رسالة الليبرالية الديمقراطية

راغب الركابي
rakeb.alrekabi@gmail.com

2012 / 2 / 18

ان اهداف الليبرالية الديمقراطية كما عرفها الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي في - العدل والحرية والسلام - ، والتي جعل منها شعاره وهدفه الذي يُعرف به ويتعرف عليه ، لأنها تعبر من جهة عن قيم الليبرالية وروحها التي تتكامل في هذه الأهداف ومعها ، ولا يجوز بحال الفصل بينها أو التجزيء فهي كل واحد وعلى هذا النحو وبهذه التراتبية ، وهذا مايميز الليبرالية الديمقراطية كمضمون وكمحتوى عن غيرها من الأفكار والمعتقدات السائدة ، لأن هذه الأهداف وبهذا النسق هي التي تعبر عن إرادة الإنسان وسعيه الدائم الدؤوب ليكون حاضراً وفاعلاً وذي كرامة ، وهذا ما أكدناه نحن في غير مناسبة لنقول للجميع اليوم : إن هذا الفضل منا وفي التركيز على نشر هذه الأهداف والإبلاغ عنها هو مزية أتصف بها الحزب ودعا إليها الجميع لمعرفتها كي لا تُسرق أو تجُيير لمصلحة أدعياء جدد رأينا بعضهم في صفحات الأنترنيت .
لقد كان - الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي - عند تأسيسه في أواخر الثمانينيات وبداية التسعينات من القرن الماضي هو أول حزب ليبرالي ديمقراطي في الوطن العربي ، لقد كان حزبنا منسجماً مع نفسه في بداياته حين دلل على ذاته من خلال المساحة التي أعطاها للعدل وللحرية وللسلام ، وذلك من أجل نهضة العراق والعرب وشمول ذلك لكل من يسمع نداءه أو يعتقد بفكره وبقيمه ، لأننا نؤمن بان هذه التسمية التي تبنيناها منذ البداية كانت هي الخطوة الأولى و التي شجعت الكثير الآن في البلاد العربية على إطلاق هذه التسمية وتبني أفكار وميثاق حزبنا في أدبياتهم وثقافتهم ، ولهذا وإتماماً للحجة ندعوا أنصار الليبرالية العربية على جعل متبنيات حزبنا دليلهم ومنهجهم لتشكيل تيار الليبرالية العربية الذي بدأ الكلام يكثر عنه هذه الأيام ، ولأننا نثق بان الإنسان العربي سيجد في الليبرالية الديمقراطية طريقه لحل كل المشكلات التي تواجهه وتواجه تشكيل الدولة العربية على نحو جديد ومعاصر ، ونحن ننطلق في ذلك من إيماننا بان الليبرالية الديمقراطية هي القادرة على وضع القوانين التي تبني كل ماهو صالح ومفيد للإنسان العربي ، وقد برهنة معالجات الليبرالية الديمقراطية لمشكلات تشبه المشكلات العربية في مجتمعات عالمية وأوربية ورأينا معها كيف تطورت هذه المجتمعات في مستوى حماية الإنسان وإحترام القانون والحقوق .
ان الفرق بين الليبرالية الديمقراطية وبين غيرها ليس في طريقة النشر والإعلام إنما هو في الطريقية والكيفية التي تتبعها في الواقع و في مستوى النزاهة ، هو فرق في الجوهر وفي الطبيعة ، ان الليبرالي حين يتبنى الحرية والعدل والسلام إنما يتبناها ككونها مكونات وقيم تفترق عن مثيلاتها في الأحزاب الدينية والقومية وفي غيرها ، لأن ذلك جزء من ماهيتها ومن وجودها هي قيم ذاتية بالنسبة إليها ، لأنها ليست عارضه ولا تعبر عن تكتيك مرحلي يمارسه الساسة في العادة ، إن التعبير عن هذه القيم يرتبط بضمير الليبرالية في كينونتها وفي ماهو جزء من عقلها الطبيعي ، فالعدل والحرية والسلام هي مطالب الشعوب العربية التي لايمكن ان تبلغ المعنى المُراد من غير تبني الليبرالية كخيار طبيعي للحياة ، خيار يساوي أو يوازي ما نسميه المصير والحاجة إلى البقاء .
ان أهدافنا التي أعلناها لا تقتصر على بلد عربي دون سواه ولايمكن تقليصها لتناسب حاجات مجتمعية ضاغطة ، نعم مجال عملها يشمل كل ماهو نظري وعملي بالنسبة للعربي ومجال فعلها في السياسي والإقتصادي والثقافي والمعرفي والسلوكي والإعتقادي ، ولهذا نجد إن الليبرالية الديمقراطية ستخترق الكثير من الحواجز والحصون التي يضعها أسلاف الدكتاتورية ، وستخترق جُدر الخوف التي يلوح بها ظلاميون وأعداء تاريخين للحرية ولحياة إنسانية أكثر واقعية وبراغماتية ، ولهذا لم يعد ممكناً تجاوز ماهو ضروري مهما حاول البعض تزييف حركة التاريخ أو تبديد أهداف الثورات العربية ، إن اتجاها جديدا أرآه يتكون بين أوساط الشباب والشابات يقتحم حصون وكهاف كهنة التاريخ الذين يحاولون عبثاً العودة بالإنسان العربي إلى مواقع تاريخية بعينها ، مواقع ولت وأندثرت ولم تعد صالحة للإستخدام ، كل ماتصنعه وماتقوم به هو فتن وأحقاد وتناحر مجتمعي وتخوين وتسفيه ، وهنا أجد من الواجب أن أجدد الدعوة لكل ليبرالي ديمقراطي حر وغيور شريف للإنصهار مع الواقع ومع تطلعات الناس البسطاء ، والإنصهار نأخذه بمعناه الحقيقي وليس الإعتباري فثمة حاجة ضاغطة تجعل منه الحاجة والمطلب في هذا الوقت بالذات .
ان رسالتنا في - العدل والحرية والسلام - هي رسالة إنسانية تتبنى الجمع في معالجة حاجات الفرد ، والتفكير بها ينطلق من كونها رسالة ومشروع لخلق واقع يُغلب القيم على الفوضى والروح العملية على التحايل والشعور بالمسؤولية الوطنية على التنصل أو على التمسك بحوافر الطائفية والمذهبية ، إن رسالتنا في سبيل عزة وكرامة الإنسان العربي ومحاولة لجعل إيمانه بنفسه شيء ذاتي ، كما إنها تدعوه ليكون جدياً في تعاطيه مع قضايا وطنه ومجتمعه ، من دون نظر لما يحقق له من مصلحة أو غنيمة فهذا مالم تفكر به الليبرالية ولن تتبناه ، ورسالتنا ليست مستوردة وليست تفكيكة لحال المجتمع بل هي جامعة له وموحده ، هي رسالة نابعة من فكر الإنسان العراقي والعربي هي لازمه من لوازم وجوده منها يستمد قوته وديمومته وتعافيه وخروجه من الأزمة والمرض ، هذه هي الحقيقة من غير إدعاء وهذه هي الليبرالية من غير تزييف .
ان الليبرالية الديمقراطية فكرة جوهرية لها وعيها وفكرها الذي يجب ان يوضح ويعمم ، وهي كذلك قيم تنظيميه تساعد المجتمع على التحكم بمزاجه وعواطفه وعقله وقدرته على التكيف مع كل الظروف ، وهي بهذا المعنى قيم فاعلة ستتطور مع تطور الوعي لتشكل التيار الطبيعي ، ولا تحتاج في ذلك إلاّ إلى إيمان الإنسان العراقي والعربي بقدرته وحاجته وكيف يجب ان يكون حاله إن تغير أو غير واقعه وخطابه والكثير مما يعتقد به ويؤمن ، وهنا نصل إلى الأهداف الليبرالية وإلى قيمها ومنطقها في السلوك وفي الفكر ، وحينها تكون رسالتنا قد وصلت إلى مدآها المفترض والمطلوب في خير وسعادة الإنسان العراقي والعربي ..



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن