سورية بدها حرية

إياد أبازيد
howrans@gmail.com

2012 / 4 / 5


الثورة ومنذ اللحظة الاولى من اجل الكرامة،،،، قالوا اضافر الاطفال سببا ،،،؟
لكن هذا تقزيم لما اعتمل في الصدور وتهوين من عزيمة اهل حوران منذ اللحظة الاولى،،، فالمتابع يلاحظ ان اول مظاهرة في درعا نادت بالحرية وبالاصلاح ولم تنادي باطلاق سراح معتقلين اطفال :
الخميس السابع عشر من أذار 2011 … يمشي رجل مع زوجته في احد اسواق درعا،

و يقول لها : ما بال الناس اليوم ؟ انظري الى وجوه الناس كيف تحمل الخيبة و اليأس، و كأنهم ينتظرون سبباً للبكاء او الصراخ….!!

هذا الاحساس انتاب الكثير من اهالي درعا في ذلك الخميس ,و كان هذا الرجل عمٌ لاحد الاطفال المعتقلين قبل عدة ايام ، و ابٌ لاخر مطلوب بنفس التهمة ، على اثر عبارة كتبت في احد مدارس البلدة تقول( الشعب يريد اسقاط النظام) و اخرى تقول ( اجاك الدور يا دكتور) ، و كان ذنب ابن اخيه ان اسمه كان مكتوب على حائط المدرسة، قريبا من العبارة , و بخط صغير لا يشبهها ابداً..

سرت في البلدة فرحة خفية و احاديث سرية تتكهن و تتوقع هوية كاتب هذه العبارات و علاقتها بما يحدث في ليبيا و اليمن بعد ان اسقطت الثورات في مصر و تونس انظمتهما، و رأى الناس يومها في الحي استنفار اجهزة الامن،للمرة الاولى و ترقبوا شيئاً اكبر و اعادوا الاحاديث عن دعوات للتظاهر تتناقلها مواقع الانترنت وما يسمى بالفيس بوك ، الذي اطلق سراحه الرئيس قبل ايام ,و كأن الامر لا يعنيهم، كان الحديث يدور عن (الشوام ) و ما سيفعلونه، و قليل من الاحاديث عن حادثة الحريقة ، الذي أظهر رغبة خفية لدى الناس في التظاهر , كأشقاءهم في البلدان العربية ,

الرجل استقبل هذا الخبر بسخرية معهودة ، نفس السخرية التي جابه بها اصدقاءه عندما قالوا له ان (الشوام )يحضروا شيئاً ما في منتصف الشهر ،سيبدأ بمظاهرات و قطع طرقات , و يتطور لثورة , أما هو فكان يمضي يومه محاولا اخفاء ابنه المطلوب و متابعة قضية اطفال الحي الذين تم تحويلهم الى فرع السويداء بتهمة التحريض على التظاهر،نتيجة لنباهة المحققين و ما تفتقت عنه عبقريتهم من ان الطفل صاحب الاسم بجانب العبارة هو من كتب العبارة ,

و هذا بدوره ذكر كل الاسماء التي يعرفها من اصدقاءه و اقاربه في التحقيق ليضعهم على قائمة المطلوبين لاخطر تهمة في ذلك الوقت ، و هي تنظيم مظاهرة ، علما بأن المحققين جالوا بهم على بائعين علب البخ و نفى البائعون رؤيتهم قبل اليوم ،و كان الرجل يحاول شرح الامر بأن معظم هؤلاء الاطفال اميين لا يعرفون الكتابة، و لا يعرفون ما يجري في الحي المجاور فما بالك في بلد اخر،

و كان يشفق على صديقه الذي ذهب الى دمشق ليشارك في المظاهرات الموعودة، و عاد بخفي حنين،

في يوم الخميس هذا سمع الناس عن محاولة الاعتصام في ساحة السرايا قبل يومين, التي حاول بعض المهندسين و المحامين و النشطاء تنظيمها و تفاجئوا بحشد امني غير معتاد يومها،

في ذلك اليوم سيتناقل الناس اشاعة مفادها ان مجموعة من شباب درعا تنوي القيام بالتظاهر يوم الجمعة ، و لم تكن قضية الاطفال مذكورة في هذه الدعوات ، كان الحديث يدور عن الثورات التي اشتعلت في اكثر من بلد عربي،

يتبع الحديث بالضرورة ذكر اولاد الابازيد المعتقلين، الذين اصبحت قصتهم على كل لسان،

و سرت دعوة بين الناس لا يُعرف مصدرها لصلاة يوم الجمعة في مسجد الحمزة و العباس، و المسجد العمري، و مسجد المحطة، لان الانطلاقة ستكون من احدها، تلقف الكثير من الشباب الدعوة و اخذوا بدورهم يتحدثون عنها دون معرفة اساس الاشاعة، و الكثير من الناس اضمر في نفسه الذهاب، حتى ممن لم يعتد حضور صلاة الجمعة ، و دخلت المدينة و أهلها في حالة ترقب سرية ، لا أحد يستطيع البوح بها الا تلميحاً، كسؤال قولتك بصير شي عنا متل مصر و تونس) و الجواب يتراوح بين (لا ادري) ,و (ان شاء الله), حسب مقدار الثقة بالسائل،

و في مكان ما من مدينة درعا كانت مجموعة من الشباب فد وضعت يوم غد الجمعة كأول يوم في الثورة السورية ، بعد جولات قاموا بها في المدينة ، تأكدوا ان الارض متعطشى لأول هتاف، و بدأوا بتقسيم المهام ، خططوا لاشياء كثيرة، و بتفاصيل كثيرة , وغاب عنهم وضع سيناريو الهروب في حال الفشل، لانهم كانوا على يقين ،بنجاح خطوتهم،

في مساء الخميس يكتب شاب معلقاً على الفيس بوك،:( درعا ستفاجئ العالم قريباً)

و يهمس اخر لاصدقاءه اثناء جلسة للعب الورق:سمعتوا شي عن بكرة؟؟؟

قال احدهم: اصدقاء لاخي دعوه للصلاة في جامع الحمزة و العباس، بدهم يعملوا ثورة الشباب،

يجيب اخر بحيادية يلحسوا طي…ي (

و على هاتف ما :

شو اخبار طبختكم …سمعنا امك شادة حيلها هالمرة ؟؟؟

الطبخة ناقصها بصلة و شوف الدموع بعدين,ضروري تشرفونا عالغدا بعد الصلاة.

في درعا كان شئ ما يطبخ في السر و في العلن….كما في كل مدن سوريا

شئ لا علاقة له باعتقال الاطفال , و ربما كان اعتقالهم احد تداعيات هذا الامر

و لا علاقة له بحادثة الحريقة

و لا علاقة له باعتصام وزارة الداخلية

و لا علاقة له بمظاهرة الحميدية

و لا علاقة له بالفيس بوك الا عبر قلة من المجموعات السرية ، تربط شباب الداخل بأصدقائهم في الخارج،

لكنه على علاقة وثيقة بما يجري في تونس و مصر و ليبيا و اليمن و البحرين،

لم يكن الاطفال قد خرجوا من معتقلهم عند بدء الاحتجاج، ليقال ان السبب هو تعذيبهم او اقتلاع اظافرهم، و كان الخبر الوحيد عنهم انهم في طريقهم لدمشق،

و لم يسمع احد يومها عن اي وجهاء قد قابلوا عاطف نجيب ، ليخرج علينا من يقول انه اهانهم و لهذا قامت الاحتجاجات،

الهتافات في اليوم الأول لم تذكر الاطفال، كانوا يهتفون لسوريا و للحرية و طلباً للإصلاح،

و في درعا واجه الشباب الرصاص بصدورهم العارية في مشهد هو الاول من نوعه في سوريا،

شهد يوم الجمعة احداث يستطيع اي منا بنظرة قريبة ان يرى ان هؤلاء الناس خرجوا بدون نية للعودة ، و ان ما فعله المتظاهرون يومها من حرق لسيارات الامن و قطع الطريق عليها و ضرب المحافظ و طرد كل من له علاقة بالامن، و ما جرى من حرق للمحكمة و مبنى السيرتايل ، و محاولات للوصول الى المحطة باعتبارها المركز، يظهر لنا مقدار التأهب و الغصب الذي يعتمل في صدور الناس، و ان هناك من يفقه فيما يسمى في المقاومة المدنية ، كان المشهد رهيبا ، و كان ابداعياً في هتافاته، و تصرفات شبابه ، كان البعض مذهولا غير مصدق، و كان البعض سعيداً يبحث عمن يعانقه بين الحشود، و كان احدهم يتصل بأصدقاءه في الخارج ليسمعهم الهتاف، كان هذا قبل اول رصاصة…!!

سمع الناس عن تعزيزات تأتي من دمشق بطائرات الى الملعب البلدي، بعضهم توجس و بعضهم هتف متحديا النظام و رجاله ، و تسابق الشباب الاصغر سناً ، الى مواجهة العسكر، و كان غريباً جدا روح المواجهة و التحدي التي اظهرها هؤلاء الشباب بعد اطلاق النار عليهم، يقول احد الرجال ، لو اقسم لي احدهم الف يمين لما صدقت ان هناك شباب تركض الى الرصاص بارادتها، لكني شاهدت هذا بام عيني،

في درعا انطلق الشباب لتحرير سوريا. و ليس لتحرير اطفالهم كما قيل..

اليوم يخرج احدهم ليقول نحن نخطط لهذه الثورة منذ خمس سنوات في محاولة دنيئة لسرقة جهود و تضحية هؤلاء الشباب الذين استشهد من استشهد منهم و جرح من جرح و اعتقل من اعتقل و تشرد من تشرد،

اليوم و نحن نقترب للذكرى السنوية لتلك الجلسات التي كان يناقش فيها المكان الامثل لخروج اول تظاهرة، و الصرخة الانسب ، و الرجل الاجرأ لاطلاق الصرخة الاولى،

يتوجب علينا ان نقول لهم شكراً و نحفظ حقهم في انهم كانوا الشرارة الاولى، لانهم امنوا بيقين انهم سينجحوا،

ينبغي لنا ان نبحث عنهم لتكريمهم لا ان نخوض صراعا حول تاريخ بداية الثورة ، يراد به مقارنة من آثر التخطيط و التضحية على الارض، مع من جلس خلف شاشته يضع تواريخاً اعتباطية ، دون ادنى دراسة للوضع في الواقع، و دون ادنى تنسيق مع شباب الداخل، و بعضهم لا يعلم اين تقع درعا ,

ينبغي التحدث عمن استغل حاجة الناس لصوته و دوره الاعلامي ليأخذ الناس في مطالبهم شرقاً و غرباً، كأنهم فئران لتجاربه النرجسيه،

و نتحدث عمن وضع نفسه في المقدمة. لانه نقل في يوم ما صورة او مقطع فيديو لمظاهرة، و هو ربما كان اقل الواجب، ناسياً كل تضحيات هؤلاء الشباب، الذين يبتعدون عن هذه الاحاديث منشغلين في دفن اصدقاءهم او انتظار المعتقلين منهم،

لم ينجر هؤلاء الشباب وراء اسماء جمع تأتيهم من حيث لا يعلمون ، بما يشبه تسالي الأطفال، كانوا يعملون على حشد مزيد من الناس و قيادتهم و تعليمهم، و ترتيب المشافي الميدانية ، و تقسيم المهام على الناس، و كتابة لافتات ، اثبت الزمن انها الانفع ،

رفضوا العنف و حاولوا كبح دعوات العنف ، لانه وقع على عاتقهم حماية الناس بالكلمة و السياسة و ليس بالبندقية،

رفضوا الطائفية مع انه لا بوادر لطائفية في مدينتهم و لكن من واقع خبرتهم لهذا النظام ،

رفضوا الاياد الخارجية منذ اول اسبوع لانهم عندما انطلقوا في دعوتهم للثورة كانوا يحسبون لادق التفاصيل، كان الشعب هدفهم ، و اسقطوا من حسابهم كل قوى خارجية لانهم غير مرتبطين بهذا الخارج، و حاربوا الدعوات الاتية عبر شاشات التلفاز، لانقاذهم و التسول على نضالهم،. و تضحياتهم، كأنهم كانوا يرون ما ستؤول اليه الامور لاحقاً

و هتفوا طلباً لفزعة الشعب السوري لا غير،

هؤلاء هم قادة الحراك الحقيقي، و هم من تثق الناس بهم و هم من وضع النظام قوائم تصفية بأسماءهم، استهلها بالشهيد معن عودات، الذي يقول الناس في ذكره : لم تخرج مظاهرة في درعا الا كان معن في المقدمة، لم يخرج اثنان في درعا ضد النظام الا كان معن ثالثهم،

و معن له اصدقاء، يتوزعون في كل الانحاء، يشبهونه حد التطابق،

لهؤلاء نوجه التحية في الذكرى السنوية للرعب الذي رافقهم في جلساتهم و مكالماتهم الهاتفية، في مثل هذه الأيام قبل عام ، رسمت ثلة من المناضلين لنا طريق الحرية، و حددوا الاتجاهات بكلام واضح لا لبس فيه، و ضاعوا بين الحشود،و لم يقل احد منهم حتى الساعة ,انا اول من خطط , وانا اول من كبر ,و انا من فعل هذا , وانا من قال هذا ,و انا من كتب هذا ……

ينبغي ان نسأل انفسنا اليوم، هل ضللنا الطريق ؟؟؟

نقلاً عن سورية بدّا حرية



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن