دردشة 2

شامل عبد العزيز

2012 / 7 / 5

الحرية هي إمكانية الفرد دون أي جبر أو ضغط خارجي على اتخاذ قرار أو تحديد خيار من عدة إمكانيات موجودة. مفهوم الحرية يعين بشكل عام شرط الحكم الذاتي في معالجة موضوع ما . الموسوعة .
( هل جميع الأحزاب وبدون مسميات تمتلك هذه الحرّية , هل هناك حرّية عدا الحرية التي يتمتع بها الإنسان في المجتمعات الليبرالية ) ؟
لماذا هذا السؤال ,, لأننا نقرأ بأن الحرّية الوحيدة التي شهدتها البشرية هي الحرّية التي كان يتمتع بها المواطن في الاتحاد السوفيتي ( التجربة الاششتراكية وتحديداً لغاية 1953 ) ؟
هل المواطن الروسي كان حرّاً , هل المواطن في جميع دول الاتحاد السوفيتي قبل الانهيار كان يعرف معنى الحرّية ) ؟
بما أن عنوان المقال " دردشة " والحديث ذو شجون نقول :
العلمانية ليست هي المقابل للدين ولكنها المقابل للكهانة ..
العلمانية هي التي تجعل السلطة السياسية من شأن هذا العالم والسلطة الدينية شأناً من شؤون الله ..
العلمانية هي في جوهرها ليست سوى التأويل الحقيقي والفهم العلمي للدين ..
: تعريف من حيث حقوق المواطنة وأسسها الدستورية
العلمانية لا تجعل الدين أساسا للمواطنة وتفتح أبواب الوطن للجميع من مختلف الأديان هذه هي العلمانية دون زيادة أو نقصان فهي لم ترادف في أي زمان أو مكان نفي الأديان ..
أسس الدولة العلمانية تتمثل فيما يلي :
أ - أن حق المواطنة هو الأساس في الانتماء بمعنى أننا جميعا ننتمي إلى مصر بصفتنا مصريين مسلمين كنا أم مسيحيين ( وكذلك باقي المجتمعات ) .. .
ب - إن الأساس في الحكم الدستور الذي يساوى بين جميع المواطنين ويكفل حرية العقيدة دون محاذير أو قيود ..
جـ- أن المصلحة العامة والخاصة هي أساس التشريع ..
د- إن نظام الحكم مدني يستمد شرعيته من الدستور ويسعى لتحقيق العدل من خلال تطبيق القانون ويلتزم بميثاق حقوق الإنسان ""
( نريدها دولة مدنية علمانية ليبرالية ) .....محمد رجب التركي
المجتمعات البشرية هي من إنتاج البشر أنفسهم ..
السلطات السياسية من أصل مجتمعي دنيوي ..
هذه هي أسس المجتمع المدني والذي بزغت في أواسط القرن السابع عشر ..
( عبد الكريم الجباعي , بتصرف ) ..
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=31923
هذا هو الجزء الثاني من العنوان الذي سوف يكون على شكل سلسلة مقالات تخص الليبراليّة التي نؤمن بها ..
بالمقابل هناك من يؤمن بعكس ما نؤمن به " حق طبيعي له " الحكم والفيصل بيننا وبينهم هو الواقع .
كان الجزء الأول " دردشة 1 " عبارة عن بعض المفاهيم البسيطة والمتفرقة عن معنى الليبراليّة والتي هي بالمفهوم العام " الحرّية " ..
لا قيمة لأي شئ في الحياة بدون " الحرّية " حسب رأيي المتواضع ..
في موضوع " الأسس الليبراليّة للمجتمع المدني " يقول الأستاذ الجباعي :
المجتمعات البشرية والسلطات السياسية هي بنت التاريخ ، لا بنت السماء ، ولا بنت الطبيعة ، كـ "مجتمعات الحيوان"، وما دامت كذلك ، فهي ليست حالة طبيعية ولا تجلياً لروح كوني ، لاهوتي ..
الاجتماع البشري أبن التاريخ ..
اجتماع الحيوان أبن الطبيعة ..
هذا تمييز وتمييز حاسم أليس كذلك ؟
ولكن السؤال من أين جاء وكيف تمّ تأسيسه ؟
هذا التمييز الحاسم مؤسس على النظر إلى الإنسان بصفته كائناً نوعياً ، يمتاز من سائر الكائنات الطبيعية بالعقل والوعي والإرادة ، وبقدرته على إنتاج ذاته في العالم وفي التاريخ ..
( وليس من الأمين العام للحزب أو من القائد العظيم الذي يفكر بدلاً عنك وأنت كالعبد أو كالحشرة لا قيمة لك ) .
سؤال ,, هل هناك تعارض مع هذه الرؤية ؟ الجواب " نعم " وعلى الشكل التالي :
هذه الرؤية كانت ولا تزال تعارض الرؤية الطبيعية من جهة ، والرؤية اللاهوتية من جهة أخرى .
( الطبيعية , اللاهوتية ) ..
الرؤية الطبيعية والرؤية اللاهوتية تتقاطعان في نفي إرادة البشر وحريتهم .
( ونحن نبغي الحرّية ) .. إلى ماذا يدفع هذا القول ؟
يدفع إلى القول : إن فكرة المجتمع المدني مؤسسة على فكرة الحرية ، في معارضة الحتمية الطبيعية والقدرية اللاهوتية على السواء ..
هناك نقاط أساسيّة هي كالتالي :
أولاً : على فكرة الدنيوية (العلمانية) التي تقيم فكرة المجتمع والدولة على فكرة العقل ..
ثانياً : على فكرة التاريخ ، بوصفه حركة انبثاق الأشياء والظاهرات من القوة (الإمكان) إلى الفعل (الواقع)، وتوقيع ممكنات على حساب ممكنات أخرى ..
ثالثاُ : نكاد لا نجد في تلك البداية الباكرة فروقاً تذكر بين مفاهيم المجتمع المدني والمجتمع السياسي والجسم السياسي ..
تقول الدكتورة " سالي خليفة إسحاق " في صدد أسس الفكر الليبرالي :
http://www.youtube.com/watch?v=9bkvm3s_c64
للفكر الليبرالي أساسين مرتبطين سواء في كتابات المفكرين الغربيين الذي وضعوا قواعد الفكر الليبرالي أو في النهج العلمي الذي اتبعته الدول في تطبيق الليبرالية ..
ما هو الأساس الأول ؟
أولا : الحقوق الطبيعية للإنسان - بمعنى آخر " أنّ الإنسان يتمتع بمجموعة من الحقوق الطبيعية مرتبطة بكونه إنسان وبالكرامة الإنسانية بغض النظر عن طبيعة المجتمعات السياسيّة "
أين نجد الكرامة الإنسانية – الحقوق الطبيعية – في أي المجتمعات هي موجودة – هل هناك مجتمعات تؤمن بهذه الحقوق ومن هي هذه المجتمعات وما طبيعة النظام الحاكم ؟
هي هل مجتمعات ثورية – اشتراكية – شيوعية " لم تتحقق بعد " قومية – دينية ؟
هل هذه المسميات تؤمن بكرامة الإنسان وأن يكون حراً يختار ما يشاء – الأحزاب الراديكالية بكافة مسمياتها تفكر عن المجتمع عني وعنك وعن الآخرين – هي التي تجعلني كيف أفكر لا بل ترغمني على نوعية من التفكير الذي تريده هي وتؤمن به .. كيف أمارس حياتي ماذا يعجبني ماذا أرتدي ,, هي تضع ليّ كل شئ وأنا مسلوب الإرادة لا بل في مهب الريح – إذا كانت الأديان فالسماء هي الفيصل والآلهة هي الحكم والأنبياء هم المبلغين وإذا كانت من الأحزاب التي تعمل بالخفاء فيجب عليك أن تؤمن بنظرية " نفذ ثم ناقش " هو يفكر عنك – عضو اللجنة المركزية هو الذي يدير شؤون حياتك – كل شئ بيد الحزب والدولة وهي التي تحقق لك كل ما تتمناه ولكن من خلال التجارب تبين أن هذه الطريقة من التفكير هي عبارة عن مسخ للبشر وللبشرية – هي نزع إرادة الإنسان – هي تحويله لمجرد آلة ينتج ثم يأكل ما ينتجه ولكن هل يفكر هل يختار هل يقارن ؟ لا – أبداً كل ذلك محجوب وممنوع ..
لذلك فشلت وسوف تفشل جميع هذه المبادئ " إذا صح تسميتها " وتفشل جميع هذه الأفكار " إذا كانت كلمة فكر تنطبق عليها "
لسبب بسيط أنها تتعارض مع الفطرة الإنسانية التي هي الأصل ..
فكرة الحقوق الطبيعية " التي تؤمن بها الليبرالية فقط " دون غيرها , أي الإنسان في الفطرة الأولى أو في الحالة التي تسبق قيام الدولة وكافة أشكال المجتمعات السياسية المنظمة " كان يتمتع بمجموعة من الحقوق مرتبطة بصفته فرد " إنسان حرّ ( وليس آلة أو عبد أو مسخ ) مرتبطة بكرامة الإنسان " ولا كرامة للإنسان في أنظمة الحكم الشمولية والاستبداد والطغيان والحاكم الذي يجلس على عرش الرحمن لحين زيارة ملك الموت " لا كرامة إلا في البلدان التي تؤمن بالرأي والرأي الآخر والتي تؤمن بحرية العقيدة وحرية مزاولة النشاط الاقتصادي الذي يرغب به الإنسان مهما كان ذلك الإنسان وبغض النظر عن اللون والجنس والمعتقد والطائفة ..
جاءت الليبرالية من أجل تأكيد " الفطرة الأولى " ومن أجل تأكيد هذه القيم وهذه الأفكار أي " أن الإنسان يتمتع بمجموعة من الحقوق الطبيعية المرتبطة بكونه إنسان يتمتع بالكرامة الإنسانية وأن هذه الحقوق يجب أن تظل على ما هي عليه وأن يتمتع بها الفرد في ظل المجتمع السياسي ..
هذا هو الأساس الأول من أسس الفكر الليبرالي ولكن ما هو الأساس الثاني :
الأساس الثاني هو العقد الاجتماعي ..
الإنسان في الفطرة الأولى التي سبقت قيام مجتمعات سياسية منظمة كان يتمتع بكامل أشكال الحريات فبالتالي تأثر النظام العام وساد نوع من أنواع الفوضى وكانت الحاجة لقيام مجتمع منظم للحفاظ على المصلحة العامة للمجتمع فجاءت فكرة العقد الاجتماعي :
أي أنّ مجموعة من الأفراد ارتضت بإرادتها الحرة أن تتنازل عن جزء من حقوقها لصالح سلطة معينة لكي تقوم بتنظيم المجتمعات ( هذا ما يطلق عليه العقد الاجتماعي بصورة مختصرة مبسطة ) وبمعنى أخر وبصيغة أخرى ( الأفراد وقعوا عقداً مع السلطة المسؤولة عن إدارة الدولة والمجتمع ) , وأنتقل الفرد من حالة الفطرة الأولى إلى حالة المجتمع التي يجب أن تحافظ على حقوق الأفراد الأساسية والطبيعية المرتبطة بكونهم أفراد في المجتمع .
فكرة العقد الاجتماعي هي " انتقاص من بعض حقوق الطبيعة الأولى أو الفطرة التي عاش فيها الأفراد قبل ظهور المجتمعات السياسية إلى حالة المجتمع المنظم الذي يجب أن يحافظ على الحقوق الأساسية للمواطنين مع الحفاظ على سلامة المجتمع والنظام العام " .
فكرة العقد الاجتماعي بمعنى آخر :
هي أن مصدر السلطة هو الشعب أو الأفراد وليس مصدر آلهي ( أو أيّ مصدر آخر مهما كان ) .
الأفراد هم الذين أرتضوا أن يعطوا جزء من حرياتهم في سبيل إقامة مجتمع منظم يحافظ على حقوقهم وحرياتهم الأساسية .
في حالة عدم رضاء الشعب ( إذا أخلت هذه السلطة بتلك الحقوق ) عند ذلك يجوز الخروج على هذه السلطة والثورة عليها ..
( لا نحتاج لكي نضرب الأمثال ونأتي بالشواهد على تلك الدول التي تتمتع بهذا العقد فهي واضحة وضوح الشمس وهي الوحيدة التي نستطيع أن نقول عنها بأن الفرد في تلك المجتمعات هو الأغلى وليس في مكان آخر بالرغم من إدعاء المخالفين والشعارات التي يطلقونها هنا وهناك فهي مجرد شعارات لاتسمن ولا تغني من جوع وسوف يبقى هؤلاء يرددون تلك الشعارات كالببغاوات ) ..
مواضيع ذات صلة :
عن فاطمة ناعوت في اليوم السابع ( الليبرالية ومستوى الذكاء ) .
http://www3.youm7.com/News.asp?NewsID=483704
صرّح باحثٌ في "كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية"، أن الأطفال الأذكياء يميلون عند الكِبر لأن يصبحوا ليبراليين، على عكس نظرائهم الذي يتمتعون بذكاء عادى، أو أقل من العادي، الذين يصبحون متعصبين ومتطرفين عند الكبر، جاءت هذه النتائج بعد دراسات مكثفة استغرقت عقودًا، أعدها "ساتوشى كانازاوا"، الباحثُ في "علم النفس التطوري" بالكلية، وفريقُ عمله ....

ركزت الدراسةُ على أن مستوى الذكاء لدى الأفراد هو الذي يحدد ميولهم الإنسانية ومعتقداتهم السياسية وتوجهاتهم الفكرية، وخَلُصتِ النتائجُ النهائية إلى الارتباط الوثيق بين الذكاء والليبرالية، وتدعم نظريةَ كانازاوا بامتياز، جميع الأبحاث الميدانية والدراسات المعمّقة التي أُجريت في بريطانيا مؤخرًا على عدد من اليافعين، إذ أشارت إلى أن الأشخاص الذين أكدت سلوكياتهم وأسلوب حياتهم أنهم "ليبراليون جدًّا"، كانت مستويات ذكائهم مرتفعة تتجاوز 106 بمقياس IQ، أو معامل الذكاء Intelligence quotient، في حين أن الذين أثبتوا أنهم محافظون جدًّا أو رجعيون، انخفضت نسبة ذكائهم عن 95 درجة على مقياس IQ. وقال كانازاوا في الدراسة التي نُشرت في دورية "علم النفس الاجتماعي" Social Psychology إن الأشخاص الذين أثبتوا أنهم "معتدلون دينيًّا" كان مستوى يفوق ذكائهم 103 درجة، مقارنةً بـ 97 درجة للذين أثبتوا أنهم "متعصبون دينيًّا ..
والشاهد أن نتائج هذه الدراسة غير مدهشة لأنها تصبُّ بامتياز في خانة المنطق، فالعالِم، كلما توغل في بطون العلم ، يوقن تمامَ اليقين أنه لا يدرى شيئًا، لأن العلم كالمحيط العميق الشاسع ، الذي يعرف الغواصُ أنه لم يخبر منه إلا الشعابَ المتناثرة والقواقع، فيما كنوزه خبيئةٌ في مجاهل سحيقة ، لا يعلمها إلا من خلقها، لهذا يقول العالِم : "كلما تعلّمتُ أكثر، ازددتُ إيمانًا بجهلي"، كذلك الشخصُ الذكي، كلما اتسعت مداركه وعَمُق ذكاؤه، أدرك أنه لا يصيب من الحقيقة إلا ما يظنُّ أنه الحقيقة، بينما الحقيقةُ الحقيقةُ، بعيدةٌ بُعد الشمس عن كوكب بلوتو، أما محدود الذكاء، فوحده مَن يصدق أنه امتلك "اليقينَ" وقبض على جمرة "الحقيقة"، ومن ثم يتعصّبُ ويجهر الصوت ويمارس العنف ضد كل مَن يخالفه بشأن هذه "الحقيقة" وذاك "اليقين"، أقصدُ : ما يظنه حقيقةً وما يزعم أنه يقين ( انتهى ) .
إلى من تنطبق عليهم هذه الدراسة ونقرأ لهم من على صفحات الحوار المتمدن :
لم أجد أفضل من هذه الدراسة الحديثة التي نقلتها الدكتورة فاطمة ناعوت لكي تكون جوابي لكم ( المخالفين الذين يكررون ما يؤمنون به ويجترون أفكارهم من الماضي السحيق دون أي تقدم يذكر نلمسه أو نشاهده على أرض الواقع ) .
ختاماً :
ليس البطل هو الذي يدخل معارك لا نهاية لها مع الخصوم ، وليس من يخترع الخصوم اختراعًا . البطل هو الذي يكسب الحياة والحرية للإنسان . وإذا استطاع ذلك ، بلا خصوم ولا خصومة ، كان هذا هو النصر الذي تهتف له النجوم ( عبد الله القصيمي ) ..
/ ألقاكم على خير / .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن