المرأة والرجل هما إنسان

آيا برجاوي

2011 / 10 / 29

تنهض الأمم يوما بعد يوم وتعمل على تغيير ملحوظ في مجتمعها مما يؤدي إلى تعزيز التقدم الثقافي والعلمي لديهم أما مجتمعنا اليوم ما زال يشهد المطالبة بالحقوق المهدورة وما زلنا نطالبها على حساب تقدمنا العلمي والثقافي,نطلب ما نريد ونتراجع ويا لت المطالبة بالحقوق تأتي بنتيجة تسر المطالبين.
فنحن اليوم نطالب ونتراجع ولا شيء يتحقق,فالعيب يكمن بِنا فنحن لا ندرك كيفية المطالبة نرفع الشعارات ونطالب بالصراخ ونتجاهل أنه هنالك طرق أفضل يمكننا من خلالها أن نطالب بحقوقنا.
فنحن النساء الذين تجاهلنا حقوقنا يجب أن نستعيدها بزيادة وعينا الفكري والثقافي والعلمي,فهنالك الكثير من النساء الذين حرموا من حقهم في التعليم وهنالك أيضا نساء أكملوا تعليمهم ولكننا لا نرضى أن نأخذ حقنا دون أن يأخذه غيرنا فهذا الحق للجميع وليس للبعض.
تلك الطفلة الصغيرة التي وقفت أمام أهلها من حقها أن تتعلم وليسَ من حق أهلها أن يمنعوا عنها التعليم..
فمن هنا يأتي مطلبنا الأول والأساسي في حقنا بالتعليم,حقنا بأن نختار إكمال تعليمنا إلى النهاية فنحن عندما نطالب بحقنا لا يحق لأحد أن يقابلنا بالشتم أو الضرب لأي سبب ولأي مطلبٍ كان فلا يحق ولن يحق لأحد أن يستخدمنا كآلة لتفريغ الطاقات الكامنة,فالمرأة بوعيها وثقافتها تمثل ذاتها وتمثل كرامتها ولا يحق لأحد أن يهينها,فالمرأة هي التي تجب أن تقف أمام كل من يتعدى عليها,ولن تطلب المساعدة من أولئك الجالسين خلف المكاتب فهم يجلسون وليسَ لديهم استعداد أن يقفوا..
فالمرأة هي من ستحمي نفسها بنفسها,وحماية نفسها لا يعني خضوعها للسلطة المجتمعية,فمن حقها أن تكون كما تريد وليس كما يريد الآخرون,ومن حقها أن لا يهين أحد كرامتها مهما كانت مكانته الاجتماعية..
فالمرأة هي بحد ذاتها وليسَ أحد غيرها,من حقها أن تشعر باستقلاليتها أن تشعر بأنها إنسانة تعمل ما تريد وليس مكانها المنزل فقط فمن حقها الخروج والعمل لتقتني ما تريد وأن لا تكون مجرد آلة في المنزل تطلب من أهلها أو من زوجها النقود ويقام عليها السلطة المجتمعية لأنها عبئ عليهم وأيضا أي تفرقة في العمل وفي منح فرص العمل على أساس الجنس هي تفرقة عنصرية يجب أن يعاقب رب العمل عليها فالمرأة من حقها العمل أسوةُ بالرجل..
والعبء الذي تمثله المرأة في مجتمعنا أكتمل حينما حرمت من حقها في القيادة,لا أدري بأي حق تحرم المرأة من القيادة فهذا هو الظلم بحد ذاته,والمرأة ظلمت نفسها بخضوعها واليوم يجب أن تستعيد حقها,فهي من ستقف أمام من يقمع حريتها,وهي من ستطالب بحقها في القيادة فتكفينا حلقات الذل والإهانة التي عشنا بِها,والمشكلة الأخرى تكمن في اختيار الآخرين اللبس الذي سترتديه المرأة,فهذا جسدها,وهذه ملابسها,وهي من ستختار وليسَ أحد غيرها سيختار,و المرأة عندما تتزين وتختار ملبسها يكون هدفها أن تصبح جميلة وان تزداد ثقتها بنفسها،وليس كما يفكر البعض بأنها تريد ان تغري الرجال وأنها ساقطة وليست محترمة.
وكلما تعمقنا في حقوق المرأة المسلوبة نشعر بالظلم الكبير الذي تعانيه المرأة في مجتمعنا فوصل الظلم إلى أن تمنع المرأة من السفر دون وجود محرم معها,فالمرأة قادرة على حماية نفسها بنفسها وقادرة على أن تنتقل من مكان لأخر دون وجود من يشاركها هذا التنقل بهدف إلقاء السلطة عليها,فمنعها من السفر لا يحصل إلا عند الذين يعتبرون المرأة سجينة تقام عليها الحدود دون الشعور بما تريد,فالآن هي من ستقف وهي من ستطلب وهي من ستسافر لأي غرضٍ كان ولن يقف أحداً أمامها مهما كانت مكانته الاجتماعية أيضاً..
ولو حاولنا النظر خلف الأسوار سنجد أن هنالك جرائم ترتكب بحق المرأة,جريمة لا يمكن السكوت عليها تلك الجريمة تكمن في بتر العضو الجنسي للمرأة فهو مؤلم لدرجة فضيعة,وإنه يقضي على المتعة الجنسية للمرأة,في الحقيقة البنات هم بنات أنفسهم ولا يحق لأحد الإفتاء باسمهم فعندما تكبر الفتاة ويصبح عندها إطلاع كامل كامرأة بالمضاعفات التي ستعيشها إذا كانت مختونة,,ماذا سيكون شعورها حينها؟؟
مجرد التفكير في هذا الموضوع سنجد بأن هذا انتهاك فادح يقام بحق المرأة,فتلك الفتاة الصغيرة لم يكن بإمكانها المعارضة,فالعقول التي تكمن في رؤوس البشر هي التي يجب أن تعارض إذا كانت عقول بمعنى الكلمة,فالعقل الحر هو الذي لا يرضى أن يعيش الأخر في ظلم كبير..
ومجتمعنا لم يرضى بهذا فقط,أقام الحد على المرأة بِختانها ومنعها من التمتع بجسدها وفرض عليها التمتع فقط أثناء الزواج,وقبل الزواج تبقى المرأة سجينة العادات البالية..
فهذا جسدها..وهذه حياتها..وليس الجميع يعترف بممارسة الجنس عندما يكون هنالك ورقة والتي تكون بمثابة الشرعية لممارسة الجنس..فالبعض يعتبر الحب شرعيته.والبعض الأخر يعتبر التمتع شرعيته..إذا لكل شخص شرعية خاصة به..والمجتمع لا يحق له أن يفرض الشرعية علينا..فنحن من نختارها..لا أحد غيرنا..
مجتمعنا فرض علينا الخوف الدائم.خوف من الغير وخوف من أنفسنا,فلم نعد نلبي طلباتنا قمنا بكبتها كي لا يقام علينا الحد فهو لم يشبع فقط من الظلم الذي أوقعه بحق المرأة,فأصبح أيضا يسرق منها حياتها باسم جرائم الشرف,وكل هذا الظلم يقع فوقها لأنها أرادت التمتع بجسدها,لا أدري الضمير هنا يعود إلى المجتمع أم إلى المرأة؟فالجسد هنا جسد المرأة وليس المجتمع,والشرف ليس ذاك الشيء الموجود بينَ فخدي المرأة,فالشرف لم ولن يكن مجرد جسد فهو أسمى من هذا بكثير..
وأيضا لا شرف لمجتمع يعتقد أن شرف المرأة بينَ فخديها..
و أنوثة المرأة لا تعطي الحق للآخر بسن قوانين تفرض الوصاية على جسدها,ولا يحق لأحد أن يضع المرأة في غلاف متنقل كي لا يفتن الآخرين بجسدها,فهذا جسدها ويحق لها أن تتمتع به كما تشاء,ولا يوجد علاقة للمرأة بأولئك الذين يتمتعون بالشهوات الحيوانية حينما يتحرشون بها لفظيا أو جسديا,فهنا المرأة تطالب بحقها في الحماية من التحرش والحماية لا تكن فقط بالعقاب الموجه لأولئك السفهاء,فالحماية تكون بتنوير العقول فالعقاب ينتهي والشهوة الحيوانية تعود,ولكن بتنوير العقول تذهب الشهوة الحيوانية ويبقى العقل النَير.
وأولئك الفتيات الجالسات في منازلهم يلعبون ويمرحون بالخفاء وكأن المجتمع لا يرى ما يقومون به من أمور لا تعرقل مسيرتهم الظالمة,حكموا عليهم بالخروج من البوتقة التي يسكنوا بها ويريدون إخراجهم منها مع أن وقت الإخراج لم يحين,اعتبروا جلوسهم إهانة لوقوفهم ورفعهم لرايات الظلم والاستبداد.ألقوا بهمم في منزل وعلى سرير جديد كي يأتي الفارس الحقير ويمارس ما يريد وليرمي نفسه فوقها..
سيقوم بكل ما ما يحلو له فهو زوجها الذي سيرمي بها أرضا إن لم تلبي رغباته.وفي هذه الحالة فالرجل ظلم نفسه بنفسه لأنه تخلى عن إنسانيته ليرضي رغبة مجتمعه,فالظلم أيضا في مجتمعنا يقع فوق عاتق الرجل لأن بعضا من أفعاله التي تقام باسم العادات هي تعارض الإنسانية.
فالإنسانية الحقيقية تكمن في أن يختار الإنسان ما يريد دون أن تعارض رغبته حريات الآخرين فلا يوجد أروع من أن يختار كلا الجنسين شريك حياته لأنه بالاختيار الصحيح ستتحقق العدالة لكليهما فهم لم تجمعهم العادات والتقاليد إنما جمعهم الحب والتفاهم فكلاهما حينها سيعمل لراحة الأخر والتي هي بنفس الوقت راحته أيضا,وعندما يفهم كل طرف منهم معنى الإنسانية الصحيحة ستتحقق العدالة والمساواة بينهم فلترفع المرأة صوتها ولتحقق رغبتها الصحيحة في اختيار شريك حياتها حينما يتم القبول من كلا الطرفين,فهذه حياتها وعليها أن تكون كما تريد وليس كما يريد الآخرون..
وبعد الاختيار وعدم الاختيار يأتي قانون الزواج في بلادنا الغير العادل الظالم فكيف يسمح أن ينتقل الرجل من فراش امرأة إلى أخرى تحت رخصة التعدد أو أن يخون امرأته فإذا تم ضبطه مع عشيقته فيتزوجها حتى تسقط التهمة لأن من حقه تعدد الزوجات..فهل هذه أخلاق؟إنها حتما فساد للأخلاق فهنا لا نستطيع أن نتصور الزوجات المقهورات بسبب الحرية الجنسية للرجال تحت أسم الشريعة..فهذه الشريعة ظالمة بكل معنى الكلمة ولا يجب السكوت عنه فلتقف المرأة أيضا ولترفض كل ما يهين وجودها كإنسانة وحلقات الظلم لم تنتهي بعد فكيف تحرم المرأة من حقها في أن تعطي جنسيتها لأطفالها في كثير من بلادنا العربية أهي ليست مواطنة أم أقل من مواطن في نظر دولنا الحكيمة؟فلتقف أيضا ولتطالب فهي ليست أقل مكانة لتعطي أطفالها الجنسية فهي من أخرجتهم للحياة ولها الحق الأكبر في منحهم الجنسية..
ولها أيضا كامل الحق في تحديد النسل فعندما يصبح الرجل هو من يحمل الطفل في أحشائه سيصبح له الحق في الأمر والنهي بهذا الخصوص أما مع بقاء الحال كما هو عليه واقتصار الحمل ومتاعه ومخاطرة على النساء فليس للرجل الحق التحكم في هذا الأمر بل هو خاضع لرغبة المرأة وحدها لا يحدث إلا برضاها.
وأيضا لها الحق في الإجهاض وليس لأحد سواها أن يقرر ولكن إذا كنتم تعتبرون أن الإجهاض هو قتل لطفل محتمل إذا فلتعلموا أنكم كلما رفضتم ممارسة الجنس فهو مساوي لقتل طفل محتمل حتى الدفاع عن النفس في حالة الاغتصاب يمكن أن يعتبر قتلا لطفل محتمل فأنتم كل يوم تقتلون أطفالا محتملين,فإنسانيتكم هذه التي تدعونها أجعلوا خيراتها لمن هو موجود وليس لمن هو محتمل الوجود..
وما زالت الزوجة في بلادنا أيضا رهينة لزوجها إن شاء أبقاها وإن شاء طلقها وإن شاء ضربها فالمحاكم الشرعية تعتبر هذا من حقه وإن أبرحها ضرباً ولم تسيل دماءها فالشرطة لا تتدخل وإن سمع صراخها عشرات الشياطين الخرساء من جيرانها لزموا بيوتهم متنصتين له وإن شاء أيضا يحرمها مشاركته عشهما الزوجي وله أيضاً الحق أن يتزوج عليها... أما الطامة الكبرى أن للزوج حق الطلاق من جانب واحد وأما المرأة فلا. هذا الظلم لن ينتهي إن لم نسعى لنيل حق المرأة في الطلاق من جانب واحد!...
وبعد هذا كله وللتأكيد بأن المرأة هي أقل من الجنس الأخر قالوا بأن للذكر نصيب من الإرث يساوي نصيب أنثيين؟
فليس من المعقول أن لا نصف هذا العمل بأنه ظلم فادح..وهذا الشيء حتما يولد كراهية بين الجنسين في بعض اللحظات والكراهية هذه ستؤدي إلى أمور كثيرة,الكراهية ليست نابعة دائما بسبب النقود إنما الكراهية تنتج عندما تشعر المرأة بأنها أقل مكانة من الجنس الأخر فبكل الأمور تحصل على نصيب أقل وكأن شيء ينقصها لكي تحصل على كل شيء ناقص!!!
وتم التأكيد على أن المرأة أقل مكاناً من الجنس الأخر حينما حرموها من بعض المناصب السياسية لأنها امرأة!!!!
فإن المرأة كالرجل قادرة أن تتولى مناصب سياسية بل إن التاريخ مليء بأمثلة عن قادة نساء غيرن مصير دولهن وارتقين بدولهن إلى مصافي الدول بل حتى هزمن الجيوش واستطعن العبور بأممهن في أزمنة الشدائد على بر الأمان. أما في عالمنا العربي فالمرأة مهمشة سياسياً ونسمع خطابات البعض تتساءل باستهزاء كيف لامرأة حائض أن تتولى مناصب سياسية! لهذا وجب علينا الدفاع عن هذا الحق!
وبنظري أن المشكلة الكبرى التي نعاني منها بأن المرأة تنظر لنفسها كإمرأة والرجل ينظر لنفسه كرجل..ولكن لو نظر كليهما إلى نفسها بأنهما إنساناً لكان الحال أفضل بكثير..ولن يكن حينها تفرقة وعنصرية بين الجنسين..
والحرية التي يريد أن ينالها الإنسان..لن يستطيع أبدا نيلها وهو جالس متكاسل..فالحرية الحقيقة تتحقق بالعلم والعمل والقوة..

تحياتي



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن