شرعية الأنتخابات بعد الثورة

مجدى خليل
magdi.khalil@hotmail.com

2012 / 3 / 12


كان المصريون يأملون أن يعاد بناء المؤسسات بعد الثورة بطريقة ديموقراطية صحيحة تراعى نزاهة الإنتخابات وإستقلال السلطات ومبدأ كفاءة عمل المؤسسات، ولهذا أقبل المصريون بحماس منقطع النظير على المرحلة الأولى من إنتخابات مجلس الشعب، وبعد رصد التجاوزات الكثيرة فى المرحلة الأولى تقدم العديد من أنصار الديموقراطية وأعضاء الكتل الإنتخابية بشكاوى كثيرة إلى اللجنة العليا للإنتخابات، وكان الرد هو ما اعتادوا عليه فى عهد مبارك من تجاهل هذه الشكاوى التى تطعن فى نزاهة الإنتخابات، رويدا رويدا بدأ الفتور يحل محل الحماس. ولما وجد المصريون أن نتائج إنتخابات مجلس الشعب يبدو وكأنها مقررة سلفا فى صفقة بين العسكر والإسلاميين، حتى أنك تذهل من أن نسبة الأخوان تليها نسبة السلفيين متشابهة فى أغلب الدوائر وكأن النتائج والنسب موضوعة مسبقا.ما هو الإجراء الطبيعى الذى قام به الشعب المصرى الذكى للإحتجاج على هذا التزوير فى أنتخابات مجلس الشعب؟.
فى حالة عدم حياد السلطة تجاه العملية الإنتخابية، وفى حالة عدم وجود وسيلة فعالة لإلغاء هذه الإنتخابات خاصة وأن مطالب الثوار بتطهير القضاء لم يلتفت اليها، لم يبقى أمام الشعب المصرى الذكى من وسيلة سوى مقاطعة إنتخابات الشورى لكى ينزع الشرعية السياسية عن العملية الإنتخابية برمتها، فجاءت نسبة التصويت فى إنتخابات الشورى لا تتعدى 7% ممن لهم حق التصويت.
نحن هنا أمام عملية إنتخابية منزوع عنها الشرعية الشعبية برمتها، فمن ناحية هناك آلاف الشكاوى ومئات الطعون أمام القضاء عن إنتخابات مجلس الشعب، وهناك هذا الاقبال الهزيل جدا على إنتخابات مجلس الشورى، وكلا الأمرين ينزع الشرعية الشعبية عن العملية الإنتخابية كلها وعن العملية الديموقراطية بالتبعية. نحن إذن أمام ديموقراطية مزيفة، وأمام إستعلاء السلطة على الشعب، وأمام غطرسة القوة فى مقابل حق الجماهير، وأمام إعادة إنتاج نظام مبارك بكافة أدواته ووسائله وتجبره وغطرسته وفساده وتزويره وعزلته عن الشارع الحقيقى.
وجاء التصعيد الوهمى والمختلق لموضوع منظمات المجتمع المدنى المصرية والأمريكية ليكشف عن بعد آخر فى نظام ما بعد مبارك، وهو محاولة إستغفال الشعب واللعب على موضوع كرامته وعزته وإستقلاله وسيادته، وفى النهاية بيع كل هذا فى سوق النخاسة ووضع القضاء المصرى فى موقف بالغ الحرج، حيث كانت الرسالة للداخل والخارج هى أن القضاء المصرى مسيس وغير مستقل ويستقبل أحكامه بالتليفونات كما كان يحدث بالضبط فى عهد مبارك. لقد اسقطوا كرامة المصريين وسيادة الدولة من خلال إفتعال قضية وهمية، وعروا مؤسسة القضاء أمام العالم واهانوا الشعب المصرى كله اهانة بالغة.
والاخطر أن ما حدث فى قضية المجتمع المدنى يعطى إشارة بالغة الخطورة من أن الطعون على إنتخابات مجلس الشعب لن ينظر إليها من خلال قضاء مستقل ، ومن ثم فقد المصريون الثقة فى النتائج قبل صدورها.
وبناء على ذلك فأن شرعية مجلسى الشعب والشورى قد سقطت حتى ولو جاءت أحكام القضاء مؤيدة لأستمرار المجلس،لأن هذه الأحكام نفسها سوف تصدر عن مؤسسة غير مستقلة ومن ثم مطعون فى نزاهتها مسبقا.
والخلاصة أن الحقيقة باتت عارية أمام المصريين من أن المجالس النيابية هى غير شرعية وأن بناء المؤسسات بعد الثورة أتخذ نفس طريقة مبارك عن طريق تكريس الإستبداد الدينى والعسكرى بديلا عن إستبداد وفساد نظام مبارك.
الكرة فى ملعب المصريين هل تقبلوا هذا العار وهذا التزوير؟، هل تقبلوا الصفقات السياسة تحت الترابيزة لإعادة إنتاج الإستبداد الدينى؟ ،هل تقبلوا أن تسرق حقوقكم مرة أخرى؟، هل تقبلوا السطو على دماء شهداءكم التى من المفروض أن تدشن عهدا جديدا؟، هل تقبلوا إهانة كرامتكم فى صفقات مشبوهة مع الشرق والغرب كما كان يحدث فى عهد مبارك؟، هل تقبلوا أن مستقبلكم يتقرر بناء على إنتخابات مزورة وصفقات سياسية لتقسيم السلطة؟، هل تقبلوا هذا النهب المنظم لمقدرات بلدكم؟.
نحن ننتظر أن تردوا على كل هذا العبث وهذا اللهو الخفى.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن