ألمانيا:المؤتمر الثالث لحزب اليسار ينهي أعماله/ انتخاب قيادة جديدة وعزم على تجاوز الصعوبات

رشيد غويلب
rachidlu@t-online.de

2012 / 6 / 4

انتهت مساء الأحد، الثالث من حزيران الجاري، أعمال المرحلة الأولى من المؤتمر الثالث لحزب اليسار الألماني، الذي ضيفته إحدى قاعات مدينة كوتنكن الشمالية.

ويأتي انعقاد المؤتمر بعد فترة عصيبة عاشها الحزب طيلة أكثر من عام شهدت اختلافات فكرية تمحورت حول الموقف من الاشتراك في الحكم على الصعيد الاتحادي، وفي حكومات الولايات، وحول طبيعة العلاقة مع قوى الوسط المتمثلة بالحزب الديمقراطي الاجتماعي وحزب الخضر.


طبيعة الحزب الفكرية والتنظيمية

حزب اليسار، الذي تأسس عام 2007 من اندماج حزب الاشتراكية الديمقراطية (خلف الحزب الاشتراكي الموحد) و المبادرة البديلة التي تأسست بعد انشقاق الجناح اليساري عن الحزب الديمقراطي الاجتماعي في الغرب، يعتمد التعددية الفكرية والتنظيمية، ولكن تياراته يحكمها نظام داخلي وبرنامج مشترك يمثل القاسم المشترك بين الجميع. وقد حقق الحزب خلال السنتين الأولى من تأسيسه نجاحات سياسية وانتخابية كان أبرزها حصوله في انتخابات "البونستاك" –البرلمان الاتحادي الأخيرة على 76 مقعدا واحتلاله الموقع الثالث في البرلمان تاركا حزب الخضر خلفه، فضلا عن دخوله في عدد من برلمانات الولايات الغربية لأول مرة.

ونجح الحزب في إقرار برنامجه الأول في المرحلة الثانية من مؤتمره الثاني، الذي عقد في تشرين الأول الماضي، في مدينة "ايرفورت"، وتميز البرنامج بطابع جذري مضاد للرأسمالية، وتبنى الاشتراكية المتلازمة مع الديمقراطية كبديل للرأسمالية السائدة في عالمنا. وأصبح الحزب نموذجاً لتحالفات قوى اليسار التي حققت في السادس من أيار الماضي نجاحات انتخابية باهرة في فرنسا واليونان.

ولكن الحزب تلقى في الأشهر الأخيرة ثلاث خسارات انتخابية أدت إلى خروجه من برلمانات ولايتين بعد نجاحه في دخول برلمان ولاية ثالثة لم يمثل فيها سابقا.

وقبيل مؤتمره الثالث، تصاعد بداخله التنافس بين التيار الإصلاحي المنتشر أساسا في المقاطعات الشرقية والتيار الجذري الذي تقوده شخصيات نقابية ويتمركز أساسا في غربي ألمانيا.

وسعت وسائل الإعلام التقليدية إلى توظيف مصاعب الحزب للنيل منه بهدف تصعيد الخلافات داخله، وصولا إلى شق صفوفه، إلا أن نجاح المؤتمر في انتخاب قيادة جديدة تمثلت فيها التيارات المختلفة خيب آمال الخصوم وفتح أمام الحزب إمكانيات أكبر لتجاوز مشاكله الداخلية والخروج من دائرة الصراع الداخلي إلى فضاء الفعل السياسي الجاد استعدادا لخوض الانتخابات الاتحادية التي ستجري في خريف عام 2013، والتي يشكل حفاظ الحزب على مواقعه الحالية أو تحقيق زيادة فيها مدخلا هاما للخروج النهائي من الأزمة.

ويرى المتابعون إن الحزب يواجه مهمة ليست سهلة، وهي توحيد ثقافات مختلفة وتجربة تاريخية وسياسية متباينة بين منظمات الشرق التي عاشت تجربة الاشتراكية الفاشلة ومنظمات الغرب التي تمرست في مواجهة النظام الرأسمالي.


طبيعة مندوبي المؤتمر

يضم الحزب 68200 عضوا (نيسان 2012 ) يتوزعون بين 41484 في الشرق (جمهورية ألمانيا الديمقراطية السابقة) و26716 في غرب ألمانيا، وعلى أساس نسبة التمثيل في المؤتمر كان هناك 304 مندوبينً للشرق و 196 مندوباً للغرب يضاف لهم 70 مندوبا يمثلون اتحاد الشبيبة ومجموعات العمل الاتحادية المختصة.

ويذكر أن اللوائح الداخلية للحزب تعطي نسبة إضافية لمنظمات الغرب تهدف إلى تفعيل دورها في عمل الحزب، على أن ينتهي العمل بها في عام 2014 .


القيادة الجديدة للحزب

انتخب المؤتمر كل من "كاتيا كيبنك" و "بيرند ريكسنغر" لقيادة الحزب عملا بمبدأ الثنائية والمساواة بين والرجال والنساء داخل الحزب. وقد جسد الترشيح والانسحابات التي تبعته طبيعة التنافس للوصول إلى الموقع الأول في قيادة الحزب، وفي النهاية حسم السباق لقيادة شابة تعكس إلى حد بعيد التنوع الفكري داخل الحزب.

تبلغ " كيبنك" 34 عاما وكانت حتى المؤتمر نائبة للرئيس ومهتمة بالسياسة الاجتماعية، وحصلت على 371 صوتا مقابل 162 لمنافستها. و"بيرند ريكسنغر" 56 عاما، وهو شخصية نقابية معروفة وسكرتير منظمة الحزب في ولاية "بادن – فورتمبيرغ" الغربية، ورغم انه لم يكن من قادة الصف الأول في الحزب، إلا انه حصل على 297 صوتا، واستطاع التغلب على أهم ممثل للتيار الإصلاحي "ديتمرباج"، الذي حصل على 251 صوتا.

والى جانب رئاسة الحزب انتخب المندوبون أربعة نواب للرئيس ومديراً تنفيذياً ومسؤولا للمالية، وبقية قيادة الحزب التي يبلغ عددها الإجمالي 44 عضوا.

وكان المؤتمر فرصة أخرى أكد فيها ابرز شخصيات الحزب وقادته في مرحلة التأسيس ضرورة الخروج من دائرة الانشغال بالصراعات الداخلية وتجميع القوى من اجل الانتقال بمشروع الحزب إلى مواقع أكثر تقدما مذكرين بالتغييرات العميقة التي سببتها نجاحات الحزب في الخريطة السياسية الألمانية والأوربية، خصوصا في وقت تشهد الساحة الأوربية نهوضا لقوى اليسار، دفعت الرئيس الفرنسي الجديد إلى تبني سلسلة من الأفكار والمقترحات التي كان حزب اليسار الألماني سباقا في طرحها، كفرض الضرائب على الأثرياء، وتحديد الحد الأدنى للأجور (10 يورو في الساعة)، ومواجهة الأزمة بزيادة الاستثمار وإنعاش النمو الاقتصادي بعيدا عن الوصفات الجاهزة لمؤسسات رأس المال، وسحب قوات الناتو من أفغانستان.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن