(التحالف الوطني..شمّاعة أخطاء دولة القانون)

جليل النوري
mmazin58@yahoo.com

2012 / 12 / 5

بسمه تعالى
(التحالف الوطني..شمّاعة أخطاء دولة القانون)
بقلم جليل النوري.....
التخبطات الكبيرة التي وقع فيها رئيس السلطة التنفيذية، والأخطاء المتوالية طيلة فترتي رئاسته للحكومة، جعلت من الأوضاع في العراق بين مد وجزر، أي في اضطراب متواصل وعدم استقرار وسكينة.
فلم تمر فترة ما حتى وأصيب البلد بأزمة سياسية خانقة وكبيرة، فتارة تشتعل الأحداث بين مكونات التشيع ورئيس الحزب الحاكم، وتارة بينه وبين الإخوة من المكوّن السني، وأخرى مع الإخوة الأكراد، وهكذا هي فترة حكمه، أزمات في أزمات.
ورئيس الوزراء خلال هذه المواجهات المتكررة يبرّر كل ما يجري بتبريرات مُستهلـَكة، فمرة يقول ان الجميع يريد إضعافه سياسياً، لكي يؤدي ذلك إلى خسارته هو وحزبه الحاكم في الدورات الانتخابية القادمة، ومرة يقول ان المُعترضين يريدون المزايدة الانتخابية لقوائمهم وأحزابهم، وأخرى ان هناك أجندات خارجية تريد إسقاطه، تقوم الأحزاب والقوى المعارضة له بتنفيذها بالنيابة عن تلك الدول، وكلام كثير وطويل وعريض وتبريرات كثيرة تعوّد عليها المُتابع، والتي ملأت سبتايتلات الفضائيات ورؤوس عناوينها.
ولم يتحدث هذا الشخص ولو مرة واحدة فقط، واكرر مرة واحدة فقط، ويقول ان ما يقوله المُعترضون صحيح ومنطقي، ويصب في مصلحة البلد، لا هو ولا أي فرد ممن لاذ بقائمته أو كان عضوا في حزبه، وهذا نقيض الإنصاف، بل هو عين الإجحاف.
وبأسطري البسيطة هنا لم أود الخوض في الحديث عن تصرفات وأخطاء دولة رئيس الوزراء، بمقدار ما أردت العروج على موقف التحالف الوطني المترهل مما يجري من أحداث.
فالتحالف الوطني الذي كان الغطاء الساند والحامي لدولة القانون ورئيس الحكومة، لم يتحرك وبقي ساكناً أمام كل أزمة، ولم يدلِ بدلوه، واستمر بنهجه الصامت بمنأى ومعزل عن هذه المُجريات الخطيرة، وليس هذا وحسب فهو أصبح المصد لكل أزمة والسد المواجه لأي موقف مُعارض لمواقف رئيس الحكومة، أي باللغة الشعبية الدارجة (وجه كَباحة).
وهذا حسب علمي له أسباب كثيرة ومُتعددة، تقف في مقدمتها ضعف شخصية رئيس التحالف الوطني وانبطاحه أمام شخصية رئيس الوزراء، وهذا له منشأ مُتجذر منذ سيطرة رئيس الحزب الحاكم على كل الأوضاع في داخل حزب الدعوة وعزله الأمين السابق للحزب، ببيان صادر عن كل أعضاء الحزب آنذاك.
والسبب الآخر الذي جعل من التحالف الوطني مرهوناً بقرارات دولة القانون ورئيسها، هو ارتباط اغلب الأحزاب والقوى السياسية في داخله بأجندات واضحة لدولة مجاورة، إذ لا يمكن لهذه القوى طرح أي موضوع أو إبداء أي رأي دون مشورة تلك الدولة، واخذ الضوء الأخضر منها، وهذا ما لمسناه عملياً وشاهدناه عن كثب في أيام حجب الثقة.
بالإضافة إلى أسباب أخرى ننأى عن ذكرها لحساسيتها من جهة وللابتعاد عن الإطناب من جهة ثانية، وعليه وبعد ما ذكرت أصبح التحالف الوطني اليوم وبشكل واضح وملموس أداة سهلة بيد رئيس السلطة، ليس له أي دور سوى تبرير المواقف والأخطاء لرئيس الحكومة وقائمته، اما عكس ذلك، فلم نرَ أو نسمع من التحالف الوطني أي موقف أو رأي يحدد ويقيد تصرفات رئيس السلطة، والذي أنقذه هذا التحالف بالأمس من خسارة انتخابية واضحة كوضوح الشمس وأعاده إلى منصبه بعد ان فقدت قائمته صدارة الترتيب الانتخابي البرلماني.
والأغرب من كل ما ذكرت هو ان تحالفاً سياسياً يضم تحت عنوانه كيانات وأحزاب عديدة وكثيرة لها واقعها في الساحة السياسية والشعبية، نجده إلى هذه اللحظة من دون برنامج ولا نظام داخلي ولا مُقررات واضحة ولا قرارات واقعية على الأرض، فأي تحالف هذا الذي يتحدثون عنه يا ترى؟!، وكأنه عنوان إنشائي فقط وصورة خالية من التعبير.
لذا ومن هذا المُنطلق يفترض بالقوى المنضوية تحت خيمة هذا التحالف وخصوصاً الائتلاف الوطني بكل مكوناته، ان يضعوا النقاط على الحروف، وان لا يكونوا شمّاعة لأخطاء رئيس الحكومة وحزبه الحاكم، وان ينهوا ما بدأوه ومن دون لف ودوران، اما بخروجهم من التحالف الوطني وبقاءهم في تحالفهم الانتخابي الائتلاف الوطني، أو ان يكون لهم قراراهم وسلطتهم داخل التحالف الوطني، ويوقفوا كل الممارسات الخاطئة لرئيس السلطة وحزبه الحاكم وان يتحدثوا معه بمنطق الصراحة لا منطق المجاملة والخوف والتزلف، وان يوضحوا لكل القوى السياسية العاملة في العراق انهم غير مسؤولين عن التصرفات الخاطئة لدولة الرئيس وما يلحقها من أضرار بالعلاقات مع الآخرين، وان الأخطاء والاحتكاك مع الخصوم السياسيين يتحمله هو وحده ومن يدافع عنه حصرا، وإلا فان السكوت عن أفعاله وتبرير أخطائه قد يوصل رسائل خاطئة مفادها، اما ان التحالف الوطني قابل بكل تصرفات وأفعال رئيس الوزراء، أو ان التحالف الوطني ليس له سلطة على دولة الرئيس، أو ان التحالف الوطني حَملٌ جاء بشكل خاطئ وتورّط من دخل فيه بهذه المصيبة، أو ان هناك رسائل أخرى سرية وحساسة نجهلها ننتظر ان تلوح يوماً ما في الأفق، حين يكشفها لنا الناطق باسم الحكومة سابقا والمتهم بصفقة السلاح حاليا الدكتور علي الدباغ، ولله في خلقه شؤون.

جليل النوري
يوم الثلاثاء الموافق للتاسع عشر من شهر محرم الحرام للعام 1434



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن