-الإسلاميون - فقاعة إنتخابية لا أكثر .

صالح حمّاية

2012 / 12 / 26

يراهن أغلب الإسلاميون حاليا لكسب قاعدة شعبية لها أن تستمر في دعمهم في حلبة الصراع السياسي على سلعة الإسلام ، أو بصيغة أخرى شعار "الإسلام هو الحل "، هذا الشعار الذي يمكن القول عموما أنه قد أتبت نجاعته في جلب المريدين حتى الساعة، فالمواطنون و في ظل سنين من غسيل الدماغ بدعاية الصحوة الإسلامية ، قد انتهوا إلى ضحايا حتميين لكل من يرفع شعارا دينيا لتسويق منتجاته ، لكن مع هذا يبقى السؤال : هل الإسلام الذي يروجه الإسلاميون كبضاعة هو ذاته ما يفهمه المواطن كإسلام ؟ ، ثم هل هذا الإسلام رائج حقا للرهان عليه على المدى البعيد ؟ .

كإجابة على هذا السؤال و بالنظر إلى نوعية الإسلام الذي يتبناه الإسلاميون كمنهج ألا و هو "الإسلام الوهابي "، فيمكن القول أن نسبة التأييد لهذا النوع من الإسلام بين الناس لا تزيد في أقصى الأحوال في واقعها عن المنتمين عضويا لهذا الإسلام ، أي الجماعات السلفية و الإخوانية وباقي المريدين للأفكار من قبيل تطبيق الحدود ، و الحاكمية وخلافه ، أما باقي الذين قد يدعمون شعار الإسلام هو الحل لكنهم يحملون مفهوما غير المفهوم الوهابي للإسلام فهم خارج هذا الإطار ، وهؤلاء سينفصلون عن دعم الإسلاميين في أية لحظة يبدون فيها اختلافا عن مفهومهم للإسلام ، ما يعني أن هذا الدعم إن حصل ، هو دعم ناتج عن تقاطع في الرؤى ، لا دعما ناتجا عن توازي فيها ، وعليه فهو دعم مؤقت لا يصلح لبناء قاعدة شعبية مستمرة يراهن عليها لتدوم .

ما يغيب على كثير الإسلاميين أن المواطنين ورغم دعهم المبدئي لشعار الإسلام هو الحل ، إلا أنهم ينقسمون حول مفهوم هذا الإسلام ، و هي عموما إشكالية نابعة من الشعار نفسه ، فهذا الشعار بصيغته لا يعطي معاني واضحة لما يشير له كإسلام ، عدى طبعا كون الإسلام هو الأخر شديد العمومية و الوساعة ليشار له ، لهذا فهذا الشعار و إن صلح للحشد الشعبوي الآني ، فهو بالأكيد غير صالح للدعم العقلاني بعيد المدى ، وعليه فالرهان الدائم عليه للتأييد المستمر خاسر لا محالة ، فأغلب المؤيدين سرعان ما سيتراجعون عن التأييد بعد البدء في الخوض في التفاصيل ، و يمكن الحديث هنا عن عديد الفئات التي ستنشق عن دعم الإسلاميين رغم دعمها لشعار الإسلام هو الحل ، و الأمثلة كثيرة فالصوفية على سبيل المثال قد يدعمون شعار الإسلام هو الحل من واقع إيمانهم الصوفي لكنهم بالطبع لن يقبلوا بالصيغة الوهابية لفهمه فهم سيكونون أول ضحاياه ، الفقراء أيضا يمكن الحديث عن لا ثبات خيارتهم فأغلب الفقراء قد يدعمون الإسلام كخيار ، لكن هذا الدعم يظل من باب الطمع في أن يتحقق العدل لهم و أن يروا مسئولين نزهاء بإسم الإسلام كما يسمعون عن الخليفة عمر ، لكن في حال فرض إسلام متحالف مع أصحاب المال ومبرر للفقر و الجور كما هو الإسلام الوهابي فالفقراء من الحتمي أنهم سينفضون حوله و سيتركونه، ونفس الأمر يمكن قوله عن العديد من الشرائح الاجتماعية و الطبقات و المجموعات التي لها رؤاها الخاصة عن الإسلام ، هؤلاء جميعا ومع قبولهم المبدئي بالإسلام كحل ، إلا أنهم لا يقصدون بهذا الإسلام ، الإسلام الوهابي الذي يحاول الإسلاميون فرضه ، وعليه يمكن القول كنتيجة أن الانتخابات التي جرت سابقا في بعض البلدان ، و ألتي أظهرت وكأن هناك دعما كاسحا للإسلاميين من طرف المواطنين أنها كانت في الواقع انتخابات غير دقيقة ، فالناس في الحقيقة لم يصوتوا لمشروع الإسلاميين كما نراه يطبق حاليا ، بل صوتوا لمشروع عائم ، وعليه وبمجرد ما يبدئ الإسلاميون في كشف المعنى التفصيلي لهذا الشعار، و المعنى الدقيق لمفهوم الإسلام لديهم ، فسيتفرق أغلب من دعمهم عنهم ، ولن يبقى كداعمين ملتزمين لهذا التيار إلا الكتلة الصلبة المؤمنة إيمانا قطعيا بمبادئ هذا النوع من الإسلام ، وعليه و هو المؤكد أن الإسلاميين وبعد اتضاح الصورة و اكتشاف الناس لحقيقتهم سينكمشون لحجمهم الطبيعي ، أي أنهم سيتحولون في النهاية إلى كتلة انتخابية محدودة شأنهم شأن أي طائفة دينية لها خيارتها الانتخابية على حسب معتقداتها الدينية ، وهو الأرجح في حال أي انتخابات قادمة ، في المقابل فالتيارات السياسية الأخرى من المتوقع أن تحصل على دعم الكتلة التصويتيه المرتدة ، و الغالب أن المنسحبين من دعم التيار الإسلامي سيركنون إلى دعم التيار ديمقراطي وسط أغلب الأحيان ، وهذا لأرجحية أن أكثرية هؤلاء وبالنظر إلى ميولهم التصويتية سيبحثون عن تيار سياسي محافظ إلى حد ما ، بالإضافة إلى كونه تيار واسع الطيف بحيث يشمل فئات اجتماعية كثيرة بدون خلق حساسيات بينها ، وعليه فتقلص حصة الإسلاميين الانتخابية ستكون على الأغلب ا لصالح التيار الوطني عامة .

عموما يمكن القول أن ما حصل من اكتساح للتيارات الإسلامية للانتخابات في الآونة الأخيرة ، لا يعدو كونه فقاعة انتخابية لا أكثر، فقاعة لها ظروفها وحيثياتها ، فالغلق الذي شهدته الساحة السياسية على مدى عقود ، بالإضافة على عدم اختبار أي من الأطروحات التي تطرح على محك التجربة الواقعية ، أدت كلها إلى تفوق الخطاب التجييشي الشعوبي ، على حساب الخطاب العقلاني النخبوي ، وهو الأمر الذي سيتراجع مع التجربة حتما إذا ظلت هناك انتخابات حرة ستجري مستقبلا ؟ .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن