في انتظار المُخلص

محفوظ أبي يعلا
kolko1@hotmail.com

2011 / 3 / 4

1


ـ لمَ لا أصمت؟ و لمَ أصمت؟ الثرثرة لا تجدي . و هل الصّمت يجدي؟

الأفكارُ في ذهني تتقافز . و الحقيقة مرّة . و ها أنا أكتب .. لأخفف من مرارتها .. و لأخفف من تقافز الأفكار .

ها أنا أكتبُ حتّى أرتاااااااااااااح .

ـ يا مهموم !

ـ قل يا عمر

ـ مهموم .. عمر .. ما الفرق؟ إن هي إلاّ أسماءٌ سميتموها …

ـ …

ـ و إذا كتبت يا عمر ..

? so what

ـ ذلكَ همٌّ آخر ..


2

ـ صدقني .. العالم غريب و نحن أغرب . في هذا العالم لا أعرف كيف أعيش خارج القلق و لي في كلام هيدجر تأمل : " الإنسان إمّا أن يحيا وجوداً مبتذلاً تافهاً لا قلق فيه , و إمّا أن يحيا وجوداً أصيلاً مفعماً بالقلق وجود يستطيع فيه أن يؤكد ذاته و أن يصبح نفسه " .

بالكتابة أمارسُ قلقي كما يجبُ أن يمارس .

ـ الكتابة هي نوع من الشهادة الموجزة على موتك . تأمل يا عمر .. تأمّل ثمّ اكتب .

ـ عندما أكتبُ أخشى أن أفضح نفسي!

ـ و ماذا ستفضح؟

ـ أفضح كونيّ رجل وحيد يموتُ بصّمت .

ـ الحقيقة يا عمر أن لا أحد يهتم بما ستفضح!


3


ـ أربعون سنة مرّت و أنا لازلتُ أبحثٌ عن المعنى . هذه الأرضُ ليست للمعنى!

أريدُ مكاناُ هادئاً أتخلصُ فيه من كلّ هذا الضجيج الإنسانيّ , و أنظمُ فيه فوضاي!

ـ في كل يوم تقول هذا الكلام يا عمر .. في كل يوم ترغب في تنظيم فوضاك و فوضى العالم .. في كلّ يوم تحلم بمكان هادئ .. يا عمر خذ الحياة كما تسقط عليك .. خذها بحلوها و مرّها .. بضجيجها و عذابها .. بغثيانها و غرابتها .

ـ سأخذها … و هل هناك بديل؟ و هل هناك خلاص؟ و هل هناك مُخَلص؟


4


مرت السنوات , و بلغ عمر السبعين سنة .


سؤالٌ من صديقه القديم :

ـ ما جديدك يا عمر؟

ـ لا جديد .. و الشمسُ لازلت كالأميرة الحسناء الّتي تغير ملابسها , و لكن , ماذا يعنيني من جمالها؟!

ـ …

ـ لازلت أنتظر المخلص .. لازلت أنتظره يا هيدجر !

ـ هيدجر !!!

صديق عمر يحدث نفسه :

ـ صديقي المسكين يعاني من الخرف … الخرف الّذي يسبق الموت . سيموت صديقي قبل أن يجد خلاصه .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن