تقدمة قابيل الأخيرة

وليد أحمد الفرشيشي
ferchichi.walidahmed@gmail.com

2011 / 6 / 27


أيّها الإلاه الوثني المتشنّج...

دعوتك نائما...في حضن صحراء...

و صاحيا..كالجنود عند الثغور...

و سائرا..بين الذئاب...

و جالسا...بين النعاج...

وشكوت لك قلة حيلتي...

و هواني..على الحبوب الوطنية الزرقاء...

المتجمّعة في مثانتي...كالغيوم...

أشعلت آلاف الشموع...بعدد إبتلاءاتي...

و هزائمي...و انكساراتي...

و كالرغيف اليابس الذي يبحث عن شفاه تمصّه..

دهنت راسي بالطيب...

و جسدي بعرق العذارى...

ووشمت صلوات المعذبين على أطرافي...

و جلست أنتظر...تجليك النادر في حياتي...

* * *

في صلاتي...الاخيرة...

طلبت عينين جديدتين...

لأني لم أستنفذ بعد نصيبي من الدموع...

التي أخزّنها لكلّ فاجعة وطنية...

طلبت يدين جديدتين...

لأني أريد أن أجذّف في بحر الظلمات هذا...

ضدّ التيار...

حتى و لو كان تيارا كهربائيا...

طلبت ركبتين جديدتين...

لأني تهرّأت...من الزحف المتعرّج كالأفاعي...

هربا...من المحاكم و المدارس و المستشفيات و البرلمانات...

التي تعوي فيها الكلاب...

طلبت مؤخرة جديدة...

تصلح للجلوس المطوّل على أية ربوة...

تطلّ محتشمة على الشأن العام...

طلبت... معدة جديدة...

لأهضم الإحصائيات و الدراسات و الخطط "الخمسية" للحكومة المؤقتة..

و شعارات و برامج الأحزاب..

و مداولات الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة...

و توصيات لجنة مقاومة الفساد...

و معادلات هيئة الانتخابات...

و مناورات حكومة الظلّ..

لأتجشأ بعدها ما تبقى من الثورة...

و طلبت (...) جديدا...

لأني أرغب بشدّة في الإختلاء...بهذه الثورة...

لا يهم ّ أين...

على فراشي البارد كالرخام...

على مدرج عمارة...

أو وراء زقاق مظلم...

حتى تنجب مني سفاحا...قطيعة أزلية كالموت...

* * *

أيّها الإلاه الوثني المتشنّج...

لماذا ترفض تقدمتي الأخيرة...

هذا القلب العامر بالدهشة و السؤال...

و فوقه كلّ ما املك من...

سنابل سوداء كالجذام...

و عيون صغيرة تفاوض الرمد...

و راحات متشققة تنتظر المطر...

و ظهور محدودبة يمتطيها الظلم...

و فراشات منهكة من الجوع...

و البالوعات المكشوفة كالفضائح...

و الحواجز الثابتة و المتحركة أمام كل انتفاضة...

و فوقها...إلحاح المتسوّلين...

أعلم أنّك تعشق رائحة الشواء...

و لكن...لي رجاء أخير...

لتنفتح سماءك...

أمام أدعيتي..و تضرّعاتي...

فهي حصيلة نصف قرن...

من الجوع...و العطش...و الرعب...

و النوم في العراء



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن