حتى لا تضيع الثورة .. التعليم هو الحل

أميرة عبد الرازق
amira.abedelrazik@gmail.com

2011 / 5 / 28

ثورة بلا وعي وبنسبة أمية تصل إلى الأربعين في المائة، هي في الحقيقة فوضى في صورة ثورة؛ ذلك أن الثورات انقلاب شعبي على نظام فاسد، يأتي هذا الانقلاب بما يرتقي بالبلد في كل مجالات التنمية، وبما أن التغيير لن يتحقق سوى بثورة تعليمية وفكرية، وهو ما لم يحدث حتى الآن، فلنقل مطمئنين أن نتائج 25 يناير لن تتحقق قبل أن يتم الإصلاح التعليمي و التوعية الفكرية أولا، هذا إن لم تتكفل الأمية المتفشية في مجتمعنا بأن تردنا على أعقابنا إلى ما هو أسوأ من النظام السابق.

قبل 25 يناير بأيام قليلة كان رأيي أننا بحاجة إلى تنمية تعليمية، أن يرتقي الوعي ثم تكون النتيجة هي الإصلاح السياسي، وحيث أننا متفقون على أن الإصلاح التعليمي لن يأتي إلا بثورة على نظام سياسي فاسد يتعمد مع سبق الإصرار والترصد أن يجعل هذا الشعب جاهلا بما يكفي لكي يكون عاجزا الإطاحة بعصابة الفساد؛ لذلك كله يمكننا أن نقول مطمئنين أننا قطعنا نصف المسافة نحو نهضة تعليمية.

والشيء الأهم هو أن ندرك أن كلمة تعليم لا تقتصر فقط على معرفة القراءة والكتابة، فلطالما وجد هؤلاء الذين يتخرجون في أرقى الجامعات لكن عقولهم خواء، من أسهل ما يمكن أن ينقادوا كالقطيع وراء كل من يدعي العلم، أو يتشابكوا بألفاظ نابية حين تكون المناقشة والجدال، أو يقعوا في خطر التطرف الديني وكراهية الآخر، أو حتى يبادلون غيرهم الكراهية والاحتقار حين يظنون أنهم أرقى منهم علما.. كان التعليم فيما سبق مرادفا للوعي والثقافة و الوطنية والأخلاق الرفيعة، وهكذا ينبغي أن يعود مفهومه.

ستقولون أن الشباب الآن أكثر نضجا مما كنا نظن، ولم يعد هذا الذي نصفه بالتفاهة وعدم المسئولية، إنه يعي واجبه الوطني ويتفهم الواقع السياسي دون أن ينقاد لأصحاب المصالح الشخصية، والدليل أنه نحج بجادرة في قيادة ثورة لم يكن لها قائد غير جموع الشباب، وتحمل بمسئولية صابرة رصاص البلطجية والدفاع عن البلد حين فرت الشرطة حتى تمت الثورة بنجاح .. كل هذا صحيح تماما، لكن كم نسبة هذا الشباب الواعي في المجتمع ككل؟

عندما اندعلت الاشتباكات حول كنيسة أطفيح والمقطم وانتهاء بأحداث إمبابة وعين شمس أين كان شباب الثورة الواعي ؟ وحين انقسم الناس ما بين من إخوان وسلفيين ومسيحيين كل منهم له مطالبه الفئوية ويريد أن يلتهم أكبر قدر من نتائج الثورة .. أين كانت روح التسامح التي رأيناها في الميدان عندما كان المسلم يتوضأ من يد المسيحي؟
وحين خضنا لأول مرة تجربة الديمقراطية في استفتاء مارس، ماذا فعل الشباب الواعي أمام محاولات بعض رجال الدين استغلال الجهل العام، أو أمام إغراءات أصحاب المصالح للفقراء بالأموال والطعام كي يضمنوا أصواتهم في الانتخابات؟

و الإجابة أنه قد اتضح أخيرا أن شباب الثورة الناضج يمثل أقلية صغيرة جدا وسط الجماهير غير الواعية.

ولأجل هذا كله لابد أن نقلق كثيرا ويدفعنا ذلك القلق إلى فعل شيء إيجابي ينهض بالتعليم والوعي والفكر .. لا بد أن يقتنع الشعب بجهله أولا .. عفوا لا أتهم الشعب المصري بشيء مشين يسيء إلى كرامته، ولكن إدراك المشكلة هو نصف العلاج؛ أن يقتنع الناس بخطورة الأمية على الثورة وعلى الديمقراطية وعلى البلد كلها، ويشق بسطاء الناس طريقهم بحماس نحو التعليم، بمعنى أوضح أن يؤمنوا بأن التعليم لم يعد مجرد رفاهية يحظى بها القادرون بل هو واجب وطني، وهنا يأتي دور الدولة الجديدة في وضع سياسات تعليمية ناجحة، تكفل للناس هذا الحماس، قبل أن يتحول 25 يناير من ذكرى لثورة إلى ذكرى لفوضى نتأسف معها على العهد السابق.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن