حادثة إمبابة والأيدي الخفية

أميرة عبد الرازق
amira.abedelrazik@gmail.com

2011 / 5 / 8

تنطوي صفحة كاميليا شحاتة باقتناع البعض أنها لم تسلم والبعض الآخر لا يقنعه شيء، ويرى أن الكلام مفبرك وأن كاميليا أجبرت على هذه الاعترافات حتى لا تعذبها الكنيسة، المهم أن القصة قد انتهت بسلام لنبدأ من فورنا بالبحث عن قصة جديدة .. عنوانها عبير .. ولكن صفحتها تبتدئ بالفتنة والدم ونذير شؤم على الاستقرار.

تلك الفتاة التي تذكر الناس فجأة أنها أسلمت منذ سبعة أشهر، ويا للمصادفة فقد قرروا فجأة أيضا أن يتدخلوا لإنقاذها من براثن الكنيسة فور إعلان كاميليا أنها ولدت وستعيش وستموت مسيحية ...ألا يبدو التوقيت مريبا بعض الشيء!
والأكثر ريبة أن حادثة إمبابة لا تقتصر على كونها فتنة طائفية بل تتجاوزها لتجعل الجيش خصما وتنهال عليه بزجاجات المولوتوف حينما تعامل بحياد وحاول أن يتأكد فعلا من مزاعم السلفيين .

مجاهمو السلفيين هذه فرصتكم فالآن ستنشطون وستشيرون إليهم بأصابع الاتهام، وكل الأدلة تقف في صفكم، خاصة أن السلفيين هم من أثاروا زوبعة كاميليا من جديد، متجاهلين تماما مصلحة الوطن والثورة، ويختارون ببراعة شديدة المواضيع التي تثير الفرقة بين الناس .. لقد عرفنا السلفيين ينشطون للمواضيع المثيرة للقلق خاصة قضايا الفتيات اللاتي أسلمن .. يتظاهرون بكل ما أوتوا من قوة، يشتمون الكنيسة ويمزقون صورة البابا، لكن لماذا لم يلجئوا إلى العنف وقت أن كانت قضية كاميليا في أوجها، ولماذا يختار مدبرو الحادث هذا التوقيت بالذات لاستخدام العنف؟

قالت لي صديقة سلفية بتأثر "أن السلفيين أعقل بكثير من أن يشتبكوا بالأسلحة في فتنة طائفية، وتؤكد في الوقت نفسه أن ما حدث شيء مدبر أشبه بحادثة كنيسة القديسين في الأسكندرية، فوقتها كان المسلم يخجل من أن يرفع عينيه في وجه صديقه أو جاره المسيحي، ثم تفاجئنا في النهاية أن وزير الداخلية المفترض فيه أنه راعي الأمن والأمان هو من دبر هذه الطامة الكبرى".
وتصر صديقتي على "أن رجال أمن الدولة أو غيرهم من رعايا الثورة المضادة هم من دبر هذه العملية خاصة مع قرب هيكلة جهاز الأمن الوطني واستبعاد آلاف من رجال أمن الدولة السابقين، ليثبتوا للناس إما نحن وإما الفوضى، إما رجال أمن الدولة أو يسيطر الإسلاميين على البلد ويحولونها إلى أفغانستان ثانية".

كان هذا مجرد رأي ووجهة للنظر ولكن على اختلافي الفكري مع السلفيين أجد نفسي متعاطفة معهم في هذا الموقف، فهناك أشياء غير منطقية تظهر على الصورة وتلمح لاحتمالية وجود أيادي خفية، فتوقيت العملية بعد حوار كاميليا مباشرة ، وهذه الفتاة المسماة عبير والتي لم يتفوه أحد باسمها من قبل رغم معرفتنا أن السلفيين لا يتركون صغيرة أو كبيرة مما يخص قضايا الفتيات اللاتي أسلمن إلا وملئوا الدنيا صراخا من أجلها .. ثم أهم شيء من أمد الطرفين بالأعيرة النارية التي أدت إلى مقتل اثنين وإصابة عشرين؟

لا أجزم بصحة هذا الرأي ولا أستطيع في الوقت نفسه تبرئة السلفيين تماما .. الصورة لا تزال مشوشة وتساؤلنا عن مدبر الحادث إجابته متروكة للأيام والتحقيقات تثبتها.. وكل ما أرجوه هو ألا نفقد الأمل تماما، فتاريخ الثورات يعرف بالصفحات الطويلة في كتب التاريخ، هكذا يدون النقاد والمؤرخون، وسيدونون أيضا أن تاريخ ثورة يناير سيستمر ليملأ أعوما طويلة وربما عقودا، حتى نستطيع أن نكف عن الصراخ ونبدأ في العمل الجاد من أجل أن نسد كل الثغرات التي قد ينفذ منها قلقا يهدد استقرار وديمقراطية الوطن، حتى لا نعود في يوم من الأيام ونتضرع قائلين نحن آسفون يا أمن الدولة!



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن