صفات حكام تجنن و تهبل و ألقاب إعلاميين بحجم الزبل

خليل الفائزي
alfaezi@yahoo.com

2011 / 4 / 14

صفات حكام تجنن و تهبل و ألقاب إعلاميين بحجم الزبل!
*بقلم خليل الفائزي
نحن معشر الإعلاميين مدمنون على الإنترنت و متابعة الأخبار و الأحداث و نغور يوميا عدة ساعات نبحث في أعماق المواقع السياسية و الخبرية و نقلب القنوات الفضائية من (بي بي سي) الى الجزيرة و الحرة و (سي ان ان) مرورا بالعالم و العربية التي أصبحت هذه الأيام كلها توائم و أخوات ونسخة طبق الأصل عن بعضها البعض بعدما صارت تقتبس الأخبار وتستنسخ التقارير المشابهة ولم نسمع من هذه القنوات خلال الأيام الماضية اي خبر او تقرير يسعد قلوب الشعوب المنتفضة على سبيل المثل سقوط نظام او رحيل زعيم طواعية من هؤلاء الحكام الجاثمين قسرا وزورا على كاهل الأمم والجماهير و قد كنا قد اقترحنا عليهم المكوث ولو لفترة في متحف الشمع الدولية لانهم و الحق يقال رغم أنوفنا قادة مناضلون! و حكام قديرون! و زعماء منتخبون! سيكتب عنهم التاريخ بصفحات ملطخة بالدموع و الدماء و النعال و الحذاء! عما قاموا به من مقاومة رائعة لشعوبهم و التنكيل بالأبرياء و قمع الجماهير المسالمة بالأسلحة الفتاكة و التصاق كفتي قفاهم بلاصق مزدوج رهيب بمقاعد القدرة و السلطة الى مدى الحياة حتى و ان كورت الشمس و زلزلت الأرض و دمرت البلدان و ما فيها من بشر و كائنات حية من اجل بقاء الحاكم في منصبه و سلطته.

وهاهو القذافي قاتل شعب ليبيا يقدم خدمة لا مثيل لها لنظرائه من الحكام و الأنظمة المستبدة من خلال بقائه في رأس النظام العسكري غير الشرعي و الاستمرار بذبح الناس بواسطة كتائب مرتزقته الذين استأجرهم من دول أفريقية و انه الان يمنح اكبر فرصة ذهبية لامثاله من الحكام الطغاة و المحتكرين للسلطة قسرا وبهتانا منذ عدة عقود وهم بدورهم يكتسبون التجارب و الدروس من القذافي في كيفية البقاء اكثر في السلطة وعدم تلبية مطالب الجماهير و إرادة المواطنين وهم يصرون علانية على ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية و يسخرون من تهديد المجتمع الدولي لهم بمحاكمتهم في المحكمة الجنائية الدولية لسبب بسيط وهو ان عدد مجرمي الحرب و قتلة البشر صار بالآلاف خلال بضع أسابيع فقط و إذا أرادت تلك المحكمة محاكمتهم على طريقتها فان الأمر سوف يتطلب قطعا عدة قرون من الزمن!.

و مع هذه فقد مللنا أخبار (البريقه) و (مصراته) وحفظنا شرق و غرب ليبيا بالانج و السانتي!. في الصباح نفرح بانتصار الثوار في هذه المناطق و نتوق لوصولهم قريبا الى باب العزيزية لكن القنوات الفضائية تعود بعد ساعات لتحزننا بسقوط البريقه و قصف مصراته و اجدابيا بيد كتائب قائد الجماجم ، و الغرب الزاعم بانه المدافع عن الإنسانية من جهته مستمر بالقصف العشوائي دون جدوى و لا نتائج بل و الانكى يخبرنا الإعلام الغربي مرات و مرات بقصف مواقع الثوار و بيوت المدنيين بدلا من مواقع و أسلحة كتائب القذافي وبالطبع عن طريق الخطأ المقصود!

و في اليمن الذي حوله بن صالح الى التعيس و دول مماثلة يتكرر نفس السيناريو و نسمع نفس الاسطوانة اليومية: المزيد من القتلى و الجرحى برصاص حكام الأنظمة الذين يعشقون شعوبهم الى حد الاستعانة بمرتزقة دول أخرى لقتل أبناء بلدانهم و جلدتهم تحت شعار تطبيق ميثاق الدفاع الأخوي والقومي المشترك!، والجميع و نحن منهم صرنا مجرد متفرجين ونحفظ على ظهر قلوبنا ونقول الغيب مسبقا عما ستخبرنا به القنوات الفضائية الإقليمية و الدولية من تقارير و أخبار أصبحت تضجرنا و تأخذ وقتنا اكثر من اي عمل هام لدينا!
و لكن لكوننا مدمني أخبار و تقارير نصّر على تقليب صفحات الإنترنت والبحث شوقا في المواقع الأخبارية و القنوات الفضائية الكثيرة بعددها و تنوع مذيعيها والخجلة بفحواها و المختزلة بمحتواها، و أخيرا يستقر رأينا للتوقف والاستماع بإصغاء فوق العادة للإعلامي والصحفي الزميل (م.ح.ه) عبر قناة الجزيرة و نهدر اكثر من ساعة من وقتنا و معنا المشاهدون لمعرفة و إتقان جملة مفيدة او معلومة هامة تخرج من فم هذا الإعلامي البارز دون جدوى، ربما لأننا أميون سياسيا و لا نفقه ما يقوله أستاذنا الكريم في الإعلام عن الثورات و الانقلابات التي ندرك بعد حين إنها لا تخص الوقت الراهن بل تلك التي عاشها الإعلامي الكبير قبل نصف قرن او اكثر!.

و نستمع من قناة العربية ونحن نقلب القنوات بشغف للبحث عن تقرير او خبر او تحليل او بارقة قول تلهمنا لنقتبس منها جوهر مقالنا المقبل،الى قول محاور قناة العربية وهو يقدم شخصا من دولة في المنطقة نعته بالخبير الاستراتيجي والباحث العالمي لشئون الشرق الأدنى و الأوسط و الأقصى وجبال الألب والبحر الأسود وخبايا سور الصين الأستاذ الفيلسوف (ا.م.ش.و) وسأله عن نظرته الاستراتيجية والمعمقة عما يجري في المنطقة وهل يا ترى ستنجح الانتفاضات في ليبيا واليمن والدول الأخرى التي تشهد اعتراضات جماهيرية ويصفها الحكام بمؤامرات خبيثة ومخططات أجنبية ضدهم؟ فيرّد هذا الخبير الاستراتيجي بكل حزم و اختزال: نعم اعتقد ذلك!! و اكد هذا الخبير العالمي للمشاهدين ان محاور العربية اسقط سهونا عنه لقب اخر و هو انه مستشار مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية و العسكرية والأبحاث النووية والتحقيقات السرية!. و يواصل محاور العربية بطرح سؤال آخر على الخبير الاستراتيجي ..الخ حول وجهة نظره بان هذه الانتفاضات هل تستمر وما هي مصيرها في المدى البعيد؟.و يرّد الخبير بجهالة و فخر و هو يتثاءب: اعتقد ذلك!!. و يختم محاور العربية حديثه الشيق والهام هذا و يقدم شكره الجزيل و العميق للخبير الاستراتيجي المزعوم الذي أتحفنا بعلمه ومعلوماته المؤثرة والمصيرية التي سوف تغير ملامح ومصير الانتفاضات في المنطقة!.

صح النوم يا الخبير الاستراتيجي العالمي! الانتفاضات و الثورات في بلدان المنطقة مضى على اندلاعها عدة أسابيع و قطعا سوف تنتصر وتسقط هيبة كافة الحكام المستبدين وفي فترة قياسية جدا و لا نشك في ذلك بتاتا رغم أنوف جميع الحاقدين والمشككين، وأنت تقول: اعتقد ذلك!.

مثل هذه المواقف الإعلامية التافهة ومهازل القنوات الفضائية البارزة نسمعها من قنوات مشابهة أخرى التي تقيم الندوات وتشرف على مؤتمرات سياسية وتخصص ملايين الدولارات للبث الفضائي من سائر دول العالم لنسمع ونشاهد خبراء أجانب و عرب يتحفوننا بتصريحاتهم و تحاليلهم وتوقعاتهم التي طالما أثارت في الجميع السخرية و الاستهزاء خاصة و ان عناوين وألقاب هؤلاء تتراوح وتمتد ما بين باحث استراتيجي وأستاذ جامعي ومتخصص في شئون الشرق الأدنى و الأوسط و الأقصى الى جانب مسئولين و متحدثين بالعشرات باسم وزارة خارجية لدولة واحدة والأمن القومي ومستشارون ومراقبون ومطلعون و أخصائيون في كل شاردة وواردة الذين حقا ان أسماءهم تهبل الناس وعدد و صفات الإعلاميين و المستشارين والمراقبين والمتخصصين في شئون المنطقة والعالم صارت اليوم بعدد مكبات و أكياس القمامة و الزبالة!.

سؤال بسيط نطرحه هنا ونطالب و نصر بالرد عليه من هؤلاء: يا ترى من أعطاكم عنوان او صفة او تسمية مثل الخبير الاستراتيجي العالمي او الباحث الإقليمي في شئون الشرق الأوسط او المستشار الدولي لقضايا المنطقة والعالم وغيرها من عشرات الألقاب و الصفات التي يطلقها أشخاص عاديون جدا على أنفسهم ، و قسما نحن نعرفهم جيدا لا يفهمون بأي تطورات و لا شئون و لا قضايا سياسية و استراتيجية الا بعد حدوثها او اقتباسها من مصادر أخرى، وهل هناك مثلا جهة قانونية او جامعة دولية او مؤسسة عالمية معروفة و معتبرة منحتهم مثل هذه الألقاب و الصفات أم انهم اخترعوها لانفسهم و اوهموا القراء و المشاهدين بها؟، وهذا بحد ذاته عمل غير أخلاقي و غير قانوني خاصة و اننا ومعظم الناس من المطلعين على بعض التطورات و الأحداث ونعرفهم بالاسم والصورة و لنا دراية نسبية بسوابقهم و ارتباطاتهم مع الأنظمة و الأجهزة الأمنية والاستخباراتية و أكثرهم من المرتادين والمتسولين على السفارات الأجنبية و غالبيتهم من الجهلة المنافقين إعلاميا و سياسيا و هم بيادق وأعمدة الأنظمة المستبدة و لكنهم يغيرون جلودهم و أقلامهم و ألسنتهم عشية انتصار اي انتفاضة شعبية. و انهم لا نبالغ ان قلنا يبيعون دينهم و دنياهم و شرفهم و عزة أوطانهم لمجرد اي تعامل مع دبلوماسي هامشي او توجه لهم دعوة لزيارة سياحية لدولة مستضيفة!.

الى جانب هؤلاء الإعلاميين المأجورين و ما يسمون أنفسهم زيفا بالخبراء الإستراتيجيين الدوليين هناك الكثير من قادة و زعماء و حكام المنطقة ان لم نقل جميعهم على شاكلة هؤلاء حيث يوهمنا إعلامهم المضلل من ان الزعيم او الحاكم الفلاني سوف يلقي قريبا جدا (خلال ايام او ساعات) خطابا هاما للأمة و الجماهير و ان خطابه هذا سوف يغير معالم الدنيا و سيكون وقعه أقوى من سونامي إندونيسيا و زلزال اليابان و ان كلمته التاريخية لا مثيل لها على مر العصور و الأزمان!.و نحن السذج و البسطاء من الناس ننتظر بكل صبر و شغف و نسكت الجميع من حولنا لسماع هذا الخطاب التاريخي وعيوننا شاخصة و أفكارنا مذهولة!، و عندما نسمع الخطاب و نقرأه عدة مرات نراه ليس خطابا عاديا جدا فحسب بل مكررا و مملا و سخيفا أحيانا و يدفعنا الى حد التقيؤ من كثر الأكاذيب و المزاعم فيه لا لشيء سوى ان هؤلاء الحكام تافهون و مخادعون و لا مكانة لهم بين الجماهير و الأمم، وخير دليل على ذلك نشير هنا الى واحد منهم و هم معمر القذافي الذي أطلق على نفسه و على مر اكثر من 4 عقود شتى الألقاب و الصفات زاعما انه ابسط و اقل شانا من اي شخص في ليبيا و العالم و لكن رأينا كيف انقلب و استكبر على شعبه و قتل خيرة أبناء ليبيا و يتم الأطفال و رمّل النساء من اجل سلطته و أمواله الطائلة التي سرقها هو و أسرته من قوت الشعب الليبي الفقير و المحروم.

وهناك أيضا حاكم عربي امّي يطلق على نفسه لقب خادم الحرمين الشريفين، وهذا يعني بكل بساطة انه يخدم بيت الله الحرام في مكة ومسجد الرسول في المدينة و من المفترض ان هذا الحاكم او الخادم كما يزعم ان لا يكذب و لا يشرب الخمر و لا يقتل النفس المحرمة و لا يأمر بقمع اي من عباد الله مهما كانت الدوافع و المبررات، لكنه و كما يعلم القاصي و الداني و الذكي و الغبي من خلق الله انه عميل بارز و من الدرجة الممتازة لأمريكا عدوة الله و مذلة المسلمين و قاتلة شعوب المنطقة وناهبة لثرواتها، وهو يفتخر بتعاونه السري والعلني مع الصهاينة في إسرائيل والعالم وعدم إطلاق رصاصة واحدة حتى و لو مطاطية او من رشاش ماء على إسرائيل و عدم إرساله لجندي واحد لمقاتلتها او قمع الصهاينة و التصدي لهم في اي من بقاع الأرض التي نهبوها او احتلوها وعدم مطالبة وتحدي إسرائيل بإعادة اي من الجزر التي اغتصبتها من شبه الجزيرة العربية في العقود الماضية.

خادم الحرمين هذا رأيناه و رآه العالم كله عبر قناة الجزيرة القطرية كيف ظل يهز كؤوس الخمر و يشربها علانية مع سيده جورج بوش الابن على هامش مؤتمر نيويورك و هو المؤتمر الذي منح فيه خادم الحرمين 300 مليار دولار من أموال المسلمين و فقراء شبه الجزيرة العربية الى أسياده الغربيين بعد الأزمة الاقتصادية التي عصفت بأمريكا والغرب عام 2008.

و هناك أيضا بعض الحكام و المسئولين بالله العظيم نخجل ان نذكر أسماءهم او نشير الى ألقابهم و صفاتهم التي هم من اخترعها و أطلقوها على أنفسهم وهي الألقاب و الصفات التي لم يطلق اي أحد من الناس او المقربين على الأنبياء والرسل خاصة البني محمد (ص) والنبي عيسى (ع) و النبي موسى (ع) على أنفسهم حيث أطلق عليهم اقصى حد صفات مثل حبيب الله و روح الله و كليم الله، الا ان بعض الحكام والزعماء في الوقت الراهن و بالرغم من انهم لا يملكون ذرة واحدة من مكانة اي الأنبياء والرسل والأولياء والأوصياء، الا انهم يطلقون على أنفسهم صفات نعوذ بالله و كأنهم على مستوى واحد من الخالق عز وجل او انهم أنبياء و رسل جدد الى البشرية خلافاً للحقيقة القائلة بانتهاء عهد بعث الأنبياء و الرسل للبشر.

المطلوب الآن من كافة الإعلاميين و السياسيين الشرفاء و المستقلين وضع حد لاي نوع من النفاق و التملق و عدم إطلاق اي صفة او لقب لا يليق بأي من الحكام و الزعماء وحتى الكتاب و الباحثين و الإعلاميين بل و فضح حقيقة هؤلاء و سلب منهم الألقاب و الأسماء المزيفة وغير الواقعية التي أطلقوها على أنفسهم في الفترة الماضية لان عهد النفاق الإعلامي قد انتهى و لا مكانة لاي من الحكام المستبدين برأيهم و موقفهم، و على الجميع من الان و صاعداً مخاطبة كل الحكام و المسئولين و الإعلاميين وغيرهم بأسمائهم فقط او إضافة صفة السيد او الاخ او المحترم امام أسمائهم و ألقابهم، و نعتقد بل و نجزم هنا ان صفة الملك او الأمير او العظيم او غيرها من الصفات مثل فخامة او عظمة او سيادة او سمو هي صفات غير صحيحة وغير واقعية لان بعضها تخص ذات الله تعالى و بعضها الآخر مثل الملوك و الأمراء أطلقها الاستعمار البريطاني على حكام المنطقة او ألقابا منحتهم إياها ملكة بريطانيا او الدول المستعمرة للمنطقة قبل عدة عقود مضت وهي ألقابا قطعا مرفوضة و مدانة شرعاً وقانونياً وجماهيرياً.
نعتقد ان على الجميع التحلي بالشجاعة والنبل و البساطة و العمل لخدمة الشعوب وقول الحق وليس التفاخر بألقاب و صفات لا تغني و لا تسمن و لا تخدم اي من خلق الله

* صحفي و إعلامي/السويد
alfaezi@yahoo.com
www.faicbook.net



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن