الأمة الديمقراطية هوية إنسانية جديدة - ج1

دانا جلال
swedana57@gmail.com

2011 / 5 / 11

(( الأمة الديمقراطية هي الأمةُ المتعددةُ الهوياتِ والثقافاتِ والكياناتِ السياسيةِ مَقابِلَ وحوشِ الدولةِ القومية )) (اوجلان)
الأمة الكوردية التي تعيش في اكبر " مُستَعمَرة دولية " على حد تعبير الكاتب والمفكر التركي إسماعيل بيشكجي ، لم تتوقف عن ثوراتها عبر التاريخ ، ثرية بتعدد مكونات هويتها، جمعت قزح المُختَّلِفْ لهويات الشرق . خصوصيات ، إن قُلنا هي حِكرُ عليهم كانت شوفينية ، وان أنكرنا دَّورهِم الريادي بمحاولة خلق حالة التناغم بين تلك المفردات ودفعِه صوب فضاءه الديمقراطي يمثلُ تجاوزا بحقهم ، لان قائدهم "عبد الله اوجلان" هو الذي طرح مفهوم " الأمة الديمقراطية " و كتب عن نهاية عصر " الأمة - القومية " الذي خلَّف وحش الدولة القومية ومن ثم طرح بديلة المتمثل بــ "الأمة – الديمقراطية " حيث تنطلق من خلالها مشتركات انسانية في فضاء الكونفيدراليات الديمقراطية بعيدا عن جغرافية مشَّوهةً بواقع الدول القومية وحروبها الطبقية بشعارات قومية مُزَّيفة للوعي .
العراق وجدل الصراع:- في عملية قيصرية ضمن صَّيرورة تاريخية حيثً القاعدة في أي تغيير اجتماعي أو سياسي هو أولوية "العامل الداخلي " و شاذه ،غلبة "العامل الخارجي " . و في مشهد عراقي حيث يتكرر في الكثير من مفاصل تاريخه الدور البارز للعامل الخارجي لحسم صراعات " الداخل "و" الخارج" انهار النظام الفاشي في 9نيسان من عام 2003 بفعل وجهد دولي ومن ثم الإعلان عن فشل مشروع البعث المتمثل بـ " الدولة القومية المركزية الشوفينية " بعد انتشال رئيسه "صدام حسين " من اشهر حفرة في التاريخ . فشل المشروع القومي لا يعني عدم قدرة حاضنتها على إنتاج نسخة مكررة لذات الفكر والنظام ولو بأشكال مختلفة، لان الأنظمة المركزية و عبر تاريخها وبالأخص في الشرق شرَّعتْ بالقمع و شرعّنتها من خلال موروث النص الديني أو مشاعر قومية ضيقة الأفق . المُتَّغير بعد سقوط الفاشية هو تغير في سِلَّمْ نشاط حضانات القمع الشمولي وعلاقاتها البينية ، حيث برزت وبقوة " الحاضنة الدينية " التي أفرزت الإسلام السياسي بشقَّيه "السني" و"الشيعي " ،" الإرهابي "و"ألظلامي " كقوة مؤثرة في المشهد العراقي لا ينافسه بشكل جدي غير "الفكر القومي الشوفيني "رغم هزيمته التاريخية بعد 9 نيسان عام2003 . علاقة الحاضنة الدينية بالحاضنة القومية وأشكال ظهورهما هي علاقة ( تقاطعية – تشاركيه) على السلطة وضمنها ، لان "المشاركةً" تمثل صراعا في وضع التجاور. إذن صورة المشهد العراقي هي حالة "تناقض صوري" في الخطاب السياسي والياته من جهة و"تطابق جوهري" بين حاضنتين وأشكال ظهورهما في الموقف السلبي والرؤى المُتخلفة حول ("الدولة المدنية "الديمقراطية "الفيدرالية ") من جهة أخرى. ظاهر علاقة التقاطع وجوهر تطابقه بين الأطراف الرئيسية للصراع يجعل من خيار عودة الدكتاتورية شبحاً يلاحق الذاكرة العراقية التي بقيت يقظة لان سلسلة ( " ولايات " و"ممالك "و"جمهوريات " ) القمع لم تُقطَّعْ وجغرافية جواره لم تتغير، فبقيت كما كانت ، "عدائية " و"مُمانعة " لأي تحول ديمقراطي في العراق كما هو الحال مع الظرف الذاتي الجديد والمتمثل بالمحتل الأميركي الذي هيأ الظروف لصراع الهويات المسيس ضمن مؤسسة السلطة التي شهدت زواجا قسرياً قد تنتهي بقطيعة مُعلِنةً عن نهاية الطريق وبدايةً لطرق ومفترقات مجهولة ، لان عسكره الديمقراطية لم تكن إلا أكذوبة أميركية خلفت قلقاً مشروعاً وخوفاً مبررا من عودة الفاشية أو تسلط فاشية جديدة تخرج من عباءة الإسلام السياسي لان الواقع المجزأ حيث التغني على طلل ووطن واقتباس مفردات الأحلام المشتركة لمواجهة واقع الجغرافية المجزأة والهويات المسيسة و المتمثلة بــ ( الأحزاب القومية الكوردية - تحالف بقايا البعث مع الإسلام السني - الإسلام السياسي الشيعي – مناطق تداخل وتعدد السلطات) لا يمكن أن يستمر طويلا لذا فان إيجاد أشكال جديدة لعلاقة ديمقراطية بين الشعوب العراقية من جهة ومع شعوب المنطقة من جهة أخرى يمثل الحل والمخرج لتعاقب الأزمات بين تلك الشعوب ،ويمكن طرح مفهوم الأمة الديمقراطية العراقية كخلية حيوية لكونفيدرالية ديمقراطية تجمع ( الكورد والعرب و الفرس والأتراك) بعيدا عن مفهوم الدولة القومية التي أضافت مشاكل لإشكالات تاريخية تتجسد بعضها من خلال صراع حول المفردة أو حول رموز وطني كما هو عليه الحال مع العلم العراقي الذي يمثل رمزاً وتعبيرا عن عقد اجتماعي بين المكونات العراقية التي اختلفت حولها ،حيث العلم العراقي قبل سقوط الفاشية هو المرفوع في اغلب مناطق غرب العراق وجزء من شماله وعلم كوردستان في الإقليم الفيدرالي والعلم الذي تم تعديله وإقراره بعد سقوط النظام في اغلب مناطق الوسط والجنوب العراقي يمثل إعلاناً صريحاً عن موت غير معلن لعراق لم يولد بعد. عراق يولد من جديد من خلال الأمة الديمقراطية التي تتوسع لتشمل عدا الشعوب العراقية ، الشعب الفارسي والتركي ضمن كونفيدرالية ديمقراطية تجمعهم بعيدا عن مفهوم الدولة القومية وحدودها.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن