لماذا تفصل الدول المتقدمة الدين عن الدولة في أراضيها وتنمية في الدول البدائية المتخلفة ؟

جاسم محمد كاظم

2013 / 1 / 10

نسمع كثيرا عن فصل الدين عن الدولة وربما تثير هذه الكلمة ازدراء الكثيرين ممن لازالوا يؤمنون بالرب صانعا للمعجزات في الدول البدائية والطفليه التفكير .
وتصل الأمور إلى درجة تكفير من يطالب بهذا المطلب وتأليب القطيع غير المتمدن علية .
ويختلف مدلول هذا المفهوم عبر الحقب وسلم التطور المرهون بعوامل الإنتاج عند الدول المتقدمة منها الصناعية التي صنعت التاريخ والبدائية التي لم تشارك التاريخ أفراحه.
تعتمد كل دول اليوم على التجارة الخارجية من اجل الاستمرار بركب الحياة وعلى هذا المنوال تختلف السوق الخارجية عن مثيلاتها من السوق الداخلية.
ويزداد الوضع تعقيدا حين تحتاج الدول إلى عملة أخرى غير عملاتها المحلية من اجل ديمومة التجارة وشراء ما تحتاجه من سلع وبضائع إلى الحصول على عملة أخرى تسمى" بالعملة الصعبة " سواء أكانت دولار أم يورو .
وتعتمد القوة الشرائية لنقد الدولة على عدة عوامل بعد انهيار قاعدة الذهب ونظام قاعدة تبادل الذهب بظهور قاعدة تعويم أسعار العملات بعد نضوب مخزون الذهب أمام بعضها لتصبح القوة الشرائية للعملة تتحد بعوامل وتأثير العرض والطلب وكمية البضاعة المنتجة والمصدرة الرائجة في السوق .
ولا يمكن للدولة من الحصول على هذه العملة إلا من خلال إنتاج البضائع المصدرة وتقاس وتتحد قوة العملة وسعر صرفها بطرق منها تعادل القوة الشرائية .مؤشر فيشي ونظرية الأرصدة.
لذلك اتجهت معظم الدول نحو الصناعة وبناء المؤسسات الهائلة المنتجة للبضاعة ودمج العلم مع الصناعة وأصبحت المؤسسات الصناعية على علاقة وثيقة مع المؤسسات العلمية من اجل التحسين والوصول إلى الأفكار الإبداعية من اجل التطوير والتطوير دائما فكانت المفاهيم الصناعية الحديثة التي دخلت إلى عالم الإنتاج من اجل تقدمها ودفعها إلى الإمام .

عرّف الاقتصاديون الإبداع بأنه:-
(عملية إيجاد وتطور في كل الطرق التي تؤدي إلى إحداث تغييرات في السلعة أو الخدمة) أو هو (أداة لتنظيم العمل، وهو الذي يعطي الموارد الجيدة مع الطاقة الجديدة لتعظيم الثروة) .
أو ( بأنة تحويـل المعرفـة إلى سلع، خدمات . عمليات جديدة تتضمن أكثر من علم وتكنولوجيا إذ تشتمل على البصيرة لمقابلة حاجات الزبائن).
وأصبح أكثر الجهد الصناعي يرتكز عل أرضاء الزبون بعد اشتداد المنافسة الهائلة بين الدول الصناعية نحو الأسواق من اجل تصريف بضائعها .
ولأجل هذا الزبون قامت الدول الصناعية بشتى الوسائل من اختراق أسواقة بدئا بعملية مسح الأسواق المتشابهة إلى مسح الأسواق المختلفة .
نحو عملية مسح البيئة الثقافية والاجتماعية لمعرفة الانسجام والاختلاف بين الدول مادامت الثقافة البيئية والاجتماعية تلعب دورا في قرارات الإنتاج والتسويق.
فدرست الدول الصناعية عبر وكلائها البيئة الجغرافية . الثقافية الاجتماعية سلوك الجماعات بأديانها . طوائفها. نظرتها للعمل والوقت. خصائص تعليمها ودخلها الوطني.

يعرف عقل العالم المتمدن إن إنتاج البضاعة سواء أكانت معقدة التصنيع أم بدائية لا يحتاج إلى دين أو مذهب وملة بل إلى عملية تراكمية من المعرفة يصقلها التعليم .التدريب والتحسين المستمر ولأجل ذلك توصلت المعاهد العلمية في الدول المتقدمة إلى مناهج كاملة من التطوير وتدريب العاملين وتحسين مهاراتهم حتى وصل الأمر إلى إجراء تغييرات كاملة في الهياكل التنظيمية للمؤسسات المنتجة لأجل تقليل المسافات بين الإدارات وتراتبيات الإدارة نحو الإدارة الشاملة وحلقات الجودة والعمل .
وعلى ضوء ذلك تظهر قوانين العمل المنتج الحاكمة للمجتمع الذي تخلقه المؤسسات المنتجة .
وكلما زادت صادرات تلك الدول من البضائع كلما وصلت رفاهية المواطن إلى قمتها وتحسن نظام الخدمات المجانية وخدمات الضمان الاجتماعي.
لذلك لا يوجد مكان للمعتقد أو الدين الذي تنفيه الضرورة وتمنعه منعا باتا وتحل محلة المواطنة المجردة من اللون والعرق والمعتقد وتمنعه من فرض إحكامه وهيمنته على مقاليد الأمور لذلك تسن هذه الدول قوانين صارمة تمنع تفجر الطائفية وصراع المذاهب أبدا لان ذلك يؤدي بها إلى الهلاك .التدمير والموت.
و يصبح المعتقد بالتالي رابطة شخصية مابين من يؤمن بالرب وربة ولا يفرض أي إنسان دينه على الآخر وينظم الدين هناك بقانون خاصة ويصبح دين" أفراد لا دين دولة " ومعتقد " يؤمن بة من يريد ويرفضه من يرغب .
لذلك تنتفي في تلك الدول النعرات الطائفية تماما ولا يٌسمع هناك صوت الفقيه والمرشد العاطلين عن العمل وتسن تلك الدول القوانين المانعة والصارمة لمكافحة المتشددين لان تلك الحكومات ومواطنيها تعلم جيدا أن النعرات الطائفية كارثة تؤدي إلى تدمير المجتمع بمؤسساته المنتجة واقتصاده تدميرا شاملا وبث العداء مابين السكان وطبقات العمال .

لذلك لا تردي تلك الدول لباس الدين وان ظهر الصليب في أعلامها المرفرفة فهو يحكي مسيرة تأريخانية لا مسيرة معتقد ورب يشهد له بالربوبية .
ويكون الشغل الشاغل لعقول تلك الدول التحسين المستمر للبضاعة و البحث عن الأسواق المصرفة لبضاعتها ومنتجاتها في أسواق الدول المتخلفة والبدائية التفكير ومنعها منعا باتا من بلوغ وتسلق سلم الصناعة وظهر هذا جليا بعد سقوط المنظومة الاشتراكية وانهيار ثورات التحرر الوطني ودخول شركات الاستثمار حدود تلك الدول عن طريق الغزو المسلح أو بث وتفجير النعرات الطائفية بين مواطني هذه الدول البدائية التفكير عن طريق تفريق السكان بعدة طرق منها تضخيم واحترام الأديان بفقهائها ومرشديها وتقريب الفقهاء والمراجع وفتح المكاتب لهم في أراضيها وتفريق السكان على شكل طوائف متناحرة .
وإشغال الوعي الفارغ بالحكايات والأساطير عن طريق استخدام تقنيات البث الفضائي بتفضيل احد المذاهب على غيرة بصراع بيزنطي عقيم حتى تصبح تلك المذاهب هويات من اجل بسط السيطرة والهيمنة .
وبث نوع جديد من الديمقراطية الهزيلة لتسهيل وصول " لوبيات دينية" حاكمة تمهد الأمر لدخول شركات الاستثمار وتمليكها من اجل نهب المواد الأولية بأسعار بخسة وإغراق تلك الدول البدائية بالديون باستخدام القوة الاقتصادية وسن قوانين تأكد احترام الدين والفقهاء وعدم التعرض إلية ومعاقبة كل من ينادي بفصل الدين عن الدولة .
وبمرور الزمن تتحول تلك الأحزاب الدينية بشخوصها إلى مؤسسات مالية واقتصادية حاكمة تحتكر اقتصاديات البلد عن طريق سَن قوانين الخصخصة.
حتى تصبح تلك الدول البدائية مستهلكة ومستوردة 100% تعتمد بالكامل على مواردها الريعية بعد انهيار الصناعة الوطنية ومحكومة بنسق من الثيوقراطية المغلفة بصبغ الديمقراطية تابعة بالكامل سياسيا واقتصاديا للاحتكارات العالمية منقوصة للسيادة الوطنية مبتلية بنزاعات وأزمات تفتقر إلى مجاميع الحلول كخلاف المناطق المتنازع عليها . صراع الهويات والقوميات . حرية التعبير والصحافة . تعذيب السجون . إلغاء وتبديل القوانين .
لكنها بالمقابل تسد نقصها بأنها تعرف سر الكون وأربابه وتؤلب هذا الطرف على ذاك عبر مهرجانات من الخطب الرنانة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جاسم محمد كاظم



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن