حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو 6

صبري يوسف
sabriyousef56@hotmail.com

2011 / 4 / 23

حوار مع صبري يوسف، أجراه د. ليساندرو 6


د. ليساندرو

اعتراض

أحييك تحية المساء مع ترديد عبارات الشُّكر

تنفي نفياً قاطعاً أن تكون قد أطلقت النَّار على - جلاوزة - العصر وهذا القول إذا أُخِذَ من ظاهره أحدث تناقضاً وارتباكاً في فكرك السياسي لاننا إذا عرضنا النّفي الآنف الذكر على الاقرار الماثل أمامي والذي ورد للتوِّ على لسانك
"رفعت قليلاً بل كثيراً ساطوري فوق وجه جلاوزة هذا الزّمان" ..
ثم استذكرنا غاراتك على المواقع الهشّة الفاسدة في معسكرات أميريكا ذات الحضارة المشيدة من النّار والكبريت- ظهر التباين بين الاثنين واضحاً. وهذا الارتباك في الموقف السياسي سمة بارزة لدى الكثير من الشعراء مردّه الى طبيعة الشَّاعر الانفعالية التي تتفرَّد بحساسية مفرطة ورقّة في الشعور وإلى طبيعة كلّ من الشِّعر والسياسة. فالشِّعر ذو طبيعة خاصّة تتكون عناصرها من مادّة خالدة أمّا السياسة فعناصرها من مادّة متحولة زائلة آنية والا فكيف أفسر غضبتك على الدول الكبرى التي ينعم الناس في حضنها بالدفء والاستقرار والكرامة - وذرفك الدموع في - جنازات الدول الصغرى - التي تغتال فيها الكلمة الصادقة وتستباح فيها كرامة الانسان ويطارد فيها الأحرار وتهدر دماؤهم بلا ذنب وتمرَّغ فيها كرامة المرأة في حماء التقاليد البليدة و و و ------؟!


صبري يوسف

أحييك يا صديقي!
تفضّل يا عزيزي ليساندرو، اِقرأ بعضاً من وجهات نظري المتجسدة في فضاءات نصوصي! يبدو أنك تسرَّعت قليلاً في الحكم على وجهات نظري وأفكاري!

أنا لست سياسياً يا صديقي، أنا إنسان ذو شعور إنساني كوني لهذا أعشق الشعر.

كنتُ قد نشرتُ في وقتِ سابق بعض الرؤى ووجهات النظر، في موقع إيلاف، كانت تصبُّ في رحاب هذه الجوانب آمل أن تكون قد قرأت تلكَ الرؤى.


د. ليساندرو

اكرم أباك وأمَك

لا يفوت القارئ أن يلاحظ في أدبك تعلُّقك الشَّديد بذكرى والديك - رحمهما الله- الى درجة تدعو الى التساؤل إذ أنَّ الأذن ما ألِفَت أن تسمع مثل هذا البثّ الرقيق في الأبوين يصدر إلا عن المرأة الكاتبة - غالباً- لا الكاتب الرجل ولا ننسى هنا أنَّ كثيراً من الرجال رغم حبِّهم لآبائهم تمنَّعوا من اظهار عاطفتهم المشبوبة نحوهم بل أن بعضهم وقف ازاءهم موقف المتوجِّس لا يخفى على أحد موقف المعري من والده اذ عدّه جانياً عليه وموقف غيره في الأدب العالمي حين نظر الى نفسه فوجدها تصطخب بالعيوب فألقى باللائمة عليهم... ..... .... .... ..... ........ .......؟

أَتغلِّفُ وجدانك وصايا الله العشر وعلى رأسها - اكرم أباك وأمَّك ليطول عمرك -
أَتنطوي على خُلُق - ردّ الجميل- لأنَّهما كانا بك - أنت آخر العنقود- حفيين رائمين
أم أنّك كاتب ذو رسالة تقتضي – وجوب - أن تشتمل على هذا المضمون لتكتمل عناصرها حسب الخطة المرسومة لها؟

غفر الله لهما وانزلهما مقاماً خالداً في أحضان أبينا ابراهيم


صبري يوسف

الدكتور العزيز ليساندرو
لا أعلم فيما إذا قرأتَ المدخل الذي أشرت إليه في سياق تعقيبي السابق، والذي نشرته كمقدمة لنصّ مفتوح، أشتغل عليه منذ سنوات!

عموماً، سواء قرأته أو لم تقرأه، فليس هنا بيت القصيد، وإنما بيت القصيد يكمن في مسألة إطلاق أحكام وتقييمات على شخصية ما، أدبية كانت أم فنّية الخ ..
من الواضح جدّاً أنّكَ تملكُ من العمق في الرؤية والقراءة والفهم والعلوم الشيء الكثير، لكنّي أراكَ يا عزيزي أحياناً تطلق أحكاماً وإنطباعات وتساؤلات لا تمتُّ لجوهر النصّ أو الفكرة أو المنحى الذي ممكن أن يناقشه المرء! فتتطرّق إلى خصوصية حياة المرء، من منظور غير عملي وغير منطقي أيضاً، أو بتعبيرٍ أدقّ من منظور غير دقيق!

من قال لكَ أنّ المرأة فقط تتحدّث عن الأبوين بهذه الروح العاطفية والمحبة الودودة العميقة؟!
إن الرجل يمتلكُ محبة وحناناً ورومانسية ربّما يفوق المرأة وهو رجل وذكوري في رجولته وحنانه ورومانسيته؟!

لا أكتب رسالة ولا يوجد عندي خطّة محدَّدة أثناء كتابة نصوصي، تولد نصوصي من رحم الحياة، وهي ومضات مستنبتة من وهج الحياة ووهج اللحظة الإبداعية! الحياة بكل ألوانها موضوع رسالتي لكني لا أخطِّط لمواضيعي، أعيش اللحظة ـ الحدث/ الحالة ثم أكتب عنها، وأحياناً أكتب من وحي الخيال أيضاً فالكثير من الشعر والنصوص عن العراق كتبته من وحي تخيلي عن العراق والدَّمار الذي آل إليه والكاتب يجب أن يكون لديه موقف في الحياة ممَّا يراه ويسمعه .

لا أكتب من منظور ديني، (أكرم أباك وأمكَ كي يطول عمركَ على الأرض)، لكن هذه الرُّؤية مناسبة لخصوصيّتي ورؤيتي في الحياة والكثير من فلسفات الحياة مستمدّة من الأديان، لكن رؤاي غير مستمدّة من نوازع دينية، هي مستمدّة من منحى إنساني ومن الطَّبيعي أن تتواءم بعض أفكاري مع عوالم الأديان لأن الأديان لها منزع إنساني أيضاً، أكتب ما أشعر بضرورة كتابته، فأحياناً تتطابق رؤاي مع هذه الرُّؤية أو تلك وأحياناً تختلف! لا أفكر بالجانب السياسي والديني والإجتماعي والتقاليد والمعايير لحظة كتابة النصّ، بقدر ما أفكِّر بما ينتابني من مشاعر إزاء موقف أو حالة ما، فأكتب مشاعري بكل عفويّتي وفطرتي بعيداً عن إيديولوجيات هذا الزَّمان، إيديولوجيَّتي هي تحقيق العدالة والحريّة والديمقراطية للإنسان، لاشكَّ أنَّ رؤيتي تصبُّ بطريقة أو بأخرى مع الكثير من الرُّؤى السياسية لكنَّها ليست نابعة من منظور إيديولوجي معيّن، ولا تعجبني إطلاقا إيديولوجيات هذا الزَّمان فهي نافرة ومتخشِّبة وتدمي خدود الإنسان، دموية، مركَّزة على الاقتصاد والمصالح البغيضة، لماذا أغفلت الكثير من سياسات هذا الزَّمان عدالة الإنسان ومحبَّة الإنسان لأخيه الإنسان؟!

أنادي وأدعو إلى تأسيس أشبه ما يكون بحزب الإنسان، المرتكز على معايير وقيم إنسانية عميقة كالتواصل، الحوار، الرأي والرأي الآخر، التفاعل، التطوّر، العدالة، الحرية، الطبيعة، استغلال الموارد الطبيعية لصالح المجتمع البشري، واستغلال طاقات البشر لخدمة البشر، ومسح خلافات البشر السياسية والدينية والاجتماعية والتقاليدية، ومحاولة تقريب وجهات نظر المجتمع البشري لبعضه بعضاً ... الخ.

أدعو إلى تجاوز عقدة التفوُّق، عقدة الأبيض، الأسود، الدين، السياسية، الغنى، الفقر، الشرق، الغرب، .... وضرورة الوقوف عند مشاكل الكون، مثل التفجُّر السكاني، البطالة، الصحَّة، البيئة، الطفولة، القحط، وضرورة بناء طفل يناسب أبجديات حضارة العصر بعيداً عن تعقيدات وسخافات التناقضات التي تزرعها إيديولوجيات هذا الزمن الأرعن! من جهتي أرى زمننا أرعناً وفاشلاً وخائباً، أكثر من نصف المجتمع البشري يعاني من الفقر، لماذا لا تضع الدول المتقدِّمة والناهضة صناعياً وتكنولوجياً مخطَّطات لمعالجة مشكلة الفقر في العالم، أليس عاراً أن نرى الإنسان الفقير يموت من الفقر، من القحط في الكثير من دول العالم؟!

نسى سياسيو هذا العالم أن إنتشار الفقر يؤدّي إلى تدهور المجتمع البشري بطريقة غير مباشرة، وأحمّل الدول العظمى والغنية وأغنياء هذا العالم مسؤولية آلام وأحزان ومشاكل وهموم فقراء هذا العالم، ويجب تأسيس منظَّمات وأحزاب وهيئات دولية عالميّة لمعالجة هذه المشاكل التي تدمِّر حياة الكائن الحيّ في الكثير من أركانِ المعمورة!



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن