أيها السلفيون هنيئا لكم

أميرة عبد الرازق
amira.abedelrazik@gmail.com

2011 / 7 / 29

أيها السلفيون هنيئا لكم الغالبية الكاسحة لقد عرفنا قدركم جيدا وتأكدنا أننا لا نساوي شيئا أمام شعبيتكم الجارفة، هنيئا لكم السلطة مقدما وهنيئا للشعب مزيدا من الفقر والتخلف.

لقد نجحتم نجاحا ساحقا في استعراض القوة الذي بدأ منذ يوم التنحي وحتى 29 يوليو، ليصير الدعاة غير الطامعين في السلطة فجأة أهل السياسة التي حرمتمونها على أنفسكم سابقا، وتحول كل رهانكم على جهل الشعب، فاندفعتم في مهاجمة كل القوى السياسية فيما عداكم مدعين أنها تعاني من الدين فوبيا وتريد سحقة من الوجود المجتمعي فاندفع ورائكم الذين خسروا قوت دنياهم وضنوا بأن يخسروا قوت آخرتهم أيضا.

أنتم دائما ما تسخرون من المثقفين الذين يرددون أن الشعب يعاني من أميتين في وقت واحد؛ أمية القراءة والكتابة، والأمية الثقافية وهي أخطر إذ تجعل أنصاف المتعلمين يفتون بغير علم فيَضلون ويُضلون غيرهم.

ضحكتم على الشعب وأفهتموه أنه يعرف مصلحته جيدا في حين أن الإحصائيات التي سجلت 40% نسة الأمية تقول أن عدم الوعي يصب في مصلحتكم أنتم.
والمثقفون إذ يقرون بتفشي الجهل في المجتمع لا يتهمون الناس بسبة تسيء إلى كرامتهم، فالجهل داء اجتماعي نريد أن نتخلص منه والسبة أن ندفن رأسنا في الرمال لكي لا نرى الخطر نحونا، ثم يبلغ بنا العناد أن ندعي أننا شعب واعي ويعرف مصلحته جيدا ونهاجم كل من يصفنا بالأمية، إننا في هذه الحالة أشبه بالمريض الذي يهاجم طبيبه حين يحذره من مرض خطير تفشى في جسده .. دعونا إذا نعترف أننا نعاني من هستريا الاعتراف بعيوبنا في حين أنه لم ترتق أمة إلا حين واجهت مشاكلها جيدا، ولا يوجد نجاح قط إلا بعد الإقرار بالفشل الذريع.
*****


أيها الوهابيون أجيبوني بالعقل والمنطق إذا كنتم تعترفون بهما .. كيف يعرف الشعب مصلحته وهو يسير وفق ثقافة الإشاعات، وفق مبدأ ( هم اللي قالوا لي) .. أتدون مبدأ (هم اللي قالوا لي ) أصلا .. تعالوا أعرفكم؛

هو أن يكون الناس من السذاجة بحيث يصدقون كل من ينبهرون بكلامه وخطابه وكم العلم الضئيل الذي يخاطبهم به، فهو بالنسبة لهم علامة فهامة، وينصبونه إلها صغيرا لا يعصى له أمر وملعون من عارضه، مثلما يفعلون معكم تماما.

هو أن يلعن الشعب الإعلام ليل نهار ويقر بأنه يزور الحقائق ومع ذلك يصدقه في كل ما يروج من إشاعات، وأن يكون الناس من الحمق والاندفاع بحيث يصدقون كل ما يقال لهم على أنه حقائق مسلم بها.
هو أن يتسلل الكسل إلى عقول المتعلمين فيمتنعوا عن التفكير أو القراءة لاستزادة ومعرفه أصل الحقائق، سواء أكانت تاريخية أو علمية أو دينية على وجه الخصوص، لأن هناك من هو أعلم وأكثر ذكاء منهم ويخبرهم بها على طبق من ذهب .. ولا يدري هؤلاء بأي نكهة سيقدم لهم المدلسون هذه الحقائق.


يا سادة نحن لا نسخر من الشعب، الحقيقة أن كلنا جهلة وغير مثقفين ولكن بنسب متفاوته، وفوق كل ذي علم عليم يشعر أعلم أهل الأرض بمدى جهله وعجزه، إلا دعاة الوهابية الذين صكوا لأنفسهم لقب أهل العلم مخالفة لكل رجل دين حقيقي يرفض أن يتفاخر بادعاء العلم ... هل ذكر لكم التاريخ مثلا أن أحد الصاحبة أو الأئمة كان يلقب نفسه بالعالم أو الشيخ الجليل!
*****

هل من إجابة على هذا التساؤل: ماذا قدمتم للبشرية إذا كنتم تدعون أنكم أهل العلم فماذا قدمتهم في هذا المجال، نريد فقط أن نطمئن على مستقبلنا إذا حكمتونا .. ماذا ستقدمون لمجتمع يزرح تحت خط الأمية ويقاسي الويلات والتعصب والطائفية والتخلف بسبب جهله؟
يقول مناصروكم أن الحكم الإسلامي سوف ينهض بالعلم وبالاقتصاد وبالمجتمع لكن حقيقتكم تقول غير ذلك ... دائما ما تتفاخرون بالعلماء القدامى؛ ابن الهيثم وابن سنا وغيرهم ممن نبغوا في ظل الحضارة الإسلامية، ولكن قولوا لي لماذا لم ينبغ أحد منكم أنتم في أي فرع من العلوم أو الثقافة أو الفكر، لماذا لا نرى فيكم عالم بلحية أو أديب سلفي أو مفكر قدير، أو فنان وهابي يعيد لنا روائع الفن الإسلامي؟

إن معرفة هذا السبب هي التي تبرز الفارق بين جوهرالإسلام الذي نبغ في ظله هؤلاء وبين دعوتكم المزيفة التي تحقر من أي علم بخلاف العلم الشرعي.
أذكر جيدا هذه الحوادث المؤسفة التي حدثت لبعض ممن كن صديقاتي لأفاجئ ذات يوم بهن يتركن التعليم تماما، منهن من انقطعت من الثانوية أو الإعدادية أو لم تكمل الابتدائية .. صرخت فيهن لماذا .. لأن هذا التعليم لأن يفيد شيئا والأفضل أن يستثمرن الوقت في العلم الشرعي .. أهذا هو تقدير العلم الذي يدعيه الوهابيون؟!
مع ملاحظة أن هذه ليست حالات فردية فبحكم انغماسي في الوسط السلفي أؤكد أن هذه ظاهره طبيعية جدا عندهم.
*******
مشكلة السلفيين أن ليس لديهم برنامج أصلا للحكم فليس في خطتهم النهوض بالاقتصاد أو التعليم أو الصحة وخلافه، كل همهم هو تطبيق الشريعة كما يفهمونها بالقسر والقوة، في حال ما إذا تم التطبيق فستمطر السماء عليهم بحلول لكل المشاكل المعقدة التي تعاني منها البلد.
هم لا يهمهم البلد أو الأفراد كل ما يهمهم تطبيق الشريعة وفي مقابلها الجنة، فلا مانع من خراب البلد طالما سيدخلهم ذلك الخراب إلى الجنة .. فهم لا مانع عندهم أبدا من إراقه دماء بعض المفكرين والأدباء حتى لا يفتن الشعب في دينه، ولا مانع أيضا من مصادرة الكتب حتى يظل الشعب على جهله بلا مقاومه لخرافاتهم، ولا مانع من نشر الطائفية وكراهية الآخر طالما يصب ذلك في شعبيتهم، ولا مانع أيضا من إدخال البلاد في حروب من أجل نشر الاسلام، ولا مانع من إقامة سوقا للجواري من أجل حل مشكله العنوسة، ولا مانع من حرمان المرأه من العمل حتى يوفروا فرصا أكثر للرجال ولا مانع من حرمان المرأة من التعليم خوفا من اختلاط الجنسين ولأنهم لا يحتاجون المرأة في أي عمل فعندهم الرجال.

كل هذا يذكرني بأننا قادمون على نصيبنا من العصور الوسطى.

أيها السلفيون إن لم تتركوا الشعب في حاله فسينبذكم ويلقي بكل ما سمع منكم في سلة مهملات التاريخ .. اتركوه يتعلم ويتثقف لا تغيبوه مع سبق الاصرار والترصد، لا تمزقوا كتبه التي تفضح مؤامراتكم ولا تكفروا مفكريه الذين يريدون أن ينتشلوه من غيبوبة الهوس الديني، اتركوه وعلمائه الذين يريدون أن يثقفوه ولا يستغلوا سذاجته لمصلحتهم .. اتركوا الشعب قبل أن يضج بقهركم ويضج بكل ما هو ديني وأخلاقي ويتبرأ منه كما تبرأت منه أوروبا .. فتكونوا عارا في جبين التاريخ.
*******



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن