قفشات والدي مع الفنان عمر اسحق

صبري يوسف
sabriyousef56@hotmail.com

2011 / 4 / 19

قفشات والدي مع الفنان عمر اسحق



عزيزي الحميم الفنّان عمر اسحق

أنتَ فنّان شفاف في ريشتكَ، تحبُّ اللون بعمق والأنثى بعمق أكثر هاهاهاهاها، هنا بإمكانكَ أن تضحكَ ضحكتكَ الرائعة يا صديقي فضحكتكَ أشبه ما تكون قصيدة مقتطفة من جبهة الزّمن. نصوصي، قصصي، أشعاري، هدية للإنسان، لأصدقائي، لأحبّائي المبعثرين على وجه الدنيا!

أيام ولا أجمل، كأسات الشاي ولا أحلى، حوارات عن الفن والأدب والفقر والفرح واللوحة والحياة، ومشاريع متزاحمة على قارعة الروح!

هناك عدة مواقف رائعة حصلت معنا في سياق فرحنا في محطّاتنا عبر منعرجات صداقتنا! الموقف الأوّل هو أنّكَ كنتَ ترغبُ أن تزور المالكية، وتزور خلالها كنيسة (مارتشموني) التي ظهر فيها الميرون!

وهذا ما حصل فنزلتم ضيفا مدلَّلاً عندي في بيتي العتيق القريب من الكنيسة! وهناك في بيتي العتيق حصل أطْرَف القصص عبر حوارات والدي معك! والطريف بالأمر أنكَ كنتَ تستطيع أن تفكّ طلاسم بعض مفرداته الأزخينية القحّة عبر سياق الجملة، كنتُ غائصاً في ترتيبات العشاء والبيت، وأنتما كنتما غائصان في حواركما بل كنتَ تصغي إلى والدي وهو يحكي لكَ عن قصصه ورجولاته وبطولاته التي لا تقهر! وأنتَ كنت تضحكُ ضحكاً طازجاً! وأكثر ما لفتَ إنتباهي جملة في منتهى الرّوعة ستبقى مخلّدة في ذاكرتي طويلاً، وتصلح لمشروع قصصي أو أن تكون في مهاميز رواية في مستقبل الأيام، حيث كان والدي يركّز عندما كان يسرد لكَ قصصه على أنّه تمكّن أن ينالَ من منازليه ومَن تحدّاه وتوقّف أمامه حتّى إذا كان أطول منه بشبر ، سرعان ما كان (يظربه كوبالاً ويحلّقه على الأرظ بظربة واحدة، وأحياناً كان يظربه بكساً ويحلّقه على الأرظ)! مركّزاً على أن غريمه دائماً كان من طويلي القامة! ممّا ولّد عندكَ تصوّراً أنه على الأرجح لو تعارضه في وجهة نظر ما فإنه ليس من المستبعد أن يرفع كوباله عليكَ ويظربكَ ظربة من ظرباته ويحلّقكَ على الأرظ لأنّكَ كنتَ تماماً الغريم المطلوب من حيث الطول، تماماً أطول منه بشبر، ثمّ جئتَ مستنجداً بي وأنتَ تضحكُ ضحكاً رائعاً، فقلتُ من المؤكّد أن الوالد العزيز قد دخل مع عمر في سرد قصصٍ من العيار الثقيل وإلا كيف لعمر أن يعبر أبهج القهقهات! وعندما قلتَ لي : وقفتُ بجانب والدكَ ومن دون أن يشعر ممّا أقوم به ونظرتُ إلى فارق الطول وإذ بي أجدني فعلاً أطول منه بشبر، فقلت، النجدة، الخلاص من هذا الكوبال، أين أنتَ يا صبري! ثم تابعتَ قائلاً، على ما يبدو أن والدكَ يا أستاذ مصاب بعقدة النقص من طويلي القامة وخاصة لو كانوا أطول منه بشبر فهو لا يتوانى أن (يظربهم ظربةً ويحلّقهم على الأرظ) على حدِّ قوله! فأرجوك خلّينا من هذه التحليقة وخلّينا نروح على الكنيسة وننفّذ نذرنا أولاً لعلنا ننفذ في جلدنا! وقبل أن نخرج من المنزل، سألتُ الوالد، أش عقلك يقطع من طول رفيقي عمر؟ فقال لي بطريقته الطريفة، ياما ظربتو ناس من طوله وأطول منه وحلقتوهم على الأرظ! فضحكنا وهو الآخر ضحكَ وهو في قمة طرافته! قلتُ عمر! فقال أيوه صبري ، تفضّل، انفذ بريشك! وخرجنا ونحن نضحكُ ضحكاً رائعاً، أظنُّ أن تلكَ القهقهات طهّرت عذابات عقود من الزمن!

وفيما كنّا على باب الهيكل ونحن نصلّي وإذ بمصلٍّ يدخل إلى الكنسية، فكنتَ تقول، طلّع! اِتأكدْ لي منه أليس والدكَ! فكنتُ أنظر إلى الخلف والضحكة على وشك الانفجار، لكني كنتُ أضبط نفسي! خرجنا متوجّهين إلى بيت الصديق الفنان كابي سارة وهناك كنّا نستعرض هذه القفشات فانضمَّ إلينا أبو الكاب بضحكته البيلسانية الصاخبة التي ملأت الحيّ فرحاً لا يخطر على بال!

وتمرُّ الأيام والشُّهور والسُّنون وتبقى هذه الذكريات ضحكة مجلجلة على خدود الزمن كي ننسج منها قصصاً وأشعاراً ولوحات من لون الفرح المتلألئ في خميلة الذَّاكرة!


صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
sabriyousef1@hotmail.com





https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن