنا يأتي دور المؤثرات الصوتية للمعارك كحلفية لصوته المتخيل منها في جلسته بداخل الخيمة ليكتب لها الرسالة ؛ وذلك مع مصاحبة موسيقىة ولقطات متفرقة تستعرض المكان بما يناسب من مؤثرات الإضاءة وحيل التنكر وفنون تصوير المعارك الحربية بوصفهاعناصر مساندة في تأكيد معاني الحوار في التعبير الصوتي؛ ذلك أن وظيفة الحوار في السينما مساندة الصورة فى تأكيد معاني التعبير البصري بالصورة.

نص المونولوج:

أولا : مرحلة تقطيع الأدائي لنص الحوار (1)
ماكبث: لقينني يوم النجاح// (2) وقد علمت وفق أتمّ الاستفسار/أن لديهن ما يربو على معرفة البشر// (3) وعندما تحرّقت لسؤالهن المزيد/ حوّلـن أنفسهن إلى هواء// تلاشين // تلاشين فيه// (4) وفيما أنا واقف مشدوها بتعجبي/ جاء رسل من الملك// (5) حيّوني بـ " يا أمير كودور " // (6) وهو اللقب الذي حييّنني به من قبل ذلك أخوات القدر/ وأحلنني على الزمن الآتي/ بـ " سلاما / (7) يا من ستكووووووووووونملكا (8)

(9) هذا ما استنسبت إعلامك به/ يا أعز رفيقة لي في العظمة/ (10) لئلا يضيع نصيبك من الفرح/ (11) إن أنت بقيت تجهلين العظمة/ التي أنت موعودة بها// (12) ضمّيه إلى قلبك// ووداعا // "

:mice in scene مشهد ليدي ماكبث
المنظر : يدور المشهد في غرفة نومها:
(1) تترنم بمقطع من الخطاب وهي تحتضن جاكيت ماكبث الحربي :
(سلاما .. سلاما .. سلاما .... سلاما ستكون ملكا .. ستكون ملكا .. ملكا )
وهي تدور برقصتها أمام المرآة بجاكيت ماكبث إلى أن ترتمي بجسدها كله على السرير ؛ تتمرغ بالجاكيت في حضنه
(2) تعتدل جالسة على حافة السرير وتلقي بفقرة من الخطاب
(3) تقبل الرسالة وتضمها إلى صدرها وتتقلب على السرير .. تقرأ فقرة منه
(4) تقف تصبح أمام المرآة تتأمل صورته على منضدة المرآة
(5) تمسك بين يديها برواز صورته وتتراقص بها أمام المرآة.
(6) تتحرك محتضنة البرواز ذهابا وإيابا أمام المرآة
(7) تعود لتتغني بمقطع يامن ستكوووووووون ... ملكا وعندها ترفع الصورة إلى أعلى رأسها
(8) تجلس أمام السراحة على الكرسي وتضع البرواز في مكانه
(9) تحملق في المرآة فتظهر لها صورة الملك دنكن في أبهة الملك ..
(10) تظهر لها صورة ماكبث بدلا من صورة الملك وهو يقول بصوته الذي تتخيله " يا أعز رفيقة لي في العظمة "
(11) تردد جملة ماكبث وهي ترى صورته المتخيلة في زي الملك دنكن " يا أعز رفيقة لي في العظمة
(12) تكرر جملة كلامه جملة جمله من بعد تخيلها لصوته والرسالة في يدها
(13) " يا أعز رفيقة لي في العظمة " وهي تدور بصورته وهي تحتضنها وتردد في العظمة وتحتضن صورته وتنام بها وهي على صدرها نائمة على ظهرها وتغني بإلقاء موقع ضميه إلى قلبك .. إلى قلبك .. ثم تقف باعتزاز أمام المرآة حيوني ياأمير كودر .. يا أعز رفيقة لي في العظمة .. حيوني .. حيوني .. يا أعز رفيقة لي في العظمة " تلقي بجسدها على السرير

( إظلام.)



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن