-ٱلدستور- هو شرع معروف من ٱلدِّين يُؤلِّفُ بين مختلفين

سمير إبراهيم خليل حسن
samirhasan2003@hotmail.com

2012 / 12 / 13


قبل أن أبيّن ٱلرأى فيما يتصل بعنان ٱلمقال. سأعرض لبعض ٱلمفاهيم ٱلتى لا يعرفهآ أبنآء ٱللغة ٱلعربية وٱلشريعة ٱلإسلامية. على ٱلرّغم من عرضى لها فى مقالات كثيرة. وأوّل هذه ٱلمفاهيم كلمة "دين". وقد بيّنت فى مقالات كثيرة وفى كتابى "دين ٱلحكومة" أنّها حُرفت عن موضعها ووضع مكانها كلّ من ٱلكلمات ٱلأجنبية "دستور وقانون ونظام".
وثانيها كلمة "مسلم". وقد كتبت عنها كثيرا. فٱلمسلم لونان كما يبيّن قول ٱللَّه:
"أَفَغَيرَ دِينِ ٱللَّهِ يَبغُونَ وَلَهُ أَسلَمَ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرضِ طَوعًا وَكَرهًا وَإِلَيهِ يُرجَعُونَ" 83 ءال عمران.
فٱسم "مسلم" هو لكلِّ ٱلبشر من دون ٱستثنآء. ومن بعد ٱلنفخ فيه من روح ٱللَّه. صار منه "مسلم طَوعا" كنوح وإبراهيم. و"مسلم كَرهًا" كقوم نوح وقوم إبراهيم. وهذا ٱلتفريق بين ٱلمسلِمَين بدأ مع ءادم وزوجه. وتابع مع بنيه وما زال وسيبقىۤ إلى قيام ٱلسَّاعة. وٱلفريقان يؤمنان بٱللَّه. ٱلمسلم طَوعًا يؤمن بٱللَّه بما ينظر ويعلم ويحنف إلىۤ أمام ولا يلتفت إلى خلف. ولا يشرك بما يؤمن به جمع قومه:
"إِنَّ إبرَٰهِيمَـ كانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّه حَنِيفًا ولَم يَكُ مِنَ ٱلمُشرِكِينَ" 120 ٱلنحل.
وٱلمسلم كَرهًا يؤمن بٱللَّه وهو يلتفت إلىۤ ءابآئه. ولا يحنف عمّا قالوه عن ٱلإيمان ويشركهم فى مسئوليته عن إيمانه:
"وَمَا يُؤمِنُ أَكثَرُهُم بِٱللَّهِ إِلَّا وَهُم مُشرِكُونَ" 106 يوسف.
"وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللّهُ قَالُواْ بَل نَتَّبِعُ مَآ أَلفَينَا عَلَيهِ ءَابَآءَنَآ أَوَلَو كَانَ ءَابَآؤُهُم لاَ يَعقِلُونَ شَيئًا وَلاَ يَهتَدُونَ" 170 ٱلبقرة.
فكلّ قوم وشعب وقبيل وطآئفة فريقان. ٱلكثيرون هم ٱلمسلمون كَرهًا ويشركون فىۤ إيمانهم ٱلأبآء. وٱلقليلون هم ٱلمسلمون طَوعا لا يشركون ٱلأبآء فىۤ إيمانهم كنوح وإبراهيم.
ثانى هذه ٱلمفاهيم كلمة "ألَّف":
"يَـٰۤـأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهُ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُسلِمُونَ(102) وَٱعتَصِمُواْ بِحَبلِ ٱللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُواْ وَٱذكُرُواْ نِعمَتَ ٱللَّهِ عَلَيكُم إِذ كُنتُم أَعدَآءً فَأَلَّفَ بَينَ قُلُوبِكُم فَأَصبَحتُم بِنِعمَتِهِ إِخوَٰنًا وَكُنتُم عَلَىٰ شَفَا حُفرَةٍ مِّنَ ٱلنَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُم ءَايَـٰـتِهِ لَعَلَّكُم تَهتَدُونَ(103) وَلتَكُن مِّنكُم أُمَّة يَدعُونَ إِلَى ٱلخَيرِ وَيَأمُرُونَ بِٱلمَعرُوفِ وَيَنهَونَ عَنِ ٱلمُنكَرِ أُوْلَـٰۤـئِكَ هُمُ ٱلمُفلِحُونَ(104) وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱختَلَفُواْ مِن بَعدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلبَيِّنَـٰـتُ أُوْلَـٰۤـئِكَ لَهُم عَذَاب عَظِيمـ(105)" ءال عمرٰن.
"إِنَّمَا ٱلصَّدَقَـٰـتِ لِلفُقَرَآءِ وَٱلمَسَـٰـكِينِ وَٱلعَـٰـمِلِينَ عَلَيهَا وَٱلمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُم.." 60 ٱلتَّوبة.
"أَلَمـ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُزجِى سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَينَهُ.." 43 ٱلنُّور.
لِإِيلَـٰـفِ قُرَيشٍ(1) إيلَـٰـفِهِم رِحلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيفِ(2) فَليَعبُدُواْ رَبَّ هَـٰـذَا ٱلبَيتِ(3) ٱلَّذِىۤ أَطعَمَهُمـ مِّن جُوعٍ وَءَامَنَهُم مِن خَوف(4)" قريش.
ومن مفهوم ألَّف ويؤلف وإيلاف مفهوم كلمة "إءتلاف". فقَرِيشُ ٱللبن (ٱلقريشة) يُؤلَّفُ بينه ويكون بنيانا مرصوصا "قُرَيش". ومثله ٱلناس فىۤ أىِّ بلد. فهم قَريش من شُعَبٍ مختلفة فى ٱلأرض ولكلٍّ منهم شرعة ومنهاج يحملها فى قلبه. وحتَّى يكونوا بنيانا مرصًا "قُرَيشًا" يحتاجون لميثاق يُؤلِّف بينهم. فإذا ٱفترق جزء منهم وطالب بقيام شرعته ومنهاجه على ٱلأجزآء ٱلأخرى تخاصموا وتفرّقوا.

حكم فى بعض بلادنا ٱلعربية فريق عسكرىّ زعم ٱلعلمانيّة وٱلإشتراكية وٱنقلب على ٱلحكومات ٱلتى كانت قآئمة بشرع (دستور) يغلب عليه لسان لغو ومفاهيمه. ثمّ زعم هذا ٱلفريق بقومية عربية لا وجود لهآ إلا فى رأسه ٱلفارغ. وتسلط على ٱلناس بما كتب من شرع منكر (دستور). أكره به جميع أطراف وفئات ٱلناس. وتسلط على ٱلمعارف وأبدل وزارتها بوزارة ٱلتربية. فربّى وعبّد ٱلشعب بمفاهيم ٱلتطرّف وٱلشرك وٱلكذب وٱلجهل. وتسلط على ٱلملك فجعله ملكا عآمًّا وسرقه. وأفسد فى ٱلحرث وٱلنسل وأشاع ٱلفحشآء وٱلمنكر (ٱلفوضى وٱلعشواۤئية وٱلجهل) فى كل أمر وشىء.
وبسبب طول فترة تسلّط هذا ٱلفريق وجرآئمه ثار ٱلمُرَبُّون ٱلمعبّدون وأسقطوا سلطته. وبعد أن سقط وسقط معه ٱلخوف منه. برز من بين صفوف ٱلثآئرين ٱلمعبّدين بمفاهيمه فرق مختلفة تطالب جميعها بٱلديموقراطية وبوسآئلها ٱلانتخابية. وكانت ٱلغلبة لفريق منها يظنّ أنّه ٱلناطق وٱلممثل للدِّين وٱلشرع عند ٱللَّه. وبظنّه وجهله بما وصّى وشرع ٱللَّه. يطلب دستورا منكرا يفرّق ولا يؤلّف كدستور مَن ثار عليه. وبما يطلبه يُكره جميع فئات ٱلشعب ويفرّق بينهم ولا يؤلّف ويوحّد كما وصّى ٱللَّه. وترى ٱليوم هذه ٱلفرق فى مصر تتشاجر على ٱلدستور وٱلحكم وٱلسلطة.
وأقول للفريقين أنّ ٱللَّهَ واحد وليس قَرِيش ألهة. وأنَّ ٱلدِّين عند ٱللَّهِ ٱلإسلام وشرعه ٱلمسنون فى ٱلوجود لا تبديل له. وأنَّهَ مالِكُ ٱلمُلك وهو ٱلمَلِكُ ٱلسَّلام ٱلمؤمن ٱلصالح ٱلحاكم ٱلحميد فى ملكه يحيط به يصلِّى عليه (سميع بصير رقيب شهيد حسيب) ولا يغفل عن شىء وأمر. وعنده دين قيِّم هو ٱلدستور أو ٱلقانون أو ٱلنظام ٱلذى تلغون فيه وتخرصون. وبه يأمر ويقضى ويحكم من دون هوى ولعب. وله أَسلم كلّ شىء فى ملكه من دون ٱستثنآء "طَوعًا وكَرهًا".
ومآ أُوحِىَ للناس هو بيان للدين ٱلقيِّم عند ٱللَّه. وفيه ما رضِىَ لهم به من دين. وضرب لهم "طالوت" مثلا على ٱلمَلِكِ ٱلمالك ٱلعالم ٱلسليم ٱلجسم. ليعلموا بأن له ٱلحكم وٱلمثل ٱلأعلى فى ٱلسَّمَـٰـوٰت وٱلأرض. فيعملون بٱلمَثَلِ فلا يكون لهم مَلِك جاهل ومريض ٱلجسم ولا مُلك له. وليقيموا من ٱلدِّين شرعا معروفا يؤلّف بين قرِيشهم فى مجتمعاتهم ولا يفحشون فيها (يشيعون فيها الفوضى والعشوائية والتثريب الثورى).
فما يطغى على ٱلناس من مفهوم للعلمانية وللدين وٱلتديّن. هو بفعل تعبيدهم (تربية وتعليما) بمفاهيم لغو وتخريص لجاهلين بٱلدين وبحاجة ٱلوجود ومجتمعاتهم لقيامه. وما ينتشر بين ٱلناس من مفهوم عن ٱلدِّين وٱلتديّن. هو ٱلجهل بٱلدين وبحاجة ٱلوجود ومجتمعاتهم له.
وأقول لهؤلآء أنّ بعض ٱلناس فى بلاد ٱلغرب يصلِّون (يسمعون ويبصرون ويرقبون ويشهدون ويحسبون). فينظرون ويقرأون ويعلمون ويبيِّنون ويحنفون ولا يلتفتون إلى خلف. وبما علموا نُزِّل إليهم من ربِّهم فأقاموا فى بلادهم ٱلدِّين ٱلذى يؤلّف بين قَرِيشهم بمفهوم ٱلسكيولارزم (علمانية). وبه قام ٱلدين فى مجتمعاتهم (سيادة القانون).
وٱعلموۤا أنَ هذا ٱلمفهوم ٱلغربىّ هو ترجمة لما فى ٱلبيان ٱلمُوحى من قول للكافرين "لكم دينُكم ولىَ دينِ". فلا ٱلنّبىّ يحكم ٱلكافرين بدينه (قانونه). ولا ٱلكافرون يحكمون ٱلنبىّ بدينهم. وٱلسكيولارزم هو ٱلمفهوم لدين (دستور أو قانون أو نظام) يؤلّف ويتوسّط بين قَرِيشِ مؤمنين ومسلمين ويهود وكافرين على صراط مستقيم (إِيلَـٰـف قُرَيشٍ). فتنشأ أمّة وسط بينهم (حكومة ٱتحاد فيدرالىّ) من ٱلمالكين ٱلعالمين ٱلصالحين ٱلطّيِّبين. تأمر بٱلمعروف (ٱلمعلوم علم يقين) وتنهى عن ٱلمنكر (غير ٱلمعروف). تؤلِّف بين ٱلناس وتطعمهم من جوع وتأمنهم من خوف.
فتوقفوا عن ٱلتشاجر وٱلتثريب أيُّها ٱلمصريون. وتَنادوۤا إلى صلاة ٱلجمعة للحوار فى عهد وميثاق تأتلفون به ولا تتفرقون بسبب طغوى شرعة ومنهاج أحدكم. وبما يؤلِّف بينكم تقوم أمّة وسط تحكم ويقوم بميثاقكم ٱلدين فى بلادكم. وبه يقوم ٱلسلام وٱلأمن بين أهل ٱلبلاد ويُطعَمون من جوع ويؤمنون من خوف.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن