الصمود بوجه الحملة الأمريكية، حتى ولو سقط -صدم حسين- في الساعة الأولى من الحملة!

سامان كريم
saman.karim5@gmail.com

2002 / 10 / 10

 

ليس خافياً على أحد، إن الولايات المتحدة عازمة على ضرب العراق، بذريعة إمتلاكه لأسلحة الدمار الشامل أو لدعمه للإرهاب و ما شابه ذلك. هذا الحرب الذي تبتغي الولايات اللمتحدة إشعالها، والتي تخلق له شتى الحجج الباطلة والواهية، والبعيدة كل البعد عن هدفها الحقيقي وعلى عكس ما هو معلن وما تروج لها وسائل الإعلام والصحافة المأجورة، إذن فهدف الحرب ليس إسقاط " الديكتاتور" أو نزع " اسلحة الدمار الشامل العراقية " بل لصياغة " النظام العالمي الجديد" الذي علق الولايات المتحدة آمالها عليه منذ أزمة وحرب الخليج الثانية في سنة 1991 . إن ما هو اساسي في الأستراتيجية الأمريكية منذ البداية كانت مسألة تفردها في قيادة العالم، وهذه الأستراتيجية تقتضي طرح؛ الأمم المتحدة وكل المعاهدات والمواثيق الدولية والتحالفات السابقة التي أبرمت في عهد الحرب الباردة، جانباً وفرض العمل بقوانين وتوجهات أمريكية وحسب ما تقتضي سياساتها و إقتصادها على الصعيد العالمي، وكذلك جعل كافة القوى المنافسة الأخرى في العالم أقزاماً بالنسبة لها، هذه هي صلب الإستراتيجية الأمريكية، لذلك تحاول بكل قواها كي تعمل بشكل منفرد وخارج إطار الأامم المتحدة، حتى إذا وافقت الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي على خطواتها. ذلك لأن الموافقة الجماعية من لدى مجلس الأمن الدولي، هي اساساً تعني بقاء توازن القوى السابقة بشكل أقل لصالح الولايات المتحدة، اي يعني مشاركة الأخرين في السلطة والنفوذ العالميين، وهذا ما يتعارض مع الإستراتيجية الأمريكية.

إذن فإن الولايات المتحدة اليوم أمام إمتحانها الأخير للفوز بإستراتيجيتها، في حين أصبح العراق بؤرة وساحة لصياغة هذه الإستراتيجية، فإذا تمكنت أمريكا الفوز بها منفرداً، فسيسير الامور في العالم حتى عشرات السنيين المقبلة، حسب المصالح الأمريكية و سيصبح حديث بوش السابق " كل ما نقوله يمشي"  شيئاً مألوفاً في السياسة العالمية، والعالم ستواجه مرحلة جديدة لا مثيلة لها من قبل في التأريخ العالمي. ولكن أمريكا تعلم جيدا" بأن هناك معضلات وموانع جدية تواجهها، فهي تحاول جاهدا" أن تتخطى كل تلك المعضلات والعقبات، التي تمحورت حاليا" حول قضية ضرب العراق و إزاحة رئيسه الدكتاتور. وإذا قدرت لها الفوز في هذه المنازلة على الرغم من كل تلك الصعوبات والموانع، سيصبح كوكبنا، وكل الحركات التحررية والردايكالية والعمالية، أمام خطر التحجيم وإنزال الضربات بها  من قبل هذا الغول الجديد تحت غطاء " خطر الأمن القومي الأمريكي" أو بذريعة عدم " توافقها مع المصالح الأمريكية "، وعليه فإن هذا الغول لا يعرف سوى المصالح الإقتصادية لشركاتها الكبرى، ويقذف يوميا من جراء جرعة القانون الالآف إلى الشوارع من خلال رفع اسعار النفط او تحديد سقف إنتاجه، كل ذلك حسب مصالحها للسيطرة على عالم اليوم.

إذن فنحن لسنا أمام حرب محتملة بين دولتين، بل أمام هجمة أمريكية شرسة ومتغطرسة، منفلة من عقالها، أمام مختبر لإختبار أحدث أنواع الأسلحة الفتاكة والدمار الشامل ستستخدم نفس الأسلحة التي جعلتها ذريعة لتخوض ذلك الصراع من أجل إزالتها، فيا له من كذب وتضليل. فموضوع البحث واالحملة الذي امامنا هي ليست من أجل إسقاط " الديكتاتور" بل لفرض الهيمنة الأمريكية المطلقة على العالم أجمع، وعليه فيجب الوقوف بكل قوة بوجه هذه الحملة، وعدم إفساح المجال باي نوع كان وتحت أي غطاء كان لتبريره، وتحديدا" كالحجج و الذرائع التي عادةً ترفعها المعارضة البرجوازية العراقية " كإسقاط النظام " و " خلاص العراق من الديكتاتورية و بناء حكومة ديمقراطية تداولية على أنقاضها" و...

ومن جانب أخر أن إستدلالات الولايات المتحدة لضرب العراق تعتبر، هراء محض، خصوصاً إذا نرجع إلى تأريخ الولايات المتحدة وسجلها الأاسود في مجال إستعمال اسلحة الدمار الشامل في فيتنام والعراق و سياسة الحصار الإقتصادي ضد العراق التي راح ضحيتها اكثر من مليون إنسان و القنبلة النووية في هيروشيما، و ودعمها ودفاعها عن كل القوى الرجعية والدكتاتورية على الصعيد العالمي، في أمريكا اللاتينية وإسرائيل وتركيا وجنوب شرق آسيا. وإذا نظرنا إلى المسألة من زاوية أخر فهل اسلحة الدمار الشامل يوجد فقط لدى العراق؟ وحتى إذا فرضنا ثبوت وجود هذه الأسلحة لديها! فإن الحكومة الإسرائيلية عشيقة أمريكا المدللة ومحبوبتها لديها أيضا" من هذه الاسلحة أكثر مما لدى كل حكومات المنطقة قاطبة". فإذا نظرنا إلى هذه المسألة خارج الضجيج و الهياج والصياح التي تروجها الصحافة المأجورة من سي أن أن و بي بي سي و... ستظهر مدى الكذب والنفاق لكل هذه الإدعاءات.

إن أحدى إفرازات هذا الحرب إذا وقعت عل صعيد المنطقة والعراق، ستكون إتساع رقعة الصراعات القومية والديينة، ونهوض وتقوية الأسلام السياسي، والقومية العمياء، وستأثر سلبياً على كل الحركات التقدمية واليسارية، هذا ناهيك عن الماساة الإنسانية والإقتصادية والويلات التي ستولدها.

إن سقوط النظام، هو أمل لكل محبي الحرية والتقدم والعلمانية، ولكن علينا أن نتعرف على جوهر الحملة والموضوع، كما ذكرنا أعلاه. إن محور االنضال اليوم لكل محبي الحرية والتقدم والعلمانية والحداثة، هو الوقوف بحزم ضد الحملة الأمريكية المزعومة، و تنظيم حركة إجتماعية واسعة على الصعيد العالمي لدرء الخطر الناجم منه على الأنسانية جمعاء، حركة تهدف إلى كسر الغطرسة الأمريكية، وتعمل جاهدا" على إبعاد العالم و الإنسانية من الكارثة التي سيتعرضون لها في مستقبل قريب. فالمسألة المطروحة على بساط البحث حاليا" وكما أشرنا إليها " ليست إسقاط صدام حسين أو دكتاتور العراق، وعليه أن شعار هذه الحركة لن تكون" لا لصدام لا لبوش"، بل يستوجب الوقوف بحزم وثبات ضد الهجمة الأمريكية"، لأنه وبكل صراحة هذا هو محور الموضوع وأصله، أنا أعلم أن الشعار الأخير يمثل شعارا" لكل محبي الحرية والتقدمية، ولكن مثل ذلك الشعار لا يعبر عن هذه المرحلة، ولا يمثله لانه ببساطة نحن لسنا أمام حرب بين دولتينن بل أمام هجمة أمريكية لمسألة أخرى. ولذلك فإن إستخدام و رفع هذه الشعارات من قبل اي حركة إجتماعية أو أي حزب و ومنظمة سياسية تجعلها تتموضع في الخندق الأمريكي، وتؤثر سلبياً على الحركة المعادية للحرب وأهدافه، وعليه يجب أن نعزز حركتنا، بوجه الحملة الأمريكية. نحن قلنا أن حرب الخليج الثانية ليس حرباً لتحرير الكويت وليس حرباً لإسقاط " الديكتاتور" قلنا إن ذلك الحرب هي لصياغة " النظام العالمي الجديد" و برهنت الأحداث صحة اقولنا، واليوم نقول أن الحملة المزعومة ليس حملة لإسقاط " صدام" حتى ولو سقط  في الساعات الأولى من الحرب.  7/10   

 



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن