بشرية الانبياء تنفي عصمتهم و ترد بالنفع

علي مهدي الاعرجي
aliseer2000@hotmail.com

2012 / 3 / 6

واحدة من مراكز الصراع بين المذاهب في الدين الواحد بل تتعداها واصلت إلى الأديان الأخرى. كل منا يريد إضفاء جانب القدسية على دينه وشعائره وعبادته. هذه لم تقتصر على قدسية الإله لأن الصفات الالهية بطبيعة حالها أعلى و أسما من الصفات البشرية. بل إن هذا الأمر يقتصر على الانبياء أو الرسل للديانات أجمعها .هذه وجهة نظر سائدة لدى جميع الاديان سواء كانت سماوية أم بشرية . لهذا كان و لا يزال مركز الصراع الحقيقي في قدسية من يمثل الله على الأرض ففي الديانات السماوية الثلاث نجد مراحل الصراع تدور حول منزلة الأنبياء حيث نجد مستوى التبجيل و التعظيم لهم تصل إلى مرحلة أعلى من البشر بل يصل إلى المستوى الإلهي كما هو في الديانة المسيحية و اصبح عيسى ابن الله و هو الرب و كلمة الله على الأرض. كذلك اليهود فهم شعب الله المختار و قد من الله عليهم فلابد أن يكون نبيهم أفضل الانبياء . و لدى المسلمون أيظن نرى إن النبي محمد أفضل الانبياء و المرسلين و منهم من ذهب إلى العصمة و قام بإيجاد أدلة و براهين على ذلك . أما نحن نؤمن ببشرية الانبياء الذي أشار لها القران الكريم و التي تؤكد عدم العصمة و تؤكد أيضا خطئهم . أي إن الأنبياء بشر مثلهم كمثل غيرهم يصيبون في بعض الأشياء ويخطئون إلا إن لهم منزلة كريمة عند الله . سنقوم بعرض بعض الأمثلة القرآنية التي تثبت و بوضوح عدم عصمت الانبياء وارتكابهم الأخطاء .أولها ادم . حيث يقول الله و عصى ادم ربه فغوى. هنا يشير الله إلى العصيان و الأمر واضح لا يحتاج إلى تأويل أو تحريف كذلك ذا النون إذ ذهب مغاضب. أي إنه غضب على الله و جاءت العقوبة الالهية أن يسجن في بطن الحوت . موسى أيضا وقتله القبطي حيث يشير القرآن إلى الحادثة أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلاَّ أَن تَكُونَ جَبَّارًا فِي الأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ. و هنا إشارة واضحة على أن موسى أخطأ في عمله و هذا الرجل القبطي قام بنصيحته أي قدم له المشورة فلو كان معصوم لم يحتاج إلى أن يستمع إلى هذا الرجل لأن كل ما يفعله من الله. كذلك النبي محمد و قصة الأعمى, عبس وتولى.... وما يدريك لعله يزكى . وهنا إشارة واضحة الى عدم معرفة النبي بسبب قدوم الرجل الأعمى. فلو كان معصوم وصاحب علم الله المطلق ويمتاز بمعرفة الغيب لكان على معرفة ودراية بما يريد الرجل. كذلك أيضا في واقعة بدر وقصة الحباب ابن المنذر و تقديم النصيحة للنبي في أرض المعركة . أيضا في واقعة احد ومقتل حمزه حيث قال الرسول لأن ظفرني الله بهم لأمثل في سبعين رجل منهم و في اليوم التالي جاءت الآية الشريفة تحرم التمثيل حتى في الكلب العقور. والغريب ما في الأمر تمسك علماء الشيعة بالعصمة ويعتبرونها ركن أساسي من أركان المذهب الشيعي. فلو كانت العصمة بهذه المنزلة أو الأهمية لذكرها الله في القران و ينتهي الأمر. او لذكرها الانبياء أيضا في احاديثهم للعامة أو حتى للخاصة . ولو نظرنا الى قضية العصمة من جانب عقلي وجدناها أمر معذب للإنسان .تخيل إن النبي يذكر ساعت نزوله من فرج امه و يذكر موت امه أو أبيه أو فقدان ولده !! يذكرها بتفاصيلها كما لو حدثت للتو . لأصبحت حياته جحيم .. لم نجد من العصمة إلا أية واحدة تقول اعتصموا بحبل الله . بعد عرض هذ الأمثلة القرآنية منها و البشرية نستطيع الاستدلال على عدم عصمت الأنبياء .وهذا يعود علينا في النفع في امور عده منها إن نفي عصمة النبوة يوجب نفي عصمة الإمامة . وهذه من الملازمات البديهية . أما عن الأمر الأخر نجد ان الانبياء بشر كسائر الخلق لهم أخطائهم ولهم ذاكرة محدده وقابلية حفظ أيظن محدده فمن الممكن ان تكن الكتب السماوية التي نزلت على الانبياء فاقدة لبعض أجزائها أو متضمنة الحذف أو إدخال بعض الأحكام التي لم تكن حقا من الله بل هيه تشابه و تلابس في مخيلتهم حاولوا إعادة صياغتها . وهذا يحدث لسائر البشر عندما تحفظ قصيدة وتنسى بعض الأبيات تقوم بمحاولة صياغتها لعلك تصل إلى النص الأصلي. وهذا ممكن او لربما وارد الحدوث مع الأنبياء ينسون بعض ما انزل عليهم و هنا أما يقومون بإعادة صياغته أو حذفه. ليس هذا فقط عدم عصمت الانبياء ينفي حجتهم . مثلا إنهم رأوا جبرائيل وهذا حجة عليهم لا حجة على باقي البشر لأن النبي غير معصوم ورؤياه لجبرائيل غير معصومة و نتاجها من السهل عدم التصديق لعدم العصمة . أي يحق لنا الأيمان بنبوءاتهم من عدمها و نحن أحرار. و القول بالعصمة لا يثبت صحتها من عدمه. و هذا أيظن باب من أبواب الشك لا أريد الخوض فيه. الجانب الأخر السنة النبوية الموضوعة أصبح من الممكن أن تتغير أي ما قاله النبي من فكره و من عقله لا من الله و التشريعات التي جاء بها الانبياء يمكن لنا تغيرها أو تعديلها وبهذا تكن الشرائع السماوية متماشية مع العصر الحديث ويمكن أن تكن لكل زمان ومكان و يمكن أن تكن شريعة خفيفة على صدر الانسان لا كما هي الآن . أيضا المنزلة البشرية للأنبياء يعزز الدافع البشري للوصل إلى مرتبه مشابهة إلى مرتبتهم. فلو كان النبي صاحب مواصفة خارقة أصبح من المتعذر على البشر أن يتحلوا بصفاته. و من الحكمة الالهية أن يرسل لبني البشر نبي منهم أي بشر مثلهم لا يختلف عنهم في شيء إلا في التقوى وحسن الخلق وصفاء السريرة.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن