ثورة شخوص أم ثورة شعوب

فريد الحبوب
fareed_salman2004@yahoo.com

2011 / 2 / 15

في الماضي كنا نقراء عن مدى شدة الافراط والحرص على تسمية معظم ثورات الشعوب على إنها من نتاج أفراد وقد يكون الى حد ما هذا الامر صحيح فما نسمعة عن تلك الثورات إن أشخاصاً قاموا بعملية التنوير والتمهيد للثورة من خلال افكارهم والطروحات التي تنسجم حينها مع متطلبات الشعوب مثيرين فيهم تلك الشحنة باتجاة الانتفاض والقيام بمهمة التغير وهذا ماحدث في عدد من البلدان ألاوربية كالثورة الفرنسية التي كان من دعاتها مونتسكيو وروسو اللذين ساهموا إلى حد كبير في أيقاظ المجتمع نحو افكار جديدة كالمساواة وفصل السطات وكذلك ثورة الهند التي قادها غاندي، فعلى رأس معظم الثورات كان هناك اسماء لثائرين ينضوي تحتها المنجز وتختزل نداءات الجموع كما يهمش الجهد الكبير من قبل تلك الحشود التي دفعت بنفسها في خضم الصراعات أياً كان شكلها من حيث قسوة الانظمة في استخدام كل وسائل القتل والقمع.ولا نريد ان نغبن حق الثوار على مر التاريخ الذين عبئوا الشعوب من اجل نيل كرامتهم وحريتهم وتحقيق العدالة ولكن الكثير منهم في الأخير انقلب على نفسة وعلى الزمن الذي كانوا فية دعاة حرية ومقارعي احتلال وسلاطين، وقد يكون المشكل الرئيسي في عدم تحقيق طموحات الشعوب بعد الانتصار في مثل هذه الثورات هو أن بنية الدولة الجديدة من قوانين وتشريعات تبقى أسيرة عقلية واحدة تنفرد بالصنع والتشكيل وبذلك يهمشون الحرية التي هي جوهر جميع جوانب التغيير نحو دولة عادلة، وقد تعود المجتمعات في بعض التجارب التي سعت للتغير إلى سابق عهدها لتنحني منكسرة تحت سلطة دكتاتورية عسكرية كانت أو أيديولوجية كما حدث في العديد من الثورات كإيران وكالومبيا وروسيا أو كما حدث مع ثورة الفاتح الليبية التي أنتهت الى دكتاتورية مقيتة تقوي روح النزاع والهمجية وتسحق شعبها بكل أشكال الجهل والفقر والوحشية ولابد من الاشارة أنه حتى الثورة الفرنسية انتهت في ألاخير وبعد عشر سنوات بانقلاب عسكري أسس لدكتاتورية توسعية طموحة لإذلال الشعوب على يد نابليون أو كما العديد من دول الشرق الأوسط في القرن المنصرم.واليوم في ظل هاجس الحرية الذي يتحرك في بلدان اصطبغت منذ فترة طويلة بالإرهاب السياسي واحتقار الإنسانية والإهدار المفرط للكرامة والحقوق أنجلى التنافر بين طموحات الشعوب في التحرر وخلق أنظمة تعنى بالمواطن وتقوم على اساس المساواة والعدالة في ظل سيدة القانون وبين أنظمة تحتكر كل أشكال الحياة. وبسبب العولمة الفكرية والسياسية والاجتماعية وكل شيء فقد قاربت بين المجتمعات وجعلت ماتعيشة بعض الدول من قوانين وحريات وحقوق في متناول الشعوب الأخرى عن طريق التكنولوجيا الحديثة لذا بدأت هذه الشعوب تأخذ على عاتقها مهمة تغير واقع حياتها وتناصر بعضها البعض بشكل جمعي رائع... تطالب وتثور وتستأصل جذور أنظمتها الفاسدة بسبب كم المعلومات الهائله التي وفرتها العولمة والتجارب ان الحرية الحقيقية تستدعي أن لا ينفرد أحد بوضع حمل التغير على كتفة بل يشارك الجميع دون استثناء في الحفاظ وحراسة المكتسبات دون ترك مسافة فارغة تهيأ لتداعيات قد تكون خطرة على التغير والثورة.وهنا تأتي الاشارة لثورة شعبين عظيمين هما تونس ومصر اللتان خالفتا بطبيعتهما كل الثورات السابقة وعلى نحوٍ غير مسبوق... ثورة خالصة حرة لم يمتزج لونها بسالف الثورات ولم تُقيد ولم يأسرها أسم لشخص أو حزب أو فئة بل ثورة شعب ارتوى من عطش الظلم ما يكفي لينقب بألم عن أثر أنسانيتها المسلوبة ثورة تحمل مفاهيم جديدة فلا جزار ولا مفكر خلف ستائر الخوف ولا منتهزين يرسمون الشعارات التي تعبد لهم الطريق لينقضوا فيما بعد على كل شيء ويسرقوا مايسرقوا، بل نبعت وتفجرت من صوتٍ دوى في ذات مجتمعها ضد الفقر والتخلف والظلم ليملؤا شوارع وساحات البلاد بحناجر اصطفت تنادي للحرية والعيش الكريم ورغم انتصارهما الآن إلا أن القادم لابد من أن يؤخذ في الحسبان لإتمام النجاح، وهذا يعني أن يبيتوا جميعاً في حالة الحارس للحرية ولا يفوضوا الامر لشخص كما فعلت الثورات السابقة.الثورتان وضعانا أمام ظاهرة غياب الرموز التي تتشامخ بعد ان تبصم أسمها زيفاً على جبين الثورات والتي أعتادت الشعوب النظر أليها على أنها مخلصة ومنقذة لها، بل المسؤولية باتت على عاتق المجتمعات في حلبة الصراع أمام الظلم ولابد لها في ألاخير ان لا تنهزم بل ترفع بيد منتصرة راية الحرية عالياً. ويبقى السؤال عن مدى ديمومة النجاح لهذه الثورات التي لا يقودها الزمور.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن