لماذا لم يسقط الأسد؟

رائد شما
syriandemocraticleague@gmail.com

2012 / 3 / 3

عندما تضرب عدوك.... آلمه جيداً... كي لا تحتاج لضربه مرة أخرى في المستقبل القريب.
الكذب مفتاح الجنة
"لن نخرج من بابا عمرو إلا شهداء" هذا ماقاله المجاهد الدكتور محمد المحمد قبل أيام من سقوط بابا عمرو ..... الحمد لله الدكتور محمد بخير وسلامة وقد قرر أن يعقل قبل أن يكبّر ويتوكل وانسحب تكتيكياً حمايةً لروحه الطاهرة. كان الرجل رمزاً من رموز الصمود ومثلاً أعلى للكثيرين قبل أن يفضل الحياة على الآخرة ويتخلى عن الشهادة وعن بابا عمرو....وما الحياة الدنيا إلا متاع غرور... يا حكيم!
ليس محمد الوحيد الذي انسحب تكتيكياً، فقد انسحب معه بطل مقدام لطالما ضمد الدكتور "جراحه" التي تشفى بعد يوم أو يومين وهو البطل الأسطوري خالد أبو صلاح "حفظه الله" الذي تحول إلى أيقونة لدى الأغنام حتى أني قرأت عن أحد الخرفان دعوة ً ليكون أبو صلاح رئيساً لسوريا!!! لكن بعد سقوط بابا عمرو والانسحاب التكتيكي، نشر التلفزيون السوري فيديو يظهر فيه بطلنا وهو ينتظر مشاركته في نشرة أخبار الجزيرة لينقل "معاناة" الأهالي من القصف الوحشي، كل شيء كان هادئ وطبيعي في بداية الفيديو إلى أن بدأت المكالمة مع الجزيرة ليباشر المناضل أبو صلاح بإعطاء إشارات للمرتزقة حوله لإطلاق الرصاص وخلق مؤثرات حقيقية عن الوضع الصعب الذي يعيشه الجيش الإسلامي الحر "الله يحميه"...ثم ينتهي الشريط بمقطع تصعيدي يظهر فيه المنافق أبو صلاح وهو يخاطب قناة الجزيرة وصوته يكاد لا يسمع من شدة إطلاق الرصاص من قبل زملائه الرعاع... فعلاً الوضع صعب وحرج جداً... يا نار كوني برداً وسلاماً على أبو صلاح والأربعين مرتزق!
هذا الفيديو لم يكن الوحيد، فهناك فيديو للبطل الحمصي البريطاني داني عبد الدايم يقوم فيه بنفس الفبركة مع قناة السي أن أن...ولا يجب أن ننسى أيضاً الثائر"المخصي" هادي العبد الله الذي كان في كل اتصال له يودعنا وكأنه الاتصال الأخير والذي صوته وبكاؤه ونحيبه كالأرامل أبكانا جميعاً... هؤلاء هم عينة عن الثورة السورية الإسلامية "الفاشلة". بالتأكيد هذه الفيديوهات لن تفيد النظام على المستوى الخارجي لكنها حتماً ستعزز موقفه في الداخل لتزيد من عزلة الرعاع وتنفرالمخدوعين بهم.
الغليون إلى الأبد
مازال الديك يحلم أن يكون مرزوقي سوريا الإسلامية. " شعبنا يذبح ويقتل بشكل ممنهج" و"غير مسموح لنا الآن بالانقسام أوالخلاف" هذا ما قاله الزعيم "ديك الجن" غليون بعد عدة أيام من تجديد البيعة له رغم أنف الحاسدين والحاقدين... يجب على القطيع دعم مجلس الإخوان ورئيسه إلى الأبد فلا صوت يعلو فوق صوت الديك. فشل التجربة الليبية هي أكبر داعم للأسد في صراعه الحالي من أجل البقاء، فإعلان الزعماء القبليين عن عزمهم تشكيل ثلاث ولايات ليبية وهي (برقة،طرابلس، فزان) كنواة لحكم فيدرالي هو أكبر هزيمة للمشروع الإسلامي الذي تموله قطر ومعها دول الخليج في سوريا. فالشعب السوري ليس كله رعاع وغالبيته لا ترغب بتفكيك وتحويل سوريا إلى دويلات. الطريق ماتزال بعيدة والمهمة شبه مستحيلة أمام الديك، وسيضطر مجلس الإخوان للتمديد له ولبسمته أكثر من مرة وربما للأبد.
قطر... الفأر المصاب بجنون العظمة
منذ أن بدأنا نسمع بهذه الدويلة الصغيرة والتي سكانها الأصليين لا يستطيعون أن يملؤوا الملاعب التي ستستضيف فيها كأس العالم، كان هناك دائماً إشارات استفهام عن الدور الذي يلعبه الشيخ حمد الذي أطاح بأبيه واستولى على السلطة منه بمعية ابن عمه والمخابرات الأميركية "الشقيقية". قطر التي تستضيف القرضاوي وأكبر قاعدة أمريكية في الشرق الأوسط "قاعدة العديد" على أرضها، كانت أول مشيخة خليجية تجاهرعلناً بعلاقتها مع إسرائيل وافتتاح مكتب لها للتمثيل التجاري. وهي نفسها التي تمتلك صلات قوية مع الطالبان والقاعدة وأغلب التنظيمات الإسلامية وأهمها الإخوان المسلمين المهيمن على قناة الجزيرة.
على المستوى الخليجي قطر أصبحت تأخذ دوراً يوازي وينافس السعودية البلد الخليجي الأكبر، وعلى المستوى العربي تسيطر قطر على الجامعة العربية على حساب العملاق العربي النائم مصر. وتتحكم بكل الحكومات الإسلامية في بلدان الربيع الإسلامي. قطر زعيمة العرب والإسلام وهي أشبه بفأر يجر فيل، هي حامية الإسلام والمقدسات الإسلامية .... وقررت مؤخراً أن تدفع بقضية تهويد القدس إلى مجلس الأمن ... تخيلوا مصير الأمتين العربية والإسلامية بدون قطر والقرضاوي. قطر هي من يقود مشروع إدخال الإسلام السياسي في الشرق الأوسط الأمر الذي نجح مبدئياً في مصر وتونس ودمّر ليبيا ومازال يحتاج الكثير من الجهد في اليمن وفشل حتى الآن في سوريا. قطر الآن هي الشرطي الأمريكي الإسلامي، الذي ينفذ المهمة ويلعب بالنار، وهي لعبة ممتعة ومربحة، لكن قواعد اللعبة قد تنقلب فجأة وتصبح محرقة ومؤلمة مع تغير الظروف.
ليلة سقوط بابا عمرو
أعضاء الجيش الإسلامي الحر، وهم من يقومون بحماية المدنيين العزل من "الشبيحة وكتائب الأسد" الذين يغتصبون الحرائر ويقتلون الأطفال، تخلوا عن دورهم الحامي وانسحبوا من بابا عمرو "تكتيكياً" حرصاً على سلامة أهل بابا عمرو، وليتركوا كتائب الأسد تغتصب النساء وتقتل الأطفال.... لم أفهم شيئاً.... ولا أعتقد أن أحداً فهم أي شيء من هذه المعادلة، لكن هذا ماقاله "العكيد" المجاهد رياض الأسعد من أرض الرباط والجهاد في تركيا، تعقيباً على سقوط بابا عمرو وانسحاب كتيبة الفاروق "التكتيكي".
سقوط بابا عمرو هي أكبر صفعة يتلقاها الإسلاميون في سوريا منذ بدء الحراك... هذه الصفعة ترتب عليهم إعادة حساباتهم والانفتاح على باقي القوى السياسية والاجتماعية أو انتظار جولة أخرى ستكون أقسى وأكثر ألماً.
الجزيرة و"مراسليها" وغزوة دمشق
تكتيك جديد تتبعه قطر وقناتها مع النظام وهو ليس الانسحاب بل ابتداع مراسلين من الجماهير الثائرة لتوثيق الكذب وإعطائه مصداقية أكبر. لن يختلف هؤلاء عن أعضاء هيئة الثورة الإسلامية من أمثال أبو صلاح وهادي العبد الله سوى أنهم سينهون ثرثرتهم بديباجة الجزيرة.
عندما أشاهد الجزيرة "الحظيرة" أشعر بالحزن والأسى على جهود هذه القناة التي تحاول دائماً أن تحمس أهل دمشق وحلب على الثورة عبثاً، بالكذب تارة وباستغباء المشاهد تارة أخرى، فعلى سبيل المثال تتحدث القناة عن خروج مظاهرات حاشدة كان أبرزها دمشق وعند عرض الصور نشاهد أن "دمشق" انحصرت بالقابون والقدم والمزة القديمة وهي مناطق شعبية "مسحوقة" وبكل مشهد لا نشاهد سوى بضعة عشرات من المتظاهرين في مدينة عدد سكانها يقارب الخمسة ملايين نسمة. كل من يراهن على انضمام دمشق وحلب إلى ثورة الإسلاميين هو إما واهم أو حالم .... فمن غير الممكن أن تنضم الطبقة الوسطى في دمشق وحلب إلى"ثورة" تحركها دول الخليج ومن غير الممكن أن تنطوي هذه الطبقة الوسطى تحت لواء طبقات اجتماعية أدنى منها تنظر إليها عادةً بشيء من الاستعلاء... ومن يعرف الواقع السوري يستطيع أن يفهم ذلك.
الأسد وخصومه
لا يهم إن سميت الجمعة بحسب الإسلاميين بجمعة تسليح الجيش الحر.... المهم هنا أن من يجيش الحراك ويدعمه ويسلحه انتقل من مرحلة الدعم السري الخجول إلى الدعم العلني الوقح... فالسلاح هُرّب ويهرّب. مشكلة بشار الأسد ونظامه الآن (بالدرجة الأولى) بغض النظر عن فساد هذا النظام واستبداده ليست مع الدول الغربية أو مع شعبه، مشكلته الأساسية مع أعدائه الإقليميين وأعداء حلفائه. الأسد الأب كان يعرف كيف يبتز ويهدد ويضرب من تحت الحزام كل جيرانه مما يجعلهم يتريثون قبل أن يفكروا بإيذائه. إذا كان بشار الأسد ينوي ضبط الأوضاع فعليه أن يبدأ بضرب من يقوم حالياً بدعم الإسلاميين وأعني بالتحديد خصومه في لبنان والسعودية وقطر. فطالما شعر هؤلاء أن النظام السوري عاجز وغير قادر على الرد، فإنهم سيستمرون في الضرب والتمادي سراً وعلانيةً ... إنها لعبة مخابراتية وصراع مخابراتي بشكل رئيسي....وهذا هو دور المخابرات الحقيقي الغائب والمغيب في سوريا... عندما كان الأردن يدعم الإخوان المسلمين وتنظيم الطليعة كان الأسد الأب قادراً على إرسال باقات الحب المتفجرة لأشقائه في الأردن ليفهمهم أن ما يقومون به من دعم وتسليح للإخوان لا بد أن يتوقف... لا أعرف مدى قدرة الأسد الابن وهو في هذا الوضع على إرسال باقات من هذا النوع لجيرانه... الابتزاز والتهديد هي اللغة الأكثر تعبيراً في الشرق الأوسط. وبشار الأسد ونظامه بأمس الحاجة إلى أصدقاء "مهرة" ككارلوس وأبو نضال لإقناع دول الخليج بضرورة التوقف عن تمزيق سوريا. الانتقال من الدفاع إلى الهجوم هو الإجراء "التكتيكي" الأنسب للأسد إذا كان يرغب بالبقاء.
كنت مع ثورة لم تقم.... ما تزال بعيدة..... لا أراها في الأفق.......



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن