جهاز الآي باد.... وأشبال صدام

علاء كنه
alaa_kana@yahoo.com

2012 / 3 / 18

كل ماعليك عمله لتعليم طفل هو أن تعلمه القراءة وتتركه، أي شيء غير ذلك فهو غسيل مخ. (إيلين جيلكرست).
أطلقت الجارة تركيا وبقيادة رئيس وزرائها رجب طيب أردوغان المشروع التعليمي الضخم والذي أطلق عليه تسمية (مشروع الفاتح) تيمناً بقائدهم العظيم (محمد الفاتح)، والذي سيحدث ثورة من خلال الإنتقال بالتعليم المدرسي الى التقنية والعالم الرقمي. وستقوم الحكومة التركية بموجب هذا المشروع بتوزيع الحاسوب اللوحي المعروف بأسم ألـــــ(iPad) مشمولاً ببرنامج (الفاتح) على (15 مليون طالب ) و(مليون) مُدرس مجاناً...نعم مجاناً! لخدمة العملية التعليمية من المهد وحتى التخرج. ومن المتوقع أن تشمل هذه (المكرمة) الولايات ألــ(81) خلال السنوات الأربعة القادمة. هذا وتقدر قيمة هذا المشروع بسبعة مليارات دولار. وبالمناسبة أود أن أُذكر هنا والحمدلله إن تركيا ليست ببلد من بلدان الكفار وانما هي بلد مسلم مجاور للعراق ولاتملك نفطاً بقدر مايملكه العراق! هؤلاء الذين توجهوا الى بناء الوطن، والذين لايمتهنون الكذب والنفاق والقتل مثلنا! نعم إنهم يسعون الى خلق جيل جديد متسلح بأخر تقنية. كلمة حق يجب أن تقال بحقهم، يجب أن يفتخروا بهكذا مشروع، والذي لم تفكر حتى حكومات دول الخليج التي تعتبر أكثر الدول ثراءاً بمثل هذه الخطوة الجبارة في مجال التعليم وريادته.
تذكرت بمرارة أطفالنا وماعانوه طيلة عقود من الزمن في ظل القائد المنصور وإنجازاته وإكرامياته! إنظروا الى الفرق بينهم وبيننا، إنهم يسلحون أطفالهم بجهاز (الآي باد) ونحن نزودهم بقطعة السلاح. والجميع يعرف مااقصد ويتذكر العراقيين الشرفاء عندما أطلق القائد المنصور وأزلامه حملة مشابهة الى حملة أردوغان، وأطلق في وقتها على حملتهم المسعورة عفواً(الرشيدة!) تسمية (أشبال صدام) والمشابهة في المضمون لمشروع الجارة تركيا ...المهم كانت تهدف تلك الحملة الى جمع الأطفال من المدارس وإلحاقهم بمراكز تدريبية للتعلم على فنون القتل والتحضير لخلق جيل جديد من الأبطال!...نعم لقد ارادها حرباً مستمرة. وبالفعل التحق المئات من الإطفال الأبرياء بتلك المراكز العفنة تاركين مقاعد الدراسة في سن مبكرة لايعلمون ماهو مصيرهم ... وأتذكر جيداً كيف شاركت بعض العوائل المسحوقة (في بلد النفط) والتي كانت تعاني من شظف العيش ومن ذوي الحاجة في تلك الحملة المسعورة من خلال زج أطفالها بتلك المراكز لقاء مبلغ مادي لايتجاوز في وقتها (25000) دينار عراقي كمكرمة من القائد الضرورة! وتسليم فلذة أكبادها بيد قتلة لتدريبهم على أصول وفنون القسوة والقتال والصرامة وأكل الحيوانات النيئة، والذين سرعان ماتغيرت فسيولوجيتهم ونفسيتهم، لابل تم تجريدهم حتى من براءتهم، وبالطبع كانت الغاية من تلك الحملة هو أن يكونوا الخط الثاني لــ(فدائيو صدام) عند وقت الضرورة، والذين بدأوا مشوارهم وشقوا طريقهم المهني بالقتل والذبح وترويع العراقيين! والذين وصلت إنجازاتهم الى الدول المجاورة للعراق بعد الحرب الأخيرة عليه وأقصد هنا فدائيو صدام. ولاداعي هنا لأذَكر العراقيين بحادثة ذبح الغانيات وقطع رؤوسهن أمام دورهن بنفس السيف الذي يستخدم اليوم، تلك الحادثة التي هزت المجتمع العراقي في وقتها في كيفية القصاص منهن.
لاأدري أين هم أشبال صدام اليوم؟ هل لديهم جهاز (الآي باد) أم لا؟ وماذا يحملون عليه من معلومات؟ وماذا كانت إنجازاتهم بعد تخرجهم من الدورة التدريبية التثقيفية في مجال بناء العراق الجديد؟ تلك الثقافة اللعينة التي نجني ثمارها اليوم. ومن المؤكد قد وصلت أعمارهم اليوم ليؤهلهم أن يحلوا وبجدارة محل قدوتهم في الذبح (فدائيو صدام) الذين يستحقون وبفخر أن يتقاعدوا اليوم عن أداء الواجب للجهود التي بذلوها بتفانٍ وإخلاص في أعمال القتل والتشريد على مدار السنوات الماضية! أو ربما هم اليوم جزء من تنظيم القاعدة الذي يشاركهم نفس المبادئ، فهما وجهان لعملة واحدة.
للأسف لقد كان لنظام الطاغية المنصور! اليد الطولى لابل كان نموذجاً رائعاً، على وزن (سيدي...أشكد أنت رائع سيدي... للمطرب ياس خضر!)، في تدمير ركائز المجتمع العراقي من خلال القضاء على الطفولة وتدمير مستقبلهم من خلال تلك الحملة من جهة، وزجهم في الحروب من جهة ثانية، ضارباً بذلك عرض الحائط كل المواثيق والمعايير الدولية الخاصة بالطفل وحقوقه. نعم كانت خطة مدروسة ليبقى العراق في دوامة العنف والقتل. أنظروا الى الفرق بين تلك المجتمعات ومجتمعاتنا العربية فتلك تبني الأوطان ونحن نهدمها! ويمكن ملاحظة الفرق بكل سهولة من خلال الأفكار والأعمال التي نسمعها ونشاهدها اليوم بعد زوال أنظمة الطغاة!
رسالة مفتوحة الى الجهات المتصارعة على الحكم...الى متى ستضلون تتقاتلون فيما بينكم ..هل هو الحلم بالسلطة والنفوذ والقوة...إن غايتكم ليست العراق ولا مصلحة شعبه. وإنما الغاية هي مصالحكم التي أوصلت العراق الى هذا المنحدر. ألم يحن الوقت لبدء ثقافة جديدة للطفل؟ لقد آن الآون اليوم أن نفكر جدياً وبنفس الطرق التي تفكر فيها تلك البلدان، وأحدها تركيا..النموذج الذي يفتخر به في كيفية الإرتقاء بالطفل وبناء الوطن. يجب أن نسعى الى بناء مجتمع قوي أساسه يبدأ من الطفل عبر مناهج دراسية وثقافة جديدة تهتم بالأطفال وتسليحهم بالحرص والوطنية والفكر الناضج والبعيد عن كل أنواع الطائفية والبغضاء التي يحاول أن يزرعها المنافقين للنيل من العراق وأهله...
د.علاء كنه
سان دياكو/كاليفورنيا



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن