لإنكَ إنسان

آيا برجاوي

2011 / 9 / 23

لِأنك إنسان

يقولون لنا دائما بأن أمهاتنا ولدتنا أحرار ولكن عندما اصطدمنا بهذا الواقع أدركنا بأننا لو نولد أحرار بل ولدنا عبيد لكل شيء..فالبعض منا حلل لنفسه السؤال,وسأل:هل نحن أحرار أم أننا عبيد لكل شيء؟؟؟

الأسئلة دائما تكشف لنا الخفايا,ولأننا أمة لا تسأل ولا تبحث عن الحقيقة تجاهلنا أنفسنا فأصبحنا عبيد ونحن لا نعلم..من الممكن أن يكون هنالك البعض يعلم بأنه عبدٌ لكل شيء ولكنه لا يعترف حتى لذاته خوفا من كل شيء..وإذا أعترف يكون اعترافه مليء بالتفاخر والحب والاحترام لهذه العبودية ..
فالعبودية ليست شيء يدعوا للافتخار بل هي للأسف تدعوا لتغير الأخر وإجباره على فعل ما لا يريد باستخدام تِلكَ الأساليب التي تستهدف نقاط ضعف الأخر..فالضعف الذي يتمتع به البعض للأسف هو السبيل لقتله وهو حيٌ كجسد يطبق ما يُريدهُ الأخر..
وأيضا الخوف الذي تربينا عليه جعلنا عبيد حتى لذاتنا,فتلك الأفكار التي ورثناها من الغير عَرقلت مسيرتنا الفكرية والعلمية والعملي وكل شيء يدعو للتقدم والازدهار..فليس كُل شيء يقدم لنا يجب أن نستقبله بكل سرور..وليس كل شيء تربينا عليه هو الصَـح..!!

فهم قالوا لنا بأنه هو الصواب فحرمنا أنفسنا من أن نكون كما نريد..أوقَعنا على أنفُسنا دِكتاتورية تَسلب حقوقنا,فليس دائما تكون الدكتاتورية موجهة من الغير..ونحن لا ننكر بأنهم أقاموا علينا الدكتاتورية ولكننا نحن من ساهمنا بإثمارها..حرمنا أنفسنا من الهواء والضوء والغذاء وتقبلنا دكتاتوريتهم وساهمنا في ازدهارها العقيم..

نحن نعم ولدنا أحرار لمدة دقيقة فقط ولكن بعد هذه الدقيقة أصبحنا عبيد وأصبحنا ملكاً للغير..ورثنا عنهم أفكارهم العقيمة..وبعدما أصبحنا واعيين لم نفكر في نفض هذا الغبار عن عقولنا وعن كل شيء..

لقد حان الوقت..نعم لقد حان نحن لا نحتاج فقط لإسقاط النظام الحاكم ولكننا في أشد الحاجة لإسقاط نظام التفكير..فالحرية لا تؤخذ من الغير فقط بل تؤخذ من ذاتنا نحن لا أحد غيرنا..
وأن تكون حرا لا يعني فقط أن ترتدي ما تشاء وتسير كما تشاء وتتحدث مع من تريد بل الحرية الحقيقية هي أن نفكر كما نريد ونسعى لأن تكون أفكارنا مطبقة على أرض الواقع ما دامها لا تؤذي أحداً...

فحينما يسقط الحاكم ويسقط غيره وغيره,وبين السقوط والسقوط الأخر هل ستسقط الدكتاتورية الموجهة لنا والتي ساعدنا بإثمارها؟؟

تِلك الثِمار مليئة بالسم تقتل بلا رحمة وهنالك الكثير يقطف منها بوعي وبغير وعي ويأكلون ويأكلون ولا يسألون من أين لنا هذا؟؟

لو حاولنا فقط أن نسأل من أين لنا هذا لأدركنا مصدره ولسارعنا لسحق هذا المصدر من جذوره فهو لا يناسبنا والشيء الوحيد الذي يناسبنا هو أن نكون كما نريد ما دمنا لا نؤذي أحدا ولا نؤذي ذاتنا أيضا...
فالخوف يؤذينا والضعف يؤذينا والعبودية تؤذينا..ولسنا بحاجة لمثل هذه الأمور التي تؤذينا ولا تعمل لأجل الارتقاء بنا..بل هي تعمل لأجل نزولنا لأسفل السافلين..
فلا يحق لأحد من خلف أبوابه أن يسعى لأن نكون نحن كما يريد هُوَ.. !!

فنحن إنسان..ولأنك أنت إنسان وأنا إنسان..لا يجب أن نسعى لاضطهاد أنفسنا..فالثورة الحقيقية التي نحتاجها هي الثورة الفكرية وليس الثورة الدموية..فكل شخص يُقتل بتلك الثورات الدموية يٌقتل من بعده الكثير..ولكن مع كل عقل ناضج يُفكر ولا ينظر من زاويته فقط سيحيى الكثير بهناء وسعادة نفسياً وجسدياً..

ولأنك إنسان تعلم ما تريد وتسعى لأجل ما تريدْ حاول أن لا تقتل ذاتك بِأفكار غيركَ..فالتقليد الأعمى لا يكون فقط بالملابس والسيارات والهواتف وغيرها بل يكون أيضا بتقليد طريقة الأخر في التفكير..ولأن الكثير منا يفكرون مثل بعضهم البعض نعاني من الكثير من الامور التي لا تسعى للتجديد والتقدم بل تسعى للتدمير والتخريب..ولكن لو هؤلاء البعض يفكرون بطريقة تسعى للتقدم لكان الحال أفضل بكثير..

فهنا لا أقصد بالتقدم فقط التقدم العلمي والعملي بل أقصد به أيضا التقدم الفكري والسعي لتحقيق الذات..فذاتنا هي نحن وذاتهم هي هم ولسنا نحن..فليس من حق أي أحد أن يمتلك ذات الأخر..

فكن مؤمنا بأن علمك وعملك وقوتك هم السبيل لتحقيق ذاتك وثورتك على الأفكار التي ورثتها من الغير والتي أدت إلى سحق ذاتكَ..


ولأنك إنسان..لست بحاجة للوصايا الفكرية فأنت تملك الكثير لتكون كما تريد وتخلق الكثير وتسعى لأجل ما تريد ما دمت لا تؤذي أحداً..

دمتم بِخير



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن