حوار عبدالله تركماني بين الثقافات

عبدالله تركماني
abdtourkmani@yahoo.it

2011 / 5 / 28

تثير قضية الحوار بين الثقافات مجادلات كثيرة منذ أحداث 11 سبتمبر حتى الآن. وهي زادت تفاقما ليس بفضل سلسلة من الأعمال البحثية التي تركت تأثيرا مباشرا على صانعي القرار فحسب، وبل وبفضل النتائج العملية التي اقترحها "الصدام" بين الحضارات.
الدكتور عبدالله تركماني تناول هذه الموضوع إنطلاقا من مقاربة متميزة، تجعل من الصعب على أي باحث او مهتم بشؤون الثقافة أن يتغافل عنها. فالحوار لم يعد أمراً ثانوياً أو هامشياً (كما يقول المؤلف) وإنما أصبح ضرورة حياتية لكل الشعوب‏،‏ فقد تقاربت المسافات وتشابكت الثقافات وأُزيلت الحواجز بفضل ثورة المعلومات والاتصالات والثورة التكنولوجية‏،‏ وما صاحب ذلك من تيار جارف للعولمة‏.‏
ويقول تركماني في مقدمة كتابه: إنّ حوار الثقافات هو مشروع حياة البشرية ومستقبلها، والمنهج الذي يدفع الشعوب إلى أن تتعاطى مع بعضها بالأسلوب الإنساني الرفيع القائم على أساس التعارف لا الخصام. كما أنّ الحوار طريق البشرية الوحيد،‏ بل هو ضرورة حياتية في ظل الظروف الراهنة، من أجل إنقاذ سفينة العالم التي توشك أن تغرق ونغرق معها جميعاً‏،‏ ومن ثم فإنه ينبغي على الجميع، في العالم كله، توفير الظروف المناسبة للقيام بهذا الحوار من أجل مستقبل الأجيال القادمة‏.‏
ويبدأ الكتاب باثارة حشد من الأسئلة ذات الأهمية القصوى في معالجة مسألة الحوار، منها: ثقافة العولمة أم عولمة الثقافة؟ وهل ستقوم الحضارة الإنسانية الجديدة على تنوّع روافدها الحضارية أم سيفرض أنموذج حضاري واحد؟ وهل نحن إزاء عملية تثاقف، بما تعنيه من إصغاء متبادل من سائر الثقافات إلى بعضها، أم إزاء عنف ثقافي مفروض بقوة المال والسلاح؟ وكيف نؤكد على مبادئ المشتركات الإنسانية من دون أن ننزلق إلى تأسيس نظام جديد يقوم على هيمنة ثقافة واحدة؟ وهل من الممكن تصور عقد ثقافي عالمي بينما شرط الثقافة هو التجاوز المستمر؟ وهل تستطيع الميّزة الثقافية أن تؤسس لأخلاقيات الاعتراف بالآخر ولنهج حقيقي لمعرفة متبادلة بين البشر؟
وتبدو أهمية التساؤلات السابقة واضحة إذا ما علمنا أنّ جوهر الإشكالية القائمة في صلب العلاقة بين الثقافة والعولمة هي: العلاقة بين العام والخاص في مجال إنتاج القيم الرمزية، فهل باتت الثقافة تنهل أسباب وجودها وشخصيتها وأدواتها من مصادر فوق وطنية أو من خارج المجتمع الوطني والقومي؟
ويقول المؤلف: لعل منبع تجدد الإشكال الثقافي اليوم راجع إلى تصادم حقيقتين بارزتين: أولاهما، الالتزام الجماعي بمقتضيات الكونية الناتجة عن مسار تَوَحُّد البشرية واقتران مصائر أبنائها، من خلال الثورة الاتصالية والاندراج في الاقتصاد العالمي. وثانيتهما، الإقرار النظري والمعياري بحق الثقافات في الاختلاف والتمايز وتماثلها من حيث القيمة والمشروعية. والواقع أنّ مكمن الإشكال عائد إلى صعوبة صياغة تأليفية لهاتين الحقيقتين.
ويبدو أنّ هناك ثلاث عمليات رئيسية ستحدد شروط وممارسة وحصاد الحوار بين الثقافات في القرن الحادي والعشرين: الكونية والتعددية والقومية. ويبدو أنّ كلا من هذه العوامل سيكون وراء ظهور نوعيات جديدة من الوعي الكوني والوعي الإقليمي.
ويضيف المؤلف: من المؤكد أنّ التقارب بين الجماعات البشرية لا يتحقق من خلال التقريب بين مذاهبها أو منظومات قيمها أو مرجعياتها الثقافية الخاصة، ولا يتحقق - بالتالي- من خلال إضعاف ما تشعر أنه يمثل خصوصيتها، وإنما يتم ذلك التقارب من خلال توسيع دائرة مشاركتها في مرجعيات إضافية، وتحريرها - من ثم - من حتمية الاعتماد المطلق والأحادي على مرجعياتها الثقافية التاريخية.
ويرى تركماني: إنّ الحوار لا يدور في إطار الخصوصيات القومية أو الثقافية، ولكن في إطار المشتركات الإنسانية، أي القواعد والمعايير والقيم التي يقبل الجميع النظر إليها باعتبارها قاسماً مشتركاً مقبولاً من جميع أو أغلب المجتمعات البشرية. وفي الواقع هناك ما هو مشترك إنساني في ثقافة العصر، لا سبيل إلى تجاهله، وإلا كنا كمن يتجاهل التراث الإنساني الذي أسهم تراثنا العربي - الإسلامي في تخليقه، وكان معنى ذلك أيضاً تكريس تخلفنا، وبالتالي تبعيتنا. ومن أجل تدارك ذلك يجدر بثقافتنا أن تُبنى وتنمو وتتطور بالاستيعاب النقدي لتراثنا العربي - الإسلامي القديم، والتراث الغربي الراهن، ليس هذا فحسب وإنما بتجديد حياتنا القومية وتحديثها ودمقرطتها وتحريرها، وتوحيدها، والمشاركة الفاعلة في معارك الحضارة في عصرنا الراهن من غير تبعية أو تقليد أو استعلاء.
ويتوصل تركماني الى إنّ ما نشهده، في السنوات الأخيرة، من تنامي روح التعصب وظهور نزعات عرقية ودينية هو أمر لا يتصل بالأسس الثقافية والتقاليد الفكرية للثقافات، ولكنه انعكاس لتضارب المصالح واختلاف السياسات.
ولكن تركماني يدفع في محاججته الى التمييز بين نوعين من الوعي الثقافي: وعي ماضوي تقليدي، ووعي مستقبلي استشرافي. الوعي الأول وعي أصولي نقلي، يحاول أن يشد حياتنا إلى الوراء، وذلك على نحو يغدو معه سؤال المستقبل سؤالاً غائباً في حياتنا وليس عنصراً تكوينياً من عناصرها الحيوية. وأما الوعي الثاني فهو نقيض الوعي الأول، لأنه وعي يفتح أفق التجريب والاحتمالات، ويقيس على الحاضر في حركته إلى المستقبل، ولا ينشغل بالماضي إلا بوصفه عنصراً من عناصر الحاضر الذي يقبل التحول والتطور والمساءلة. وسيجد القارئ إنّ الأفكار التي انطوت عليها دفتا الكتاب تؤكد أنّ العالم لا يمكن أن يُبنى بناءً واقعياً وسلمياً إلا على أساس الثقافات المتباينة والمتضامنة. وهكذا أزعم أنّ في هذا الكتاب تساؤلات كثيرة ذات صلة بما يطرح من أسئلة جديدة حول حوار الثقافات، وأنّ فيها محاولات إجابة عن بعض هذه التساؤلات. حيث تناولت: ما بعد الحداثة وتعدد الثقافات، جدل الثقافة والعولمة وتداعياته على العالم العربي، إشكاليات الثقافة العربية المعاصرة وآفاقها المستقبلية، إشكاليات حوار الثقافات في عالم متغيير، العرب وحوار الثقافات في عالم متغيّر.
سعر الغلاف: 3 يورو
لشراء الكتاب من وكيل التوزيع الدولي Novisoft أضغط هنا:

تستطيع ان تستخدم بطاقات الائتمان مثل Visa أو MasterCard وغيرها، كما تستطيع أن تدفع من خلال paypal (اشهر بنك دولي للمدفوعات الصغيرة، ومن السهل والمأمون للغاية انشاء حساب فيه).
سيصلك اتوماتيكيا إيصال بالدفع. ابعث بنسخة منه الى المؤلف على العنوان التالي: abdtourkmani@yahoo.it لتتلقى رسالة شكر.
نبذة عن الكتاب والكاتب
يتألف الكتاب من 122 صفحة، ويضم المحتويات التالية:
(1) ما بعد الحداثة.. وتعدد الثقافات
- أصول مصطلح ما بعد الحداثة
- ما هو التنوع الثقافي؟
- القراءة ما بعد الحداثية لتعدد الثقافات
- نحو عقد ثقافي في مرحلة ما بعد الحداثة
- نقد ما بعد الحداثة
- العرب وما بعد الحداثة وتعدد الثقافات
مقاربة أهم مشكلات التعدد الثقافي
- خطر النزعات العنصرية وتنميط الثقافة
- تنوّع الأقليات وتداعياته
(2) جدل الثقافة والعولمة وتداعياته على العالم العربي
مدخل
ثقافة العولمة
إعلام العولمة
شمولية الوعي الكوني
التعليم إلى أين؟
معوّقات العولمة
واقع ومستقبل الثقافة العربية
(3) إشكاليات الثقافة العربية المعاصرة وآفاقها المستقبلية
إشكاليات الثقافة العربية في زمن متغيّر
المخاطر المحدقة بالثقافة العربية والفرص المتاحة
مجالات التغيير المطلوبة للتكيّف الإيجابي مع العصر
(4) إشكاليات حوار الثقافات في عالم متغيّر
- مقدمات عامة حول أهمية حوار الثقافات
- أهم قضايا حوار الثقافات:
(1) حوار الأديان أم العلمانية والتسامح؟
(2) قيم التقدم
(3) العنصرية الجديدة
(4) من ثقافة العنف إلى ثقافة السلم
(5) الحاجة إلى مقاربة جديدة للهجرة
- ضرورة توسيع دائرة المشاركة في مرجعيات ثقافية جديدة
- أسس ومبادئ الحوار وموضوعاته
- أهداف الحوار ونتائجه المتوقعة
(5) العرب وحوار الثقافات في عالم متغيّر
- خطأ نظرية الصراع بين الإسلام والغرب
- امتلاك العرب لخبرة كبيرة في مجال الحوار
- سبل نجاح حوار الثقافات في عالم متغيّر
- عوائق الحوار
(6) البعد الثقافي في الشراكة الأورو – متوسطية
- عن الأبعاد الثلاثة للشراكة
- خصائص الحوار الثقافي الأورو – متوسطي
- دور المنتديات غير الحكومية
- أهم المشكلات بين طرفي الشراكة
- خاتمة.
والدكتور عبدالله تركماني واحد من أبرز الباحثين العرب في القضايا الاستراتيجية. ويدل سجل أعماله على رجل علم غني ومعرفة واسعة.
ولد في اللاذقية/سورية سنة 1948، تحصّل على دبلوم في التاريخ العربي المعاصر من جامعة الجزائر سنة 1983، ودكتوراه في التاريخ المعاصر من جامعة تونس سنة 2001. قضى ثلاثاً وعشرين سنة في التعليم الثانوي والتكويني والجامعي.
ألّف وشارك في العديد من الكتب التي تتناول قضايا سياسية وفكرية، حيث نشر ستة كتب وشارك في نشر سبعة عشر كتاباً جماعياً، منها: مقاربات حول قضايا التنمية والديمقراطية وحقوق الإنسان في الوطن العربي (1995)، الأحزاب الشيوعية في المشرق العربي والمسألة القومية من العشرينيات إلى حرب الخليج الثانية (2002)، الفضاء العربي وتفاعلاته في التاريخ المعاصر (2006)، تعاظم الدور الإقليمي لتركيا (2010). ومن الكتب الجماعية: الثقافة العربية والتحديات الراهنة (2006)، الإسلاميون والحكم في البلاد العربية وتركيا (2006)، التراث العربي والحوار الثقافي (2007)، الديمقراطية والتنمية المستدامة بالمغرب العربي وأوروبا (2010)، مجتمع المعرفة والبحث العلمي في البلاد العربية: الوضعية والآفاق (2010). وله العديد من المقالات في الصحف والمجلات وشارك في العديد من المؤتمرات والندوات الفكرية.
يتبنى المؤلف منهج العقلانية النقدية، المستوعبة لحصاد التجربة العالمية، والمنفتحة على مختلف التيارات الفكرية والسياسية العربية، كي يتجاوز صعوبات التعاطي مع الأسئلة المصيرية، ومع تفاعلات الفضاء العربي المعاصر.
وقد اكتشف فيه العديد من الأكاديميين والنقاد عقلاً متنوراً يتميز بذكاء استراتيجي وقّاد، وحضارية ملفتة في شخصه (الدكتور سمير سليمان/أستاذ الحضارة الإسلامية والحوار بين الحضارات في الجامعة اللبنانية – كلية الآداب والعلوم الإنسانية (1) ورئيس تحرير مجلة Le Débat).
لقد أصّل المؤلف نقدياً تجربة أحد التيارات الفكرية - السياسية في المنطقة العربية، وأعاد النظر في تاريخنا المعاصر، حيث أصبح من الضروري إعادة تحليل هذا التاريخ، وفهم قوانين حركته وتطوره الدولية والعربية. وتكمن الأهمية العلمية لكتابه " الأحزاب الشيوعية في المشرق العربي والمسألة القومية " في محاولة الإجابة عن التساؤل الجوهري التالي: لماذا لم تتمكن الأحزاب الشيوعية في المشرق العربي، بالفكر الماركسي- اللينيني - الستاليني الذي حملته، من التأثير في عمق المسألة القومية العربية ؟ (مظهر ملوحي: قراءة في كتاب الدكتور عبدالله تركماني " الأحزاب الشيوعية في المشرق العربي والمسألة القومية من العشرينيات إلى حرب الخليج الثانية "، مجلة " المستقبل العربي " – يونيو/حزيران 2003، وصحيفة " الخليج " الإماراتية – 23 يونيو/حزيران2003).
ولقد كان هاجس المؤلف، منذ بدايات سبعينيات القرن الماضي، كيفية بناء السياسة على الفكر والمعرفة " ما أحوج عالمنا العربي إلى إدارة تعدديته الفكرية والسياسية بواسطة مؤسسات متعاقد عليها تفتح الأفق لإمكانية التغيير السلمي للعلاقات الاجتماعية، لذلك فإنّ رهان الديمقراطية وضمان حقوق الإنسان العربي هو الأكثر صواباً لتحقيق طموحات شعوبنا في التحرر والتقدم والوحدة ".
وباعتبار أنّ أغلب سنوات غربته كانت في المغرب العربي، فقد تعلّم من الجزائريين في مرحلة الشباب "الاندفاع في القول والعمل والجنوح نحو الراديكالية"، بينما تعلّم من التونسيين في مرحلة الكهولة "التروي والنزعة الإصلاحية التراكمية، والميل إلى تغليب العمل على القول" (تحرير وإشراف أحمد محمد سليمان: جدل الآن – بيروت 2003).
وفي كتابه "الفضاء العربي وتفاعلاته في التاريخ المعاصر"، تفحص المؤلف الأزمة العربية الشاملة المفتوحة، بوصفها إحدى الأزمات التي تتقلص فيها الاختيارات إلى اثنين لا ثالث لهما: إما الغرق في الأزمة والدخول في مسلسل من التدهور والفوضى والانحلال والضياع. وإما تجاوزها إلى وضعية جديدة تماماً، انطلاقاً من التفكيك الواعي للوضعية القائمة المأزومة والشروع في عملية بناء جديدة، بمنطلقات واستشرافات جديدة كذلك.
وبالتالي فإنّ وضوح الرؤية، كما يرى المؤلف، هو شرط لتناول ليس الأزمة العربية فقط بل مختلف تفاعلات وإرهاصات الفضاء العربي، وذلك لا يستوي إلا بإحداث قطيعة مع الرؤى القديمة، التي كانت تعطي الأولوية للاعتقاد على حساب الحق، وللأيديولوجيا على حساب العلم والمعرفة، وللميل الذاتي والتفكير الرغائبي على حساب الواقع الموضوعي. ويجد المؤلف نفسه أمام صعوبة كبيرة في اكتشاف قواعد اللعبة المعقدة، تلك التي حكمت التأثير المتبادل بين العوامل الداخلية والخارجية، لما آلت إليه الحالة العربية. خاصة وأن الفكر السياسي العربي اعتاد على تحميل الاستعمار كل بلايا ومصائب التاريخ العربي، وأطلق العنان لديماغوجية رنانة تجعل من العداء للإمبريالية و الصهيونية - مع أنه عداء يعد مبرراً تاريخياً وواقعياً - وسيلة للتنفيس عن الغضب، وصبه على العامل الخارجي الذي أصبح " شيطان العرب "، ليعفي العامل الداخلي من النقد والمساءلة (عمر كوش: قراءة في كتاب " الفضاء العربي وتفاعلاته في التاريخ المعاصر " - بيان الكتب، صحيفة " البيان " الإماراتية – 16 أبريل/نيسان2007).
وفي كتابه "تعاظم الدور الإقليمي لتركيا" ينطلق المؤلف من اعتبار أنّ الطموح التركي، الهادف إلى لعب دور قوة إقليمية رئيسية في منطقة الشرق الأوسط ومحيطها الجغرافي والإقليمي، جعل تركيا تتحرك كدولة براغماتية ديمقراطية، تطوي صفحة الماضي، وتسعى للمصالحة والانفتاح على الجميع، وتصفير المشاكل مع جيرانها.
ويؤكد على أنّ فرصة الدول في الحصول على موقع متميز تتوقف على درجة المسؤولية التي تظهرها النخب الحاكمة، وعلى القدرة التي تبديها في جعل مصالح شعوبها في اتساق وتطابق مع مصالح المجموعة الدولية عموماً والشعوب المحيطة بها بشكل خاص، كما أنه بقدر ما يكون للدولة من مشاركة إيجابية في بناء إطار فعّال وناجع للتعاون الإقليمي، تساهم في تحسين فرص التنمية عند المجتمعات المحيطة بها وليس فقط داخل حدودها، وتحظى بقدر أكبر من المصداقية، وتزداد فرص حصولها على الشرعية العالمية.
ويرجع المؤلف إلى الوراء قليلاً كي يرسم ملامح المشهد الجيو - سياسي في المنطقة، ملاحظًا أنه عندما وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها، لم تكن حمَّى الجغرافيا السياسية متأججة في منطقة الشرق الأوسط، مثلما هي عليه الآن، لأنّ المشهد السياسي لم يعد مقتصراً على قضية الصراع العربي - الإسرائيلي فقط، بل طفت على السطح مسائل أخرى ذات أهمية، مثل "المسألة اللبنانية"، و"المسألة العراقية"، و"المسألة الإيرانية"، و"المسألة السودانية"، و"المسألة اليمنية". ولم يعد الأمر يقتصر على ذلك، فالكلام مشْرَعٌ على "مسألة سنّية" و"مسألة شيعية"، بحيث تبدو المنطقة الممتدة من الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط حتى الهند وباكستان، وكأنها موضوعة على "صفيح ساخن" صفيح أزمات متواترة تهدد بانفجارات متلاحقة.
وهكذا، يرى المؤلف أنّ تركيا تقدم أنموذجاً جيداً للعمل السياسي الحكيم، الذي يتخذ من الإسلام وعاءً ثقافياً عظيماً، ويحاول أن يتعايش مع العصر عبر الآليات الديمقراطية، وبناء هياكل سياسية تعمل على إيجاد حلول وسط للمشكلات التي تعاني منها تركيا. كما تعمل على تعديل جوهري في المشهدين الإقليمي والدولي، وفي تصفير خلافاتها مع دول جوارها الإقليمي مع تنمية علاقاتها البينية بشكل شمولي واستراتيجي.
ويعتبر المؤلف أنّ المؤشر الذي لا يخطئ هو صعود الدور الإقليمي التركي على مسرح الشرق الأوسط واستحالته عاملاً معادلاً، وربما رادعاً إيجابياً، للدور الإيراني. كما يعتبر العشرية الأولى من القرن الحادي والعشرين تركية بامتياز، نظرًا لأنها شهدت تعاظم الدور الإقليمي لتركيا وتمايزه، بشكل وضع دول المنطقة أمام خريطة مرتبكة لتوازن القوى الإقليمي وتنافسها (عمركوش: قراءة في كتاب " تعاظم الدور الإقليمي لتركيا "، موقع " الجزيرة نت " –5 نوفمبر/تشرين الثاني 2010).
ويعتبر المؤلف أنّ مكانة القوى الإقليمية في المنطقة تتوقف على وعي مراكز الثقل الإقليمية بالتحولات الاستراتيجية التي بدأت بالتشكل منذ سقوط جدار برلين عام 1989، وعلى سعيها إلى تعزيز مصالحها بالشراكات الإقليمية، والأهم من هذا وذاك التوظيف العقلاني المجدي لمواردها الاقتصادية والبشرية، ولموقعها الجيو – استراتيجي (الهادي غيلوفي: قراءة في كتاب "تعاظم الدور الإقليمي لتركيا" – مجلة "المستقبل العربي"، بيروت – فبراير/شباط 2011).
www.e-kutub.com



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن