جدل إنتخابي ساخن حول قضايا المرأة

امان

2002 / 9 / 23

جدل إنتخابي ساخن حول قضايا المرأة في دائرة آنفا ـ الدار البيضاء

الحزب الليبرالي المغربي يقترح سن قانون يمنع التحرش الجنسي

الرباط: منصف السليمي: هيمنت قضايا المرأة على الحملات الانتخابية للمرشحين وعلى برامجهم، وسط توقعات بتحقيق أعلى نسبة من النساء الفائزات بمقاعد في مجلس النواب المغربي المقبل. وتشهد دائرة «الدار البيضاء ـ آنفا»، التي تعد من اكبر الدوائر الانتخابية من حيث عدد الناخبين (300 الف ناخب) ، جدلا انتخابيا ساخنا حول موضوع المرأة، لا سيما بين رشيد المدور وكيل لائحة حزب العدالة والتنمية الأصولي، وسعيد سعدي الوزير السابق المكلف المرأة، وكيل لائحة حزب التقدم الاشتراكية، الذي كان وراء تقديم مشروع «خطة ادماج المرأة في التنمية».

ويقود السعدي لائحة حزبه في الدار البيضاء التي شهدت مظاهرة ضخمة (نصف مليون شخص) قادها الاسلاميون ضد مشروع الحكومة، وكلف ذلك السعدي فقدانه منصبه الوزاري في أول تعديل شهدته حكومة اليوسفي سنة 2000، ولوحظ ان غريمه المدور يركز في حملته الانتخابية على مهاجمة السعدي باعتباره مهندس «خطة ادماج المرأة» التي ينتقدها الاسلاميون لكونها «تتعارض مع الشريعة الاسلامية وتكرس توجهات علمانية منبثقة من برامج واتفاقيات دولية لا تراعي خصوصيات المجتمعات وهويتها الدينية».

وفي نفس الدائرة الانتخابية قدمت ياسمينة بادو (39 عاما) ، وكيلة لائحة حزب «الاستقلال»، نفسها كنموذج للمرأة المؤهلة لتولي المسؤولية كنائبة برلمانية، وذلك بعد تمكنها من الحصول على مركز وكيلة اللائحة بعد فوزها في انتخابات الترشيحات داخل الحزب على يوسف الطاهري ، وزير الطاقة الاسبق. كما تواجه ياسمينة بادو في دائرتها الانتخابية مرشحين يعتبرون من الوجوه البارزة في الحقل السياسي المغربي، وضمنهم خالد عليوة الوزير السابق للتشغيل والتضامن الاجتماعي، وكيل لائحة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وعبد الرحيم الحجوجي أمين عام حزب القوات المواطنة.

وقالت المرشحة بادو انه يتعين ان لا يسقط الناخبون في الاستقطاب بين التيارين المتطرفين في نظرتهما للمرأة ، سواء في الاتجاه الأصولي او الاتجاه العلماني. واكدت بادو ان الاسلام يتميز بنظرته الوسطية المعتدلة للمرأة ولا ينكر حقوقها وكرامتها، لكنها لاحظت انه يتعين ان يتم تكييف المشاريع التي تنادي بتطوير اوضاع المرأة المغربية مع خصوصيات المجتمع كي لا تتعارض مع مبادئ الدين الإسلامي.

ومن جهتها، تنطلق نزهة الشقروني الوزيرة المغربية المكلفة شؤون المرأة، ووكيلة اللائحة الوطنية لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، من اعتماد نمط الاقتراع الجديد القائم على اللائحة الوطنية للمرشحات الى جانب اللوائح المحلية لكل حزب، باعتباره مكسبا لصالح المرأة تحققه حكومة عبد الرحمن اليوسفي، يهدف الى رفع مستوى تمثيل وحضور المرأة في البرلمان. واشارت الشقروني الى ان معدل تمثيل المرأة في البرلمان المغربي الحالي متدن جدا، ولا يتجاوز 0.6 في المائة، كما أن دخولها للبرلمان يعود فقط إلى سنة 1993، وهو ما يجعل المغرب مصنفا ضمن البلدان الاواخر في هذا المجال. وهو وضع لا يعكس الصورة الحقيقية للمرأة في المغرب ولا يشرفها، فضلا عن تعارضه مع مقتضيات الاتفاقيات الدولية لمناهضة كل اشكال التمييز ضد المرأة، التي صادق عليها المغرب، وتتطلب اتخاذ تدابير ولو كانت تمييزية أي بمفهوم إيجابي لفائدة المرأة. وزارت الشقروني عددا من المدن للمشاركة في تجمعات انتخابية الى جانب مرشحي اللوائح المحلية لحزبها، واوضحت ان تركيز حملتها الانتخابية على قضايا المرأة مرده الى الحيف والتهميش الذي تعاني منه المرأة المغربية، وضرورة اعادة الاعتبار لدور النساء في العمل السياسي وفتح المجال امامهن لممارسة مواطنتهن الكاملة لأن الديمقراطية لا يمكنها ان تكون جزئية. لكنها لاحظت ان حضور قضية المرأة «في برنامجنا الانتخابي مواز لحضور القضايا المجتمعية الاخرى، لأن الخطاب موجه للناخبين ككل رجالا ونساء، ولن يستثني الرجال، كما ان حضور نائبات في البرلمان سيكون لخدمة قضايا المرأة والرجل معا وليس للنساء فحسب».

وفي رأيها حول الجدل المثار حول موضوع مدونة (قانون) الاحوال الشخصية مثل قضايا الطلاق وتعدد الزوجات، اوضحت الشقروني ان المدونة منبثقة من الشريعة الاسلامية وتدخل ضمن اختصاصات الملك باعتباره أمير المؤمنين، وبالتالي فالامر محسوم على هذا المستوى، موضحة ان الملك محمد السادس شكل لجنة ملكية مكلفة موضوع اصلاح مدونة الاحوال الشخصية، وان حزبها مستمر، في اطار اللجنة الملكية في الدفاع عن مطالبه المتمثلة في اصلاح الاوضاع القانونية والاجتماعية للمرأة، معربة عن املها في ان لا تكون النتائج مخيبة للآمال.

واضافت الشقروني ان برنامجها الانتخابي منبثق من رؤية حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية «لمشروع مجتمعي تقدمي حداثي يستند الى مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة»، ولاحظت قائلة «لا يمكن أن نقول ان الشريعة الاسلامية وقفت في يوم ما ضد العدالة الاجتماعية، وبالتالي فهي سند اساسي لمطالبنا، ولن نتوانى عن الوقوف ضد أي جهة تحاول استغلال هذا الموضوع، لأننا نعتبره استغلالا سياسويا وديماغوجيا». ومن جهتها، انتقدت بسيمة الحقاوي وكيلة لائحة حزب العدالة والتنمية الأصولي، بعض مظاهر التفريق بين قضايا المرأة والرجل، معتبرة ان المرشح او المرشحة لتمثيل الناخبين في مجلس النواب، سيكون ممثلا او ممثلة للمواطنين رجالا ونساء وليس للنساء وحدهن.

واشارت الى مرشحات بعض الاحزاب ذات التوجهات اليسارية قائلة انهن «يفصلن قضايا المجتمع على مقاسهن عندما يفصلن قضايا المرأة عن اوضاع أسرتها ومحيطها الاجتماعي». وقالت الحقاوي انها اشترطت على حزب العدالة والتنمية ان لا يفصل بين الرجال والنساء في التجمعات الانتخابية التي ينظمها. وشددت على اهمية ملاءمة الاصلاحات المزمع ادخالها على قانون الاحوال الشخصية مع مقتضيات الشريعة الاسلامية، ومتطلبات النهوض بأوضاع المرأة حسب مؤهلاتها واختصاصاتها ودرها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.

وقالت حقاوي ان لديها الثقة في تأييد الشعب المغربي للمرأة التي تمثل أصالته وقيمه الاسلامية، متوقعة حصول اللائحة الوطنية لحزب العدالة والتنمية على مركز متقدم في الانتخابات على مستوى المقاعد الثلاثين التي تتنافس عليها 24 لائحة وطنية، كما توقعت فوز مرشحات من الحزب ضمن اللوائح المحلية، مشيرة الى المرشحة فاطمة بلحسن، وكيلة لائحة الحزب في دائرة «الفحص بني مكادة» بطنجة. ولوحظ ان حضور قضايا المرأة في البرامج الانتخابية التي قدمتها الاحزاب السياسية الجديدة، كان مكثفا وتضمن مقترحات غير مسبوقة، على غرار الاقتراح الذي تضمنه برنامج الحزب المغربي الليبرالي (حزب حديث النشأة) الداعي الى سن قانون يعاقب على التحرش الجنسي كوسيلة لمكافحة هذه الظاهرة المتفشية في المجتمع المغربي، كما اقترح برنامج الحزب الليبرالي، تعيين موظفات ومسؤولات من النساء في مراكز الشرطة، تكون مهمتهن رعاية ضحايا العنف من النساء وكفالة حقوقهن.  



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن