برقية سادسة من صديق على عتبة الإلحاد

يونس بنمورو
benmouro@gmail.com

2012 / 9 / 15

حديثي معك عزيزي يونس حديث الأخ لأخيه ، معك أجد ذاتي و بحضورك أحس أكثر بنفسي و كياني ، أعلم بأن المسافات باعدت بيننا و تفننت في تعميق الهوة بين روحينا ، وعرفت كيف تزيد فجوة التآلف و التجانس بيننا ، فلولاها لكانت لقاءات الخلخلة والتفكيك كالماضي لا تعد و لا تحصى ، فها أنا اليوم ها هنا لوحدي أعيش ، غريبا معتزلا عن الجميع ، حتى أنني نسيت علة وجودي و لم أعد أدرك إسمي و هويتي فلا أحد يناديني بلقبي ، أو يذكرني على الأقل بكيفية نطقه و كتابته ، فلا أحد يعرفني الآن و لا أحد يفقه ما يختجل بداخلي و ما يعتمل بأعماقي ، لا أحد يا عزيزي يعرف أن الحزن و الأرق يتأكلني و يمزقني لأشلاء ، لا أحد يعرف مدى غيلان الهم بداخلي ، فلم يعد أي كان يقرع جرس بابي أو يسأل على حالي و أحوالي ، فلم أعد أسمع دقات الناس على باب منزلي إلا نادرا ، و لم أعد أحظى برنات الأحباب على هاتفي ، فيا لتعاستي ، فلم أعد أسمع سوى دقات الساعة و صوت عقاربها ، حتى أني لن أفاجئ إذا جعلتني أحد الجماعات إلها لحزنها و ربا لمعاناتها ، و لن أندهش بالمرة لهذا الحال ، لأن الغم وحده يطاردني و يعلن الإستعداد بشوق لمصادقتي و يفضح لهفته لمؤانستي ، حتى أني من كثرة الهدوء الذي يقتات من جسدي و يقضي علي حالي و يتخمني جملة و تقسيطا ، يعجز بالمرة يا أخي و لم يعد بكامل القوة لإضعافي بل يجعلني أكثر قوة و صلابة لأنه فشل فعلا في قتلي ، أما الحياة لم تعد تريدني و ضاقت درعا مني ، حتى بدأت تشتهي موتي أو على الأقل إختفائي ، و رغِبت فعلا بدون خجل أو حياء في أن أذوب و أنمحي ، حتى أحيا عالم الغرباء في العدم من جديد ، فالألم يضمنى بقوة و الحزن يعانقني بشدة أما الكآبة إحتلتني و توغلت في ثنايا أعماق أعماقي ، رغم قسمي لها أكثر من مرة ، بأني فاقه إلى أي مدى تحبني و تتماهى معي ، و اليأس يرفع أعلام حزني و يفضح ضعفي و خوائي ، فهنا تكمن معاناتي و يتجلى شقائي و يبرز إضطرابي و بؤسي ، فالحياة تجبرني على تقبلها بنكدها و شؤمها ، والموت يفرض ضريبة العذاب على جلدي و على هشاشية نفسي ، حتى يتسنى لي الولوج لتخوم العدم و النفاذ لعوالم الفناء ، معاناتي فعلا تفوق جسمي يا صديقي بل هي أضخم منه بكثير ، فلا قوة أكتنزها و لا حيلة لي أتقوى بها ، ما أعرفه أني فقدت السكون و راحة البال حتى أني عاديت الإستقرار و توجهت من مكان لأخر للعثور على أنصاف الحلول لإخماد نيران التوتر و الهذيان ، فما أكثرها تلك التي لا تتطلب ذوبان المخ في شيء متداول ومعروف ، فوجدت حلولا بسيطة لا تتطلب كثرة التفكير و لا تستلزم عياء العقل و المخيال ، و جدت في سواد الليل وجودي و به يكتمل قمر ذاتي و بين أجواءه عثرت على حقيقة كياني ، ففيه أسترجع ذاتي من الآخرين ، و وحده يخول لي وحدتي و يعمق نظراتي و يقوي مهجتي ، و يجعلني أحس بأناتي دونما تنميق أو تزويق ، فيه يُبعث الفناء من جديد و تتعسكر الخلوة بدون تقديم مزركش أو تسبيق ، وحده الليل يعطيني سكنا مجانيا يقيني أقنعة التملق و الذوبان ، أندهش من وجودي فيه يا خليلي لحدود الإعتزاز و الإفتخار ، أجعل من كل الطرق بساطا لمعاناتي ، و من فروة الليل غطاءا لعزلتي و من سواده رفقة درب لبحثي عن تفردي ، فوحده الليل يفاوضني ، و بحنكة يعي ما أرغب و ما أشتهي ، فلا يبخل علي بمشاعر التواصل بعدما يتخلى الناس عنها وهم في غفلة تائهين أو غير مكترثين نائمين ، ففيه أحس بنفسي كاملة مكتملة كالبدر بدون نقصان أو إضطراب ، قوية صلبة البنيان تقاتل من أجل الحقيقة و تناور من أجل الإنتصار ، يخرس الليل و يخبوا النهار و تتهاطل علي الأسئلة بدون إستئذان أو سابق إنذار ، لتغزوا الأفكار مفكرتي أثناء المشي و الجولان ، ليغذوا التفكير ملازما لساقي ، فبالمشي كما أشاء تتقاطر أعظم الأفكار ، و بكل خطوة أخطوها يتفاقم ما لا يوجد في الأذهان ، فمن خلاله أتجاوز المبتذل و المألوف ، أمشي جيئة و رواحا و أفكر بحرية بعيدا عن رقابة الآخرين و أبعد من أعين الزائفين ، تجعلني الاستفسارات أحس في سكون الليل و وسط أزقة لا تنتهي بإرتياح عميق ، رغم إزعاجها و شوكة حدتها تلبس لباس السلاسة و الهدوء ، فبصمت العالم و سكون الوجود تتيه الأسئلة بمخيلتي و تبدأ في الإنطراح بغزارة و بدون إنقطاع ، و على هذه الشاكلة أوحيت إلي يا صاح و بعيدا عن إختزالها أبعثها لك فهل تحتفظ بإجابة ما أيها العزيز ، أمدني بها لعلي أهتدي و أرجع إلى صوابي ، لقد أنزل الرب القدوس العديد من الكتب السماوية على أنبيائه حسب الإعتقاد الإسلامي ، فلماذا فقط القرآن المجيد هو الذي يصلح لكل زمان و مكان ؟ إذا كان السبب هو التحريف يا صاحبي ، فلماذا حفظه الله تعالى و ترك باقي الكتب الأخرى عرضة للتحريف و التعديل ؟ هل هي إرادته تعالى في كل هذا أم عجزه عن حماية كلامه المقدس إذن ؟ و لماذا القرآن المجيد الذي نزل قبل قرون عتيدة هو الكتاب الكوني الصالح لكل زمان و مكان ؟ أليس هذا يتنافى مع مقتضى العدل و المنطق الإلهي إذن ؟ و لا يمكن أن يتفق مع فكرة صلاحية القرآن الشريف لكل زمان و مكان ؟ لأن هذا يعني إما أن كلام ربنا الجليل محدود معدود بين دفتي المصحف الشريف ؟ لكن بصريح القول هذا الإحتمال مناقض للآية الكتاب التي تقول أن كلمات الله جل جلاله لا تنفذ حتى ولو كان البحر مدادا لكلماته ؟ أو أن الله سبحانه و تعالى عاجز عن الإتيان بوحي جديد و أنبياء جدد في واقع يستدعي أكثر من نبي فالحاجة لمعجزة أو رسول في هذا العصر ضرورية أكثر من أي وقت مضى يا خليلي ؟ و بالتالي يمكننا القول أن ربنا ظالم بعيد عن العدل و الرحمة كما يدعي و يقول أراد أن يبين شريعته فقط لجيل من البشر فيما مضى ، و ترك كل الأجيال الحالية و القادمة لا محال تحت رحمة فهم ذلك الجيل أو إن صح التعبير أن تعيش التقدم إلى الوراء ؟ فأين إختفى سبحانه و تعالى ؟ و أين ذهب رب السماوات و الأرض ؟ أو إن صح التعبير لماذا فضل الإختباء و التواري عن الأنظار ؟ و لما لا يتفضل علينا جل علاه بقرار حكيم و يرينا معجزة أخرى من معجزاته فهو على كل شيء قدير لا يعجزه أمر و لا يمنعه شيء ؟ أو على الأقل يتدخل فقط لإنهاء الاختلافات و الخلافات حول عبادته و يعود إن شاء مرة أخرى لمخبئه ؟ ما الفائدة الملغزة إذن من إهماله لنا هكذا و كذلك للأجيال القادمة ؟ فأين هو ربنا يا صاحبي الذي كان يشق البحار و يصنع المعجزات ؟ هل كان عاملا و أخذ إجازة إستراحة طويلة الأمد دون أن يفطن لإلحاحية ظهوره أو على الأقل أن يظهر إشارة منه ؟ أم أن كل ما يروى عنه جل علاه مجرد أساطير كبقية الأساطير و الروايات لا أساس لها من الصحة بتاتا و مطلقا ؟ هل هي الصدفة فعلا في أن يختفي ربنا الحكيم يا رفيقي هكذا في عصرنا الحديث حيث أساليب التحقق باتت شائعة ، و يسهل عليها العثور على كل شيء حتى أكثر الأمور إرباكا و تعقيدا ؟ و لماذا كل مطلب يهتم بظهور الرب أو إبداء أي إشارة منه تدل على وجوده بوضوح تعد في مهب الريح و تدل على ضعف الإيمان و مؤشرا من مؤشرات الكفر و الإلحاد ؟ إذا كان الله يا عزيزي مختفيا لحكمة من حكمه لا يعلمها إلا هو كما يقول آل الدعوة والتبليغ ، أو مختفيا عمدا لإختبار قوة إيماننا به سبحانه تعالى و بالتالي محاسبتنا عليها بالجنة أو النار، فلماذا إذا بعث برسل و أنبياء كثر يقولون أنه موجود فعلا و بأنه خالق السبع سموات و السبع أرضين ؟ ألا يكفيه الكون جل إسمه بإشارته العظمى مثل الكواكب السيارة و القمر والشمس و غيرها من الأدلة لتبيان وجوده دونما رسول أو نبي ؟ و هل رسالة منه لبشر مثلنا كافية للتصديق بوجوده جل علاه ؟ إذا أراد الله العزيز أن يختبرنا فقط بإختفائه فليختفي نهائيا و ليتركنا نتوصل إليه بعلمنا و عقولنا و أبحاثنا و تجاربنا و من يكفر به وقتها فقد كفر بنعمة العقل التي هي نفسها من أكبر نعم الرب علينا ، و التي من الواجب علينا إعمالها و تسخيرها لأننا سنحاسب عليها كما يقول رب الملائكة والروح ؟ أليست مسألة الإختفاء هذه يا ربي تافهة لتختبر بها قوة إيماننا ، ثم تتنازل و ترسل لنا بشرا مثلنا ، لإخبارنا بأنك موجود فعلا مع العلم أنك تفضل الإختفاء بإرادتك ، ثم تطلب من البشر الضعفاء أن يصدقوا بشرا آخرين مثلهم ، لا لشيء سوى لأنهم قالو ذلك و وجب على العالمين أن ينساقوا وراء خطاباتهم حتى و إن كانت خرافية تتعارض مع منطق العقل و التفكير ؟ و لماذا تفضل كل المصائب و الدماء و الحرائق و المعارك و المآسي يا الله لتثبت وجودك إذن ؟ ألا تبدوا أنانيا ها هنا يا ربي ؟ لا يهمك بتاتا إلا نفسك و لا يغريك غير الإعتراف بوجودك و الإقرار بفضلك لا غير ، أما البشر فليذهبوا للجحيم فأنت أولا و من بعدك الطوفان ؟ لنعد لمسألة أخرى يا مؤنسي لنقول جدلا و فرضا بأن القرآن نزل على النبي الأمي صلوات و سلام الله عليه ، فمن الذي صاغ القرآن الحكيم إذن ؟ و من الذي صاغ اللغة العربية التي صيغ بها الفرقان ؟ هل النبي الأمي أم الرب الجليل ؟ ألا يبدوا جليا أن الله القدير أنزل بعض الأفكار و المعلومات فقط على نبيه الحبيب الذي قام بصياغتها بلغته ، و بما أنه إنسان عربي فإن صياغة القرآن ستكون لا محال بلسان عربي و بالتالي فإن صياغة الكتاب الشريف من الرسول و ليس من الإله ؟ بمعنى أن القرآن يا عزيزي بشري في لغته و إن لم يكن كذلك في معلوماته ؟ أليس الكتب السماوية لغوية إذن يا خليلي أي أنهى تمتلك لغة معينة ترتبط بواقع سوسيوثقافي ما ؟ أليست اللغة إنجاز بشريا محض لا إلهي أي أنها نتيجة إحتكاكات الإنسان و تفاعلاته و ليس لها علاقة بالرب القدوس ؟ فهل الله جل إسمه و علاه فعلا يتحدث إذن أو ينطق بكلمات ؟ و هل يملك ربنا الجبار لغة ما أو لغات معينة يتكلم بها ويخاطب بها أنبيائه و ملائكته ؟ أم يحق لنا القول يا خليلي أن الوحي عبارة عن إشارات فقط و عبارات إيحائية غامضة صعبة الفهم توسع خيال الأنبياء و مخيالهم في الكشف عنها و تشفيرها ليتم إستعابها من قبل الجموع ؟ بمعنى أن رسالة الوحي غامضة و إدراكها تم من خلال تفسيرات الأنبياء ؟ و بالتالي يسمح لنا القول منطقيا و عقلانيا بأن القرآن بشري فعلا ، لكن بنفحات و دوافع ربانية لا غير ؟ إذا كان الأمر كذلك فهل نجح الأنبياء فعلا في تأويل و تفسير و تشفير تلك الإيحاءات و المعاني بطرق صحيحة سليمة دون أن يشوبها تعديل أو تحريف ؟ و هل ما قدمه النبي و سيد الخلق و أفضلهم على أنه جوهر الوحي و مضمونه هو فعلا المقصود من جهة الإله ، أي أنه الهدف الأساسي للرب و الحكمة الأسمى له من الوحي ؟ ألن تُجن يا خليلي فعلا عندما يتعذر عليك الإجابة عن هذا السؤال ، كيف إقتنعت الجماهير الغفيرة من المسلمين بأن الشريعة من أصل رباني ؟ لماذا لم تطرح السؤال على نفسها هل القرآن فعلا من عند الحليم الغفار ؟ أليس الاحتمال كبير من أن يكون من جبريل أو من الجن أو لربما من الرسول نفسه ؟ فلا أدلة عقلانية تدل على ذلك و تثبت طرح المسلمين ؟ فكيف تصورت حشود التابعين عملية الإتصال بين جنسين مختلفين إذن ؟ و كيف إقتنعت بحصول إتصال بين هذا الإنسان المادي المتمثل في نبي الصحراء و بين عالم تجريدي غيبي ؟ فكيف يحصل الإتصال بين الله العزيز الذي هو وجود مطلق لا محدود و بين المَلك جبريل ؟ ثم كيف إستدخلت الجموع المسلمة عملية إتصال أخرى تمت بين الملك الذي هو وجود مجرد و بين البشر الذي هو وجود مادي محسوس ؟ فكيف نتصور هذا الاتصال يا صاحبي بين عالمين متباينين و بين طرفين مختلفين ؟ فكيف كان الإتصال إذن ؟ فهل حسي كان أم وجداني ؟ و كيف إقتنع من وجهة نظر أخرى رسولنا الحبيب و هو أدمي مثلنا بأن خطابات جبريل هي من وحي الإله ؟ ألن يؤمن سيد الخلق إلا بحجة و أدلة تثبت ذلك ؟ فهل الرب جل جلاله يملك لسانا يحدث به جبرائيل ؟ أم أن العملية كانت عبارة عن إيحاءات يتواصلان بها ؟ لماذا لم يتكلم الحي الرحيم إلى الرسول مباشرة ؟ لماذا لم يتكلم معه و ربنا أقرب للإنسان من حبل الوريد ؟ ما الغاية من هذه الوساطة التي لعبها جبريل إذن ؟ ما قيمة الوساطة الجيبريلية إذن ؟ و ماذا أضافت للوحي غير النقد و التشكيك ؟ لماذا لم يوحى القرآن بنفس طريقة وحي التوراة و الإنجيل ، بأن يتم إلهام الرسول لا تلقينه ماذا يفعل و ما لا يفعل ؟ و لماذا لا يتساءل حشود المتصلعمين عن كيفية وصول الرسالة و بهذه الطريقة إذن ؟ و هل من المعقول تصديق طرق وصولها اللامعقولة و الخيالية ؟ و كيف تنبني ديانة بأكملها على شاهد وحيد متمثل في نبي الصحراء ؟ و كيف يكون هو الشاهد الوحيد على ثبوت جبريل من عدمه ؟ و من قال لنا أنه لا وجود لجبريل من أساسه ، و أن القرآن كلام من وحي الرسول ؟ إذا كان كل شيء مكتوب في اللوح المحفوظ فما فائدة وجود ملكين رقيب و عتيد ؟ أليس في حالة الإيمان بأن القرآن مكتوب في اللوح المحفوظ هذا يعني أن القرآن مخلوق قبل الرسول الحبيب إذن ؟ إذا كان قبل محمد فلماذا الناسخ و المنسوخ ؟ و لماذا لم ينزل صريحا واضحا كالماء ؟ فهل آيات الإفك و عبس و تولى و غيرها من الآيات محفوظة فعلا في اللوح المحفوظ ؟ تخيل معي يا صديقي لو نزل الوحي على الرسول و هو مبعوث في جغرافية سيبريا و واقعها ، ماذا كان سيقول لنا إذن لأن الناس هناك لا حاجة لهم بالظل و الظلال ولا رغبة لهم بالأنهار ، بل شوقهم حار للشمس و الدفىء ، حتى وصف الجنة الطوباوي و الخيالي لا يمسهم بشيء ، فهم لا يريدونها تجري من تحتها الأنهار بل تجري من تحتها الدفئ خالدين فيها ، و العقاب في نظرهم لن يكون بجهنم بل بدرجات حرارة أكثر برودة من تلك التي يعانونها ، فالنار بالنسبة لهم جنة والجنة نار ، و لن يقول لنا صلى الله عليه و سلم أنظروا إلى الإبل و النحل و لن يقسم لنا بالتين و الزيتون و غيرها لأن لا وجود لها هناك ؟ أرغب أن تعي ما قيل يا صاحبي و أن تفهم المغزى من برقيتي ، فالحكمة إبنة المساء فعلا و سيدة الهدوء بإمتياز ، أما الأسئلة الكبرى وفية لخطوات المشي و الجولان و حتى بين الإستقرار و الترحال تنبع و تثور ، فالأفكار بومة تستيقظ عمدا حينما تنام فقط باقي الحواس ، لترى شفافية العالم و الذات بعين ليلية عميقة بعيدة عن ضوء النهار المفضوح ، من خلالها أيها الصديق يستفيق العقل من سبات التبعية و من غفوة النقل ، و يتلاشى غبار الخبث و الإبتذال المغلف بوهم الحقيقة و المخفي وراء خدعة الحواس ، لينحت توجها عقلانيا يسعى للبحث عن المعنى في واقع بلا معنى و يفتقر للجدوى ، فأن تكون حكيما يا عزيزي يعني أن تكون مجيدا للسؤال خصوصا في حضرة الليل و أثناء الجولان .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن